مدينةٌ مثقوبةَ النُجوم
حَلب.. حين أحدقُ في عليائكِأرى للسماء أكثر من اسمٍ ولون
أرى بوضوحٍ فجوة الأوزون..
أرى الحرفَ حالكاً ليلكياً
أرى مدينةً مثقوبةَ النجوم..
أحزنُ عليكِ وأعلنُ الحِدادَ
ولكني لا أبكي.. درءاً للشبهةِ والفتنةِ
حَلبُ .. حطم ابنكِ فك الكسلِ..
وبقيت مقيدةً بأطرافِ الهُلام..
فغدت الشهباءُ مدينة الشُبهات..
حلب .. مدينةٌ مثقوبةُ النجوم
تعجن الحصرم والسمسم والرمان..
حَلبُ.. أين تنامينَ
حين الفصولُ تتعرى
كذلك الوجوه تندثر
جغرافيتُكِ تتماسكُ بقوة
فقط على الجدرانِ
حَلبُ .. أين جنودكِ
وحصرمكِ التائهُ
انهمك بقامته في الطلعِ
الحيرة في الوجوه
كمدينةٍ سئمت الهراءَ
كمدينةٍ موبوءةٍ بالغضب
كأشلاءٍ حان وقت ردمها..
معفرّةً بطيب الموتى..
تناضلُ للثورةِ الفانية, من كدح السمع
نسرٌ يتثاءب, ريشهُ من بُرادِ الحديد
يتغنى من صلبِ الصفير الوطيء
وابنكِ الوحيدُ
بات يبحثُ حثيثاً عن ضريحٍ مكسوٍ بكلسٍ
لدرء تعويذةٍ نُسجت
من عظام القرامطة
يشربُ نخبهُ
كأساً من هلوسةٍ وتيزاب
لا يملكُ ثمن الكأس
فصاروا يسمونه فقرٌ مخمليٌّ..
حَلبُ .. هنا حيث الموت يلوّح بثوبه
الشهوة على أهبة الفتور
الأحلام على أهبة الذبول
الشِعر على أهبة الشنق
بأيديهم الطويلة أكثر من نصف سمكة
وأقل من نصف وريد..
حَلبُ .. هنا الوحوش النبيلة
الشياطين الودودة
والأشجار المصفرّة..
القطط النحيلة
الأنبياء الهائمة..
النساء المحمية
الوجوه الفولاذية
وابنكِ ينشدُ انتفاضة
خرافتها أبلغُ من قمعها
يلونها بشعاراتٍ مزينة بفخذ نهر
قضيتَ حياتكَ يا ابن حَلب
باحثاً..
لا في العلم, ولا الشعرِ, ولا الأملِ
إنما باحثاً أكاديمياً عن الخبز..
تتلِفُكم الخيبات
على زقاق القذف..
ترابُكم سيبتلعُ نعالكم..
إن بقت شهباؤكم
مدينةً مثقوبةَ النجوم
من ديوان ( كيمياء الحب ) الصادر عن دار رشاد برس – بيروت 2010
لزيارة مدونة الديوان : http://00kemya00.blogspot.com/