Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

نص كلمة الرئيس اوباما في الجمعية العامة للأمم المتحدة‏

25/09/2009

شبكة اخبار نركال/NNN/مقر الأمم المتحدة-نيويورك/
أسعدتم صباحا. السيد الرئيس، السيد الأمين العام، زملائي المندوبين، السيدات والسادة، إنه لشرف لي أن أخاطبكم لأول مرة بصفتي الرئيس الـ 44 للولايات المتحدة. (تصفيق). أتيت أمامكم متواضعا بالمسؤولية التي حملني إياها الشعب الأميركي مدركا للتحديات الجسيمة في لحظتنا هذه من التاريخ وعازما على العمل بشجاعة وجماعيا في سبيل العدالة والرخاء في بلدي وفي الخارج.
لم يمض عليّ في الحكم سوى تسعة أشهر – مع أنها تبدو أطول كثيرا في بعض الأيام.

إنني أدرك جيدا التوقعات المعلقة على رئاستى حول العالم. هذه التوقعات لا تتعلق بي وتخصني. والأصح، على ما أعتقد، هو أنها متأصلة في عدم الرضا عن وضع راهن سمح لنا بأن نحدد صفتنا باطراد تبعا لخلافاتنا، وسبقته مشاكلنا متجاوزة وتيرته. لكنها متجذرة أيضا في الأمل – الأمل في أن التغيير الفعلي ممكن، والأمل بأن تكون أميركا رائدة في إحداث هذا التغيير.
لقد توليت الحكم في وقت أصبح فيه الكثيرون في أرجاء العالم ينظرون إلى أميركا بتشكك وارتياب. وجزء من السبب في ذلك كان نتيجية لمفاهيم خاطئة ومعلومات مضللة عن بلدي. وكان جزء من ذلك نتيجة لمعارضة سياسات بعينها واعتقاد بأن أميركا انفردت بالعمل في قضايا هامة محددة ودون اعتبار لمصالح الآخرين. وأدى هذا إلى تغذية مشاعر العداء لأميركا التلقائية تقريبا، وهي التي كانت في أحيان كثيرة بمثابة ذريعة لعدم العمل الجماعي.

والآن، فإن مسؤوليتي، كمسؤوليتكم جميعا، هي العمل من أجل مصلحة دولتي وشعبي، ولن أعتذر أبدا عن دفاعي عن تلك المصالح. غير أنه يخالجني إيمان عميق بأن العام 2009 يشهد – أكثر من أي محطة في تاريخ الإنسانية – أن مصالح الدول والشعوب مشتركة. والمعتقدات الدينية التي نكنها في قلوبنا قادرة على تشكيل روابط جديدة بين الناس أو على شقهم وتباعدهم. والتكنولوجيا التي نسخرها يمكنها أن تنير السبيل إلى السلام، أو تنشر عليه الظلام إلى الأبد. والطاقة التي نستخدمها يمكن أن تديم كوكبنا أو تدمّره. وما يحدث لأمل طفل واحد – في أي مكان – يمكن أن يثري العالم أو يفقره.

نحن في هذه القاعة، أتينا من أمكنة عديدة، ولكننا نتشاطر مصيرا مشتركا. فلم نعد نتمتع بترف الانشغال بخلافاتنا على حساب العمل الذي يجب أن نؤديه معا. لقد حملتُ هذه الرسالة من لندن إلى أنقرة، ومن بورت أوف سبين إلى موسكو، ومن أكرا إلى القاهرة، وهي ما سأتحدث عنه اليوم – لأن الأوان قد آن للعالم كي ينطلق في اتجاه جديد. إذ علينا أن نتبنى عهدا جديدا من المشاركة القائمة على المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل، وينبغي لعملنا أن يبدأ الآن.

نحن نعلم أن المستقبل تشكله الأفعال لا مجرد الأقوال. فالخطب وحدها لن تحل مشاكلنا – الحل يلزمه العمل الدؤوب. أما أولئك الذين يتشككون في طبيعة وأهداف بلدي، فاطالبهم بأن ينظروا إلى التدابير الملموسة التي اتخذناها في تسعة أشهر فقط.

ففي أول يوم من حكمي منعت – دون استثناء أو التباس أو مماحكة– استخدام الولايات المتحدة الأميركية للتعذيب. (تصفيق). أمرتُ بإغلاق معتقل خليج غوانتنامو، وها نحن نعمل بجد في وضع إطار لمكافحة التطرف ضمن حكم القانون. وينبغي لكل بلد أن يعلم أن: أميركا ستلتزم بقيمها وسنقود بالقدوة والمثل.

لقد وضعنا هدفا واضحا ومركّزا وهو: العمل مع كل أعضاء هذه الهيئة لتعطيل وتفكيك وهزيمة القاعدة وحلفائها المتطرفين – الشبكة التي قتلت آلاف الأشخاص من أديان ودول عديدة وتآمرت لنسف هذا المبنى بالذات. وفي أفغانستان وباكستان نساعد، ومعنا كثير من الدول الممثلة هنا، حكومتي البلدين في تطوير قدرتهما على تولي الصدارة في هذا المجهود فيما تعملان على تقدم توفر الفرص والأمن لشعبيهما.

في العراق، نحن بصدد إنهاء الحرب بشكل مسؤول. فقد سحبنا الألوية القتالية الأميركية من المدن العراقية وحددنا آب/أغسطس القادم موعدا لسحب كل ألويتنا المقاتلة من الأراضي العراقية. وأوضحت أننا سنساعد العراقيين في نقل المسؤولية عن مصيرهم كاملة إليهم وأننا سنفي بالتزامنا بسحب كل القوات الأميركية بحلول نهاية العام 2011.

وقد وضعت أجندة شاملة تهدف إلى تحقيق عالم خال من الأسلحة النووية. وفي موسكو أعلنت الولايات المتحدة وروسيا أننا سنسعى في سبيل تحقيق تخفيض كبير في عدد الرؤوس (النووية) الاستراتيجية ووسائل إطلاقها. وفي مؤتمر نزع التسلح اتفقنا على خطة عمل للتفاوض على وقف إنتاج المواد الانشطارية للأسلحة النووية. وستكون وزيرة خارجيتي هذا الأسبوع أول ممثل أميركي رفيع المستوى في المؤتمر السنوي لأعضاء معاهدة المنع الشامل للتجارب النووية.

عيّنت، بمجرد أن توليت السلطة، مبعوثا خاصا لسلام الشرق الأوسط، وعملت الولايات المتحدة بجد في سبيل حل الدولتين – إسرائيل وفلسطين – يستتب فيهما السلام والأمن وتُحترم حقوق الإسرائيليين والفلسطينيين على السواء.

وللتصدي لتغير المناخ استثمرنا 80 بليون دولار في الطاقة النظيفة. وزدنا زيادة كبيرة كفاءة معاييرنا للوقود. وقدمنا حوافز جديدة للاقتصاد في الاستهلاك وبدأنا شراكة عبر الأميركتين وانتقلنا من دور المتفرج إلى دور رائد في مفاوضات المناخ الدولية.

وللتغلب على أزمة اقتصادية تمس كل ركن من أركان العالم، عملنا مع مجموعة الدول العشرين على صياغة رد دولي منسق من حوافز منشطة تبلغ قيمتها 20 تريليون دولار لإعادة الاقتصاد العالمي من حافة الهوة ووضعه على مساره الصحيح. وحشدنا الموارد التي ساعدت في الحيلولة دون توسع انتشار الأزمة إلى البلدان النامية. وتضافرنا مع الآخرين من أجل إطلاق مبادرة عالمية للأمن الغذائي بكلفة 20 بليون دولار من شأنها مد يد العون لأولئك الذين تمس إليها حاجتهم وتساعدهم في بناء إمكانياتهم الخاصة.

وعدنا إلى مشاركة الأمم المتحدة أيضا. دفعنا كل ما علينا من مستحقات. وانضممنا إلى مجلس حقوق الإنسان. (تصفيق). وقّعنا اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقات. وتبنينا كليا أهداف التنمية الألفية. ونعالج أولوياتنا هنا في هذه المؤسسة – مثال ذلك اجتماع مجلس الأمن الذي سأترأسه غدا حول عدم الانتشار النووي ونزع التسلح والقضايا التي أعالجها هنا اليوم.

هذا ما عملناه بالفعل. لكن هذا مجرد بداية. وصادف بعض ما عملناه نجاحا وتقدما. ومهد بعضه الأساس للتقدم في المستقبل. ولا يخطئن أحد في أن: هذا لا يمكن أن يكون مجرد جهد أميركي فقط. فأولئك الذين يؤنبون أميركا لانفرادها وحدها بالعمل في العالم لا يستطيعون الآن الوقوف جانبا والانتحاء في انتظار أن تحل أميركا مشاكل العالم وحدها. فقد سعينا – قولا وفعلا – من أجل عهد جديد من التعاطي مع العالم. والآن آن الأوان لنا جميعا كي نشارك بنصيبنا من واجب الرد العالمي على التحديات العالمية.

وإذا كنا صادقين مع أنفسنا، علينا أن نقر بأننا مقصرون تجاه مسؤوليتنا. تصوروا الطريق الذي سنكون عليه لو أننا فشلنا في التصدي للوضع الراهن وهو: المتطرفون يبثون الإرهاب في جيوب العالم، الصراعات الطويلة المستمرة في طحنها، حرب الإبادة، الاضطهاد الجماعي، مزيد من الدول المسلحة نوويا، ذوبان الأغطية الجليدية والشعوب المبتلاة بالخراب، والفقر المزمن والأمراض الوبائية. أنا لا أقول هذا كي أبث الخوف والرهبة بل لأعرض حقيقة وهي: أن جسامة التحديات التي نواجهها لم تقابل بعد بمقياس عملنا.

لقد قامت هذه المنظمة وتأسست على الإيمان بأن دول العالم قادرة معا على حل مشاكلها. قال فرانكلين روزفلت الذي مات قبل أن يرى تصوره لهذه المؤسسة وقد أصبح حقيقة – وأنا أنقل عنه قوله: "إن بناء سلام العالم لا يمكن أن يكون من صنع رجل واحد أو حزب واحد أو دولة واحدة... لا يمكن أن يكون سلام دول كبيرة – أو دول صغيرة. بل يجب أن يكون سلاما قائما على جهد تعاوني من العالم كله."

جهد تعاوني من العالم كله. هذه الكلمات يرن صداها اليوم أصدق مما كان لا من حيث السلام وحسب بل ومن حيث الصحة والرخاء اللذان نشترك فيهما. ثم نحن نعلم أن هذه الهيئة مؤلفة من دول ذات سيادة. ومما يؤسف له، ولكنه ليس مفاجئا، أن هذه المؤسسة كثيرا ما كانت منتدى لبذر بذور الخلاف بدلا من إيجاد الأساس المشترك، وسبيلا إلى الممارسة السياسية واستغلال الشكاوى بدلا من حل المشاكل. وبعد كل هذا فمن السهل الصعود إلى هذه المنصة وتوجيه أصابع الاتهام – توجيه أصابع الاتهام وتحريك الانقسامات. فما أسهل توجيه اللوم للآخرين على مشاكلنا وتحرير أنفسنا من مسؤولية خياراتنا وأفعالنا. أي شخص قادر على هذا. لكن المسؤولية والقيادة في القرن الحادي والعشرين تتطلب أكثر من ذلك.

لم تعد القوة في عهد نشترك فيه في مصير واحد لعبة غالب ومغلوب. فلا تستطيع دولة ما ولا ينبغي لها أن تحاول السيطرة على دولة أخرى. وما من نظام عالمي يرفع دولة ما أو جماعة ما فوق الآخرين وينجح. وما من ميزان للقوى بين الدول قادر على البقاء. والانقسام بين دول الجنوب والشمال لا معنى له في عالم متصل، ولا للانحيازات المتأصلة في انقسامات الحرب الباردة التي طواها الزمن.

لقد آن الأوان لإدراك أن العادات القديمة والمقولات العتيقة لم تعد ذات صلة بالتحديات التي تواجه شعوبنا. فهي تقود الدول إلى التصرف بعكس الأهداف ذاتها التي تدعي أنها تسعى في سبيلها – وإلى التصويت في هذه الهيئة في كثير من الأحيان ضد مصالح شعوبها بالذات. فهي تبني جدرانا بيننا وبين المستقبل الذي تسعى من أجله شعوبنا، وقد آن الأوان لهدم هذه الجدران. وينبغي علينا أن نعمل معا في بناء ائتلافات تسد الفجوات وتجسرها – ائتلافات من مختلف الأديان والعقائد، من الشمال والجنوب والشرق والغرب والأسود والأبيض والحنطي.

إن الخيار خيارنا. ويمكن أن يذكرنا الناس من بعدنا أننا جيل اختار جرّ مجادلات القرن العشرين إلى القرن الحادي والعشرين، وتوانى عن الخيارات الصعبة، ورفض التطلع إلى الأمام، وفشل في مواكبة المسيرة لأننا شكّلنا ذاتنا وفق ما عارضنا بدلا مما أيّدنا. أو يمكن أن نكون جيلا يختار أن يرى بر الشاطئ من وراء المياه المضطربة أمامه، والذي يتحد في خدمة المصالح المشتركة للجنس البشري، ويُكسب معنى ومغزى للوعد المتجسد في اسم هذه المؤسسة: الأمم المتحدة.

ذاك هو المستقبل الذي تريده أميركا – مستقبل من السلام والرخاء، لا نبلغه إلا إذا اعترفنا بأن لكل الدول حقوقا، لكن للدول كلها مسؤولية أيضا. تلك هي المقايضة التي تحقق النجاح. وتلك هي التي يجب أن تكون المبدأ الذي يسترشد به التعاون الدولي.

واليوم، اسمحوا لي أن أطرح أربع ركائز أعتقد أنها أساسية بالنسبة للمستقبل الذي نريده لأبنائنا وهي: منع الانتشار النووي ونزع السلاح؛ الدعوة إلى السلام والأمن؛ والمحافظة على كوكبنا؛ والاقتصاد العالمي الذي يدفع بالفرص المتاحة لجميع الشعوب.

أولا، ينبغي أن نوقف نشر الأسلحة النووية، ونسعى من أجل أن نجعل العالم خاليا منها.

إن هذه المؤسسة أنشئت مع بزوغ فجر العصر النووي، وكان السبب في ذلك جزئيا هو ضرورة احتواء قدرة الإنسان على القتل. ولعقود طويلة، تفادينا حدوث كارثة، حتى في ظل وجود مواجهة بين قوتين عظميين. لكن حاليا فإن خطر الانتشار النووي يتفاقم من حيث المدى ودرجة التعقيد. وإذا أخفقنا في اتخاذ إجراء، فإننا بذلك نكون قد سمحنا بوجود سباق على الأسلحة النووية في كل منطقة من مناطق العالم، واحتمالات الحروب وأعمال الإرهاب على نطاق يفوق قدرتنا على التخيل.

هنالك إجماع هش يقف في طريق تلك النتيجة المرعبة، وهو ما يشكل أساس الاتفاق الذي قامت عليه معاهدة منع الانتشار النووي. وتنص المعاهدة على أن من حق جميع الدول أن تكون لديها طاقة نووية سلمية؛ وأن الدول التي لديها أسلحة نووية تقع على عاتقها مسؤولية الاتجاه نحو نزع تلك الأسلحة؛ وأن الدول التي ليست لديها أسلحة نووية تقع على عاتقها مسؤولية الإقلاع عن امتلاكها، والأشهر الـ12 القادمة يمكن أن تكون حاسمة في تحديد إن كانت تلك المعاهدة ستتعزز أم أنها سوف تتلاشى ببطء.

وأميركا تعتزم الالتزام بكلمتها بخصوص ذلك الاتفاق. فنحن سنسعى إلى إبرام اتفاق جديد مع روسيا حول إجراء تخفيض كبير لما لدينا من رؤوس حربية استراتيجية ومنصات إطلاق. وسوف نتحرك قدما نحو التصديق على معاهدة حظر التجارب النووية، ونعمل مع الأطراف الأخرى من أجل أن تصبح المعاهدة سارية المفعول بحيث تصبح التجارب النووية محظورة تماما ودائما. وسوف نستكمل مراجعتنا للوضع النووي بما يتيح المجال لإجراء تخفيضات أعمق وتضاؤل دور الأسلحة النووية. وسوف نهيب بكل الدول أن تبدأ المفاوضات في شهر كانون الثاني/يناير حول معاهدة تُنهي إنتاج المواد الإنشطارية المستخدمة في تصنيع الأسلحة.

كما أنني سأستضيف قمة خلال شهر نيسان/إبريل القادم تكرر التأكيد على مسؤولية كل دولة عن تأمين المواد النووية على أراضيها، ومساعدة من لا يستطيعون ذلك – لأننا ينبغي ألا نسمح إطلاقا بأن يقع جهاز نووي واحد في يديّ متطرف عنيف. وسوف نعمل من أجل تعزيز المؤسسات والمبادرات التي تكافح تهريب المواد النووية وسرقتها.

كل ذلك يجب أن يدعم جهود تعزيز معاهدة منع الانتشار النووي. والدول التي ترفض الوفاء بالتزاماتها يجب أن تتحمل العواقب. واسمحوا لي بأن أكون واضحا، إن هذا لا يتعلق بدولة واحدة بعينها – وإنما هو يتعلق بمناصرة حقوق كل الدول التي تفي بمسؤولياتها. لأن العالم الذي يمكن فيه تجنب تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتجاهل مطالب الأمم المتحدة هو عالم ستكون فيه كل الشعوب أقل سلامة، وكل الدول أقل أمنا.

وفي كل أفعالهما حتى اليوم، هددت حكومتا كل من كوريا الشمالية وإيران بأن تجرفنا جميعا نحو هذا المنزلق الخطير. إننا نحترم حقهما كأعضاء في مجتمع الأمم. وكما قلت في السابق، وسوف أكرر، فإنني ملتزم بالدبلوماسية التي تفتح الطريق إلى مزيد من الازدهار، وضمان السلام بدرجة أكبر لكلتا الدولتين إن هما احترمتا تعهداتهما.

لكن إن اختارت حكومتا كوريا الشمالية وإيران تجاهل المعايير الدولية؛ وإن وضعتا السعي نحو الحصول على السلاح النووي مقدّما على الاستقرار الإقليمي وعلى الأمن والفرص المتاحة أمام شعبيهما، وإن كانتا غافلتيْن عن أخطار وجود سباق على الأسلحة النووية في كل من شرق آسيا والشرق الأوسط – فإنه ينبغي محاسبتهما. وينبغي أن يقف العالم متحدا ليبيّن أن القانون الدولي ليس وعدا فارغا، وأن تلك المعاهدات يجب أن تُطبق. يجب علينا أن نصمم على أن المستقبل لن يتملكه الخوف.

وهذا ينقلني إلى الركيزة الثانية لمستقبلنا وهي: السعي من أجل السلام.
إن الأمم المتحدة قامت على أساس الاعتقاد في أن شعوب العالم تستطيع أن تعيش حياتها وتربية أبنائها وحل خلافاتها سلميا. ومع ذلك فإننا نعلم أنه في مناطق عديدة من العالم، ما زال هذا المبدأ فكرة مجردة – وحلما بعيد المنال. وبإمكاننا إما أن نقبل بهذه النتيجة كنتيجة حتمية لا يمكن تجنبها، وبالتالي نتحمل الصراعات الدائمة المعوّقة، أو أن نعترف بأن التوق إلى الحرية شعور يتصف بالعالمية، ونكرر تصميمنا على إنهاء الصراعات في جميع أرجاء العالم.

وهذا الجهد يبدأ بتصميم لا يتزعزع بأن قتل الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال لا يمكن قبوله على الإطلاق. وبشأن هذه النقطة، لا يستطيع أحد أن يكون – لا مراء فيها على الإطلاق. إن المتطرفين الذين يمارسون العنف ويشجعون النزاع بتشويه العقيدة قد عزلوا أنفسهم ونزعوا عن أنفسهم أي مصداقية. إنهم لا يقدمون أي شيء سوى الكراهية والدمار. وفي مواجهتها لهم، فإن أميركا ستصوغ علاقات شراكة دائمة لاستهداف الإرهابيين، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتنسيق تطبيق القانون، وحماية شعبنا. وإننا لن نسمح بوجود أي ملاذ آمن للقاعدة لشن هجمات من أفغانستان أو أي دولة أخرى. وسنقف مع أصدقائنا على الخطوط الأمامية، مثلما سنفعل نحن ودول عديدة أخرى بالتعهد غدا بتقديم الدعم للشعب الباكستاني. وسوف نسعى للتواصل الإيجابي الذي يبني الجسور بين العقائد، وإقامة علاقات شراكة جديدة من أجل إتاحة الفرص.

ومع ذلك فإن جهودنا في الدعوة إلى السلام، لا يمكن أن تكون قاصرة على مجرد دحر المتطرفين الذين يمارسون العنف. لأن أقوى سلاح في ترسانتنا هو الأمل لدى بني البشر – والإيمان بأن المستقبل يملكه من يبنون وليس من يدمرون؛ والثقة في أن الصراعات يمكن أن تنتهي وأنه من الممكن أن يبدأ يوم جديد.

وهذا هو السبب في أننا سندعم – في أننا سنعزز دعمنا لعمليات حفظ السلام الفعالة، وفي الوقت نفسه ننعش جهودنا لمنع النزاعات قبل أن تترسخ. إننا سنسعى لتحقيق سلام دائم في السودان من خلال دعم شعب دارفور وتطبيق معاهدة السلام الشامل، وبذلك نضمن السلام الذي يستحقه الشعب السوداني. (تصفيق.) وفي الدول التي يتأجج فيها العنف – من هاييتي إلى الكونغو إلى تيمور الشرقية – سنعمل مع الأمم المتحدة وشركاء آخرين لدعم السلام الدائم.

وإنني سأواصل السعي أيضا للتوصل إلى سلام عادل ودائم بين إسرائيل والفلسطينيين والعالم العربي. (تصفيق.) وسوف نواصل العمل بشأن هذا الموضوع. لقد عقدت بالأمس اجتماعا بناء مع كل من رئيس الوزراء نتنياهو والرئيس عباس. وحققنا بعض التقدم. لقد عزز الفلسطينيون جهودهم في مجال الأمن. والإسرائيليون سهلوا مزيدا من حرية الحركة للفلسطينيين. ونتيجة لتلك الجهود من الجانبين، فإن الاقتصاد في الضفة الغربية بدأ في النمو. لكن هناك حاجة لمزيد من التقدم. وإننا نواصل دعوة الفلسطينيين إلى إنهاء التحريض ضد إسرائيل، كما نواصل التأكيد على أن أميركا لا تقبل مشروعية استمرار الاستيطان الإسرائيلي. (تصفيق.)

لقد آن الأوان – لقد آن الأوان لإعادة انطلاق المفاوضات دون أي شروط مسبقة تتعلق بقضايا الوضع الدائم: الأمن للإسرائيليين والفلسطينيين، والحدود، واللاجئون، والقدس. والهدف واضح: دولتان تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن – دولة يهودية لإسرائيل، مع توفر الأمن الحقيقي للإسرائيليين؛ ودولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة ذات حدود متماسة تُنهي الاحتلال الذي بدأ في العام 1967، وتحقق القدرات الكامنة لدى الشعب الفلسطيني. (تصفيق.)

وفي سعينا لتحقيق هذا الهدف، سنسعى أيضا لتحقيق السلام بين إسرائيل ولبنان، وبين إسرائيل وسوريا، وتحقيق السلام على نطاق أوسع بين إسرائيل وجاراتها العديدة. وفي السعي لتحقيق هذا الهدف، سنضع مبادرات إقليمية تشارك فيها أطراف عديدة، إلى جانب المفاوضات الثنائية.
مع كل ذلك، فإنني لست ساذجا. فإنني أعلم أن ذلك سيكون صعبا. ولكننا جميعا – وليس الإسرائيليون والفلسطينيون فحسب، ولكننا جميعا – يجب أن نقرر إن كنا جادين بشأن السلام، أم أننا سنكتفي بالتشدق به. ولكي نتخلى عن الأنماط القديمة، ولكي نكسر حلقة انعدام الأمن واليأس، ينبغي علينا جميعا أن نقول في العلن ما يمكن أن نعترف به في الجلسات الخاصة. إن الولايات المتحدة لا تقدم لإسرائيل أي جميل حينما نرفض المزاوجة بين التزامنا الذي لا يتزعزع بأمنها وإصرارنا على أن تحترم إسرائيل المطالب والحقوق المشروعة للفلسطينيين. (تصفيق.) وهناك دول أعضاء في هذه المنظمة لا تقدم أي جميل للشعب الفلسطيني حينما تفضل شن هجمات من النقد اللاذع ضد إسرائيل على الرغبة البناءة في الاعتراف بشرعية إسرائيل وحقها في العيش في سلام وأمن. (تصفيق.)

وينبغي أن نتذكر أن أفدح ثمن لهذا الصراع لم نتكبده نحن. لم يتكبده السياسيون. إنما تتكبدته فتاة إسرائيلية من سيدروت تغلق عينيها خوفا من أن يقضي على حياتها صاروخ في قلب الليل. ويتكبده صبي فلسطيني في غزة ليس لديه مياه نظيفة نقية، ولا بلد يستطيع أن يصفه بأنه وطنه. هؤلاء جميعا هم أبناء الله. وبعد كل الأمور السياسية وكل تلك المواقف، فإن ذلك يتعلق بحق كل مخلوق من بني البشر في أن يعيش بكرامة وأمن. هذا درس موجود في كل الديانات الثلاث الكبرى التي تصف شريحة صغيرة من الأرض بأنها الأرض المقدسة. وهذا هو السبب في أنني حتى مع كل ما سيحدث من نكسات، وبدايات زائفة، وأيام عصيبة، فإنني لن أتردد أبدا في السعي من أجل السلام. (تصفيق.)

ثالثا، يجب أن نعترف بأنه لن يكون هناك سلام، في القرن الحادي والعشرين، ما لم نتحمل مسؤولية الحفاظ على كوكبنا. وأنا أشكر الأمين العام على استضافته أمس موضوع تغير المناخ.

إن الخطر الذي يشكله تغير المناخ لا يمكن إنكاره. يتحتم علينا ألا نرجئ مسؤوليتنا تجاه مواجهة ذلك. إننا إذا ما واصلنا السير في المسار الذي نسلكه حاليا، فسوف يرى كل عضو من أعضاء هذه الجمعية، تغيرات لا رجعة فيها داخل حدودهم. وستضيع جهودنا الرامية إلى إنهاء النزاعات بفعل الحروب على اللاجئين وعلى الموارد. وسوف تدمر التنمية بسبب الجفاف والمجاعة. وسوف تختفي الأرض التي عاش عليها البشر منذ آلاف السنين. وستنظر الأجيال المقبلة إلى الوراء وتتساءل لماذا رفضنا أن نتصرف؛ ولماذا أخفقنا في نقل -- لماذا أخفقنا في نقل البيئة التي كانت قمينة بأن نورثها لهم.

وهذا هو السبب في أن الأيام التي كانت أميركا تتقاعس فيها تجاه هذه القضية قد ولّت. إننا سوف نمضي قدما في الاستثمارات في تحويل اقتصاد الطاقة لدينا، مع توفير الحوافز اللازمة لجعل الطاقة النظيفة نوعا من الطاقة المربحة. وسنمضي قدما في إجراء تخفيضات كبيرة في الانبعاثات من أجل بلوغ الأهداف التي حددناها للعام 2020، وأخيرا للعام 2050. وسنستمر في تشجيع الطاقة المتجددة وكفاءتها، وتبادل التكنولوجيات الجديدة مع البلدان في جميع أنحاء العالم. وسوف نغتنم كل فرصة سانحة لتحقيق تقدم لمواجهة هذا التهديد وذلك من خلال بذل مجهودات تعاونية مع العالم بأسره.

وعلى تلك الدول الغنية التي تسببت في الكثير من الضرر الذي لحق بالبيئة في القرن العشرين أن تقبل بواجبنا نحو القيادة. ولكن المسؤولية لا تتوقف عند هذا الحد. إذ إنه في حين أننا يجب أن نعترف بالحاجة إلى استجابات مختلفة، فإن أي جهد للحد من انبعاثات الكربون يجب أن يشمل المسؤولين عن انبعاثات الكربون السريعة النمو الذين يمكنهم أن يفعلوا المزيد للحد من تلوث الهواء من دون عرقلة النمو. وإن أي جهد يفشل في مساعدة الدول الفقيرة على التكيف مع المشاكل التي قد حدثت بالفعل بسبب تغير المناخ ومساعدتها في نفس الوقت على السير على درب التنمية النظيفة فإنه ببساطة لن ينجح.

إن من الصعب تغيير أمر أساسي مثل الكيفية التي نستخدم بها الطاقة. وأنا أعلم ذلك. والأصعب من ذلك أيضا أن تفعل ذلك في خضم ركود عالمي. وبالتأكيد، سيكون من المغري أن نتقاعس وننتظر من الاخرين أن يتخذوا الخطوة الاولى. ولكننا لا نستطيع القيام بهذه الرحلة إلا إذا تحركنا جميعا الى الامام سوية. وفي الوقت الذي نتجه فيه صوب كوبنهاغن، دعونا نعقد العزم على التركيز على ما يمكن لكل منا أن يفعل من أجل مستقبلنا المشترك.

وهذا يقودني إلى الركيزة النهائية التي يجب أن تحصن مستقبلنا: وهي وجود اقتصاد عالمي يقدم الفرص لجميع الناس.

إن العالم لا يزال يتعافى من أسوأ أزمة اقتصادية يشهدها منذ الكساد الكبير. ونحن في أميركا نرى أن محرك النمو قد بدأ يعمل، ومع ذلك لا يزال الكثير من الناس يكافحون من أجل العثور على وظيفة أو من أجل دفع الفواتير المستحقة عليهم. إننا نشهد علامات واعدة في جميع أنحاء العالم، ولكن هناك نوعا من عدم اليقين حول ما ينتظرنا في المستقبل. وهناك عدد كبير جدا من الناس في الكثير من الأماكن يعيشون في أزمات يومية تتحدانا في إنسانيتنا – مثل اليأس الذي تجلبه المعدة الخاوية؛ والعطش الناجم عن تناقص إمدادات المياه؛ والظلم الذي يلحق بطفل يحتضر بسبب مرض قابل للعلاج؛ أو الأم التي تفارق الحياة وهي تضع حملها.

سوف نعمل، في بتسبرغ، مع أكبر اقتصاديات العالم لرسم مسار لتحقيق نمو متوازن ومستدام. وهذا يعني اليقظة لضمان أننا لن نتهاون أو نتوانى حتى يعود أبناء شعوبنا إلى أعمالهم. وهذا يعني اتخاذ خطوات لتحفيز الطلب حتى يمكن للانتعاش الاقتصادي العالمي أن يستمر. وهذا يعني وضع قواعد سير جديدة وتعزيز اللوائح التنظيمية لجميع المراكز المالية، حتى يتسنى لنا وضع حد للجشع والتجاوزات والانتهاكات الي أوصلتنا الى هذه الكارثة، ومنع حدوث أزمة مثل هذه مرة أخرى.

وفي هذا الزمن المتسم بالتكافل والترابط، لدينا مصلحة معنوية وعملية، في المسائل التنموية الأوسع نطاقا - المسائل التنموية التي كانت موجودة حتى قبل أن تحدث هذه الأزمة. و لذا فإن أميركا سوف تواصل جهودها التاريخية الرامية إلى مساعدة الناس على الحصول على لقمة العيش.

لقد خصصنا مبلغا قيمته 63 بليون دولار من أجل المضي قدما في مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب المسبب للإيدز، وللحد من الوفيات الناجمة عن الإصابة بأمراض السل والملاريا، وللقضاء على شلل الأطفال، وتعزيز نظم الصحة العامة. وسوف ننضم إلى الدول الأخرى في المساهمة بلقاحات مضادة لفيروس H1N1 لمنظمة الصحة العالمية. وسوف ندمج مزيدا من الاقتصاديات في نظام التجارة العالمية. وسندعم الأهداف الإنمائية للألفية، وندخل قمة العام المقبل بخطة عالمية لجعل ذلك أمرا واقعا. وسوف نركز أنظارنا على القضاء على الفقر المدقع في عصرنا الراهن.
والوقت الحالي هو وقت العمل كي نقوم جميعا بأدوارنا. والنمو لن يكون مستداما او متقاسما ما لم تضطلع جميع الدول بمسؤولياتها. وسينطوي على ذلك وجوب أن تفتح البلدان الثرية أسواقها أمام مزيد من البضائع ومد يدها إلى الدول الأقل ثراء، وفي الوقت نفسه إصلاح مؤسسات دولية لغرض إعطاء مزيد من الدول صوتا أهم. كما يجب على الدول النامية أن تجتث الفساد الذي يمثل عقبة في وجه التقدم – ذلك لأنه يتعذر ترويج الفرص حيث يجري قمع الأفراد وتضطر الشركات ومؤسسات الأعمال الأخرى إلى اللجوء للرشوة. ولهذا السبب إننا ندعم شرطة نزيهة وقضاة مستقلين ومجتمعا مدنيا وقطاعا خاصا نابضا بالحياة. وهدفنا جلي: اقتصاد عالمي حيث يكون النمو فيه مستداما والفرص متوفرة للجميع.

إن التغييرات التي تحدثت عنها هذا اليوم فلن تكون سهلة التحقيق. ولن تتحقق بمجرد ان يلتقي زعماء من أمثالنا في منتديات من هذا القبيل، بالرغم مما قد تكون منفعتها. لأنه وشأن أية تجمع لأعضاء فإن التغيير الحقيقي يمكن أن يتأتّى فقط من خلال الناس الذين نمثلهم. ولهذا السبب علينا القيام بجهد جهيد لإرساء الارضية لإحراز تقدم في عواصمنا بالذات. فهناك سنحشد الإجماع لإنهاء الحروب واستغلال التكنولوجيات لأغراض سلمية، ولتبديل الاسلوب الذي نستخدم به الطاقة، وللترويج لنمو يكون مستداما ومتشاطرا.

وأعتقد أن الناس في العالم يريدون ذلك المستقبل لابنائهم. ولهذا السبب علينا أن ننتصر لتلك المبادئ التي تكفل بأن الحكومات ستكون مرآة لإرادة الشعوب. وهذه المبادئ لا يمكن ان تكون أفكارا تخطر في بالنا مستقبلا لأن الديمقراطية وحقوق الإنسان ضرورية لتحقيق كل من الأهداف التي تطرقت إليها هذا اليوم ولأن الحكومات المنبثقة عن إرادة الشعوب هي أكثر احتمالا بأن تتصرف وفقا للمصالح الأرحب لشعوبها بالذات لا بحسب المصالح الضيقة لمن هم في السلطة.
والاختبار الحقيقي لقيادتنا لن يتمثل في الدرجة التي نؤجج عندها المخاوف ونذكي الأحقاد القديمة لشعوبنا. والزعامة الحقيقية تقاس ليس بالقدرة على طمس أفكار المنشقين المناهضة، أو بترهيب ومضايقة المعارضين السياسيين في الوطن. إن شعوب العالم تصبو للتغيير. وهي لن تتساهل طويلا حيال أولئك ممن هم في الجانب الباطل من التاريخ.

وميثاق الجمعية العامة هذه يلزم كلا منا – وأنا أقتبس هنا – "بأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية." ومن بين هذه الحقوق حرية التعبير عما يدور في خلدك والعبادة كما ترغب؛ ووعد المساواة بين الأعراق والفرص امام النساء والفتيات بتحقيق إمكاناتهن؛ وقدرة المواطنين على أن يكون لهم رأي في كيفية حكمهم، وأن تتوفر لديهم الثقة بتطبيق القضاء. وكما أنه يتعين عدم إرغام أية أمة على القبول بطغيان أمة أخرى فلا يتعين أيضا إرغام أي شخص على القبول باستبداد شعبه بالذات.

وكأميركي من أصل أفريقي، لن أنسى أبدا أنني ما تمكنت أن أكون هنا لولا السعي الحثيث لإتحاد أكثر كمالا في بلادي. وهو ما يقودني للإعتقاد بأنه مهما بدا اليوم مظلما فالتغيير التحولي يمكن أن يرسمه أولئك الذين يختارون جانب العدالة. وأنا أتعهد لكم بأن أميركا ستقف على الدوام إلى جانب اولئك ممن يطالبون بكرامتهم وحقوقهم—للطالب الذي يسعى لأن يتعلم والناخب الذي يطلب أن يسمع صوته والبريء الذي يصبو لأن يكون حرا والمضطهد الذي ينشد المساواة.

لا يمكن أن تفرض الديمقراطية على أية دولة من الخارج. وعلى كل مجتمع أن يبحث عن مساره الخاص ولا يمكن لأي مسار أن يكون خاليا من أية عيوب. وستسعى كل دولة لمسار مغروس في ثقافة شعبها وتقاليدها السابقة. وأنا أسلم بحقيقة أن أميركا غالبا ما كانت انتقائية في ترويجها للديمقراطية. إلا أن هذا لا ينال من التزامنا بل يعززه. وهناك مبادئ أساسية عالمية في طبيعتها وهناك حقائق معينة هي بديهية. والولايات المتحدة الأميركية لن تتوانى في جهودنا لمؤازرة حقوق الناس في كل مكان بتقرير مصيرها الخاص.

قبل 65 عاما تحدث الرئيس فرانكلين روزفلت، الذي كان منهكا آنذاك، إلى الشعب الأميركي في رابع وآخر خطاب تنصيبه رئيسا. وبعد سنوات من الحرب سعى لتلخيص العبر المستقاة من المعاناة الرهيبة والتضحيات الهائلة التي جرت. فقال: "لقد تعلمنا أن نكون مواطني العالم وأعضاء في المجتمع البشري."

لقد أسس الأمم المتحدة رجال ونساء من أمثال روزفلت جاءوا من كل حدب وصوب من أنحاء العالم – من أفريقيا وآسيا وأوروبا والأميركيتين. ومهندسو التعاون الدولي هذا كانوا يتحلون بمثل عليا لم تكن ساذجة على الإطلاق، بل كانت نابعة من الدروس العسيرة للحرب ومن الحكمة القائلة إن الأمم يمكن أن تروج مصالحها من خلال العمل سوية بدلا من التفرق.

والآن تقع على عاتقنا هذه المهمة—لأن هذه المؤسسة ستكون تبعا لما نجعل منها. والأمم المتحدة تقوم بأعمال طيبة بصورة استثنائية حول العالم من إطعام الجوعى إلى رعاية المرضى وإصلاح الأماكن المتضررة. لكنها تناضل كذلك لتطبيق إرادتها وتحقيق المثل العليا لتأسيسها.

أعتقد أن هذه العيوب لا تشكل سببا للتخلي عن هذه المؤسسة بل هي نداء لمضاعفة جهودنا. إن الأمم المتحدة يمكن أن تكون إما مكانا نتشاجر فيه حول تظلمات عفى عليها الزمن او نصوغ أرضية مشتركة، مكانا إما نركز فيه على ما يفرق بيننا او ما يجمعنا معا، مكانا إما نطلق العنان فيه للطغيان او يكون مصدرا للسلطة الأخلاقية. وخلاصة القول أن الأمم المتحدة يمكن أن تكون مؤسسة غير مكترثة بما يهم حياة مواطنينا او يمكن أن تكون عاملا لا غنى عنه في الترويج لمصالح الشعوب التي نخدمها.

لقد بلغنا لحظة حاسمة. والولايات المتحدة تقف جاهزة لبدء فصل جديد من التعاون الدولي—تعاون يسلم بحقوق ومسوؤليات جميع الأمم. وهكذا، وبثقة في قضيتنا وبالتزام بقيمنا، فإننا ندعو جميع الأمم إلى الانضمام إلينا في بناء الغد الذي يستحقه شعبنا بكل جدارة.
وشكرا جزيلا لكم جميعا.

23 أيلول/سبتمبر 2009 / الساعة العاشرة وعشر دقائق صباحا
Opinions

الأرشيف اقرأ المزيد
بيان صادر عن مجلس الأقليات العراقية حول تقليص عدد مقاعد الكوتا للاقليات في انتخابات مجالس المحافظات شبكة اخبار نركال/NNN/ اصدر مجلس الاقليات العراقية بيانا حول تقليص مقاعد الكوتا للاقليات في انتخابات مجالس المحافظات وفيما يلي نص البيان: وكالة التحقيقات والمعلومات الوطنية تفتتح مقرات قيادة جديدة في بغداد شبكة اخبار نركال/NNN/ بغداد /افادت القوات المتعددة الجنسيات بأن وكالة التحقيقات والمعلومات الوطنية في وزارة الداخلية العراقية إحتفلت دروس من الميلاد ** شك أن ميلاد السيد المسيح كان مناسبة فرح، فقد فرح الملائكة وأنشدوا نشيدهم الخالد: "المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام والرجاء الصالح لبني البشر". بغداديات -البستان _1 ( بغداديات ) ( البستان _ الحلقة الاولى ) بادئ ذي بدئ لا اريد أن اسمعكم اسطوانة لاغنية او انشودة البستان للمنولوجست المرحوم عزيز علي التي يقول في لازمة مطلعها : يا جماعة و النبي هذي والله بستان ..... ما ملكهه انسان طامعين الناس بيهه ........
Side Adv2 Side Adv1