Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

نجاح السيد المالكي , مقرون بانتشال ألغام في الدستور

وانا اتابع اخبار وطني العراق عبر وسائل الاعلام ومن خلال تصريحات المسؤولين على ادارة شؤونه والتي تشير في غالبيتها الى ان الحكومة العراقية ما زالت تعاني من فقدان الأمن والفساد المالي والاداري والذي بدأ يظهر من خلال دعوات الاستجواب التي يمارسها البرلمان العراقي لبعض المسؤولين المتورطين فيها , ولم يعد خافيا على احد من ان بعض القائمين على قيادة دولة العراق غير مؤهلين لا سياسيا ولا اكاديميا , وليس غريبا ان قلنا ان احد اسباب ذلك يعود الى فلاسفة المحاصصة الطائفية والحزبية والمذهبية والفئوية التي اعتمدوها في ادارة حكم العراق بعد 2003 والتي اظهرت بان غالبية العراقيين غير راضين على كل نشاطاتهم الاعلامية والسياسية لا من قريب ولا من بعيد , ولا اغالي ان قلت بان الشعب العراقي الذي كان موحدا اصبح مقسما بانتظار مصيره المجهول المكروه, ان الكثير من ابناء الشعب العراقي المتنوع الأديان والقوميات قتلوا او هجروا , ولا داعي ان نعيد المآسي والجراح التي عصفت بالعراقيين على يد عصابات الارهاب والطائفية والتي زرعت الرعب والخوف بين العراقيين , فلا هم سلموا من القتل والتهجير , ولا جثث قتلاهم الأبرياء سلمت من انياب كلابهم التي نهشتها وهم في المزابل , بل حتى منازلهم ومساجدهم وجوامعهم وكنائسهم ودور عباداتهم هدموها على رؤوسهم .



وباختصار فان الارهاب والعنف الطائفي الذي ضرب العراق بعد 2003 وما خلفه من عنف وتقسيم وفساد لا يمكن لنا ان نستثني الاحزاب الدينية الطائفية التي سيطرت على سدة الحكم وفق المحاصصة الطائفية , لا بل كان لها دورا مميزا وتأثيرا مباشرا على خلقه وتأجيجه, وحديث السيد المالكي هذه الايام عن خطورة البعض من الطائفيين والمذهبيين والمتشددين والذين جرفتهم الانتخابات الغير منصفة والتي حققت حلمهم التأريخي للسيطرة على مفاصل الدولة العراقية وخاصة المراكز الأمنية والاقتصادية , أمر في غاية الأهمية , ويجب دعمه بالرغم من تأخره , لا بل ويجب ان يحتل حديث السيد المالكي الأولوية في عقول جميع العراقيين وعلى اختلاف انتماءاتهم الدينية والقومية والفكرية مثقفين وغيرهم , من الذين اختاروا الطريق الوطني للمحافظة والدفاع عن وحدة العراق وسلامة شعبه.



ان التوجهات الطائفية والمذهبية المنتشرة في أوصال المجتمع العراقي بخاصة و العربي بشكل عام حالة تتعارض مع تعاليم الأديان والتي تدعو الى توحيد البشر , وقد روج لها بعد انتشار الأديان حيث اعتمدها الكثيرين نتيجة لتفشي الأمية والجهالة والفهم الخاطئ لتعاليم وتطبيقات الدين , ففي حوار مع احد الأصدقاء المسلمين , قال ... { أن الدين الاسلامي كبقية الأديان حيث انه لا يدعو الى الطائفية او المذهبية , انما أوصى بتوحيد المسلمين و أنهم سواسية كأسنان المشط إلا بالتقوى و العمل الصالح ، صدقني بان غالبية المسلمين لا يعلمون شيئا عن الذي جاء بالطائفية والمذهبية داخل الاسلام , انها سرطان ودورها واضح وهو تأجيج الفتنة وابقاء المسلمين دائما في صراع واقتتال وتخلف وجهالة , ان التنازع الطائفي بين المسلمين والتي تصل حد القتل لن يستفيد منها الا الأجنبي الذي لديه اطماع تأريخية وجغرافية واقتصادية في العراق.



فبالرغم من ان الاسلام قد أوصى بتربية الأجيال الجديدة على أسس حميدة و أخلاق عالية قام البعض من مرجعياته ومشايخه ومريديه بالعمل على استخدام بعض من نصوصه والتي ساعدت على تفريخ الطائفية والإرهاب على السواء وانهما لا يعتبران الا إجراماً و بربرية مغلفة بغلاف سياسي..{ ان الإسلام اوصى على رص الصفوف و توحيدها و رفع راية الجهاد ضد الظلم والغزاة }



ولكننا لم نرى في العراق غير الفتنة والقتل والتهجير على الهوية وهذا ما حل ليس بالمسلمين فقط انما انعكس ذلك على بقية اتباع الديانات الأخرى , { فالنظرية الإسلامية التي يعتمدها بعض من رجال الدين وخاصة المرتبطين باحزاب دينية طائفي او مذهبية { كما ينظر اليها هذا الصديق المسلم } قد فرخت ثلاثة أبناء هم الفتنة و الإرهاب و الطائفية ، هؤلاء هم الثالوث الذي انتجته النظرية الإسلامية . { حسب رأيه }

اما انا فاقول ان المصيبة الطائفية او المذهبية التي حلت بنا في العراق لم يكن لتعاليم الدين فيها اي شأن , انما المسؤول عن تأجيجها هم بعض من تجمعات الأحزاب الطائفية والمذهبية والفئوية والمرتبطة باجندة خارجية , ساعدها في ذلك من جاء بها وتحالف معها لغزو العراق واحتلاله , ان الشعب الذي يؤمن باسلام واحد هو الضحية وهو الذي يدفع الثمن دائما .



يقينا بان الإسلام ليس ايدلوجية طائفية ولا مذهبية ولا فئوية انه اسلام واحد ويتوجه للجميع ، ولكن الطائفية والمذهبية هي نتاج النظرية الإسلامية التي تغيرت عبر الزمن على يد دعاة رأو في ان الطائفية والمذهبية هي الطريقة الوحيدة لفرض الدكتاتورية ، وكمثال نأخذ العراق ففي العراق تحول المجتمع الإسلامي من مجتمع متوحد إلى آخر متكون من كتل متعددة مذهبية وطائفية وعنصرية ضيقة التفكير يدّعي كلاً منها احقيته في تمثيل الدين وتمثيل شعب العراق , كما ان هذه الكتل والاحزاب والتجمعات رفضت كل من لا يقف في صفها ولا يدين بالولاء لها , الا يعيق ذلك " الديمقراطية المنشودة " كل يوم في العراق .



كلنا يعلم بان في العراق تتعايش اقوام عديدة تعتنق اديان رئيسية وقوميات متنوعة منذ زمن , الا يعتبر ذلك ان المجتمع العراقي مجتمع جاهز لتطبيق للوحدة , الا يمتلك العراقيون مقومات الوحدة التي تجعلهم مواطنين متساوون في الحقوق والواجبات , ثم الا يعتبر العامل الديني الطائفي عائقا امام نهوض هذه الوحدة , فمتى سيستطيع القائمون على حكم العراقيين من تحقيق التعايش بين كل المكونات بسلام دون تهميش او اقصاء أحد ؟



ان استغلال الدين طائفيا او مذهبيا او عنصريا لم يكن يوما يمثل الحضارة والمدنية , انما وفي حالته هذه لا يمثل سوى الجاهلية المتجذرة في مجتمعنا منذ زمن طويل ، وهي الأخطر من بين التيارات الإرهابية و التشددية اليوم , وإن النظرية الإسلامية , وإن كانت الشماعة التي نعلق عليها كل مشاكلنا في هذا اليوم , فانها وبلا شك وسيلة إستخدمتها الأحزاب الطائفية والمذهبية والعنصرية لتحقيق مصالحها الفئوية ليس الاّ .

ان دعوة السيد المالكي لالغاء كل التوجهات الطائفية ليس كافيا , بل يجب ان يتزامن مع تغيير شامل في الثقافة العراقية تبدأ { باعادة النظر بكل بنود الدستور والغاء المحاصصة الطائفية واعلان الحرب عليها وعلى كل ما من شأنه تقسيم العراقيين على اساس طائفي او فئوي } .



ان اعادة العراق وشعبه الى الوضع الطبيعي لن يتحقق الا باحترام الدين وابقاءه مرجعا روحيا مقدسا مهيبا يعمل على نشر المحبة والتسامح وابعاده عن الاعيب وحيل السياسيين , والعمل على رفع الغطاء عن التدين المفتعل والذي اصبح مودة كما يقولون وابعاد كل من يعمل على استغلال الدين والتدين عن جميع مناصب ومراكز القرار السياسي .

فهل تستطيع الحكومة ممثلة بالسيد المالكي إستئصال الطائفية والمذهبية والفئوية والقبلية والعشائرية والحزبية المتفشية والمتجذرة فينا حتى النخاع منذ زمن طويل, وايقاف التفريق بين هذا الفرد كونه سنياَ أو شيعيا بعثيا او اسلاميا او مسيحيا او صابئيا او يزيديا او شيوعيا او سلفيا او غير ذلك , وهل تستطيع التخلص من المفاضلة في التعيينات او توزيع المكاسب على أساس الانتماء الطائفي او الحزبي او العشائري او القومي , فان استطاع السيد المالكي تحقيق ذلك سيهتف العراقيون عاش المالكي وعاشت الحكومة, والسيد نوري المالكي واميركا قادرين ان يعالجوا ذلك...ولكن ليس خارج الدستور ...ان نجاح دعوات السيد المالكي الكثيرة ستبقى تراوح في مكانها ما لم يتقدم بجرأة لانتشال ما يتظمنه الدستور من ألغام ومفخخات.....!
Opinions