Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

مقتل مارشمعون بنيامين البطريرك الشهيد

وقع خبراستشهاد مارشمعون على اغا بطرس كالصاعقة فما كان منه الا ان يقرر فورا الى اجتماع طارىء لكافة القادة والرؤساء والمعنيين ، تدارسوا خطورة الموقف والكيفية التي يجب التصدى لها ولتبعاتها المستقبلية المحتملة ، وبعد الاجتماع قرروا الكتابة الى ( سرما خانم ) اخت البطريرك جوابا على رسالتها جاء فيها : " ان خبر الرزيئة الوارد في رسالتكم في 4 اذار هز من الاعماق والبس السواد لكل الاشوريين قادة ورؤساء والعامة ونعاهدكم باننا سوف لا ننضوا هذا السواد عنا الا بعد ان نخضبه بدماء الرجال من الاعداء الشكاكيين وليس ابعد من الثاني عشر من هذا الشهر سترون القوات الاشورية تحيط بقلعة ( جهرا ) وننقض عليها كالنسور وان كل ما نطلبه من قيادة عساكرنا في سلامس ان تقطع الطريق على العدو من هناك وتمنع هروبه وتخلصه من ايدينا ." اجتمعت ( سرما خانم ) مع اغا بطرس ورؤساء العشائر وقرروا القادة التوجه الى كوناشهر ( مقر سيمكو اغا ) .. قبل المغادرة القى اغا بطرس كلمة في الجماهيرالمحتشدة ، وهو يخفي غضبه من هول المكيدة ويكضم حزنه على البطريرك ورفاقه الشهداء .. فقال اخواني . اني اقر بان العدو شرس ومقاتل وهو الذي نكل بنا وافجعنا . فنحن سائرون اليه لكي نلقنه درسا على فعلته الشنيعة هذه ........... الخ .

تحركت القوات الاشورية باتجاه مدينة كونا شهر تحت قيادة اغا بطرس وملك خوشابا وملك شمزدين وملك اسماعيل وملك اوشعنا والقائد اسرائل الملقب قلب الاسد ، مع كوندراتوف الروسي. بدات قوات اغا بطرس بدك اسوار المدينة ومواقع الحماية بالمدفعية وبعدها اكتسحها المقاتلين الاشاوس وانقذوا القائد ( داويذ ) الذي كان بحماية احدى الاسر الارمنية ، اوقعوا بالعدو خسائر فادحة ولما راى سيمكو خسائر جماعته واندحارهم امام الاشوريين فما كان منه الا الهرب من المدينة في طريق الجبل . سقطت مدينة كونا شهر بيد الاشوريين ، وبعد البحث عن جثة الشهيد مارشمعون تم العثورعليها وتشخيصها اوصلوا جثمان الشهيد مارشمعون الى احدى كنائس الارمن في خسراوا واقيم الصلاة الجنازة على يد ( مارايليا ابونا ) واحد القساوسه الارمن ودفن في تلك الكنيسة . وتم تنصيب اخو البطريرك الشهيد مارشمعون بولص بطريركاً في 29 / ايار / 1918 في كنيسة مارت مريم .. الذي كان مارايليا ابونا قد اسامه قسيساً قبل ذلك ... تابعوا القوات الاشورية سيمكو الذي التجىء الى قلعة ( جهرا ) بمعية الفين من اتباعه ، واثناء انسحابه ارتكب ابشع الجرائم في القرى الاشورية التي كانت في طريقه من قتل وتدمير وحرق.

تابعوه القوات الاشوريون الى القلعة فاخذوا يدكونها بالمدفعية وحوصرت من كل الجهات ، فكبدوا عناصره خسائر بالغه ، فما كان منه الا الهرب من القلعة ، بعد ان علم بان القلعة ستسقط بيد الاشوريين ، عندما دخلت القوات الاشورية القلعة ولم يجدوه تابعوا الى الاماكن التي كانوا يتوقعون تواجده فيها ولكن بدون جدوى ، وواصلت قوات اغا بطرس الزحف وفي طريقها انتقمت من اكثر 150 قرية التي ساندت سيمكو وناصرته . عثرت القوات الاشورية على رسالة في مسكن سيمكو موجه اليه من حاكم ( تبريز - مهدي شمس ) الايراني يطلب اليه فيها قتل البطريرك الاشوري والتخلص منه ، اذ جاء فيها في حالة تنفيذك لذلك تستحق شكر الحكومة الايرانية .. انتقام الايرانيين من مارشمعون لانه لم ينفذ امر نزع سلاح الاشوريين عندما طلب منهم ذلك هذا من جهة ، ومن جهة اخرى ما حدث في 28 شباط 1918 عندما انتفض المسلمين الفرس في مدينة اورمي طالبين طرد الاشوريين من المدينة في حالت عدم انصياعهم للاوامر قتلهم وابادتهم، ولكن هذا الموقف عكس سلبا على الايرانيين اذ كانت في المدينة مجموعة الامير( كوزمين ) كان ضمن المجموعة اغا بطرس وملك خوشابا وبعض الضباط الروس ، فتمت المواجه بين الاشوريين والارمن من جهة والايرانيين من جهة اخر، دحروا الايرانيين امام الاشوريين وتكبدوا خسائر فادحة .. وامام انتصارالاشوريين في مقاومتهم هذه امر مارشمعون الكف عن قتل المسلمين، وتاكيد لذلك ارسل كتابا الى سالماس واماكن اخرى يامر بها ايقاف المذابح والقتال واحلال السلام مع المسلمين، كما نظم في مدينة اورمي كونفرانس التقى البطريرك مع الزعماء المسلمين، وتم لقاء اخر في مدينة سالامس، وعندما علم محافظ تبريز مهدي شمس بهزيمة الايرانيين بعث برسالة الى سيمكو يحرضه على قتل مارشمعون لينال الرضى من الحكومة الايرانية ويحصل على الذهب مقابل ذلك ... كانوا الايرانيين والكرد والاتراك يعتبرون ان شخصية مارشمعون شخصية بارزة في امته، وان قتله سيضعف الاشوريين لذا كان هدفهم الاول هو التخلص من البطريرك مارشمعون ... ومن جانب اخر كانت محاولات الاتراك في كسب الاشوريين الى جانبهم قد باءت بالفشل ، خاصة عندما ارادوا العبور الى القفقاس مرورا بالمناطق الاشورية.

عندها لاقوا مقاومة شديدة من الاشوريين وكبدوهم الخسائرالكثيرة بالرجال والعتاد ، بالاضافة الى اسر 23 ضابطا و500 جنديا تركيا . وفي 25 اذار 1918 دارت معارك على جبهة سالامس واستمرت ستة ايام فاسرى ضابطين و250 جندي من الاتراك كذلك ، وعن طريق ( قارص ) و ( اردغان ) و ( جلفا ) ارسلت الى ( خوي ) قوات نظامية تركية قوامها 60 الف مقاتل بقيادة ( علي احسان باشا ) فجرت معارك من اذار الى غاية تموز 1918 اربعة عشر معركة فانتصر بها الاشوريين وكان يقودهم في اغلبها اغا بطرس البازي ، كما شاركت القوات الارمنية الى جانب الاشوريين في هذه المعارك وكانوا بقيادة مالكومانيان وانترانيك باشا . استطاعوا مع اغا بطرس من افشال هجوم القوات التركية في ايارعلى مدينة باكو.

بعد فشل المحاولات العديدة من الاتراك للاستيلاء على مدينة اورمي اتخذت القيادة التركية قرار بالهجوم على الاشوريين من ثلاث جهات، اذ يقوم علي احسان باشا مع ايرانيي تبريز وخوى والاكراد باتجاه اورمي من الشمال، وحيدر بك وسعيد طه وقبائل سيمكو من الغرب وفلول القطعات التركية المنسحبه والمهزومة من الجنوب، ورغم تفوق الاتراك عددا وعده الا انهم فشلوا في دحرالاشوريين ، لا بل استطاعوا الاشوريين من تحطيم قوات حيدر بك، ولهذا السبب صدر قرارنقله الى جبهة العراق ، وعين مكانه ( جودت بك ) والي ( وان )، وفورا بدا هذا القائد بوضع خطة لابادة الاشوريين اينما وجدوا، فبعد وصوله الى احدى القرى الاشورية واحتلالها ساق اكثر من 700 شخص الى سور القرية واجبركل منهم على حفر حفرة عميقة ورموهم في الحفر وهدموا السور فوقهم . في حزيران 1918 اصبح وضع الاشوريين محرجا جدا وخطيرا خاصة على جبهة اورمي.

في الوقت الذي كانت هناك قوى انكليزية متواجدة في ايران منذ شباط بقيادة الجنرال ( دنستيرفيل ) لم يقدم لهم المساعدة ، معتمدا استغلالهم للدفاع عند التقدم الى القفقاس . في هذه الظروف الصعبة التي كانوا الاشوريين يمرون بها ، ففي يوم الاول من تموزاثناء احتدام المعارك هبطت قرب اورميه طائرة بريطانية ، وطلب قائدها الملازم الطيار في القوة الجوية البريطانية الطيار ( بيننغتون ) الاجتماع مع مارشمعون بولص اذ يحمل رسالة من القيادة العسكرية البريطانية في الشرق الاوسط لايصالها له ، وبحضور اغا بطرس وبعض الرؤساء ابلغهم بانه مخول من قبل حكومته بالاعلان بانها والحلفاء ستساعد الاشوريين في اقامة دولة لهم بعد انتهاء الحرب العالمية وانتصار الحلفاء سيكون بضمنها ولاية حيكاري مؤكدا لهم ما قاله قبله ( كريسي ) .. واخبرهم بان ضباط انكليز سيصلون قريبا الى مواقع الاشوريين بصحبة امدادات من الغذاء والعتاد وانهم سيساعدونهم في انشاء جيش اشوري منظم . وسلمهم رسالة من الجنرال ( دينستروفيل ) اقترح فيها على الاشوريين ( اجتياز خطوط الاتراك الى الجنوب من بحيرة ( اورمية ) و( ارضروم ) والالتقاء معنا في ( ساين قلعة ) لاخذ السلاح والامتدادات ) ، قررت القيادة ارسال اغا بطرس و زيا الاخ الاصغر للبطريرك وبعض الملوك واخذوا معهم 100 جندي الى ساين قلعة واثناء الطريق اشتبكوا مع القوات التركية والاكراد في عدد معارك وعندما وصلوا الى ساين قلعة لم يجدوا سوى اثنين من الضباط الانكليز ومعهم 15 جندي ، ولم يجدوا السلاح ولاالعتاد معهم.

استغل الاتراك خروج اغا بطرس من اورمية فاجهزوا على المدينة والقرى المجاورة لها، فقضوا على من كان باقى منهم وكانوا بحدود 14 الف اشوري اكثرهم من النساء والاطفال والشيوخ ، كان قرار اجلاء الاهالي في 18 / تموز / 1918 قد وضع موضع التنفيذ اذ بلغ عدد النازحين بحدود ( 180) الف شخص كانوا ياملون وصولهم الى ساين قلعة ، لدى الانكليز لحمايتهم ، حسب الدعاية والاشاعات التي روجوها العناصر المؤيدة للانكليز ، الذين بذروا بذورالهلع والخوف ، فخلقة هذه البلبة اعاقة تنظيم محكم للدفاع ، فكان التراجع الى الجنوب الى ساين قلعة للحصول على الامان لدى الانكليز .. واثناء اجلاءهم التحق بهم اخرون من مناطق اخرى بلغوا 253 الف شخص وكانت قافلتهم على امتداد اكثر من 80 كم ، وعندما وصلوا الاشوريين الى ساين قلعة لم يجدوا سوى فصيلا انكليزيا يتالف من 15 جندي ، اسغربوا هولاء عندما سالوهم الاشوريين عن الامدادات والمساعدات العسكرية ، وقال الضابط الانكليزي بانه ذاهب الى اورمية كضابط سياسي ليلتحق بالقوات الاشورية . والغرابة بالامر لحد الان لم يقدموا الانكليز راى موحدا حول حقيقة تلك الامدادات والمساعدات ان كانت صحيحة فعلا ام لا ...؟؟ من 253 الف شخص اشوري وصل همدان فقط 203 الف شخص بعد ان قطعوا 900 كم وقتلوا وماتوا منهم اكثرمن 50 الف شخص ، ولكي نتعرف على عملية النزوح هذه ، نقرأ بعضاً من مقال الكولونيل ( جي . جي . مكارثي ) قائد البعثة الانكليزية الى الاشوريين خلال الحرب العالمية الاولى المؤرخة في 17 تشرين الثاني 1933 : " ... وعندما اصبح من المعروف ان الامة باسرها كانت في تقهقر ، فقد توجهت اليهم في الحال بقسم من قواتي لاعادة الرجال المقاتلين منهم والسماح للعائلات بالاستمرار نحو ( همدان ) فالتقيت بهم وهم يتقهقرون على جبهة واسعة ، العائلات على الطريق الرئيسي بينما كان المقاتلين يمتدون على مسافة اميال على جانبي الطريق لحماية التراجع ، كان من المستحيل الاتصال بغالبية المقاتلين المعتدين بانفسهم – كما كنت – على الطريق الرئيسي.

وبدا الى جانب تحرشات العدو ، ان كافة امم العالم المعروف باسره كانت تتصدى هذا الشعب البائس من كل جانب . فمات الكثيرون بالتيفوئيد والدوسانتاريا والحصبة ومئات اخرى بسبب المشقات والاهوال ، كانت رؤية الاطفال ملقيين على جانبي الطريق وهم مايزالون على قيد الحياة ، من الامور الطبيعية ، ولربما بسبب موت ابائهم وامهاتهم ، اما الارض اينما حلوا ، فقد كانت تكتسي في صبيحة اليوم التالي بجثث الموتى واشباهها ... قلة قليلة جدا تدرك فعلا ما قاساه هذا الشعب البائس الى جانب كل ذلك فان الاتراك كانوا قد قطعوا خط الرجعة لما يقارب ال ( 10000 ) نسمة منهم وكما اعرف فان ما من خبر قد ورد عنهم مرة اخرى حتى الان . واخيرا كانت البقية الباقية من هذه الامة قد بلغت ( همدان ) .. ويضيف بان الفكرة الوحيدة التي كانت لدى الجميع بانهم ذاهبون الى همدان للانضمام الى القوات البريطانية الموعودة ومن ثم العودة حالا لطرد الاتراك واسترجاع بلادهم ، كان هذا تفكير الجميع تماماً.

ومن جانبه يقول الكولونيل مكارثي، لم يكن ذلك اعتقادا وحسب بل كنت قد اعلمتهم بصورة مطلقة انهم سيؤخذوا الى بلادهم تحت اشراف الضباط الانكليز ، وانني كنت الذي سيقودهم شخصياً ".. هذا بعض من الحالات الكثيرة التي يصفها مكارثي ولكن الذي ما عاناه النازحون في طريقهم الى همدان يصعب وصفها لانها مليئة بالحزن والاسى في نفس كل انسان على الاقل يحترم انسانيته لااكثر .. ... وصلوا الى همدان فما كان من الانكليز الا ان يجبرهم ويسوقوهم عنوتاً الى ان يعملوا على تعبيد الطريق الاستراتيجي الذي يربط همدان بكرمنشاه وخانقين . كان 60 شخصا يموتون منهم يوميا على قارعة الطريق لاسباب كثيره . استطاعت السلطات البريطانية من استغلال فقراء الاشوريين بالانضمام الى الفرق الاشورية الحربية بوعدهم بان الغرض منهم هو لتحرير سنجاق حكاري ، واورمية فشكلت اربعة فرق من 8 الاف شخص .. في 30 / تشرين الاول/ 1918 بعد ان عقد الهدنه مع تركيا فاستعد القسم الكبير منهم للعودة الى مناطقهم القديمة .. الا ان القنصل البريطاني في همدان وصل نهاية تشرين الثاني الى مقر البطريرك واعلن بان حكومته تؤيد عودتكم الى مناطقكم، الا ان المشكلة هي ان الحكومة الايرانية تمنع ذلك ، وطلب من البطريرك ارسال مبعوث له الى طهران لمقابلة السفير الانكليزي لايجاد حل للمشكله ، وفعلا توجه مع القنصل البريطاني الى طهران الدكتور ( يونان ) ممثلا للاشوريين، ومن جهة اخرى طلب منهم القنصل البريطاني نزع اسلحتهم الروسية لعدم وجود عتاد لها، وجمعها قرب الشارع، وان القيادة البريطانية في العراق قد وافقت على ارسال 300 لوري محملة بالاسلحة انكليزية لتسليحهم بها وذلك لتحريراراضيهم.

وفي الوقت المحدد لاستلام الاسلحة الجديدة وصلت سيارات بريطانية فعلا محملة بالجنود الذين جمعوا الاسلحة القديمة واعتقلوا حراسها الاشوريين وفي ذات الوقت طوقت معسكرات الاشوريين واجبروا على ركوب السيارات وانطلقت القافلة نحو الغرب الى العراق ... ففي الوقت الذي كانت جموع الاشوريين تقاد الى العراق كانت سيارة القنصل البريطاني في ( همدان ) تصل مشارف طهران ، انتظرالدكتور يونان اياما طويلة لمقابلة السفير البريطاني بون جدوى، وبعد مدة اجتمع مع السفير فاخبره السفير بانه لايعلم شىء عما جرى في همدان ، اجابه يونان بمرارة بانكم غدرتم بشعبنا ، الا ان السفير هدد يونان بالسجن ما لم ينتقل الى تبريز ... ووصلوا الاشوريون الى معسكرات اللجوء في بعقوبة ، فوضعوا الانكليز امام الاشوريين حلين لا ثالث لهما اما الموت جوعا او الانضمام الى الفرق الاشورية الجديدة فاختاروا قسم منهم الانضمام الى الفرق العسكرية ... وعاشوا الاخرين في معسكر اللجوء اكثرمن سنتين في اسوى الاحوال.

وقد مات من الجوع والمرض وسوء الاحوال المعاشية التي كانوا يعيشونها حوالي 35 الف اشوري في معسكر بعقوبة ومنهم البطريرك مارشمعون بولص اذ توفي عام 1920 بسبب المرض واسيمه بعده البطريرك مارشمعون ايشا في 1920 الذي كان اخرالبطاركة الشمعونيين . Opinions