Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

مجلس النواب يقاضي المدى والشعب في آن واحد!

هدد السيد رئيس مجلس النواب العراقي بمقاضاة كل من يرتفع صوته على صوت مجلس النواب وكل من يسيء إلى هذا المجلس. والأسئلة العادلة التي تدور في البال هي: كيف يمكن للشعب أن يقاضي المجلس الذي أساء إلى الشعب ومصالحه وقضاياه العادلة؟ وكيف يمكن للشعب أن يقاضي مجلساً يصدر قوانين ومراسيم وقرارات مخالفة للدستور العراقي, رغم نواقص هذا الدستور؟ وكيف يمكن للشعب أن يقاضي مجلساً قضى الكثير من أعضائه خلال الدورة الحالية أوقاتهم في الخارج أكثر مما كانوا في الداخل وأقل من ذلك تحت قبة البرلمان؟ وكيف يمكن للشعب أن يقاضي مجلساً ماطل في إصدار الكثير من القوانين وكاد يقود أو قاد إلى حدوث مآسي في المجتمع؟ وكيف يستطيع الشعب أن يقاضي هذا المجلس الذي يزيد يومياً من امتيازاته الخاصة على حساب مصالح وقوت الشعب, والمجلس يرى بكل عيون أعضائه أن نسبة عالية من بنات وأبناء الشعب يتضورون جوعاً ويعيشون تحت خط الفقر؟ وكيف يتعامل الشعب مع مجلس خلال أربع سنوات من دورته الحالية لم يعالج بعدل وإنصاف مشكلة الكُرد الفيلية مثلاً الذين اغتصب الدكتاتور ونظامه حقوقهم المشروعة طيلة ثلاثة عقود منصرمة؟ وكيف يتعامل الشعب مع مجلس يُمنح أعضاؤه 600 متر مربع على نهر دجلة وهم لهم دورهم وقصورهم وأطيانهم وأموالهم ورواتبهم العالية ومخصصاتهم ومخصصات حمايتهم وسياراتهم الحكومية الشخصية وخدمهم, في وقت لا تمتلك نسبة عالية من أبناء وبنات الشعب, من العائلات العراقية الكادحة, قطعة أرض صغيرة حتى لو كانت عشرين متراً لكي تعيش على أرض العراق؟ إلا يصح على أفراد مثل هذه العائلة قول الشاعر العراقي "

وفتاة مـا لها غير غبـار الريح سترا

تخـدم الحي ولا تملك من دنياها شبرا

وتود الموت كي تملك بعد الموت قبرا

وإذا الحفار فوق القبر يدعو

أين حقي؟

هناك عشرات الأسئلة الأخرى التي يمكن طرحه وعند الإجابة عنها ندرك أي وضع يعيشه مجلس النواب العراقي, وأي وضع يعيش فيه الشعب العراقي المبتلى بكل شيء خاطئ, ومنه هذا المجلس, وليس هناك من صحيح إلا وجود هذا الشعب بهذه الحالة المزرية! وعلى هذه الحالة المزرية يرفع البعض صوت القانون. ليتذكر السيد رئيس المجلس والكثير من أعضائه هنا القول الشعبي المشهور والنابت:

هذا قانون يعزفون به في الليل ويحكمون به في النهار!!!

العالم المتحضر والمجلس النيابي المتحضر يقاضي شخص ما أو صحيفة ما حين يتجاوزان على شخص بعينه ولا يملكان ما يبرران ذلك التجاوز أو الإساءة لكرامة الشخص وعلاقاته العائلية مثلاً, أما نقد مجلس نواب ومؤسسة حكومية أو حكومة ورئيس دولة, فهي من واجبات كل مواطن حر وكل صحيفة حرة, وهي جزء من الحرية الفردية وحرية الصحافة والحرية التي يضمنها الدستور وقوانين الصحافة في العالم وكذلك لائحة حقوق الإنسان.

وكما يبدو فأن هذا المجلس الذي قام على أسس طائفية سياسية مقيتة يعتبر "إن التجاوز على حقوق الشعب حلال في حلال, أما نقد مجلس النواب وتبيان حالته الراهنة أمام أنظار الشعب فهو حرام في حرام ويعاقب عليه الإنسان". لنتذكر معاً قول الشاعر الرصافي الكبير حين قال:

علم ودستور ومجلس أمة كل عن المعنى الصحيح محرَّف

ولم ترفع قضية ضد هذا الشاعر, رغم نواقص مجلس النواب ورغم سوءات الحكومة العراقية الملكية حينذاك. ويمكن ويحق لكل ذي عقل أن يقارن بين الحالتين!

إن مقاضاة المدى وكتاب المدى من جانب هذا المجلس العليل يراد بها إسكات صوت الشعب والعودة به إلى الوراء من جانب مجلس المطلوب منه الدفاع عن الحريات الفردية والعامة! ولكن هذا المجلس سيعجز عن إسكات المدى وغيرها من الصحف الديمقراطية وإسكات الشعب, لأن الصحافة الحرة والنقد الحر هما السبيل لتغيير واقع الحال المزري الذي نراه في مجلس النواب وفي العراق عموماً, وهي قضية الشعب الملحة..

11/11/2009 كاظم حبيب

Opinions