مهنية فضائية سوريويو سات وانحيازية الفضائيات الآشورية
habeebtomi@yahoo.noيلعب الأعلام دوراً مركزياً خطيراً في توجيه الرأي العام ، وتُبذل محاولات حثيثة وتصرف الأموال الضخمة من قبل الأحزاب والحكومات لتسخير الأعلام بمختلف أشكاله ، المرئي والمكتوب والمسموع ، في خدمة سياساتها واجندتها ، فالأعلام وسيلة فعالة في العصر الراهن للهيمنة على الرأي العام وتوجيهه وفق رؤية معينة في الدين او السياسة او الأقتصاد او العلوم .. الخ ، ولكن يبقى دور الفضائيات في عصرنا الراهن يشكل الوسيلة الفعالة التي تدخل حياة كل بيت وكل عائلة دون استئذان وعبر شاشة صغيرة تتصدر واحداً او اكثر من اركان البيت .
نأتي الى مربط الفرس في موضوعنا ، فشعبنا المسيحي في العراق من الكلدان والسريان والآشوريين
يملك من الوسائل الأعلامية من صحف ومجلات ومحطات إذاعة ومواقع الكترونية ، إضافة الى الفضائيات الآشورية التي ينبغي ان تمثل كل المسيحيين دون تفرقة او تمييز . ولا شك ان تمويل هذه الفضائيات يكلف كثيراً من الأموال ، ومهما كان مصدر التمويل فإن الممول لم يكن له هدف تجاري وإنما هدفه هو خدمة هذا الكيان ( المسيحي ) بكل تنوعاته القومية والمذهبية ، وعلى ساحتنا ثمة فضائية آشور وهي تعمل لتمرير أجندة الحركة الديمقراطية الآشورية ، وإن كان من جهة تمول هذه الفضائية فلا شك ان تلك الجهة تأمل ان تكون الفضائية لكل المسيحيين وليس لحزب واحد ، وإن كان تمويلها او بعض تمويلها من التبرعات ، فلا شك ان جانب كبير منها يأتي من جهات كلدانية وليس في قاموسها مبدأ التفرقة بين مكونات شعبنا المذهبية او الدينية او السياسية او الفكرية .
وليس غريباً ان يكون جانب كبير من المتبرعين من الكلدان فإن العمود الفقري لتنظيم هذه الحركة ( الحركة الديمقراطية الآشورية ) هم من الكلدان الى درجة ان اقترح احد الأصدقاء ان تبدل ( زوعا ) اسمها الى الحركة الديمقراطية الكلدانيـــــــــــــــــــة لاعتمادها على الكلدان بكثير من مفاصل نشاطاتها ، وربما ستقول الحركة :
(( نحن لا نفرق بين مكونات شعبنا ، وأنا اقول : نعم ان الزوعا والأحزاب الآشورية الأخرى لا تفرق بين ابناء شعبنا لكنها تعمل على إلغاء القومية الكلدانيـــــة بشكل خاص ، وتعمل على تبجيل القومية الآشورية لا غيرها )) وأضيف : ان الحركة وبالأشتراك مع احزاب قومية آشورية أخرى ومنها الحزب الوطني الآشوري والمجلس الشعبي وغيرها من الأحزاب ، تعمل على تمزيق ودفن وتبخيس القومية الكلدانية العراقية الأصيلة وهي القومية الثالثة في الخارطة القومية العراقية وقبل وجود الأحزاب الآشورية التي تعمل الآن في الساحة السياسية العراقية .
والفضائية الثانية وهي فضائية عشتار التي كان أبرز مؤسسيها الأستاذ جورج منصور ، حيث كان هذا الرجل يأمل ان تكون فضائية مهنية حيادية تتكلم باسم الجميــع دون تفرقة او تمييز ، لكن هذه الفضائية آلت في نهاية المطاف لتقع في احضان الفكر الآشوري الإقصائي لكل ما اسمه كلداني ، وأصبحت هذه القناة فضائية ناطقة باسم حزب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الأشوري واختزلت مهامها ، ودأبت في الدرجة الأولى لتكون أداة لنشر الدعاية الأنتخابية لقائمة هذا الحزب ، ونسيت او تناست انها اسست لتمثيل كل ابناء شعبنا على اختلاف توجهاتهم القومية والسياسية . وهذا الحزب ( المجلس الشعبي ) هو مبني على اكتاف الكلدانيين ايضاً وكان ينبغي ان يسمى بالمجلس االشعبي الكلداني . لكن هذا المجلس او هذا الحزب يعمل على تحطيم وتمزيق ودفن كل ما اسمه كلداني .
وثمة فضائية اخرى وهي فضائية سورويو تي في ، وسمعت انها تعمل تحت المظلة الآشورية ايضاً
وتعمل على تمرير خطاب الحزب الآشوري بعد ان ضاقت امامها سبل الحصول على التمويل ، ونتمنى ان تخرج معافية وان تلعب دورها التنويري لشعبنا المسيحي بمنأى عن اي تأثيرات حزبية اديولوجية .
قبل ايام أجريت لي مقابلة في فضائية سوريويو سات وهي غير سوريو تي في ، ولاول مرة أتعرف على بعض افراد طاقم هذه الفضائية ، وأعطيت لي الحرية الكاملة للتحدث عن القومية الكلدانيـــــــة والأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان وعن التاريخ الكلداني ودون اي تحفظات . نعم إنها الشفافية والمهنية في العمل ، وهذا هو المعنى الحقيقي لقبول الآخر .
اعترف بارتباطي بصداقات كثيرة مع كثير من الأخوة الآشوريين واعتز بتلك الصداقات ، ومقابل ذلك نادراً ما تربطني وشائج او علاقات شخصية للأصدقاء مع الأخوة السريان الآراميين ، لكن مع ذلك لمست انهم يحملون افكاراً متفتحة ، يقبلون الآخر كما هو دون فرض اي أجندات مسبقة على غيرهم وهذا الأنفتاح وقبول الآخر لا ينفي اعتزازهم بثقافتهم ولغتهم وتاريخهم وقوميتهم الآرامية العريقة .
إن الأخوة في الفضائيات الآشورية وفي مواقعهم الألكترونية يغربلون كل ما يصلهم ، ويوصدون الأبواب امام اي فكر كلداني او سرياني لا يوائم اديولوجيتهم السياسية او القومية ، وفضائية آشور وعشتار ومواقع الحركة الديمقراطية الآشورية او المواقع التابعة لها ومنها موقع القوش نت ، وموقع المجلس الشعبي المعروف بموقع عشتار تي في خير مثال على مصداقية قولنا . وغرق تلك الوسائل الأعلامية من فضائيات ومواقع الكترونية في مستنقع التعصب الأعمى وبالتالي فقدت مصداقيتها في فضيلة المهنة والحرفية والحيادية ، وتنسى انها تدّعي بتمثيلها للمسيحيين كافة ، فتنجذب نحو خطاب الأحزاب الآشورية المتزمت والتي نادراً ما نقرأ قبول الآخر في خطابها .
تحية لفضائية سوريويو سات المتسمة بالشفافية والحرفية ، ونتمنى ان تتسم بقية فضائيات شعبنا بنوع من الأنفتاح وقبول الآخر من ابناء شعبنا ممن يخالفونهم في الفكر السياسي او القومي او المذهبي ، فهل ستفعل تلك الفضائيات بما يطابق ادعاؤها بأنها ناطقة بلسان جميع المسيحيين ام انها ستبقى تعمل لاحزابها الآشورية فقط ؟
بقلم : حبيب تومي / اوسلو 15 / 02 / 2010