مقال الأخ حبيب تومي الأخير مليء بالمغالطات
هناك مغالطات كثيرة وردت في مقال الأخ حبيب تومي الأخير (رابط 1 ). وأنا احاول الرد عليها او بالأحرى تصحيحها اود التركيز على أنها ليست مرتبطة فقط بزميلنا حبيب تومي. إنها شائعة في صفوف شعبنا.
وأنا أقوم بالرد أمل من الأخ حبيب ان لا يتصور أن المسالة ذات أبعاد شخصية كونه ينادي بالقومية الكلدانية وما يتبعها من ملحقات. فأنا أيضا كلداني ولكنني أتقاطع معه فكريا. أنا كلداني وحدوي شأني شأن الكثير من الكلدان الأخرين. هويتي وقوميتي ووجودي لا يكتمل إن لم أصطف مع أخي وشقيقي الأشوري والسرياني في اللغة والتاريخ والثقافة والإرث والأدب والموسيقى والطقس والليتورجيا وكل العناصر الأخرى الأساسية التي تكون هوية شعب ما في الدنيا. له خياره ولي خياري. له الحق في الدفاع عن توجهه العقائدي ولي الحق في الدفاع عن وحدة شعبنا ومصيره ولغته القومية التي هي أساس وجوده.
وأظن ان أغلب القراء يتفقون أنه هناك فرقا أساسيا بين ما أكتبه من مقالات في صفوف شعبنا وما يكتبه الأخ حبيب وأخرون من الطرفين الكلداني والأشوري حيث جعلوا من التسمية معركة حامية الوطيس. وهؤلاء الكتاب لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة من كل طرف وهم أنفسهم يشغلون مواقع شعبنا تلإعلامية بمقالات وتعليقات تجتر ذات المغالطات بشكل ممل ومتعب.
ولأن المغالطات التي في المقال يقع فيه الكثير من كتاب شعبنا من كل الأطراف سأكف عن مخاطبة الزميل حبيب تومي وسأوجه الخطاب إلى الكل ومن ضمنهم صاحب السطور هذه على أن أعود إلى ألأخ حبيب في خاتمة المقال.
مغالطات لغوية لا تغتفر
نخطىء لا بل نقترف جريمة بحق أنفسنا وشعبنا عندما ندعي أننا لا نتحدث او لا نملك لغة واحدة وهي السريانية. الذي يقول ذلك أمي. أمي بقدر تعلق الأمر باللغة الأم أي بمعنى لو كنا نقرأ لغتنا الأم ونكتبها ونتقنها لما تجرأنا على إطلاق أقوال خطيرة أقل ما يقال عنها أنها تعبر عن جهل وعدم وعي بأساسيات علوم اللغة.
فإذا كان شخص في صفوفنا لا يفهم شقيقه الأشوري او الكلداني او السرياني عندما يتحدث، هذا ليس معناه ان عدم الفهم هذا إشارة إلى وجود لغة مستقلة. هذا معناه اننا أميون بقدر تعلق الأمر بلغتنا الأم. لو كنا نقرأ لغتنا ونكتبها ونتغنى بأشعارها ونفتخر بأدبها وندرسه وندرّسه كما يفعل الكردي اوالعربي او أي شعب حي أخر ونتحدثها بعد إنقاذها من العروبة والتعريب لما واجهنا أي مشكلة في فهم بعضنا.
وأتيكم بمثالين بسيطين. إن قال مثلا الأشوري "مدرشتا، بيث صوبي، شَوتابوثا" ولم نفهم عليه، من الجريمة بمكان ان نقول أنه يتحدث لغة أخرى لأن الكلمات الثلات التي تشير إلى "المدرسة، الجامعة، النادي" هي كلمات أصيلة في لغتنا السريانية الجميلة.
والذي يقول انه لا يفهم اللهجة السريانية الغربية وعليه فإن هذه اللهجة السريانية هي لغة مستقلة ينطلق أيضا من جهل مطبق وأمية تسود الغالبية الساحقة من أبناء شعبنا بخصوص اللغة الأم.
أستحلفكم بالله أن تقولوا لي (هنا أخاطب المتعلمين من أبناء شعبنا الذين يقراؤن ويكتبون لغتنا القومية بطلاقة) ما هو الفرق بين هذين النشيدين السريانيين الخالدين اللذين هما درة أدبنا السرياني، الأول (هاو دنورانى) يؤديه شماسين من الكنيسة الشقيقة السريانية الأرثوذكسية والثاني (نهورا دنح – تسبحة النور) تؤديه فرقة من الكنيسة السريانية الماورنية الكاثوليكية والطريقة التي نؤديهما ونقرأهما ونلفظهما فيها إن كنا كلدان او أشوريين:
1. ترتيلة سريانية أداء اللكنيسة السريانية الأرثوذكسية
http://www.youtube.com/watch?v=w4B6TGghdYs
2. تسبحة النور لمار افرام السرياني أداء فرقة موسيقية من الكنيسة المارونية السريانية
http://www.youtube.com/watch?v=eyXcJmuxzm0
إذا كنا نحن أميين وجهلة بقدر تعلق الأمر بلغتنا الأم لا يجوز أن نعمم ونقول لأنني لا أفهم فإذا هناك لغات مستقلة ولأنني لا أفهم إذا أننا شعوب وقوميات مستقلة. لا يجوز ان نقيس العلم والمعرفة والأكاديميا بمقياس مفهومنا الضيق للدنيا وحقيقتها الإجتماعية. اللهجات العراقية والسورية واللبنانية لا تمثل لغات مستقلة عن العربية كما هو الحال مع لهجاتنا. الفرنسية والإيطالية والبرتغالية والإسبانية لغات مستقلة عن اللاتينية لأن الذي يتقن الفرنسية لا يستطيع قراءة اللاتينية. الذي يتقن السريانية يقرأ ويفهم كل النصوص السريانية شرقية كانت او غربية ويستوعب كل لهجاتها. إذا كنا لا نفهم سببه أميتنا وجهلنا وليس كوننا شعوبا مستقلة لها لغات مستقلة.
الهوية واللغة
هناك خلط كبير ومغالطات كبيرة ترد في كتاباتنا. الهوية تشمل التراث والثقافة والفلكلوروالموسيقى والأدب والشعر والأعلام وكل الذاكرة التاريخية التي يحفظها لأي شعب إرثه الكتابي واللغوي. الكردي إن كان سوراني ذو اللهجة الخاصة وإن كان بهديناني ذو اللهجة الخاصة وإن كان تركي ذو اللهجة الخاصة يشتركون في هوية واحدة هي لغتهم الواحدة التي يكتبون فيها ويدرسونها في مدارسهم ويقراؤن
بواسطتها شعرهم وأدبهم. جغرافيّا الكردي العراقي له جواز عراقي والكردي التركي له جواز تركي. وهذا شأن الألمان الناطقين بلغتهم إن كانوا في النمسا او سويسرا او المانيا وكذلك شأن الأسبان الناطقين بهذه اللغة.
اللغة تكوّن الهوية الثقافية والأدبية والشعرية والتراثية للفرد والمجتمع والأمة. جغرافيا النمساوي يدافع عن النمسا ضد المانيا ولكن ثقافيا وهوية يشتركون في لغة واحدة أي هوية واحدة. إن بدلوا لغتهم بدلوا هويتهم. المارونيون سريان الثقافة واللغة مثلنا بدلوا هويتهم اللغوية وصاروا عربا أقحاح أكثر من عدنان وقحطان. جوازهم لبناني ولكن هويتهم العروبة (العربية) ويفتخرون بها ويتغنون فيها ويكتبون أشعارهم وأدبهم بها وصاروا أعلاما للعروبة اليوم وليس لشعبنا وهويتنا.
التأثير السلبي "للأمية" من حيث اللغة الأم على المفاهيم التاريخية وغيرها
ولأننا أميون بقدر تعلق الأمر بلغتنا القومية (لا نكتبها ولا نقرأها) قفزنا فوق وعلى كل إرثها الكتابي الهائل أي لم نكترث للهوية الثقافية والأدبية والفلكورية والإنشادية والموسيقية والطقسية والليتورجية وكل الأعلام والقديسيين والقديسات والشهداء والجغرافيا والتسميات والأيام والتواريخ وغيرها كثير مما حفظته لنا لغتنا السريانية وأقحمنا أنفسنا في أمور تافهة ومهاترات لا علاقة لها من قريب او بعيد بمفهوم الهوية.
وهكذا قفزنا إلى أنكيدو وأكيتوا وأشور ونبوخذنصر وغيرهم وأخترعنا لأنفسنا رأس سنة (او ربما رؤوس سنوات) بعضها يعود إلى خمسة او سبعة الاف سنة قبل الميلاد أي لم يكن الإنسان بعد قد إكتشف الكتابة وكان للتو بدأ إكتشاف الزراعة في وادي الرافدين ولم تكن هناك بعد لا أمم ولا قوميات ولا حتى لغات بالمفهوم الحضاري من خلال التواصل الكتابي.
كل هذا التراث الكتابي الغزير الذي حفظته لنا لغتنا القومية السريانية غادرناه وتشبثنا بتواريخ وأسماء لا نعرف حتى معناها.
وصرنا ونحن رغم أميتنا بلغتنا الأم وعدم ممارستنا لها نقحم أنفنسا في مغالطات بشأنها وهذه المغالطات سببها اولا وأخير أميتنا لأننا لو كنا نقرأ لغتنا وما حفظته لنا ذاكرتها لما تشبثنا بما نحن عليه وراجعنا أنفسنا.
لغتنا السريانية (قديما الأرامية) وحسب كل المصادر العلمية الجامعية الرصينة أقرب من حيث علوم الفونولجيا والمورفولوجيايا والسينتاكس والمرادفات إلى اللغات السامية الأخرى لا سيما العبرية منها إلى الأكدية لغة بابل وأشور. هذا ما يقوله العلم. إنها لغة مستقلة. مع ذلك ورغم أميتنا من حيث اللغة الأم ترانا نتحدث عنها وعن إسمها وتاريخها وعلم لغتها وكأننا عباقرة فيها وأغلبنا إن لم نكن تقريبا كلنا لا نعرف إسم شاعر كبير من شعرائها ولا نحفظ بيتا شعريا من إنتاجها الشعري الغزير ولا ننشد نشيدا واحدا مما خلفته لنا من إرث موسيقي لا تملكه أي لغة او أمة أخرى في الدنيا.
المصادر وكيفية التعامل معها
والمصادر التي في حوزتنا وما أدراك ما هذه المصادر. جلها مصادر كنسية حديثة ذات منحى ديني ومذهبي وطائفي وجلها لا يرقى إلى إعتباره مصدرا أكاديميا رصينا.
المصدر الأكاديمي والعلمي الرصين هو الذي تطبعه دار نشر أكاديمية رصينة او مجلة علمية جامعية رصينة. والمصدر العلمي والأكاديمي يمر بغربلة طويلة قد يستغرق نشره سنوات وذلك لكثرة الأيادي التي يمر عليها من تقيم وتمحيص وإختبار من قبل كبار العلماء والأكاديميين في حقله قبل إعتماده.
أي شي مكتوب لدى أبناء شعبنا يعد مصدرا رصينا حتى وإن كان رابطا عابرا في الشبكة العنكبوتية.
وأكثر أيلاما هو الإقتباس من الكتاب المقدس (العهد القديم) وتقديم ذلك على أنه مصدر موثوق. لا يوجد اليوم عالم او أكاديمي او مؤرخ او عالم أثار يحترم نفسه وقلمه يجعل من الكتاب المقدس مصدرا أساسيا.
والطوفان التوراتي هو نص مضخم جدا لفيضان حدث في جنوب العراق. قصة الطوفان التوراتية خيالية لم يقع فيضان او طوفان بهذا الشكل إقتبسها كاتب النص أثناء وجوده ضمن سبي بابل وسمعها هناك ونقلها بمبالغة مليئة بالمغالطات التاريخية والجغرافية ولكنها مع ذلك تشكل نصا أدبيا رفيعا لأن الكاتب يقحم فيها الخيال مع مفهومه لقصة خلق جديدة وبحبكة رائعة وحوار بديع ومناجاة مذهلة يتدخل فيه الله، حسب إعتقاده، لتثبيت وتفوق وتسامي العنصر اليهودي العبراني.
ولكن أنظر المهاترات التي رافقتها وترافقها لدى الكثير من كتاب شعبنا والمقال الذي نحن بصدده.
عودة إلى الزميل حبيب تومي
أخي العزيز، لا أظن أنني بإستطاعتي تغير قناعاتك وليس هذا هدفي. ولكننك تتحدث كثيرا عن المصداقية في كتاباتك. ولكنني أقول وبثقة عالية أنك شخصيا لا تصدق ما تقوله.
لقد تحدثنا عن موضوع شهادتك المزعومة وأتينا البرهان القاطع أن لا مصداقية لها بدليل أنك لم تكتب بحثا علميا واحدا او حتى شبه إطروحة علمية كي تزيل في أقل تقدير بعض الشك عن فقدان المصداقية.
هل تعلم ماذا حدث لعلماء ووزراء وكتاب وأساتذة كبار حصلوا على شهادات من أرقى الجامعات في الدنيا وظهر بعد ذلك أنهم قد نقلوا بعض الفقرات او الصفحات من أخرين دون ذكر المصدر؟ إستقالوا فورا وأعتذروا على الملآ وأختفوا عن الأنظار وأخر حادثة مثل هذه كانت في المانيا:
http://www.bbc.co.uk/arabic/worldnews/2013/02/130209_germany_minister_education_plagiarism_resignation.shtml
اقول ويؤسفني التكرار إن وضعك يا أخي العزيز من حيث المصداقية اسوأ بالاف المرات من هذه الوزيرة ومع ذلك تتحدث عن المصداقية في كتاباتك.
أقول ذلك وأكرره فقط لكي نستوعب نحن أبناء شعبنا لا سيما القراء الكرام مقدار الأذى الذي لحق ويلحق بنا بسبب أشخاص فقدوا مصداقيتهم في وضح النهار ومع ذلك بودهم تلقيننا دروسا في المصداقية والأمانة في الإقتباس والكتابة.
وأعذرني أخيرا ان اقول إنك ومن هم على خطك كلدانا او اشوريين يحملوت اجندة خاصة هدفها الهدم وليس البناء. كل المأسي حسب وجهة نظرك سببها الأشقاء الأشوريون وكل المشاكل حسب الأشوريين من الصف المقابل لك سببها الأشقاء الكلدان.
هل جلست يوما وأنت تدعي المصداقية وقرأت ما أقترفته المؤسسة الكنسية الغربية الإستعمارية بنا نحن الكلدان من قتل وتقتيل وتعذيب وحرق وتدمير وتطبيق أسوأ محاكم تفتيش عرفتها البشرية بحقنا إستمرت تقريبا إلى منتصف القرن التاسع عشر؟
هل قرأت كيف إستطاع رجال الدين اليهود وكتّابهم مؤخرا إجبار هذه المؤسسة والدولة التي ساندتها في تطبيق محاكم التفتيش عليهم ليس فقط على الإعتذار بل إعادة الإعتبار والتعويض لأحفاد الضحايا؟ (رابط 2).
ما فعلته هذه المؤسسة من جرائم بحقنا سمن وعسل في عينيك وفرض هوية دخيلة أجنبية على ملايين الكلدان كي تحل محل هويتهم الكلدانية قسرا وظلما لا يثير حبة خردل من الغيرة فيك على كلدانيتك؟
ولكن اشقائك الأشوريون الذين يقدسون هويتنا المشتركة من خلال تقديسهم للغتنا السريانية وليتورجيتها صاروا أعدائك؟
مع كل هذا تدعي أنك كاتب ذو مصداقية!!!!!
رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,649374.0.html
رابط 2
http://www.bbc.co.uk/news/magazine-21631427