مذبحة لاتنسى
قبل عامين في 31 من تشرين اﻷول , إقتحمت مجموعة إرهابية كنيسة سيدة النجاة بالكرادة ببغداد بعد ان قامت بإطلاق النار على من كان في الكنيسة من المؤمنين اﻷبرياء المجردين من وسائل الدفاع عن أنفسهم , سوى اعتصامهم بحبل اﻹيمان , بينما حمل المجرمون أدوات القتل التي فتكوا بها ارواح المصلين من المدنيين نساء ورجالا وأطفالا في قداس يوم اﻷحد الذي به يتضرع مسيحيو العالم الى الرب من أجل أن تعم المحبة والسلام بين الناس . ولا يغفل مسيحيو العراق من الكلدان السريان اﻵشورين الى ان يطلبوا من المخلص أن ينشر اﻷمن واﻹستقرار في ربوع الوطن, و ان يزرع المحبة والوئام بين كافة مكونات الشعب العراقي .
الآن يحاول الإرهابيون، وبدعم من بعض دول الجوار تفريغ العراق من المسيحيين والصابئة واليزيديين والكاكائيين بعد ان فرغ من اليهود . هذه هي سياسة المتطرفين في المنطقة أجمع.
الاحزاب السياسية الكبيرة التي هيمنت على السلطة منذ سقوط النظام الدكتاتوري عام 2003 تتحمل كامل المسئولية حيث كان إنشغالها بجمع المال والمصالح الشخصية والعائلية والقبلية والفساد الاداري والمالي والحزبي أدى الى هذه النتيجة . المفروض بالسلطة القضائية العراقية ان تتحرك لمحاسبة هذه الاحزاب التي أخذت البلاد الى الهاوية وسمحت لدول الجوار ان تتدخل وترسل إرهابيين قتلةالينا .
وراء عدم تنفيذ الوعود بما فيها قرارات البرلمان في جلسته في تشرين الثاني عام 2010 وراءه تعمد من قبل البعض من رجال الدولة وأعضاء البرلمان العراقي بعدم قناعتهم أن للمسيحيين حقوق مشروعة في الوطن وثروته , كفلها الدستور. القائمين على موقع القرار كالعادة يصابون بداء فقدان الذاكرة عندما يتعلق اﻷمر بضحايا الارهاب وتعويضهم .
لقد تطلعت جماهير شعبنا , وقواه الوطنية , الى أن تكون هذه الذكرى الاليمة (جريمة كنيسة سيدة النجاة ) محط اهتمام المسؤؤلين والاعلام على مختلف اﻷصعدة .
بعد سقوط نظام البعث الصدامي عام 2003، تعرض المسيحيون في العراق لهجمات مستمرة من قبل المتطرفين مما أدى إلى ترحيل وهجرة أبناء هذه الطائفة داخل وخارج العراق لم يتبق في العراق إلا نحو 87 ألف مسيحي من اصل 1.25 مليون." (تقرير بي بي سي، ليوم 1/11/2010.) ولم يبقى من الصابئة غير 10% في العراق الان زادت الاعداد بسبب إستمرارية الهجرة. تعرضت القرى اليزيدية الى أبادة جماعية في قضاء سنجار كل هذا أمام أعين الحكومة في بغداد وليس كل المسلمين يهلهلون لها سوى ان كانو في الشمال او الوسط او الجنوب . بل هناك الكثير من الجيران والاصدقاء من العوائل المسلمة تحتضن هذه الفئات في بيوتها وهناك علاقات عريقة مع العوائل العراقية التي لاتجعل من الدين حاجزا في المجتمع . لكن التيار الاسلاموي الذي يزرع الفتن والشعوذة والارهاب والقتل وهنا يجب التمييز بين المسلم المواطن المسالم والاسلاموي الارهابي .
أماني شعبنا لا يتم تحقيقها في اجواء الصراع السياسي المتصاعد بين الاحزاب السياسية الطائفية وإنما عبر الجدية والنزاهة والعمل الفعلي في تبني الشراكة اﻷجتماعية باشراك كافة مكونات الشعب على قدم المساواة بين كافة مكونات الشعب العراقي وليس عبر اﻹصرار بالسير بنهج المحاصصة الطائفية واﻹثنية التي أثبتت التجربة إنها مزقت المجتمع العراقي وشجعت الصراعاتالداخلية بين اﻷحزاب الحاكمة وتدخلات الدول المجاورة بشؤون العراق الداخلية .
إنعاش العملية السياسية لم يتم الا عبر السعي الجاد الى عقد مؤتمر تأسيسي يشارك فيه كافة مكونات نسيج الشعب العراقي بعيدا عن التهميش واﻷستقواء القوى السياسية المهيمنة بقوة التهديد , فهو السبيل الوحيد القادر على أن يعيد زرع الثقة بين اﻷطراف المتنازعة . هذا المؤتمر يؤدي الى معالجة الاوضاع البائسة التي يعاني منها الشعب ﻷنه سيتيح فرصة الاستفادة من كنز خبراتها العلمية والوطنية والكفاءات الوطنية الاكاديمية في الداخل والخارج في عملية البناء وخدمة الشعب والوطن و تقويم العملية السياسية, هذا المؤتمر سوف يسد كل الفراغات التي تنعش القوى الظلامية , فتصعد من مخططاتها الهادفة الى تشويه النسيج العراقي وضرب وحدته اﻷجتماعية التي تعودنا عليها منذ قرون.
ويبقى نداء الحرص على مكونات شعبنا بمختلف طوائفهم قائما , باحترام عاداتهم وتقاليدهم ومصادر رزقهم ﻷنها الضامن الوحيد لبقاء نسيج شعبنا الذي نفتخر به تاريخيا .
المجد والخلود لشهداء مجزرة كنيسة سيدة النجاة .
نهايات اوكتوبر 2012