Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

نزار حيدر لـ (الفيحاء) عن تصريحات رئيس مجلس النواب: تهدد الامن الوطني

22/10/2011

شبكة أخبار نركال/NNN/نزار حيدر/
شدد نزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، على ان تصريحات (طائفية غير مسؤولة) كالتي ادلى بها السيد رئيس مجلس النواب العراقي خلال زيارته الاخيرة الى العاصمة البريطانية لندن، تعرض الامن الوطني للخطر، في الوقت الذي يكون فيه العراق باشد الحاجة الى السلامة الوطنية وهو على اعتاب نهاية العام الميلادي الحالي، موعد رحيل القوات الاجنبية عنه.
واضاف نـزار حيدر، الذي كان يتحدث الليلة على الهواء مباشرة الى الزميل الاستاذ فلاح الفضلي، في النشرة الاخبارية الرئيسية لقناة (الفيحاء) الفضائية:
ان مثل هذه التصريحات تعرض الامن الوطني للخطر بالاضافة الى السلم الاهلي والتعايش المجتمعي، فضلا عن العملية السياسية والنظام الديمقراطي، اذ انها تفتح الابواب مشرعة امام الرياح السوداء التي ذاق العراقيون بسببها الويلات، فسالت الدماء الطاهرة انهارا، ودمرت البلاد والبنى التحتية، حتى كادت ان تجر العراقيين الى اتون حرب اهلية عندما فجر الارهابيون التكفيريون المتحالفون مع ايتام النظام البائد مرقد الامامين الهمامين العسكريين عليهما السلام في مدينة سامراء المقدسة، لولا فضل الله تعالى وحكمة المرجعية الدينية وصبر العراقيين ووعيهم، انها تشحن الساحة باجواء تلك الايام السوداء، فلماذا نسمعها على لسان بعض (القيادات) بين الفينة والاخرى؟.
عندما ادلى السيد النجيفي بهذه التصريحات في العاصمة الاميركية واشنطن، خلال زيارته الاخيرة الى الولايات المتحدة الاميركية، حاولنا تبريرها بالقول انها، ربما، زلة لسان، او ان التعبير قد خانه فلم يعرف كيف يعبر عما اراد قوله، او ان الكاميرا اخذت منه ماخذا فتلعثم وقال ما قال، ثم صدقناه عندما نفاها في بغداد بعد عودته من زيارته الى واشنطن، اما ان يكررها في لندن بنفس العبارات والجمل حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة، فهذا يعني انه يقصدها بالتحديد وانه يعرف جيدا ما يقول، فهو ليس نادما عليها عندما ادلى بها في المرة الاولى، ولم يكن صادقا عندما نفاها، ما يعني ان تكرارها على لسانه جاءت مع سبق الاصرار، وهو امر خطير للغاية، لو كان قد عوقب عليها في المرة الاولى لما تجرا على تكرارها مرة ثانية، ولو كان قد جوبه في تلك المرة بمواقف اشد حزما، لما تجرأ على تكرارها.
انه ليس مواطنا عاديا، انه رئيس مجلس النواب، فكيف يدلي بمثل هذه التصريحات ويصر عليها فيكررها المرة تلو الاخرى؟ وهو يعلم انها تثير الفتنة، كما انها تثير البغضاء والكراهية، افلهذا الهدف انتخبه العراقيون لرئاسة البرلمان؟ فاذا كان يدلي بها بصفته رئيس كتلة سياسية فتلك مصيبة، اما اذا ادلى بها بصفته رئيسا لمجلس النواب فالمصيبة اعظم.
لقد سمعت احد (انصاره) يبرر له هذه التصريحات، قائلا: انه اراد ان ينقل بها خبرا للسياسيين ليس اكثر، فواعجبا، الا يمكنه ان ينقل الخبر الا عبر المحيطات من عواصم مثل واشنطن ولندن؟ لماذا يختار السيد النجيفي عواصم بعيدة لنقل الخبر لزملائه القاطنين بجواره في المنطقة الخضراء؟ الم يلتقيهم كل يوم؟ الم يخبرنا بحواراته معهم كل يوم على مائدة دسمة؟ فلماذا لم يسرهم بالخبر؟.
ان لشد ما يستغرب المرء من مثل هذه التصريحات المسكونة بالحنين الى الماضي والمملوءة بالمغالطات التي لها اول وليس لها آخر، وانني اذ اربا بنفسي عن الحديث بلغة التصريحات التي كنت اتصور بان السياسيين من امثاله قد تجاوزوها بعد ان تجاوز العراقيون ايام المحنة العصيبة التي مرت عليهم بسبب الارهاب التكفيري، الا ان توضيح بعض الحقائق يتطلب الحديث بذات اللغة، وللاسف الشديد، وعذرا للعراقيين اذا وجدوا في كلامي هذا ما يشبه لغة السيد النجيفي ونفسه الطائفي، ليس بارادتي ورغبتي وانما (مكره اخاك لا بطل) فتوضيح الحقيقة لا يتمكن منه المرء احيانا الا بنفس لغة صاحب الادعاء والتهمة:
يقول السيد النجيفي بان (السنة) في العراق يشعرون بانهم يعيشون في البلد كمواطنين من الدرجة الثانية، من دون ان يسوق دليلا على ذلك، واقول:
اولا: ومن فوضك الحديث باسم السنة؟ انهم كغيرهم من شرائح المجتمع العراقي طرائق قددا لا يمثلهم احد بعينه، فلماذا تصادر حقهم في التعبير عن شعورهم وآرائهم؟.
ثانيا: ان كلامك هذا مرفوض من السنة قبل غيرهم، والدليل على ذلك انهم هبوا بوجهك في المرة الاولى هبة رجل واحد منددين بتصريحاتك المشابهة التي ادليت بها في واشنطن، مستنكرين لغتك (الطائفية) بلا مجاملة، فلماذا تصر على مصادرة ارادتهم مرة اخرى وانت تعرف موقفهم مسبقا؟.
ثالثا: ان بيد (السنة) اليوم ثلث مؤسسات الدولة العراقية الجديدة، فماذا تريد اكثر من هذا؟ الا ان تكون تطمح في العودة بالعراق الى سابق عهده تحكمه الاقلية على حساب حقوق الاغلبية.
فاذا كان هذا ما رميت اليه من تصريحاتك، فهذا يعني انك ممن لا زلت لم تؤمن بالعملية السياسية ولم تعتقد بالديمقراطية وادواتها، وهذا امر خطير للغاية، فان يكون رئيس السلطة التشريعية لا يؤمن بالنظام الذي شرعنته مؤسسته التي يراسها، فعلى العراق السلام، وعلى طموحات العراقيين السلام.
كذلك، فان بيد السنة المحافظات (السنية) الثلاث بالاضافة الى مشاركتهم في سلطة محافظتين مختلطتين.
حتى الحكومة الاتحادية ليس لها اية سلطة في محافظاتهم، وكلنا يتذكر كيف ان تهديدا صدر عن شيخ من شيوخهم دفع بالسيد رئيس الوزراء الى ان يتراجع عن كل ما يتعلق بملف (النخيب) اتذكرون؟ فكيف تريدني ان اقتنع فاصدقك عندما تدعي بان (السنة) يشعرون بالتهميش او الغبن؟.
رابعا: انك تحديدا لا يحق لك ان تتحدث باللغة الطائفية، اولم تدعي بانك تنتمي الى قائمة او كتلة برلمانية (عراقية) اصيلة ليس للانتماء المذهبي او الاثني او الديني هوية او سلطة فيها؟ فلماذا تتحدث بنفس طائفي بغيض يرفضه الادنون قبل غيرهم؟.
خامسا: لقد حجزت مقعدك تحت قبة البرلمان باصوات الناخبين عند عتبة صندوق الاقتراع، فماذا يعني التشبث باللغة الطائفية وبهذه الطريقة السمجة؟.
سادسا: ربما يعترض البعض على هذا الكلام بالقول: صحيح ان السنة بيدهم ثلث مؤسسات الدولة، الا انه ليس بيدهم شئ من قوة السلطة؟ واجيب بالقول: ان هذا الاعتراض خطا جملة وتفصيلا، فان لهم كل السلطة في هذه المؤسسات، ومن الادلة على ذلك، ان نائب رئيس الجمهورية (السني) رفض التوقيع على عشرات التشريعات التي اصدرها مجلس النواب العراقي، ما ادى الى تعطيلها وعدم تمريرها كقوانين في الدولة العراقية؟ افلا يعني هذا ان له القدرة والقوة (الدستورية) و (القانونية) على تعطيل عمل السلطة التشريعية؟ كما ان عشرات قرارات الادانة الصادرة بحق المدانين، سواء من ازلام النظام البائد او من الارهابيين والقتلة، لم تنفذ لحد الان بسبب مواقف المسؤولين (السنة) فماذا يعني هذا؟ الا ان يكونوا يمتلكون قوة السلطة لتعطيل او تمرير القوانين؟.
فضلا عن ذلك، فكم من التشريعات عجز مجلس النواب عن اصدارها بسبب مواقف (سنية)؟.
وبصراحة اقول وللانصاف فان (السنة) اليوم يمتلكون من قوة السلطة اكثر بكثير مما كان بايديهم في عهد نظام الطاغية الذليل ( السني) صدام حسين، الذي تاجر باسمهم وبمذهبهم ليستاثر بالسلطة هو وعشيرته، بل قل هو وابناءه وعدد من اخوته الاشقياء غير الاشقاء بالاضافة الى عدد من ابناء عمومته الاشقياء هم الاخرون، اما الشارع السني فقد كان ضحية سياسات الطاغية الارعن، فكم من الزعماء (السنة) قتلهم النظام الشمولي البائد؟ وكم من علماء ومفكري وطاقات وكفاءات وخبرات (سنية) ابادهم النظام البوليسي؟ وهل كان بمقدور احدهم، السيد اسامة النجيفي مثلا، ان يتفوه بكلمة نقد او تعريض بالنظام البائد؟ الا ان يجد نفسه في عداد المذبوحين صبرا او المغيبين في مطامير السجون المظلمة والمعتقلات الموحشة، اليس كذلك ياسيادة رئيس مجلس النواب؟.
ان الدولة العراقية الجديدة قائمة على اساس التوافق السني الكردي الشيعي، في اطار ما يسمى بمنهج المحاصصة، بغض النظر عن صحته او خطئه، الا انه هو الواقع اليوم، فكيف يدعي البعض بان (السنة) موجودون في مؤسسات الدولة كديكور ليس اكثر؟ وكيف يبرر السيد النجيفي قوله بان (السنة) يشعرون بانهم يعيشون في بلدهم كمواطنين من الدرجة الثانية؟.
نعم، ان في العراق اليوم درجتان من المواطنين، ولكن هذا التقسيم ليس على اساس عرقي او مذهبي او ديني، ابدا، وانما على اساس من هو في السلطة ممن هو خارجها، بغض النظر عما اذا كان شيعيا ام سنيا، عربيا ام كرديا، فالذي في السلطة او مرتبط باحد الاحزاب او الكتل او الشخصيات الحاكمة يعد مواطنا من الدرجة الاولى، له كل الحقوق (الدستورية) وغير الدستورية، كما ان له كل الامتيازات، سواء كان سنيا ام شيعيا، عربيا ام كرديا، اما اذا لم يكن في السلطة، ولم تربطه بالاحزاب والكتل الحاكمة اية رابطة فهو مواطن من الدرجة الثانية، سواء اكان شيعيا ام سنيا، كرديا ام عربيا، وهذه هي اليوم مشكلة العراق، فالمواطن يشعر بالتمييز ليس بسبب المذهب او الاثنية وانما بسبب مدى قربه او بعده عن السلطة.
اخيرا، فانا اخشى ان تكون تصريحات السيد النجيفي تعبيرا عن اجندات خارجية تضمر شرا بالعراق، خاصة وانه قريب جدا من (الزعماء) في الممكلة العربية السعودية والاردن، وهما البلدان اللذان ما عمل احد من جيران العراق على تدميره وتدمير العملية السياسية برمتها كما عملا.
لقد استبشر العراقيون خيرا عندما بدا السيد النجيفي مؤخرا تحركا دبلوماسيا بين الفرقاء (المتنازعين) خاصة كتلتي دولة القانون والعراقية من جانب والاولى والكردستانية من جانب آخر، ثم جاءت تصريحاته الايجابية في العاصة طهران خلال زيارته الاخيرة الى الجارة الجمهورية الاسلامية في ايران، فكيف سيتمكن من التوفيق بين مشروعه (الاصلاحي) هذا وبين تصريحاته الطائفية النارية هذه؟ الا يجد السيد النجيفي اي تناقض بين المسارين؟.
ان من يفكر بان يلعب دور المصلح بين الفرقاء، عليه ان يثبت اولا انه ليس جزءا من المشكلة، لنتاكد من حسن نواياه ومن ثم نتاكد من امكانية النجاح في مساعيه هذه، اما ان يطلق مشروعا سياسيا للاصلاح تعقبه تصريحات طائفية بامتياز فان ذلك تناقض لا ينبغي لمثله ان يقع فيه.
ان على السياسيين العراقيين، خاصة رؤساء السلطات الثلاث او الاربع وزعماء الكتل السياسية، ان يكونوا على حذر عندما يدلون بتصريحاتهم للاعلام، واذا تكلم احد اعضاء كتلهم بمثل هذه اللغة فان من واجبهم ان يصححوا المسار ويبينوا الامور، لانتزاع فتائل الازمات، فمن الذي سيستوعب التشنجات اذا كان مصدرها من ينتظر منه العراقيون ان يلعب دور المصحح؟.

16 تشرين الاول 2011
Opinions