من الرابح والمستفيد من مقارعة العراقيين فيما بينهم
للأسف الشديد المعارك الضارية التي تدور الآن بكل شراسة ووحشية في بغداد الحبيبة ومعظم المحافظات الوسطى والجنوبية والتي تؤدي إلى سقوط المزيد من القتلى والجرحى في صفوف العراقيين تشارك فيها قوتين وطنيتين مهمتين. القوات الأمنية العراقية من جهة وجيش المهدي التابع لسماحة السيد مقتدى الصدر من جهة أخرى. كنا نأمل أن تتوحد القوتين العراقيتين المذكورتين مع بقية القوات العراقية النزيهة في التصدي لقوات الاحتلال وعملائهم المجرمين لطردهم خارج البلاد وتطهير الأرض العراقي من دنسهم بدلا من القتال فيما بينهم. فاليوم وبعد مجمل هذه المعارك الطاحنة التي تشهدها البلاد بين حين وآخر ومنذ سقوط النظام العراقي السابق وليومنا هذا، ثمة أسئلة عديدة تفرض نفسها علينا بقوة ومن تلكم الأسئلة:- من الرابح والمستفيد من هذه المعارك الضارية التي تؤدي بحياة العراقيين وحدهم ومن الخاسر؟
- أين المصالحة الوطنية العراقية التي لأجلها عقدت الحكومة العراقية العديد من المؤتمرات داخل البلاد وخارجه؟
- ما هي مهمة اللجان الأمنية في احتواء مثل هذه الأزمات؟
- أين المراجع الدينية وما هو أدوارهم الرئيسية من هذه المعارك؟
- إلى متى تبقى الحكومة العراقية عاجزة في تحقيق المصالحة الوطنية الجادة وإرساء الأمن والسلام في ربوع الوطن الجريح؟
الخاسر من هذه المعارك الدامية وغيرها أولا وأخيرا هو العراق العظيم وشعبه، العراقيون الأمجاد أصحاب أقدم الحضارات البشرية في العالم ولا رابح فيها غير أعداء العراق والإنسانية جمعاء، أي قوات الاحتلال وحفنة من العملاء والمجرمين الذين يطالبون ببقاء المحتلين في البلاد لمصالحهم الشخصية البحتة. فبدون شك لو لا هذه المعارك في صفوف العراقيين ولا انفجارات واغتيالات واختطافات لما وجب بقاء المحتلين أيضا في شبر من الأرض العراقية. ولكن مطامع ومصالح المحتلين وأهدافهم الإستراتيجية من احتلال العراق بالدرجة الأولى تحتم عليهم إقناع العراقيين وشعوب دول المنطقة والعالم بوجوب بقاءهم في العراق لحماية العراقيين المظلومين كما يدعون.
أما بالنسبة للمصالحة الوطنية فبدون شك بأن الحكومة العراقية تحاول تحقيقها وعن طريق مؤتمراتها ولكن يجب علينا أن لا ننسى بأن المصالحة الوطنية بحد ذاتها لا تخدم بقاء المحتلين في العراق من جهة ولا تخدم الجهات العميلة للأمريكان التي تشارك في إدارة البلاد من جهة ثانية إذ أن تلككم الجهات نالت على حقوق وإمتيازات لا يستحقنها بتشديد القاف والنون فقط لكونهن عميلة للمحتلين وينفذن أوامرهم. فلا مصالحة وطنية تتحقق في البلاد ما دامت قوات الاحتلال متمركزة في قلب العراق وما دامت الجهات التي تقوم بإشعال فتيل النزاعات الطائفية والعرقية بين أبناء الشعب الواحد تشارك في إدارة البلاد. وبدون شك اللجان الأمنية التي تشكلها الحكومة العراقية هي لجان غير مستقلة ومؤلفة من أشخاص ينتمون إلى تيارات سياسية تشارك في إدارة البلاد تنحاز إلى تياراتها السياسية عند الأزمات والمعارك.
الشأن الآخر المراجع الدينية يجب أن يكون لهم وزنهم وثقلهم وموقعهم في البلاد لأن كلمتهم مسموعة من قبل غالبية الشعب العراقي المسلم شيعة وسنة فعلى سبيل المثال لو أصدر سماحة أية الله العظمى علي السستاني فتوى في شأن ما لتمسك الشيعة جميعا والكثيرين من السنة أيضا بها وهكذا بالنسبة لبقية المراجع الدينية الأخرى. لذا على الحكومة العراقية اللجوء إلى المراجع الدينية وإشراكهم في إيجاد السبل والحلول للخروج من الأزمات واحتواءها.
الحكومة العراقية مشكورة تحاول بكل الطرق المتاحة تحقيق الأمن والاستقرار في ربوع البلاد ونجدة الشارع العراقي من دماء الأبرياء الذين يتساقطون بين قتلى وجرحى نتيجة الأعمال الإرهابية الجبانة ولكنها لا تتوفق أبدا ما دام البلاد محتل وقوات الاحتلال هي التي تسيير أمور البلاد وما دامت الحكومة نفسها تحوي على وزراء ومسئولين غير وطنيين ونزيهين عملاء للأمريكان لا يهم غير مصالحهم الشخصية التي جاءوا من أجلها وأغلبهم متورطون في جرائم الفساد الإداري والمالي. فبدلا من انشغال حكومة معالي السيد نوري المالكي في القضاء على التكفيريين والإرهابيين المجرمين وتحقيق الأمن والسلام وأعمار البلاد انشغلت منذ توليها إدارة البلاد بتوزيع الحقائب الوزارية وإرضاء التيارات السياسية التي تشارك في الإدارة، وهناك وزراء ومسئولين يتمسكون بمقاعدهم رغم عشرات الانتقادات الشديدة التي وجهت إليهم لعدم كفاءتهم ونزاهتهم .
وأخيرا ومن خلال متابعة مجريات الأوضاع الجارية في العراق وجدت من الضروري بتذكير السادة رئيس وأعضاء حكومة معالي رئيس الوزراء نوري المالكي بالنقاط المهمة أدناه والتي يتحتم عليهم بأن يضعونها في أولوياتهم قبل بقية الأمور:
أولا : الإصرار على وضع جدول زمني لانسحاب قوات الاحتلال من العراق.
ثانيا : القضاء الفوري على جميع أنواع الميليشيات المسلحة التابعة للأحزاب والتنظيمات السياسية وبدون تمييز
ثالثا: الاهتمام في تقوية الجيش العراقي والشرطة وقوات الأمن وعدم السماح لمنتسبيها بالانتساب إلى أحد من التنظيمات السياسية.
رابعا : تقديم المسئولين المقصرين والمتورطين بالفساد الإداري والمالي إلى المحاكم لكي ينالوا جزاءهم العادل.
خامسا: الاعتماد على الكفاءة والنزاهة في اختيار الوزراء وبقية المسئولين قبل تياراتهم السياسية.
سادسا: دعوة وتشجيع عودة العراقيين المقيمين في الخارج للعودة إلى البلاد.
سابعا : مشاركة المراجع الدينية في تهدئة النفوس وتوعية المواطنين بالإخوة والمحبة والتآلف وحسن المعاشرة
ثامنا : تحقيق العدالة والمساواة بين أبناء الشعب العراقي وعدم السماح للطائفية والشوفينية.
تاسعا : التصدي لمؤامرات الانفصالية والتقسيم.
عاشرا: الحفاظ على وحدة العراق أرضا وشعبا.