Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

مُنحنية

لماذا أنتِ مُنحنية يانفسي
ولماذا تئنين فيّ ؟
أرتجي الله لآنّي بعد أحمُده
لأجلِ خلاصِ وجهه
مزمور 42 : 5

وأنحنيتِ كثيراً
حتى الوجعِ
فيّ
تئنين ...... تصرُخين
فلماذا أنتِ مُنحنية ؟
فاتكِ إِله ايوب
" يداك جبلتاني وصورتاني ..... آوَ الآن تمحقُني "
واحتذاكِ إِله ايليا
" يكفي هذا ياربّ ..... خُذْ نفسي "
وأقتنى الصمت إِله ارميا
" لقد خدعتني أيّها الربُ ...... فأنخدعت "
وها أنتِ من بدءِ تكويني في المجرة
مُذْ ولدني الكون كوكباً
مُذْ سُميتُ " الأرض "
خيباتي تتوالى
ومع كلِ خيبة
وفي كُل عصرٍ ..... وكل زمان
وككُلِ مرة
تئنين ...... تنحنين
فيّ
ماعاد جوفي يتسِعُ لنزيفكِ
وفي رحمي
أوطانٌ لا تلبثُ أن تُجهَضَ أو تضيع
وكأنّ الجراح لأجلكِ
خطت فوقي خارطتها
وأجازت البُكاء على أبواب المدى
كُلُ تضاريسي مؤلمة ..... حدّ الفجيعة
قتلٌ وحروبٌ ودمار
ظلمٌ وجوعٌ وقهرٌ
أمراضٌ وأنحلال
قنت أرصفتي وساحاتي
في أحضاني يُذبحُ الأبرياء
ويُمنعُ عن المعلولِ قرص الشفاء
كم تمنّى الشفاء !!!
ولُقمةُ الجائعين مصادرة ومسروقة
ما ذنبُ الراعي ..... ما ذنبُ الشاة !
والأماني بسيطة
أمانٌ ولُقمةُ عيشٍ وسلام
وموتٌ عزيزٌ بلا ذُلٍ .... بلا أنكِسار
فلماذا لاتُطال ؟ !!
" ان شِئتَ ياربُّ ....... تقدِر "
الآ تشاء ؟!
عتبتك برجاء المُعذبين فيك مفروشة
ومن الُصراعِ مع الموتِ
أستُنبِطت الآمال بالخلود والبقاء
وفوق رصيف الأنتظار
بذرَ البُسطاءُ آمالهم
أ لّلاجدوى كُل هذا ؟!!!
من هضمِ الظُلم تقرحت معِدتي
وعواصِفُ الدمار والخراب
أتلفت رئتيّ وخنقت قصبتي
والحروبُ كوت جوفي
وشلت كتفي
فإلى فناءٍ أبعثْ بي
" يكفي هذا ياربّ .... خُذْ نفسي "
آهٍ يا ..... نفسي
أنحنيتِ كثيراً فيّ
فلماذا أنتِ مُنحنية ؟
طردكِ إِله ايوب
وخذلكِ إِله ايليا
ما أنصفكِ إِله ارميا ....... ؟ !
حتى أنحنيتِ كثيراً فيّ
كوجعِ الفُقراء
والآم المرضى
وأمنيات المحرومين
وشوق الضائعين للقاء
أنحنيتِ كثيراً فيّ
كشقاءِ الأنسان
وأحتجاج الطبيعة
والتجني على الحيوان
أنحنيتِ كثيراً فيّ
كــ ..... عراق
كــ ..... لُبنان
ونعيقُ المآسي في شتى البُلدان
شوهت الحروب ملامحي وكياني
وأحرقت جوفي بأتونِ النار
" يا نفسي أرتجي الله لأنّي بعد أحمدهُ "
قد ينظُرني ...... سينظُرني
أماً .... وأباً ..... وابناء
شيخاً ..... وطفلاً ..... ونساء
رجُلاً ..... وعجوزاً ..... وابرياء
طبيعةً ..... وحيواناً ...... وكائِنات
مُمزقةٌ أنا
مطعونةٌ أنا
مُثخنةٌ بالجراح
فيا إِله ايوب ..... انهضْ
ففوق تُرابي
دمٌ غزيرٌ بأسمك يُسال
وبأسمِك يُظلمُ ويُذبحُ الأبرياء
يا إِله ايليا ..... انهضْ
المرضى يموتون برُعبِ الأنتظار
يا إِله ارميا ..... تبينّ
إِنّك مجانيناً خلقت
بجُبتك أعتمروا
وسفكوا الدماء والديار خربوا
ثُمّ بأرادتِك حلفوا
لا تصمت واجِرني
انهكني جورهم وجنونهم
صار السلامُ مُحالاً
وكُل شيء غُلِف بأسم الله
وخُتِم بأسم الله
ومباحٌ بأسم الله
حولوا أسمك ماركةً تجارية
لتسويقِ الظُلمِ والعُنفِ والقتلِ والحروب
وكُل البشاعات
مجنونٌ هو الأنسان
مجنونٌ هو هذا الذي خلقت
من بين الكائنات
مجنونٌ هذا الأنسان
الآ من نجاة
وبك الرجاء


بقلم شذى توما مرقوس

2000ــ 2008
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المُتعلقات : ــ
( 1 ) قنت : احمرّت ــ أصطبغت باللون الأحمر القاني { هنا في هذا النص دلالة على أن الساحات والأرصفة تلونت بالدماء في أشارة الى القتل والحرب والظلم . }
( 2 ) أختبر النبي أيليا الألم في نحو سنة 850 وذلك في أصقاع شبه جزيزة سيناء بينما كان هارباً من غضب ايزابيل " والتمس لنفسهِ الموت وقال : حسبي الآن ياربّ فخُذْ نفسي فأنّي لستُ خيراً من آبائي. "
3 ملوك : 19 / 4
( 3 ) دعا الرب النبي ارميا فقبل دعوته ولكنّ النبي بعد حين يمعنُّ الفكر فيما حدث لهُ فيظهر وكأنّ الله قد " خدعهُ " وقادهُ قسراً :
" قد خدعتني أيّها الرب فأنخدعت
ألححتَ عليّ فغلبت
فقلتُ لا أذكره ولا أتكلم بأسمهِ من بعد ،
ولكنّهُ كان في قلبي كنار مُحرِقة قد حبست في عظامي
فجهدني إمساكه ولم أقوَ على ذلك "
ارميا 20 / 7 ــ 9
( 4 ) ناجى أيوب البار ربّهُ : ــ
" يداكَ جبلتاني وصورتاني بجملتي أجمع ، آوَ الآن تمحقُني !
أُذكُرْ إِنّك قد صورتني مثل الطين ، أفتُعيدني الى التُراب "
ايوب 10 / 8 ــ 9

المُلاحظات ( 2 ) ( 3 ) ( 4 ) مُستقاة عن كتاب ( في يد الله ) تأليف الأب شاليكس وترجمة الأب البير أبونا .
Opinions