نازحو العراق... متى يزول أثر "داعش" الأخير؟
المصدر: اندبندنت عربية
بعد نحو 10 أعوام على بدء النزوح في العراق الذي انطلق مع سيطرة تنظيم "داعش" على ثلث مساحات البلد في 2014 لينزح ما يقارب 5 ملايين مواطن بعضهم اضطر إلى الهجرة خارج الوطن، فإن هذا الملف ما زال مفتوحاً لحد الآن بعد ست سنوات من انتهاء العمليات العسكرية ضد التنظيم بتحرير جميع المدن العراقية منه في أكتوبر (تشرين الأول) 2017.
فخطوات الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 2017 كانت بطيئة في التعامل مع هذا الملف لتتصدر ملفات أخرى أولويات عملها، فضلاً عن عدم قدرتها على إرجاع النازحين إلى بعض المناطق بسبب رفض الجماعات المسلحة عودتهم، مما بات واضحاً مثلاً في منطقة جرف الصخر شمال محافظة بابل، وعلى رغم إنهاء ملف النازحين في معظم مناطق العراق وإغلاق تلك المخيمات بعد إطلاق برنامج حكومي حول العودة الطوعية، لا يزال هناك 24 مخيماً في إقليم كردستان يعيش ساكنوها كثيراً من المعاناة.
ويبدو أن المشكلات الأمنية والمطالبات العشائرية أبرز الأسباب التي تمنع عودة غالبية النازحين، ناهيك عن أسباب أخرى تتعلق بمستوى المعيشة واستيلاء جماعات مسلحة على مناطقهم.
32 ألف عائلة
يبين المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين علي عباس أن عدد مخيمات النازحين تبلغ 24 مخيماً تسكنها 32 ألف عائلة وفق إحصاءات صدرت نهاية 2023، ويضيف في تصريح صحافي أن "قرار مجلس الوزراء أكد البرنامج الحكومي الذي أشار إلى ضرورة إنهاء ملف النازحين، ومضينا بإنهاء هذا الملف وفق البرنامج، إذ لم تبقَ مخيمات إلا في إقليم كردستان".
وتعتزم وزارة الهجرة والمهجرين البدء بمسح ميداني للنازحين داخل المخيمات من أجل وضع خطة رصينة للوقوف على التحديات التي تحول دون عودتهم لمناطقهم الأصلية، وبموجب هذا الاستبيان ستحدد الأسباب الحقيقية لعدم عودة النازحين ووضع الحلول لذلك.
كما تعتزم الحكومة إنهاء ملف النازحين وإغلاق المخيمات كافة من خلال الإعادة الطوعية في الـ30 من يونيو (حزيران) المقبل، بعدما صوّت مجلس الوزراء العراقي على قرار في هذا الشأن.
مشكلات أمنية
عضو لجنة الهجرة والمهجرين والمصالحة الوطنية النائب سوران عمر أشار إلى وجود مشكلات أمنية تمنع رجوع مجموعة من المهجرين، داعياً الحكومة إلى حلها، فضلاً عن وضع حد للملاحقات العشائرية التي تطاول بعض النازحين.
وقال، "بعض المناطق فيها مشكلات، حيث تم الاستيلاء على منازل النازحين فضلاً عن تدمير منازل أخرى"، موضحاً أنه لا يوجد مبرر لبقاء النازحين الذين ليست لديهم مشكلات أمنية، لا سيما بعد قطع الدعم الدولي للمخيمات، ونحن في لجنة الهجرة والمهجرين ندعم الحكومة لإغلاقها".
ولفت إلى أن النازخين ينتمون الى محافظات سنية مثل صلاح الدين، وغالبية المخيمات أنشئت محافظة السليمانية، ومسؤولية العراق هي حل مشكلات هؤلاء لأنهم مواطنون عراقيون.
واعتبر عمر أن من المعيب أن يكون هناك نازحون منذ عام 2014، مستغرباً تفضيل هؤلاء البقاء في المخيمات على الرجوع إلى محافظاتهم، لذلك على الحكومة أن تحل كل مشكلاتهم.
ووصف أوضاع النازحين بـ"الصعبة"، خصوصاً في فصل الشتاء، في وقت لم تعُد لدى حكومة الإقليم القدرة على دعم المخيمات، والمنظمات الدولية بدأت تنسحب من الملف، إذ ترى أنه لا داعي لبقاء المخيمات إلى الآن.
وأشار إلى وجود مخيمات يسكنها أناس من سوريا وأخرى تضم أكراداً إيرانيين فضلاً عن الأتراك، مبيناً أن خطة الحكومة الحالية حددت ستة أشهر لإنهاء ملف النازحين العراقيين، وبعدها سيتم إغلاق المخيمات.
وأكد وجود مشكلات أمنية تمنع النازحين من العودة لمناطقهم، فهناك فصائل مسلحة تسيطر على أراضيهم، وعلى الحكومة حل كل المشكلات لإنهاء ملف النزوح.
أبعاد سياسية واقتصادية
يشير أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية عصام الفيلي إلى أبعاد عدة في ملف عودة النازحين، منها ما هو سياسي وما هو اقتصادي واجتماعي، ويوضح أنه "حينما نرجع إلى البعد السياسي فإن هناك بعض القوى السياسية لا تريد عودة النازحين لمناطقهم مثل العوجة وصلاح الدين بعد هجمات ’داعش‘، والأمر بحاجة إلى حوار سياسي تتبناه جهات عدة، وفي الجانب الآخر هناك بعض القوى السياسية من اللون نفسه ترفض عودة النازحين لأنها تتهمهم بالتعاون مع التنظيم".
وشدد الفيلي على ضرورة إغلاق ملف النزوح، وأن يكون هناك مؤتمر عام من أجل ذلك، لافتاً إلى أن هذا الملف يكون في بعض الأحيان ورقة ضغط سياسية تستخدمها أطراف عدة.