نـزار حيدر لمراسل اذاعة (طهران) باللغة العربية: الترضيات السياسية لا تحمي المواطن من الارهاب
20/01/2010شبكة أخبار نركال/NNN/نزار حيدر/
قال نزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، ان الامن في العراق مسيس، ولذلك نشهد مثل هذه الانهيارات الامنية بين الفينة والاخرى، في اشارة منه الى الاعمال الارهابية التي شهدها العراق مؤخرا.
واضاف نــــزار حيدر الذي كان يتحدث لمراسل الفترة الاخبارية في اذاعة (طهران) باللغة العربية، الزميل احمد علي:
ان دوافع التدهور الامني الاخير، الذي شهدته عدة مناطق من العراق، خاصة العاصمة بغداد، امران:
الامر الاول تكفيري؛ سواء ذلك الذي استهدف شعبنا المسيحي في الموصل وغيرها، فقتل الابرياء ودمر الكنائس في اعياد الميلاد وراس السنة، او الذي استهدف عشاق الحسين السبط عليه السلام ومواكب العزاء في عدد من المحافظات، في ذكرى عاشوراء.
الامر الثاني انتقامي؛ وهو الذي استهدف قادة الصحوات وعدد من الزعامات المحلية في المناطق التي كانت تسمى بالساخنة، في مسعى منه للانتقام من القوى الوطنية الشعبية التي واجهت الارهاب وخلاياه من ايتام النظام البائد وعناصر تنظيم القاعدة الارهابي في هذه المناطق، والتي كان لها الفضل في القضاء على بؤر الارهاب في المناطق (الساخنة).
انهم، الارهابيون، يعتبرون ان هذه القوى الشعبية الوطنية هي السبب المباشر للقضاء عليهم وتجفيف منابعهم وتدمير خلاياهم، وحق لهم ان يعتقدوا بذلك، فلقد كانت للوقفة الوطنية المشرفة لهذه القوى الاثر الكبير والمباشر في تدمير الارهاب والقضاء عليه في عموم العراق، بدءا من مناطقهم التي كانت ساخنة، والتي تحولت في فترة من الفترات الى بؤر للارهاب واعشاش يبيض فيها الارهاب ويفقس ويفرخ قتلة ومجرمين.
ان مما يؤسف له حقا هو ان الملف الامني لا زال مسيسا، بالرغم من كل ما يجري من ارهاب، وبالرغم من كل النداءات التي يوجهها العراقيون للقادة والزعماء، وبالرغم من اعتراف الجميع بان هذا التسييس سبب مهم من اسباب التدهور الامني الذي يمر به العراق بين الفينة والاخرى.
ولقد راى العراقيون بام اعينهم كيف تعامل السياسيون، خاصة قادة وزعماء الكتل البرلمانية، مع الملف الامني بترضيات سياسية قوضت جهود الحكومة الرامية الى الامساك به بقوة بعيدا عن المحاصصات والدوافع المذهبية والدينية والسياسية وكل انواع الدوافع غير الوطنية الاخرى، عندما استضاف مجلس النواب العراقي مؤخرا قادة ووزراء المؤسسة الامنية.
ان الترضيات السياسية لا تحمي المواطن من الارهاب ابدا، ولذلك يجب ان يبقى الملف الامني بكل تفاصيله بعيدا عن السياسة، وان على القوى السياسية ان لا تتدخل بالمطلق بهذا الملف، لان تدخلها، وباي شكل من الاشكال، يفسده ويفسد خططه.
ان تدخل السياسة هو الذي كشف ظهر العراق لاعدائه، اذ لم يعد في هذا البلد شئ اسمه اسرار، خاصة فيما يتعلق بالخطط الامنية، ولذلك سقط عنصر المناورة من حسابات الحكومة، لان المناورة، وهي احد اهم عناصر نجاح اية خطة امنية، لا تتحقق الا بسرية الخطة، فلما غابت السرية سقطت المناورة، لدرجة ان بعض الخطط الامنية تصل تفاصيلها الى الارهابيين قبل ان تصل الى الضابط المعني بتنفيذها، وهذه هي مصيبة المصائب في الملف الامني في العراق الجديد، وكل ذلك بسبب تدخل السياسة بالملف الامني.
ارايتم كيف يتحدث السياسيون عن الخطط الامنية، عندما يظهر احدهم على الشاشة الصغيرة؟ انهم يتحدثون عنها كما لو انهم في اجتماع سري او جلسة مغلقة او انهم يتكلمون مع افراد عوائلهم، وان كان التشبيه الاخير خطير كذلك.
يجب ان ينتبه السياسيون الى أحاديثهم عندما يتكلمون عن الامن، فلا يسترسلوا في الحديث عن المعلومة او الخطة الامنية، فان ذلك خيانة للوطن وللشعب الذي بسببه تجري دماءه انهارا غزيرة في كل يوم.
ومن اجل ان تضع الحكومة العراقية حدا لتدخل السياسة بالامن، ومن اجل ان تحفظ سرها، وتحمي الدم العراقي من الاستباحة على لسان كل من هب ودب من السياسيين، عليها ان تكشف عن حجم ونوع مثل هذه التدخلات للراي العام العراقي، كما ان عليها ان تكشف عن هوية من يتدخل من السياسيين لصالح هذا الارهابي او تلك المجموعة الارهابية، عند التحقيق او حال توجيه التهمة، لتوقفهم عند حدهم فلا يتمادون في تدخلاتهم المضرة، والا فان العراقيين سيعتبرون الحكومة متسترة على الارهاب وان بشكل غير مباشر.
31 كانون الاول 2009