نظامان فاشلان.. ونظام ناجح
خلف النظام الدكتاتوري الراحل جداراً من العزله بين العرب والكورد، اما نظام المحاصصة الطائفية والاثنية، فقد عمق ذلك وأنتج شرخ الطائفية المقيت، المنتج للازمات والمنذر بالشؤم.
لقد جثم النظام الدكتاتوري السابق اكثر من ثلاثة عقود، واستند على ايدلوجية قومية شوفينية، واسفر نهجه الكوارث والحروب والمصائب على الشعب العراقي، ولم يسلم منه حتى الجيران، فقد اشعل الحرب مع ايران والكويت، وخلفت حروبه مئات الآلاف من الضحايا، الى جانب الخسائر المادية الهائلة والتي انهكت اقتصاديات العراق وتركته ضعيفا هشا مرهونا للديون الخارجية. كل هذا الى جانب حروبه الداخلية ضد الشعب العراقي، سيما منه الشعب الكوردي، اذ اعتمد سياسة شوفينية ولدت الكراهية والحقد، وجداراً من العزلة والانقسام بين العرب والكورد. هذا الجدار الذي اصاب العلاقات الداخلية بشرخ كبير، والتقدير أن لا يبرأ العراق من تداعياته بالأمد المنظور.
اما نظام المحاصصة الطائفية، حيث تجاوزت فترة حكمه العقد من الزمن، فقد تبنى موضوعة المكونات الطائفية والقومية، وانتج ازمة عامة انعكست على جميع اوجه الحياة، ومخرجاتها حتى اللحظة القتل والتشريد والفقر والعوز والفاقة، هذا النظام وفر بيئة مناسبة للارهاب والفساد، ومناخاُ ملائما لغير الأكفاء، حيث اعتمد معيار الطائفية المقيت في ادارة مؤسسات الدولة واسناد الوظيفة العامة.
وفي هذا السياق لن يكون انهيار الوضع الأمني اخر ما نشهده من ازمة النظام. ولن تكون استباحة المناطق الغربية والشمالية الغربية من قبل عصابات داعش الارهابية وحلفائها من النقشبندية المسلحة وقادة الاجهزة الامنية في النظام الدكتاتوري المقبور.و لن يكون عبث الارهاب واحتلاله للمدن، اخر المخاطر التي يخلفها لنا نظام المحاصصة الطائفية.
يبدو ان كل هذه السنوات لا تكفي كي يتعظ المتنفذون بأنهم حينما يستمرون بطريقة الحكم هذه انما يدفعون بالعراق الى المجهول، فالأزمة مفتوحة على كل الاحتمالات المشؤومة ومنها تقسيم العراق.
الا يكفي تجريب كل هذه الأنظمة الفاشلة كي نكتشف ان خيار الدولة المدنية الديمقراطية، هو الاصلح لإدارة الحكم في العراق؟ النظام الذي يعتمد على فكرة المواطنة، المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات، وليس على فكرة الهويات الفرعية بحصيلتها من حالة التشظي والمخاطر المحدقة ببلادنا اليوم.