ملك وأميرة في الرمال
إستمعت من أيام لحديث للمخرج نجدت أنزور المقرب من نظام الرئيس بشار الأسد ،بحسب إتهامات موجهة إليه من المعارضة المسلحة على خلفية أعمال أثارت جدلا عميقا في الداخل السوري وفي الأوساط الثقافية العربية ،وكان الرجل يتحدث لإذاعة عربية عن آخر أعماله الذي يضيف تهمة جديدة له بالإضافة الى كم التهم السابق عن علاقته بالأسد ،وأعماله الفنية التي تشكل دعما مضاعفا للنظام الحاكم في مواجهة خصومه ، وقد رفض نجدت التهم الموجهة إليه حول عمله الجديد المتمثل بفيلم ( ملك الرمال ) والذي عرض في لندن في شهر سبتمبر الماضي متزامنا مع ذكرى الهجوم الكبير في غزوة نيويورك التي أطاحت ببرجي التجارة في المدينة الشهيرة ،ونفى أن يكون الفلم قد أنتج ليكون ضربة توجه للنظام الملكي في السعودية على خلفية العداء المستحكم بين دمشق والرياض بسبب دعم الأخيرة للجماعات الجهادية التي تقاتل منذ أكثر من عامين القوات النظامية السورية ،لكن المخرج الشهير لايستطيع أن يقنع مناوئيه أو منتقديه بأن ماأنتجه من عمل صاعق لاصلة له بالأحداث ولايشكل هجوما على آل سعود ، فهو يحكي سيرة الملك الشهير عبد العزيز آل سعود الذي يعد مؤسس المملكة وراعي نهضتها الأولى ،وعن علاقاته السياسية ودوره في تعميق التحالف مع الغرب،لكنه يثير تساؤلات أخلاقية أيضا من خلال ممارسات الرجل وسلوكه الجنسي ،والطريف إن الفيلم يعرض في العاصمة البريطانية لندن التي تحتضن معارضين للأسرة المالكة في الرياض وهي تنتظر بالتأكيد ردود فعل عنيفة من السعوديين حيث إنها المرة الثانية التي يتم فيها التعرض للأسرة الحاكمة في السعودية بطريقة إنتاج الأفلام الكبرى ويكون العرض في لندن أيضا.
في العام 1977 ماتت الأميرة مشاعل بنت فهد بن محمد بن عبد العزيز آل سعود ،لكن موتها لم يكن بفعل المرض بل ،بالإعدام في ساحة لوقوف السيارات بتهمة الزنا ، وقد أنتجت مصر السادات فيلم ( موت أميرة) في تلك الفترة كانت بطلته الفنانة الشابة في حينه (سوزان أبو طالب، سوسن بدر) وكشف الفيلم تفاصيل مثيرة ،وعرض في دور سينما بريطانية ،وأثار أزمة عاصفة في العلاقات السعودية البريطانية وصلت الى حد إبعاد سفير بريطانيا من الرياض ،ولم تنته المشكلة ربما إلا برحيل السادات ،وكانت دوافع الفيلم سياسية بإمتياز حيث تبنت الرياض موقفا متشددا من الرئيس المصري محمد أنور السادات الذي جوبه بموقف عربي موحد وفريد في وقته من خلال المقاطعة العربية الكاملة للقاهرة والتي أعلنت في قمة بغداد بعد توقيع السادات على وثيقة تفاهم في منتجع كامب ديفيد برعاية من الرئيس الديمقراطي لأمريكا جيمي كارتر ،وكان ذلك الفيلم نوعا من العقاب المصري لحكومة الرياض وللأسرة الملكية على وجه التحديد وعن طريق الفضائحيات .
ويلتقي الفيلم الذي أخرجه الفنان السوري نجدت أنزور في الطريقة والهدف بفيلم ( موت أميرة) حيث كانت المشكلة مع مصر في حينه نتيجة التفاهم المصري الإسرائيلي ،بينما تختلف الأسباب هذه المرة فسوريا تصارع إسرائيل وتتلقى الضربات من السعودية وليس غريبا أن تكون المعركة شرسة حتى لو إعتمدت الفضائح.