مسيحيو العراق.. الهجرة نخرت المكون وجهات متنفذة تستولي على أملاكهم
المصدر: شفق نيوز
يعدُّ المكون المسيحي في العراق عامة وكركوك خاصة من مكونات الشعب العراقي الرئيسية، وعاشوا جنبا الى جنب مع باقي مكونات كركوك بسلام، حيث يعرفون بطيبتهم وسلامهم، فهم ملح الارض التي لا تزول تمتد حضاراتهم وفق تسميتهم الاشورية والكلدانية وغيرها من الحضارات التي تعاقبت على العراق.
ويعيش أبناء هذا المكون منذ آلاف السنين في عموم المحافظات العراقية وكان ثقلهم الرئيسي في بغداد ونينوى والبصرة وكركوك ومدن اقليم كوردستان العراق.
ومع دخول قوات الاحتلال الامريكي الى العراق في عام 2003، تعرض المكون الى سلسلة استهدافات طالت كنائس واديرة ومنازل لهم وحتى القساوسة والرهبان تم اختطاف عدد منهم وتصفيتهم من قبل جماعات مسلحة متشددة وارهابية في مختلف محافظات العراق.
ومع التداعيات الامنية في عموم العراق فُتحَ باب الهجرة للمسيحيين في العراق لتكون الهجرة المرض الذي ينخر المكون ويقلل اعدادهم في عموم العراق. وبعد خروج الاحتلال الامريكي تعرض المكون لأبشع صور الترحيل والقتل من قبل اعتى تنظيم إرهابي عرفه العصر الحديث تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام "داعش الإرهابي" وحيث قام هذا التنظيم بتهجير المسيحيين من منازلهم هذه المرة الى محافظات اقليم كوردستان وكركوك ودول الجوار.
تقف فائزة جونسن (65 عاماً) وهي من مسيحيّي بغداد وتسكن كركوك وهي ذات بشرة بيضاء وذات شعر أسدل على جبينها لوناً أبيضاً ناصعاً يروي ما شاهده وعاشه من ايام حلوة ومرة في بغداد في سنوات مختلفة اثناء الاحتلال الامريكي لبغداد وما مرت عليها من أحداث طائفية لغاية عام 2014 ومع احداث داعش ورحيل الاف العوائل المسيحية الا انها لم تفارق منزلها في حي الكرادة التي أحبته وولدت فيه قبل أكثر من 6 عقود.
تقول جونسن لوكالة شفق نيوز، أن "عشقي لبغداد لا يوصف ولم افكر بيوم ان اترك بغداد ولكن عائلتي مكونة من ولد وفتاة قررا الهجرة الى امريكا في العام 2014 وهو يعيشون هناك وانا بقيت مع شقيقتي في منزلي في الكرادة وسافرنا عامين الى خارج العراق وعدنا ووجدنا منزلنا تسكنه عائلة ثانية وهي قلنا من انتم قالوا نحن اشترينا المنزل من احد اصحاب مكاتب العقارات وطردونا من منزلنا وبعد سنوات أعدنا العقار وبعته واستقرينا في كركوك".
ألف عائلة مسيحية ما تبقى في كركوك
يقول رئيس أساقفة الكنيسة الكلدانية في كركوك والسليمانية الدكتور يوسف توما في تصريح لوكالة شفق نيوز، إن للكنيسة دور مهم في رعاية أبناء المكوّن المسيحي في كركوك والسليمانية وتقف الكنيسة على مسافة واحدة من جميع مكونات كركوك. وبعد احداث داعش نزحت الى كركوك 350 عائلة مسيحية من نينوى ومعهم عوائل ايزيدية وصابئة ومسلمون، فقدمت الكنيسة لهم كامل الرعاية وتبنت الكنيسة كذلك 700 طالبة وطالبًا منهم في الكليات وتمكنا من ايصالهم الى المراحل النهائية في كلياتهم وأصبحوا الآن قادة في مدنهم وقراهم التي عادوا إليها في سهل نينوى".
ويبين أن "الكنيسة في السليمانية هي الأخرى استقبلت 500 عائلة مسيحية وقد غادر معظم النازحين الى سهل نينوى وبقي منهم 70 عائلة لم تعد بسبب دمار منازلهم في الساحل الأيسر في نينوى، وكذلك النازحين المسيحيين إلى السليمانية بقي منهم 60 عائلة لم تعد الى سهل نينوى بسبب الدمار الحاصل في منازلهم في الجانب الأيمن من نينوى".
وأشار إلى أن "الوجود المسيحي في كركوك يشكل جزءًا من مكونات المحافظة والجميع يعيش بصورة متناغمة مع باقي المكونات ولدينا ما يقارب الف عائلة مسيحية تمثل المكون وهم يعيشون بصورة إيجابية مع باقي اخوتهم والهجرة نخرت المكون بعد 2003، حيث ترك البلاد المئات من العوائل المسيحية وهاجروا الى دول الاتحاد الأوربي وأمريكا وأستراليا وغيرها من الدول بسبب أعمال العنف وتردي الأوضاع الامنية في عموم البلاد واستهداف المكون من قبل المجاميع الارهابية وان بحدود الف عائلة مسيحية تعيش في كركوك".
دور الكنيسة الإنساني
وعن دور الكنيسة في كركوك بتنفيذ المشاريع بين توما أن "الكنيسة نفذت ثلاثة مشاريع: الأول تجهيز مركز الأورام السرطانية بأجهزة حديثة بقيمة 170 مليون دينار وبناء مركز للتوحد في مستشفى الأطفال بكلفة 300 مليون دينار، بالإضافة الى بناء مركز الثلاسيميا لأمراض سرطان الدم الوراثي وسيتم تسليم المشروع لدائرة صحة كركوك خلال الأيام المقبلة وهذه المشاريع تخدم جميع المكونات والأديان في كركوك".
الاستيلاء على العقارات في كركوك
ويقول مسؤول اعلام الكنيسة الكلدانية في كركوك عماد متي لوكالة شفق نيوز، إن "في كركوك وحدها تم تسجيل 89 عقاراً تم الاستيلاء عليها من قبل أشخاص ومتنفذين واحد الأحزاب لا زال يسيطر على أحد منازل المسيحيين ولا يقبل الخروج منه، وتمكنت الكنيسة من استعادة 63 عقارًا وهي منازل وعقارات هجرها أهلها بعد رحيلهم وسفرهم الى خارج العراق ونحن نعمل على استعادة ما تبقى من السيطرة عليه في كركوك وإعادة الحقوق الى أهلها المسيحيين".
وأكد أن "الكنيسة الكلدانية تعمل على منع الاستمرار في اي تجاوز يطال أملاك المهجرين العراقيين في كركوك وحتى باقي المحافظات لان هناك من يعمل مع جهات متنفذة على بيع أملاك المسيحيين وهذا حدث في فترات متفرقة".
من جهته؛ يقول وائل كوركيس (72 عاماً) لوكالة شفق نيوز، إن "المسيحيين تعرضوا إلى أبشع صور الاحتيال والسرقة وخاصة المهجرين من المسيحيين، وكنا نمتلك منزلا في منطقة الكرادة وكنا قد تركناه قبل سنوات وهاجرنا الى دولة اوروبية وحين قررنا العودة للعراق وجدنا المنزل قد تم بيعه وقاموا بتزوير تواقيعنا وحين قدمنا شكاوي في المحكمة عجزنا عن استعادته وكان هناك متنفذين قاموا بتزوير سند البيت باسم شخص ثان وقام الشخص ببيع العقار لشخص ثان وتم البيع لأكثر من شخص وضاع حقنا في المنزل".
وتابع أن "هناك منازل تم الاستيلاء عليها بذات الطريقة من خلال تحويل السند من صاحب المنزل الاصلي الى اسم ثان ومن ثم بيعه وهم شبكة مزورين يقومون ببيع وشراء أملاك المسيحيين في بغداد والمحافظات وهناك إجراءات معقدة لمحاولة اعادة اي عقار تابع للمسيحيين على الرغم من وجود قانون يمنع بيع وشراء أملاك المسيحيين في العراق".
ويقول أحد اصحاب مكاتب العقارات ويدعى سالم شكري لوكالة شفق نيوز، أن "العمل في العقارات يحتاج الى سمعة جيدة ومصداقية وهناك من يعمل في مجال العقارات يعملون على بيع أملاك المسيحيين مع موظفين فاسدين يعملون في الدوائر الحكومية، ولكن منذ فترة توقف عمليات بيع وشراء العقارات التي تعود ملكيتها للمسيحيين في عموم العراق وذلك لمنع بيع وشراء هذه العقارات".