Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

من سيحفر قبر الإسلام السياسي في العراق

الموت والفزع،التهجير والمرض،الفساد السياسي،المالي والإداري،النهب والخطف،دوي الانفجارات وكاتمات الصوت،الظلام والتجهيل،الفقر وخيبة الأمل... إنها الظواهر الفواجع التي جاء بها الإسلام السياسي الحالي في العراق ،إنها إنتاج طبقة سياسية لم تشهد البلاد مثلها من قبل، هي الأدنى منذ تأسيس الدولة العراقية بما فيهم زعماء حقبة الفاشية سيئة الصيت.هذا ليس هو التحليل الذي أبغيه ، انه عرض للواقع تحت الأنظار يعرفه الكثيرون، وما خفي عن الأنظار كان أعظم،تمزيق الهوية الوطنية تحت أحذية أحزاب الإسلام السياسي وترسيخ النظرة الدونية في نفوس العراقيين إزاء غيرهم من الأقوام والأخطر من هذا وذاك هو سعي الإسلام السياسي لتحويل العراقي إلى ما يشبه الإنسان الآلي و منعه من أي مسعى للتأمل والتفكير يمكن أن يقوم به بمفرده بعد أن برمجوا ذهنه بالحلال والحرام والمستحب وغير المستحب واليجوز واللا يجوز عدا الجنة التي وصفوها على أنها تحت أقدام العراقيين سيما ممن يعلن لهم الولاء والتبعية، وهنا يأتي السؤال: هل سيحفر العراقيون قبرا للإسلام السياسي بسبب خذلانه لهم أو هل بالإمكان أن نشهد رحيله مهزوما من الدولة والساحة معا مثلما رحلت من قبل العروبية والفاشية غير المأسوف عليهما؟ اعتقد أن الفواجع التي يتعرض لها العراقيون اليوم تشكل بمجموعها الظروف الموضوعية اللازمة للتغيير أو المحفزة إليه لكنها لن تكون الحاسمة أبدا ، إن العامل الذاتي هو الذي يحسم كل شيء المتمثل بحركة أو حركات منظمة تستقطب السواد الأعظم من العراقيين تتحلى بالشجاعة في مواجهة أقوى الاتهامات التي من الممكن ان تكيلها عادة أحزاب الإسلام السياسي لخصومها مثل اتهاماتها لهم بالكفر والإلحاد والعمالة أو المتعلقة بإثارة المشاعر كما يجب ان تتحلى هذه الحركات بالفهم الدقيق لمهام المرحلة والقدرة على إزالة البرمجة التي نصبتها أحزاب الإسلام في أذهان العراقيين وحل محلها رؤى راسخة تقاوم التجهيل والتضليل وصولا إلى الإنقاذ المنشود من خلال حفريات تجريها في المؤسسة الدينية بمحاورها السياسية والفكرية.. إن العامل الذاتي هذا لم يتوفر حتى الآن بالشكل الذي يتناسب مع حجم الفواجع وقسوة الظروف.
إن الأحزاب التي تطلق على نفسها تسمية (وطنية)أو(ديمقراطية) أو(تقدمية) التي ظهرت في الواجهات على إنها خصما للإسلام السياسي سجلت تراجعا كبير في أسهمها الجماهيرية حتى إن غالبية هذه الأحزاب اتخذت موقف المتفرج على ما يجري مرغمة، فاقدة للمبادرة فيما تخلى قسما منها عن العمل الميداني الذي عرفت عنه في السابق بعد أن استولت أحزاب الإسلام السياسي على ميادينها سيما الأحياء الفقيرة ما أدى إلى أن أدار العراقيون ظهورهم عنها وباتت في نظر العراقيين غير معول عليها في وقت لا يمكن فيه إنكار الدعم اللوجستي الذي يتمتع به الإسلام السياسي من داخل وخارج البلاد مقابل قلة إمكانيات الأحزاب غير الإسلامية.
إن الأحزاب غير الإسلامية لا تزال غالبيتها تشتغل بسياقات تنظيمية جرى تحديدها قبل عشرات السنين وبإرث عقائدي جرى خطه بأقلام غير عراقية وبخطاب معلن يعطي دائما إشارات عن قرب نهاية الأوضاع الصعبة ويحّجم الفواجع وفي أحيان يجّمل الواقع الراهن القبيح من خلال إشادتها المستمرة بخرافة الديمقراطية في العراق دون ذكر مثالبها وإعطاء صورة براقة عنها من خلال هجومها المستمر على ديكتاتورية العهد الماضي ومساؤها المعروفة متحاشية الهجوم على الإسلام السياسي الذي تشبه فلسفته فلسفة الديكتاتورية في النهاية والعمق .
إن الأحزاب الوطنية فشلت في تغيير أداءها التنظيمي وأفضت محاولات تجديد خطابها السياسي إلى طريق مسدود رافضة التخلي عن أفكارها غير العراقية التي بال عليها الزمن فضلا عن تمسك غالبيتها بالحلول غير العراقية الأمر الذي سيشجع ظهور تنظيمات من طراز جديد تتولى عملية حفر قبر الإسلام السياسي في العراق عندها سيسجل العراقيون انجازا تاريخيا عالميا سيكون رحمة للعالم اجمع لا يضع حدا للأحزان التي دمرت العراقيين فحسب انما سيؤمن مستقبل مشرق لأبناء العراق.
Opinions