نينوى والموصل المسيحية - العصر الذهبي
ساتطرق في هذه الحلقة على العصر الذهبي التي مرت به مدينة الموصل والتي توسعت على حساب مدينة نينوى وهي احدى عواصم الدولة الاشورية الاربعة وهي بالاضافة الى نينوى ، كلاخو ، دور شاروكين ،واربائيلا {اربل} اي مدينة الاربع الهة ،بالاضافة الى مدينة اشور القديمة والمركز الاشوري القومي الاول . ولكن نينوى تعتبر مدينة المدن وسيدة العواصم ـ حيث بدأ الاستيطان فيها قبل العهود السومرية ويعتقد انها كانت قبل الالف السابع ق . م . ويعتبر عالم الاثار كلوديوس . ج . ريتش أول من مسح نينوى ورسم خارطتها في سنة 1820 واكمل هذا العمل هرمز رسام عام 1852 هذا وقد ذكرت نينوى واشور وملوكها عشرات المرات في الكتاب المقدس منها في سفر يونان عندما ارسله الرب الى نبنوى وقال له {قم واذهب الى نينوى المدينة العظيمة وناد عليها لانه قد صعد شرهم امامي } . يونان اصحاح 1 : 2 . كما ذكرت نينوى واشور في سفر ألملوك والاخبار وميخا وصفنيا وانجيل متى فصل 12: 41 { رجال نينوى يقومون يوم الدينونة مع هذا الجيل ويحكمون عليه ، لانهم تابوا بإنذاريونان . وههنا أعظم من يونان .ألعصر ألذهبي لمدينة الموصل
حكمت الموصل سلالة واحدة كانت خاضعة للسلاجقة ، إنها سلالة الاتابكية ويعرف ذلك العصر بالعصر الاتابكي الذهبي ألذي بدأمن سنة {1127 ـ 1233 }وقد شهدت هذه الفترة صراعات دموية بين فرسان اوربا المسيحية وبين المسلمين . وجاء في تاريخ ميخائيل السرياني أن حاكم الموصل سنة 1162 كان جمال الدين ، فارسي الاصل وان هذا الامير { الرحيم جدا }أوفد المفريان أغناطيوس إلى ملك إيبرية {جورجيا} لافتداء الاسرى العرب . وقد افلح المفريان في مهمته هذه ، وعاد الى الموصل مع سفير ايبري ، وكانت الصلبان مثبتة فوق الرماح التي يحملها الجنود الايبريون . وسبب الامر فرحة عظيمة للمسيحيين وللعرب أيضا بسبب نجاة الاسرى ، واستفاد ألمفريان أغناطيوس من هذه ألفرصة فنال إذنأ بالبناء وشيد مصلى في قرية برطلي الواقعة بالقرب من الموصل . وترميم كنيسة دير مار بهنام ، وبعد هذه الفترة سنة 1182 عقد عز الدين مسعود الاول عهدا مع الفرنج ، لما حاصر صلاح الدين مدينة الموصل مرتين ولكنه إرتد عنها خائبا ،مما جنب مسيحيي المدينة خطر التعرض للاضطهاد ، وحل ألهدوء والرخاء مدينة الموصل . ففي سنة 1199 إستوزر ارسلان شاه الاول من كان قبلا عبدا ارمنيا . فاتخذ هذا له إسم {نور الدين لؤلؤ} . وبعد وفاة أرسلان لقب لؤلؤبسلطان الموصل وحكم من عام{1233ـ 1259 }وفي عهد لؤلؤ صدرت ألبراءات البابوية عام 1244. وفيها ورد ذكر ألموصليين ضمن الشعوب التي عهد بتبشيرها الى الرهبان الدومنيكيين والفرنسيسكانيين. ودفاع لؤلؤ عن المسيحيين كان فيه بعض الاحيان كسب مادي ، فنرى مثلا المفريان أغناطيوس صليبا الثالث في منازعاته وخصوماته مع رهبان مار متى المتمردين عليه ، يقوم سنة 1253 بجولة في قرى أبرشيته ويجمع الاموال لكي يسترضي بها حاكم الموصل لؤلؤ ويكسب عطفه ، ويستغل إبن العبري هذه الفرصة ليطري بسخاء سكان قره قوش . وكان لابد انه ينتظر الكثير منهم . وفي عهد لؤلؤ إستفادت حميع كنائس الموصل تقريبا القائمة في زمانه من فترة حكمه لاعادة بنائها او تجديدها ، وتزيينها بابواب وحنايا منحوتة تحمل طابع العصر الاتابكي الخاص ، ونشير هنا إلى ان المسيحيين أسهموا في النهضة الفنية في جميع المجالات ، ولاسيما في مجال صناعة النحاسيات المدهشة المطعمة بالذهب والفضة ، التي أغنت متحف أللوفر الفرنسي والمتحف البريطاني والمتحف العربي في القاهرة ، ومجموعات فنية اخرى . ومن المؤسف ألا يتواجد شيءمن هذا كله لا في متحف الموصل ولا في متحف بغداد ، ومن اقدم الفنانين المسيحيين المعروفين إبراهيم بن مواليا الذي وقع ابريق برونزي مطعم بالفضة والنحاس الخالص وهو ما زال محفوظا في متحف اللوفر ، وكذلك تلميذاه أحدهما مسيحي ويدعى اسماعيل بن ورد وقد صنع في الموصل علبة منممة من النحاس المطعم بالفضة ، وهي ما تزال في متحف بيناكي في اثنا ، والثاني مسلم يدعى قاسم بن علي صنع إبريقا من البرونز المطعم بالفضة يرجع تاريخه الى سنة 1232وهو في متحف {فرير}الفني في واشنطن وهناك فنانا اخر يدعى داؤد بن سلامة وقع على قطعتين أحدهما موضوع ديني مسيحي عبارة عن شمعدان نحاسي مطعم بالفضة وهو اليوم في متحف الفنون التزييتية في باريس والثانية اهداها لامير مسلم عبارة عن حوض محفوظ في المتحف نفسه ، وكان المسيحيون في منتصف القرن الثالث عشر في الطليعة بين الفنانين ، حيث أن النقاشين المسلمين كانوا يقتبسون من المسيحيين بعض مواضيعهم الدينية وكانوا يجردونها من طابع القدسية ثم يزينون بها أوانيهم النحاسية
ملاحظة : مصادر الحلقة السابعة هي نفس مصادر الحلقة السادسة