نص كلمة ممثل رئيس الجمهورية الأستاذ فخري كريم في افتتاح معرض الكتاب الدولي الثالث في الروضة العلوية في النجف الأشرف
13/03/2010شبكة أخبار نركال/NNN/
افتتح ممثل رئيس الجمهورية الأستاذ فخري كريم معرض الكتاب الدولي الثالث الذي تقيمه الروضة العلوية في النجف الأشرف، وألقى كلمة بهذه المناسبة في ما يأتي نصها:
"النجف... قالوا إنها بحر وقد جف، هذا كلام لا يستقيم... ومن أين هذا الدفق العلمي والأدبي والجهادي الذي روّى العراق وفاض على أعماقه في كل الجهات... ولا يزال؟
قد يكون بحر الماء المالح قد صار حبراً حلواً، أو علماً عذبا... فقهاً وفكراً وشعراً. ومن أين هذا الدم المعتق المنذور للحرية والاستقلال والوطن والمواطن والسوادين والفراتين والزابين؟
على أن حبر الماء أو الحبر ينفد ولا تنفد كلمات الله التي ترعى النجف حروفها وإيقاعها ومبانيها وتحوّل تاريخها ومعانيها إلى ولادات متجددة في الابداع والفكر والعلم والنضال الذي لا يكف.
لقد تكونت النجف الحوزة نواة بشكل عفوي... حول الضريح... حول البستان... كانت تزوره وتستعيده إماماً للفقراء، ونصيراً للضعفاء، وقائداً للأحرار، منحازاً للعدل... يهدر، يقول كلاما دفّاقا، كلاما سيفا، إذا ما مسَّ طاغية سياج الحرية..
كانت النجف المدينة والحوزة والجامعة للأجناس والألوان والمعارف والآداب والكتب والمكتبات... تذهب إلى علي وتعود إليه... تذهب إلى الشهيد أبي الشهيد، وتعود إلى الشاهد في نهج البلاغة " ولا تكونن عليهم سبعا ضارياً تغتنم أكلهم، فهم صنفان إما أخ لك في الدين، وإما نظير لك في الخلق"، " وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق وأعمها في العدل"... وتهدي النجف إلى الدنيا قامات باذخة.. مراجع ومجتهدين كبارا وعلماء وأدباء أعلاما ومجاهدين عظاما وشعراء ينامون في التراث ويستيقظون في الحداثة.. ويصلون الفجر بإمامة أبي الأسود نيابة عن علي في النحو في مسجد الكوفة.. ولم يتمكن أحد من اقتناص أو انتقاص دور النجف أو مصادرته... حتى نفق الجهلة الجبابرة. ونهضت النجف جامعة للماضي والحاضر والمستقبل، للتقليد والتجديد، والتعدد الفكري على قاعدة الحرية.. لقد كانت الحرية اختيار النجف وشرطها... حتى أصبحت النجف شرط الحرية، من طلابها إلى أساتذتها، ومن اختيار الأستاذ إلى الكتاب وموعد الدرس والزميل... وصولا إلى المرجع.
وستبقى الحرية ميزة هذه الحاضرة الحاضرة.. ان مرجعيتها استحقاق علماني وتقواني .. ومن دون إعلان أو اعلام ... انها اختيار الناس الباحثين عن مثالهم وامثولتهم إلى المرجع..
عال ويبقى عالي الجبين هذا الصرح الشامخ العملاق، عالية عتبة الشهيد الإمام الشاهد، عالية هذه المقامات المرجعية من الأنصاري إلى الجواهري الفقيه الموسوعي، أصل الجواهري الشاعر الباهر، إلى النائيني والحبوبي والصدر والمظفروالجزائري، إلى هؤلاء المراجع الرعاة الهداة الشهداء الاحياء الذين كتبوا بالصبر والصمت طوال عقود الحصار والقهر والكبت رسالة المرجعية والصمود والحكمة، كتبوا عناوين تاريخنا الآتي، عناوين عراقنا الآتي، على صهوة الحرية والديمقراطية والسلام الأهلي إلى الشبيبي والشرقي ومصطفى جمال الدين، إلى الاتين من أصلاب الرجال، يجود بهم الزمان من غير انتظار، زمان العراق، زمان الأزمنة وعلاماته الساطعة..
في النجف التاريخ، تتوهج الذاكرة وتستعيد مجدها الثقافي، تجدد التراث وتكرس المعاصرة، وتتجاوز نفسها لكي تظل هي هي، حاضرة الحواضر في الثقافة والعلم والاجتهاد، في رعاية الأدب والأدباء، الكتاب والمكتبات...
في النجف المتوهجة، معرض كتاب واستشراف لأفق تصبح فيه مدينة الثقافة، مدينة المدن الإسلامية.."
عن: المركز الصحفي لرئاسة جمهورية العراق.