Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

نجحت العملية ومات المريض!)

ثمة مواضيع مهمة، يصعب تحديد أي منها يستحق الأولوية في التناول. فتسارع الأحداث يجعل مهمة الإحاطة بإحداث الأسبوع عسيرة. وكانت الرغبة الغالبة هي تسليط الضوء على غياب التغطية الإعلامية للفعاليات المتعددة والنشاطات المتنامية، التي نظمتها قوى وشخصيات التيار الديمقراطي في العراق، والتي لا يوجد تفسير منطقي لتجاهل الإعلام لما أنجز منها، سوى الموقف السلبي المسبق. صحيح ان هناك إعلاما، يمثل مصالح القوى المتنفذة، لا يتصف بمعايير الاستقلالية والموضوعية والحيادية، باعتبارها شروطا أساسية تميز الإعلام الحر، الى جانب شروط أخرى. فهو بهذا المعنى منحاز الى ما تمثله جهة التمويل من مصالح ومن توجه فكري وسياسي، الأمر الذي يتناقض مع خطاب القوى الديمقراطية، الناقد بشكل موضوعي للازمة، التي تعتبر هيمنة بعض القوى على القرار السياسي العراقي واحدا من اهم أسبابها. انه الإعلام المملوك او الممول من جهات لا يروق لها من يتصدى لمكافحة الفقر والجهل والمرض، او من يروج لمفاهيم حقوق الإنسان والديمقراطية ودولة المواطنة والمؤسسات الدستورية، ويتبني قضايا الناس وحاجاتهم، ويدافع عن القضايا الأساسية لحياة المواطن ومعيشته. ولكن اذا كان هذا مفهوما في موقف الإعلام الذي يتحرك ضمن مشاريع الممولين وأجنداتهم، فليس هناك تبرير لغياب إعلام الدولة عن المؤتمرات التي نظمتها قوى وشخصيات ديمقراطية في كل من البصرة، والسماوة والنجف وميسان، والشطرة!
اما الموضع الأخر الذي يفرض المتابعة فهو مبادرة رئيس إقليم كوردستان السيد مسعود البارزاني لتحريك الأجواء السياسية في اتجاه تشكيل الحكومة، والتي أعقبتها المبادرة السعودية، وهي بعد (مبادرة السيد البارزاني) في بداية انطلاقتها. وفي الوقت الذي نشير فيه الى عدم إمكان تصور مبادرة داخلية من دون دعم ومباركة خارجيين، فلا بد ان نضيف ان لا مبادرة خارجية من دون امتداد لها داخلي. وهكذا تزاحمت المبادرتان، واصطدمتا، فلا الأولى وصلت مداها، ولا الثانية كما يبدو مقبولة من الجميع، ما يعطي انطباعا بان لا آفاق واضحة لحل الأزمة المستعصية، والتي تنذر بتداعيات خطيرة قد لا يتحملها وضع العراق.
ويبدو ان حالة الاحتقان السياسي، والصعوبات المعيشية، وتردي الخدمات، والغلاء، ليست وحدها التي تميز الوضع الحالي. بل ان المخاطر الأمنية في تصاعد. فبعد الساعات الثقيلة والمؤلمة التي مرت علينا ونحن نتابع عملية احتجاز الرهائن المدنيين في كنيسة سيدة النجاة، وقلوبنا تخفق خوفا من المخاطر الداهمة، جاء الفرح بتحرير عدد منهم من قبضة الإرهابيين، فاقدي الضمير والحس الإنساني، واكبر منه كثيرا الحزن واللوعة لسقوط العدد الكبير من الشهداء. والمفارقة التي تثير الانتباه هي تصريحات المسؤولين التي أكدت على نجاح عملية تحرير الرهائن، رغم استشهاد هذا العدد الكبير! ويصح هنا المثل القائل (نجحت العملية الجراحية ومات المريض!). وبديهي ان هذه التصريحات وما يماثلها لم تصمد يوما واحدا، حيث كان يوم الثلاثاء الثاني من هذا الشهر يوما مروعا. فبعد ما جرى في كنيسة سيدة النجاة، استباح الإرهابيون مساء بغداد وحولوه مساء آلام وسيل من دماء أعداد أخرى من الأبرياء المدنيين.
لكن ورغم هذا الذي جرى ما زال المسؤولون الأمنيون يصرون في تصريحاتهم على تحسن في الوضع الأمني! فيما يزف لنا السياسيون أخبارا عن قرب اتفاقهم على محاصصة جديدة في حكم العراق . فيما دماء العراقيين ما زالت تنزف.

Opinions