Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

مذبحة سيدة النجاة نقطة في بحر جرائم السياسة الدوليه

من سمات السياسات العصريه المتطوره , صعوبة تفكيك تشابكات التفاصيل البوليسية و كتمان طرق تنفيذ مخططاتها العنكبوتيه , وإلا لما سميت بالمتطوره ولكان الفشل حليفها .

قبل عام 2003, كان الكثير من العراقيين ( كاتب السطورأحدهم) يتوجسون حيال تهافت الأميركان بعساكرهم لتغيير نظام الديكتاتور , بينما آخرون هلهلوا لمقدم أساطيل الأجنبي وشركاته الأمنية, وراحوا يشككون في مواقف الرافضين لنهج صقورالجمهوريين وشنهم الحرب على العراق لدرجة تم حشر المناهضين للحرب في خانة أعوان البعث المتباكين على مصالحهم بسبب زوال النظام, بينماالنتائج والوقائع أثبتت ما هو عكس ذلك .

إنطلاقا من حقيقة ان أجندة الاجنبي المكبسله لا تحد من غلوها معاناة الإنسان ولا يمنعها أي وازع أخلاقي من تنفيذ مآربها , يصبح التخوف من عسكرة جهد هذا الأجنبي محصله منطقيه خاصة حين تكون الحجج غير صادقه , وما تمخض بالنتيجه يثبت بالمطلق إنسانية الرافضين لعسكرة التغيير على يد الأجنبي مقابل بطلان صخب الترويجات الساذجة , كان تأكيدنا دائما على أن تخوفنا ليس سببه ردات فعل الشعب العفويه, ولا هو من قصور قدرات الساسة الذين كانوا يعارضون النظام , بل من الألغام التي سيزرعها الأجنبي أثناء مراحل التغيير و التي توهم العراقيون بها على مضض وهذا ما حصل فعلا .

إذن كيف لنا تجاهل مخاطر إستقدام الأجنبي الذي أسرع لاهثا الى إستثمار لهفة العراقيين الجياشة في تغييرالنظام ليستغل هذا الجيـَشان في تحشيدهم على بعضهم البعض طائفيا وعرقيا (سياسة فرق تسد) من اجل فرض سيطرته و إستحكام شروطه ونفوذه على كل شاردة ووارده إبتداء من تقنين لقاءات المعارضه وتلقينهم في ترديد ما يتناسب وحاجة المحتل عبر المؤتمرات التي سبقت عملية الإطاحة مرورا بتضييق مساحة حركة مجاميع المعارضة المسلحة ورصدها كي لا تفلت زمام الحالة من قبضة (المحرر),أما بداية الخيبه فكانت في تشكيل مجلس الحكم ثم تلتها صياغة الدستور الذي أريد من نصوصه المفخخه تفقيس الأزمات تلو الأخرى من أجل ديمومة الفوضى و إطالة أمد الحاجة الى موعظة أسياد واضعيه , و لحد هذه اللحظة ماتزال سطوة المحتل نافذه و شروطه فاعله في تحريك المياه حسب منفعة أجندته التي لم يتمكن رغم كل اللف والدوران من إخفاء عدوانيتها و الايام ما زالت تكشف لنا تباعا عن المزيد من المستور .

إن كان سبب تغيير النظام هو خطورة أسلحة الدمار الشامل , فتلك حجة ثبت عدم صحتها , أما الإدعاء بأن الهدف كان تخليص العراقيين من صدام وسلطة حزبه , فتلك كذبه أخرى تؤكدها إشتراطات الأمريكي الاخيره وفرضه على رجالات الحكومة العراقية الجديده وبرلمانييها إعادة عناصر منتقاة من البعثيين وإشراكهم في مناصب رفيعه بعد أن تم إجتثاثهم وعزلهم من العملية السياسية , و سؤالنا هنا هو :كم سيخدم ذلك مصداقية الحكومه مع إنفضاح نوايا المحتل , أنا لست من المطبلين بإلغاء كل شيئ أسمه بعثي وإبادته في العراق لانهم عراقيون مهما يكن والأنام خطاؤون دائما, و تصحيح الأخطاء و المواقف والسلوك بإتجاه خدمة الوطن هو أمر جدا طبيعي , لكنني أسوق الحاله بقصد عرض مثال واضح يكشف لنا عن الدافع الرئيسي لعملية التغيير.

ليس خافيا على كل متابع بان شاه أيران لم يعادي أميركا وإسرائيل او حتى اوربا حين إقتضت مصلحته التوفيق مع الجميع في تنظيم علاقاته مع الصين والاتحاد السوفيتي ايضا, و لم يؤتى من بعده بالخميني الى سدة الحكم في ايران كونه صديقا لهم ,كما لم يكن أحمد حسن البكرعدوا في نظر الامريكان كي يتم التخلص منه والإتيان بصدام حسين كصديق حميم والذي لم يكن يوما عدوا لهم كي يزاح نظامه ويطاح بتمثاله, بل حصلت كل هذه النقلات طبقا لما تتطلبه مصالح الدول العظمى وفي مقدمتها أميركا الديمقراطيه .

من يراقب جيدا الكيفية التي إتبعها الأمريكي في عملية ترويض الشعب وساسته (تحت شماعة الديمقراطيه) سيتعرف على مدى تمادي السياسي الامريكي في سفك الدم العراقي وسعيه البارد مؤخرا بإتجاه عودة البعثيين ثانية لكن برداء مغاير يمهد لهم لدور سياسي جديد بنوع وهيئة مغايره عن سابقتها .

على ضوء ما ذكرناه أعلاه, وأصل حديثنا يدور حول ظاهرة إستمراركوارث قتل وتهجير الكلدواشوريين السريان والمسيحيين عامة,يعلم كل ذي عقل وكل ذي ضمير منصف , بأن العراقي المسلم البعيد عن تاثير الحلقات الدينية المسيّسه,و كماعرفناه مدى عقود طويله, يرفض بقوة هذه الجرائم ويشعر بالخجل أزاء ما يحل بحق الناس المسالمين بأسم الدين الاسلامي , لا بل يشعر بأنه الخاسر الاول فيما يرتكب بحق الكلدواشوريين المسيحيين والمكونات الصغيره الاخرى,وعلينا ايضا ان نعلم جيدا بأن ليس بيد اي من الرئاسات المـُنـَـصَبه على سدة الحكم ولا ساستها أية إمكانية أو سلطان في إيقاف هذا المسلسل الإجرامي بحق هذه المكونات الصغيره, ولا بأس ان يعترض احدنا ويقول بأن موجات قتل وتهجيرأخرى أكثر عنفا وقعت بين السنة والشيعه من أجل تشويه سمعتهم كعرب مسلمين عراقيين , نعم هذا صحيح , لكننا نقول بعد أن أحس ماسك جهاز التحكم (الريموت كونترول) بأن هذا النهج لن يفلح بسبب المعارضه الشديده التي لاقاها من عموم العراقيين , تم إيقاف الإقتتال بين الطائفتين.

أما قتل المسيحيين وتهجيرهم من المدن الكبيره فما زال على قدم وساق وبأشكال متعدده ومتكرره إضطرتهم للعوده المتناوبه الى قراهم في ضواحي الموصل ومدن اربيل ودهوك كلما أشتدت الأزمه , وبعيدا عن التطرق الى خفايا وأهداف هذه الفعاليه, فقد تكرّم الاستاذ عبد ملاخا وأتحفنا في مقالته الجريئة بالعديد من الشواهد والتصريحات الأجنبية ذات العلاقة بالموضوع , ما يهمنا هنا هو موقف العراقيين , نقول ان تقصير الإخوة العراقيين بسنتهم وشيعتهم واضح جدا في هذا الخصوص وقد أسهم إنشغالهم في الإحتراب الطائفي في تفاقم أزمة البلاد و خلق اجواء الكراهية الدينية والعرقية( بين المسلم والمسلم وبين المسلم والمسيحي واليزيدي والصابئي وبين الكلدواشوري والعربي والتركماني والكردي وهكذا دواليك), واستمر إحترابهم(سنة وشيعه) طويلا فيما بينهم مما تسبب في فقدانهم بوصلة التحكم في أمور البلد وزاد من إمكانية المحتل وأذرع ماكنته من أختراق مكونات المجتمع ليصل داخل أسوار مساجدهم.

الإنشغال الطائفي الإحترابي شكلّ أحد الاسباب الرئيسيه في تمرير مخطط إخلاء البلاد من أهلها و استمرار مسلسل قتل وتهجير المسيحيين الآمنين من أماكنهم , أما لصالح من كل هذا ومن هي الجهات المدبره والمنفذه والمستفيده , فالأيام كفيلة للكشف لنا بأن الامر ليس بالبساطة التي تدعونا الى ربطه بسماسرة وتجار الإستحواذ على املاك المسيحيين الهاربين بأسعار زهيدة ولا لإختلاف المعتقد الديني أي علاقة بذلك, ما يؤسف له حقا هو ان ساستنا الذين عجزوا عن تحرير أنفسهم من تأثيرات الأجنبي وأجندته, لم يتحركوا اي خطوة باتجاه زرع الثقه فيما بينهم , لذلك نقول أن ما يحصل بخصوص الكراهية المشاعه بين الناس و سمسرة تجار شراء بيوت المسيحيين هي تحصيل حاصل لما خطط له الأمريكي ونفذته له أذرعه في خضم الفوضى المسماة بالخلاقه و التي تهيئ لرسم خارطة جديدة للعراق ربما لما بعد عقد من الزمن.

لقد سئم الناس من ظاهرة الشجب والاستنكار أيا كان مصدرها ,خاصة تلك الخجولة التي تطلقها مرجعيتنا الفاتيكانيه بين الفينة والأخرى,مما يجعلنا في حيرة من أمرنا بحيث لم نعد ندري هل ما يحصل لنا في العراق هو مكسب آخر مضاف الى المكاسب والأمتيازات التي تحققت لنا نحن الكلدواشوريين السريان المسيحيين بعد إنضمامنا الى كاثوليكية حضرة الفاتيكان المسيحية الغربية؟؟ مجرد تساؤل لا اكثر.

الشعب العراقي المسكين بكل أطيافه ما زال ينتظر بفارغ الصبر ويتطلع بلهف الى رئاسة البرلمان الجديده لتحث الحكومة ورجالات سياستها العراقيين نحو الخطوة الجاده لبث الثقة بين الساسة أنفسهم اولا ثم إنعكاس ذلك ايجابيا على أمن واوضاع العراقيين بشكل عام, وهل يحق للعاجز عن توفير الأمن والأمان لنفسه اولا ثم للعراقيين كي ينبري مطالبا ألمواطن بالبقاء في العراء مكشوفا لكل من هب ودب كي يسلبه او يقتله ؟. مجرد تساؤل بسيط و أمنيه عظيمه لا أدري كم لها من حظوظ في النجاح.


كل عام والعراقيون بخير وعافيه

الوطن والشعب من وراء القصد




Opinions