Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

مشكلة اللاجئين العراقيين في الدنمارك

طفت على السطح مشكلة 282 لاجئا عراقيا رفضت السلطات الدانماركية طلبات اللجوء التي تقدموا بها... وزاد الأمر تعقيدا توقيع السلطات العراقية اتفاقات تفسح الطريق لإعادتهم (القسرية)...
إنَّ طالب اللجوء في جميع الأحوال هو إنسان واقع تحت حال الاضطرار والقسر في مغادرته بيته وبلاده وأنه في اضطراره هذا قد تمتد مدة لجوئه ما يؤدي إلى تغير محيطه وبيئة عيشه وما يفرض عليه خيارا جديدا من قبيل الاندماج بالمجتمع الجديد والعيش في كنفه بعد أن تكون سُدَّت بوجهه طرق العودة..

وفي الحالة العراقية فقد دامت حالة الرحيل القسري لعقود من السنوات بامتداد سلطة القمع المهزومة ونتائج الحروب الكارثية التي مرّت على العراقيين وبسقوط ذاك النظام وسلطته استجدت (في إطار العملية السياسية الجارية) ظروف خطيرة تحت وطأة الأعمال الإرهابية وحرب تلك القوى الإجرامية التي طاولت العراقيين وما زالت تمنع الاستقرار من جهة وتقطع سبل عودتهم الطبيعية.

وفضلا عن هذا فإنَّ الحكومة العراقية مازالت تواجه مشكلات البطالة وجمود حركة السوق والدورة الاقتصادية المشلولة وأزمات السكن وإيواء ملايين النازحين داخليا وملايين في دول الجوار؛ والقدرات الاستيعابية للوضع العراقي ستفضي إلى تعقيدات مأساوية إذا ما جرى قبول حال إعادة عراقيين جماعيا...

ويؤشر عدم استيعاب الأعداد المحدودة التي عادت مؤخرا مسألة واضحة تتمثل في ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولي لتعزيز هذه القدرة وتطويرها وتطمين حاجات الناس في داخل العراق وتحريك عجلة الاقتصاد وتطمين الأمن والاستقرار وإبعاد شبح الحرب الطائفية التي باتت تطاول قطاعات جديدة بخاصة مسيحيي العراق ومندائييه وأيزيدييه ومجموع الفئات التي يطلقون عليها [أقليات] فيما تتفجر مجددا بوادرالحرب الطائفية وهي في نزعها الأخير..

وعلاوة على هذا الوضع العام فإن محاولة إعادة ايّ شخص قسريا، أمر يتعارض مبدئيا مع قوانين حقوق الإنسان التي تشير أنه بعد مضي الأشهر الستة الأولى من إقامته سيمتلك خيار البقاء في محل إقامته الجديد؛ فما بالنا والحال يجري بحق مقيمين عاشوا سنوات طوالا وكوّنوا عوائل وأنجبوا هنا ونما أطفالهم في كنف مجتمع لا يعرفون غيره ولا غير لغته! ما يعرضهم لمصادرة حقوقهم الإنسانية ولجرائم ضد الإنسانية بسبب من تعريضهم لعذابات نفسية وأخرى اجتماعية ضف على ذلك مشكلات آبائهم في توفير فرص العيش بعمل مستقر مناسب بعد أن تركوا أعمالهم السابقة طوال تلك السنوات وباعوا كل مايملكون ولم يعودوا يملكون لا بيتا ولا مأوى ولا يعرفون محيطهم في حال إعادتهم ولا طبيعة التهديدات التي تنتظرهم بعد غربتهم واستقرارهم طوال سنوات في المهجر الذي صار موئلا أقاموا به وتعايشوا معه...

ولجملة هذه الدواعي والأسباب فإنَّ المعني بمعالجة قضية المهاجرين العراقيين وإعادة اقتلاعهم قسرا بطريقة تتعارض ومواثيق حقوق الإنسان يتحمل مسؤولية جريمة تقع علنا بحق مئات من الأفراد والعوائل ومن أطفالهم الذين لا يعرفون من وطن الآباء سوى الاسم وأن هؤلاء سيفرض عليهم حال من التمزيق النفسي والاجتماعي ومن الإشكالات المادية الضاغطة فضلا عن جريمة تعريضهم لتهديدات أمنية تنتظرهم بسبب سبق لهم الهروب منها عندما طاولتهم في بلدهم في الظروف المعروفة للجميع...

نتوجه بخطابنا هذا إلى وزارة الهجرة العراقية والخارجية العراقية كيما تتوخى الالتفات إلى هذه الأمور عند عقد أية اتفاقية بشأن عراقيي المهجر وأن تتم العودة إلى هذا الإنسان ومصالحه.. كما نتوجه إلى الجهات المضيفة ونذكرها بالاتفاقات والمواثيق الدولية بشأن ترحيل مقيم بعد مضي سنوات على اندماجه في الحياة العامة للبلد وما سيتعرض له من جهة ترحيله القسري بالتناقض مع مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومع الدساتير الوطنية لتلك البلدان الديموقراطية التي تحترم الإنسان وحقوقه وتطمن مصالحه..

فيما نتجه إلى منظمات حقوق الإنسان المعنية والمنظمة الدولية والمفوضية السامية للاجئين كيما تستصدر قرارا نهائيا وحاسما بشأن اللاجئين والنازحين العراقيين والمهاجرين الذي أقاموا منذ سنوات طويلة تجاوزت السنوات الخمس في حالات والعشر سنوات في حالات أخرى وفي جميع الأحوال يتعرض هؤلاء لجريمة الإبعاد القسري والتعرض لمزيد من المشكلات النفسية والضغوط بدل تطمين أحوالهم بعد سنوات التحمل والصبر بلا قرار ينصفهم ويمنح عوائلهم الاستقرار وأطفالهم الطمأنينة والنمو في ظل أجواء سليمة في كنف المجتمعات التي ولدوا وترعرعوا فيها...

إن مطلب هؤلاء جميعا لا يخرج عن تطبيق قوانين احترام الإنسان وحقوقه ومنع ارتكاب جريمة الإبعاد التي تمثل مدخلا صريحا لتعريضهم لجريمة الموت أو عذابات الخضوع لسطوة الإرهاب وجرائم الصراع الدموية للطائفية ولمافيات الموت وتجارة بيع الإنسان في جرائم الاختطاف والاغتصاب وغيرها دع عنك عدم قدرة العراق على استيعاب العودة الجماعية لأبسط عدد من هؤلاء.. ومن بين الأسئلة الكثيرة التي تطرح نفسها يتساءل المرء بلسان حال الطفولة: بأية لغة سيتحدث الأطفال الذين سيعودون لمجتمع لا يعرفون لا لغته ولا أجواءه وظروفه بكل تبعاتها؟ وكيف لمجتمع أن يقتلع أطفاله بذريعة أن آباءهم يتحدرون من أصول من بلد آخر!



نهيب بجميع الأطراف أن تتعامل مع الموضوع بروح إنساني وقانوني يمنع ارتكاب جريمة بحق أي إنسان وبحق المجتمع بعامة عبر زلزلته بقرارات تتعارض وجوهر الدستور وروح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان...



ونحن نثق بحكمة تعاطي الجهات الرسمية في البلدان المعنية ومنها اليوم بخاصة الحكومة الدنماركية التي يمكنها أن تعزز صورتها الإيجابية أمام المجتمعات الشرق أوسطية كافة وأمام شعبها بالتعاطي بموضوعية وإيجابية مع مشكلة الـ 282 مواطنا من الذين يجري تعريضهم للترحيل... ونحيل إلى بقية موضوعات يجري الحديث بشأنها على نفس الصعيد، متطلعين لحسم الأمر بتضافر الجهود الجماعية للمعنيين ومنع ترك هؤلاء ضحايا لقرارات توضع فوق مصالح الناس وحقوقهم!













أ.د. تيسير عبدالجبار الآلوسي
رئيس جامعة ابن رشد في هولندا
رئيس البرلمان الثقافي العراقي في المهجر
رئيس رابطة الكتّاب والفنانين الديموقراطيين العراقيين في هولندا

http://www.averroesuniversity.org
http://www.somerian-slates.com
http://www.babil-nl.org



Opinions