Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

نحن اول من ابتكر أَنْجَرْ السفينة

يبدو أن العراقيين هم أول من اخترع المرساة البحرية ( مخطاف السفينة ), وأطلقوا عليها اصطلاح ( أنجر ) وهو مرساة السفينة، ويستعمل لتثبيتها حال رسوها. وتلفظ الجيم فيه على أصلها السامي. وقد رصد الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري هذه اللفظة، وصرح بعراقيتها.
قال: ( والأنجر مرساة السفينة، وهو اسم عراقي )، والذي يهمنا هنا هو تأصيل عراقيتها.
ويعود هذا اللفظ إلى الجذر( نجر)، ومعناه معروف. وقد فصل الخليل طريقة صناعة الأنجر واستخداماته، وزعم أن اللفظ عراقي بدليل على عدم سماعه له في غير العراق، ومعروف سكنى الخليل في البصرة، ومنها اطلع على كثير من الألفاظ العراقية التي رصدها في معجمه ( العين ).
ومن الطريف أنه ذكر مثلا عاميا عن الأنجر، ما زال يقال إلى يومنا هذا, إذ يقال للثقيل "أثقل من أنجر"، وبالمناسبة نفسها، فالعراقيون مازالوا يستعيرونه للدلالة على الرجل الثقيل غير المرغوب في مجلسه, ويصفون المرء الثقيل على النفس بقولهم "ضارب أَنْكَرْ " أي لا يتزحزح من مكانه أبدا, أي كأنه بثقل مرساة السفينة التي لا تتزحزح من موضعها الذي استقرت فيه على مرساتها، وهو ما ذكره الفراهيدي بقوله: ( ومن أمثالهم: فلان أثقل من أنجر ).
وورد في معجم مختار الصحاح:-
(( رَسَا الشيء ثبت وبابه عدا, و مَرْسىً أيضا بفتح الميم, و رَسَتِ السفينة وقفت على الأنجر وبابه عدا وسما , قال الأزهري في ( ن ج ر ) الأنجر مرساة السفينة وهو اسم عراقي, وربما قالوا فلان أثقل من أنجر. )).
وقد تبين لنا من خلال البحث في هذا الموضوع أن هذه التسمية لها جذور عميقة في اللغات العراقية القديمة الضاربة في عمق التاريخ, فهي من رواسب اللغات السومرية والاكدية والآرامية, إذ ورد في CAD (1) p: A18 & E11)) مادة Angurrum، وتلفظ Engurrum أيضا، وتعني الثقل الغاطس تحت الماء، ومما يقوي هذا الرأي ورودها في اللغة المندائية أيضا Angara، بمعنى الأنجر(M، p: 25).
وقد تسرب اللفظ إلى الإنجليزية، بتغيير بسيط لا يكاد يذكر، فهم يطلقون على المرساة Anchor نقلاً عن العربية وتلفظ (أَنْكَرْ)(2), وتسربت قبلها إلى اللاتينية ومنها إلى اليونانية حيث يطلقون على المرساة " Ankara", ولا ندري متى تسرب هذا اللفظ إلى كل لغات العالم المتحضر؟!, لكن الثابت لدينا أن هذه الكلمة مقتبسة من لغات حضارة وادي الرافدين ( الميزوبوتيميا ).
إما الفعل (رسا), (يرسو), (رسوا), و(رسوا), فمعناه ثبت وقر, من مثل قولهم ( رست السفينة ), أي توقفت عن الحركة في الماء على الأنجر ( وهو مرساة السفينة ), وفي هذا المعنى يقول ربنا (تبارك وتعالى) في محكم كتابه:
( وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) " هود 41 ".
وكان أَنْكَرْ السفينة يصنع في العراق وموانئ الخليج العربي بأن تؤخذ خشبات يخالف بينها وبين رؤوسها وتشد أوساطها في موضع واحد، ثم يفرغ بينها رصاص منصهر, فيصير كأنه صخرة ورؤوس الخشب ناتئة, وهناك نوع آخر من مراسي السفينة يطلق عليه محليا ( السن ), وهو عبارة عن قطعة من الحجارة الصلبة, مثلثة الشكل يثقب طرفها المدبب لكي توضع فيه سلسلة حديدية قصيرة، كما تثقب قاعدته لكي توضع حديدة السن التي ترتفع قليلا عن سطحه من الجهتين لتمسك بقيعان البحر الصخرية ويربط السن بحبل طويل يعرف باسم ( الخراب ) لكي يمسك السفينة عندما تصل إلى ( المغاص ), ونعني بالمغاص المنطقة التي تم اختيارها للبحث عن اللؤلؤ عن طريق الغوص في قاع البحر. وقد تم العثور على عدد من هذه المراسي المصنوعة من الحجارة قرب موقع سفينة النبي نوح (ع) قرب جبل الجودي في تركيا, لكنها اكبر من حيث الحجم من النوع الذي استخدمته السفن الخليجية البدائية, وسنأتي على تفاصيل تلك المراسي في حديث آخر إن شاء الله, ودأبت بعض السفن المحلية على تداول اصطلاح ( بَاوَرًه ) وهي المرساة الحديدية ذات الرأسين, ويسمى كل رأس (مج ), وكلمة بَاوَرًه مقتبسة من اللغات الفارسية والهندية, وقد انتقلت إلى حوض الخليج العربي بفعل الاحتكاك مع بحارة السفن الهندية والإيرانية.
وقد استعار بعض الكتاب والشعراء مفردة ( المرساة ) في الكثير من أبدعاتهم الأدبية , ونظرا لضيق مساحة الكتابة , اخترنا بضعة ابيات من روائع نزار قباني , فقد كان شعره بحر بلا شواطئ , وسفينة بلا مرساة , فقال : -
يا من يفكر في صمت ويتركني .
في البحر أرفع مرسـاتي وألقيهـا.
وقال في قصيدة أخرى: -
أني مرساة لا ترسو. . جرح بملامح انسان. . .
تاريخي. . . ما لي تاريخ . . .
اني نسيان. . . نسيان.
وقال ايضا: -
الشمس فتحت نوافذها.
وتركت هنالك مرساتي.
و قطعت بحاراً .. وبحاراً.
أنبش أعماق الموجات.
أبحث في جوف الصدفات.
ختاما نذكران مفردات أَنْجَرْ, أَنْكَرْ, وكذلك أنير, هي من المفردات العربية التي أشار إليها الفراهيدي في معجمه, واشار اليها ايضا صاحب معجم مختار الصحاح, وان وجودها ضمن مفردات اللغة السومرية والآرامية والمندائية يدل على أصولها العراقية, وقد جاء اكتشاف المراسي الحجرية التي عثر عليها قرب موقع سفينة نوح(ع) ليقدم لنا الدليل القاطع على أن العراقيين هم أول من ركب البحر وتفنن بصناعة المراسي وأطلق عليها اصطلاح ( أَنْجَرْ ) منذ آلاف السنين, وتعلم منهم العالم كله هذه التسمية.
----------------------------------------------------
1 - A Concise Dictionary of Akkadian (CAD)، by ; Black.J، George
2 - حسام قدوري عبد, ( الأصول السومرية والآرامية لبعض الكلمات العراقية ), منشور على الشبكة الدولية في أكثر من موقع. Opinions
الأرشيف اقرأ المزيد
القوات الجوية العراقية يقومون بطلعات جوية في اجواء بغداد شبكة اخبار نركال/NNN/ معسكر التاجي ، العراق / افادت القوات المتعددة الجنسيات بأن عدد من الطيارين تقارير لمنظمات أوروبية و دولية: زوال نهري دجلة والفرات في العراق بسبب السدود التركية العملاقة بحلول 2040 شبكة أخبار نركال/NNN/ توقعت " منظمة المياه الاوروبية" بأن جفاف نهر دجلة بالكامل في ذات التاريخ (2040)، حيث يفقد النهر سنويا الرئيس طالبني يبعث برقية تهنئة الى الرئيس الأفغاني حامد كرزاي شبكة اخبار نركال/NNN/ بعث فخامة رئيس الجمهورية جلال طالباني برقية تهنئة، اليوم الثلاثاء 3 تشرين الثاني 2009، الى الرئيس الأفغاني حامد كرزاي بمناسبة تجديد ولايته رئيساً لدولة أفغانستان الإسلامية، و في ما يلي نص البرقية: السفير العراقي يزور راعي خورنة مريم العذراء العراقية في ولاية البرتا الكندية شبكة أخبار نركال/NNN/ بقلم : سالم إيليا/ خصّني الأب الفاضل نويل فرمان السناطي راعي الكنيسة الكلدانية في
Side Adv1 Side Adv2