نص كلمة رئيس الجمهورية في الحفل التـابيني بذكرى استشهاد آية الله العظمى محمد محمد صادق الصدر
01/10/2011شبكة أخبار نركال/NNN/
وجّه رئيس الجمهورية جلال طالباني كلمة في الحفل التأبيني الذي أقيم اليوم السبت 1-10-2011 ببغداد في ذكرى استشهاد آية الله العظمى السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس).
والقى الكلمة في الحفل نيابة عن رئيس الجمهورية مستشاره الدكتور محمد رضا، وفيما يأتي نص الكلمة:
"بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوات والأخوة الحضور الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نقفُ اليومَ بإجلالٍ وألم، كما نقفُ بفخرٍ واعتزاز، في ذكرى عظيمةٍ ومؤلمةٍ في آنٍ واحد، هي ذكرى استشهاد مجاهٍد نذرَ حياتَهُ وعلمَه من أجلِ القيمِ النبيلةِ التي تسمو بالإنسانِ وكرامتِه ومن أجلِ مواجهةِ الطغيانِ والإستبدادِ والظلم، فكان صوتاً للحق، وكان موقفاً من أجلِ العدلِ والحرية، وكان استشهادُه شعلةً أخرى عظيمةً على طريقِ الشهادةِ الذي تعبّدَ بدماءِ خيرةِ أبناءِ العراق..نقفُ اليومَ في ذكرى استشهاد سماحةِ آيةِ اللهِ العظمى محمد محمد صادق الصدر قُدِّسَ سرُّهُ الشريف ونجليه، وهي شهادةٌ تكتسبُ معنى خاصاً في ظرفِها ولحظتِها، هذه اللحظةِ التي أكد فيها سماحةُ السيد الشهيد رفضَ العراقيين لطغيانِ الدكتاتوريةِ وجبروتِها في عزّ هذا الطغيانِ وجبروتِهِ، كما أكدت الشهادةُ للعراقيين وللعالم على حدٍّ سواء دمويةَ ذلك النظامِ واستهتارَه بكلِّ القيمِ والمواثيقِ والأعرافِ التي تؤكّدُ حريةَ الإنسانِ وحقَّه في التعبيرِ عن رأيِهِ وتُحرّم التجاوزَ على حياتِهِ وهي هبةُ اللهِ، جلَّت قدرتُهُ، إلى خلقِهِ..وذلك ما عُرِفَ به الدكتاتورُ المجرمُ طيلةَ حكمِهِ الذي تلطخ بدماءِ عراقيين مناضلين ومجاهدين شرفاء وقفوا من أجل شعبِهم وحقِّه في حياةٍ حرةٍ وعيشٍ كريمٍ وآمن.
نستعيدُ هذه الذكرى ونحن في عراقٍ يعملُ ويسعى من أجل الإنتهاءِ تماماً من ذلك الإرثِ الدكتاتوري الدموي البغيض، ومن أجلِ مواصلةِ بناءِ دولةِ العدلِ والحقِ والحريات، الدولة التي يُعَزُّ فيها الإنسانُ وتُحتَرمُ حقوقُه وتُصانُ كرامتُه وأمنُه وحياتُه..وهي مهماتٌ نتصدى لها جميعاً، كسياسيين في إدارة الدولة وكمجتمعٍ بنخبِه الدينيةِ والإجتماعيةِ والثقافيةِ وبسائرِ ابنائِه من جميعِ المكوناتِ القوميةِ والدينيةِ والمذهبية..وهو ما يتطلبُ تضافرَ الجهودِ والعملَ بروح الأسرةِ الواحدة، أسرةِ العراقِ الذي يجمعُنا بالخيرِ والعدلِ والسلام، خصوصاً أن التحدياتِ التي ما زالت تواجهُنا هي تحدياتٌ جدية وأن ما نطمحُ إلى بلوغِه هو كبيرٌ بما يستحقُه العراقُ والعراقيون.
ولعل المشكلاتِ التي تعترضُ مسارَ العمليةِ السياسية هي في المقدمةِ من التحديات التي لا يمكن تجاوزُها من دون مواصلةِ العمل بمبدأ الحوارِ الشفافِ الصريح، كشركاء في هذه العمليةِ وكأصحابِ مصلحةٍ حقيقيين في الوصول إلى العراق المستقرِ المتقدمِ والمتطور، والتقدم إلى الحوار بروحٍ ايجابيةٍ بناءةٍ منفتحة على الطموحِ الواثق بغدٍ كريم لهذا الشعب الكريم.
لقد نجحنا جميعاً خلال مرحلة تشكيل الحكومة برئاسة الأخ الأستاذ نوري المالكي من خلال العملِ بهذه الروح المخلصة التي أرست اتفاقَ أربيل برعاية الأخ الأستاذ مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان، ونجحنا في سلسلة اجتماعاتٍ عقدناها في بغداد وفي مكتب رئيس الجمهورية من أجل التفاهم على الصيغ المثلى لتطبيق الإتفاقات والعملِ في أطارٍ دستوري..وهذه النجاحات تشكل علامةً للمسار الصحيح الذي لا بد من انتهاجِه، مسارِ العملِ بمبدأ الحوارِ المنتج وبروحِ الشراكةِ الحقيقية وبإطارِ الدستورِ الذي هو ضامنُ وحدةِ الشعب وإرادتِه والمعبرُ عن فلسفةِ الدولة والحكم فيها.
وفي الجانبِ الأمني تتأكد الحاجةُ إلى تعزيز الجهد الاستخباري والعسكري والحاجةُ إلى تعزيزِ الروح الايجابيةِ المتمثلة بتعاونِ الشعبِ مع قواه الأمنية..ويؤكد كلَّ هذا وسواه الجرائمُ الأخيرة للإرهاب في مدنِ كربلاء المقدسة والرمادي وكركوك والحلة والتي يسعى من خلالها المجرمون إلى محاولة تأكيدِ حضورِهم من بعد ما حققت قواتُنا المسلحة بمختلف تشكيلاتِها العسكرية والاستخبارية والشرطوية خلال السنوات الأخيرة ضرباتٍ قاصمةً لتلك القوى المجرمة التي تحاول فلولُها بمثل العمليات الإرهابية الأخيرة خلقَ مناخٍ تجاوزه العراقيون بصبرِهم ووحدتِهم وشجاعتِهم وتحديهم.
وفي مجالِ الخدمات ورفاهيةِ الشعب، ومع كل ما تحقق خلال السنواتِ الأخيرة من تقدمٍ في المداخيل وتحسنِ قيمة العملة وتطويرٍ في الإنتاجِ النفطي ونجاحٍ في بعضِ المجالات الخدمية..إلا أنَّ ما يستحقه شعبُنا هو أعظم من كل هذا المتحقق بكثير، وخاصةً في المجالات الأكثر إلحاحاً، كالكهرباء والمؤسسات الصحية والتعليمية.
إن الأجواءَ الإقليمية بظروفِها المعروفةِ وبالتحولات التي تشهدها تتطلب هي الأخرى أن ننتهي من مشكلاتِنا الداخلية وان نعزز انفتاحَنا على المحيطين الإقليمي والدولي..ذلك أن العراقَ دولةٌ أساسية ومهمة في هذا المحيط الذي نتفاعل معه سلبا وإيجابا.
كل هذا يتطلب شعورا عاليا بالمسؤولية أمام التحديات ومن أجلِ بلوغ الطموحات..ولن نتقدمَ في كلِّ ذلك من دون عملٍ مشترك وتضامني نكون فيه جميعا في موضعِ المسؤوليةِ والعمل كما نكون جميعا في موضع الانجاز والتحقيق.
هذا، أيها الأخوة والأخوات، هو خيرُ وفاءٍ لذكرى الشهداء الذين ضحوا من اجل العراق والعراقيين ما دمنا في هذه الأجواءِ العطرةِ التي نستعيد بها ذكرى شهيدٍ عظيم من شهداءِ العراق العظام، ذكرى استشهاد آيةِ الله العظمى سماحةِ السيد محمد محمد صادق الصدر قُدِّس سرُّه الشريف.
وفي هذا المقام، نتوجه إلى الباري سائلينه، سبحانَه وتعالى، واسعَ الرحمةِ والمغفرةِ لروحِ الشهيد الطاهر وأن يسكنَه وسائرَ شهدائِنا في جناتِ خلدِه..وأن يمدَّ الأخ سماحة السيد مقتدى الصدر أعزّه الله وأسرةَ الصدرِ الكرام وجميعَ السائرين على نهجِ الشهيدِ وعمومِ العراقيين بالصبر ويشدَّ من عزيمتِهم على مواصلةِ العملِ من أجل القيمِ الرفيعة التي ضحى واستشهد من أجلِها الشهيدُ الصدر قُدِّسَ سرُّه الشريف.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المركز الصحفي لرئاسة جمهورية العراق.