Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

هذا ليس حزناً على الشهداء، بلْ عشقٌ للإرهاب، يا دكتور سيّا رالجميل! 7/7

أحد عشر: "متى تهدأ هذه العاصفة الهوجاء؟ متى تزول الأحقاد وتمحى الكراهية من الصدور؟ متى يهب النسيم عليلاً على كل العراق؟ متى تسود الحكمة والعقل عند حكام العراق؟" (من دعاء الدكتور سيّار الجميل المنشور في نهاية هذه الحلقة),

ألستَ مستخفاً بعقولنا أيها الدكتور المثقف السيد سيار؟ تطرحُ سؤالاً ودعاءاً وتتظاهرُ بالتلهف لإستجابة سيدة النجاة العملية له، بينما أعطيتَ جوابَك القاطع له سلفاً. ألم تقل إن "الضربة القاضية" هي التي ستحسم الموقف "ويُسدَل الستار على أقذر مسرحية شهدها تأريخ العراق"؟ ربما ستعلن عن تحديك وتتجاوز التكتيك وتقول: "نعم قلتُ. ولكنني سألتُ السيدة: "متى؟"" .... أقول لك: "حتى هذا السؤال "متى؟" أعطيتَ له الجواب".... أُوَضِّحُ: هذا الكلام عن "الضربة القاضية" وإسدال الستار على "أقذر مسرحية" ينطوي على أقصى درجات الأمل في عودة نظام الإجرام أي نظام حزب
البعث الطغموي البائد إلى السلطة؛ ولم تكنْ لتجرؤَ على الإقتراب من طرحه لولا ثقتك بقرب تحقق ذلك بناءاً على ما شهدتَه من دفع وتشجيع متنوعين أتيا للطغمويين* والتكفيريين من جهات خارجية عديدة لأهداف متنوعة عديدة فحَسِبْتَ أن الأمر أصبح قضياً مقضياً ورحتَ تحجز مكاناً لك في ملاك "العهد الإنقلابي" غير مبالٍ بشعور الناس ومصالحهم وحياتهم.

ولكنك لم تحسب حساباً للشعب العراقي الذي، بتقديري، فاق كثيراً من المثقفين وعياً وإدراكاً لواقعه الجديد وما يحيط به ويُحاك له؛ وعرف السبيل إلى جعل "النسيم يهب عليلاً على كل العراق" بالإصرار على الطموح الديمقراطي. نعم هذا الشعب نزل إلى الشوارع يوم لاح في الأفق أن "الإنقلاب الأبيض" على وشك الوقوع. فإنسحب "السادة" المدبِّرون الخارجيون وأجَّلوا المعركة للمستقبل وذعنت الذيول وولول السيد أياد علاوي ورهطه الذي فضحه الدكتور عبد السلام الزوبعي.
أغلبية الشعب على علم بما يدور ويُخطط. لذا فلا مستقبل لك، يا سيد سيار، إذا عشتَ على أمل قدوم "الضربة القاضية" في المستقبل القريب أو المتوسط أو البعيد.

أعود وأسأل: هل أن الذي يتوق إلى/ ويتمنى أن "تزول الأحقاد وتمحى الكراهية من الصدور" وأن "يهب النسيم عليلاً على كل العراق" – يتمنى بنفس الوقت أن تأتي "الضربة القاضية لكل العابثين والإرهابيين والمتواطئين والإنقساميين والحاقدين والمجانين .. كي يذهبوا إلى الجحيم، وتشرق الشمس، ويسدل الستار على أقذر مسرحية شهدها تأريخ العراق"؟ سأُوَضِّحُ:

أولاً: إنه لَأَمْرٌ في غاية الوضوح مَنْ الذين عنيتَ في كلماتك تلك، أي الذين حكمتَ عليهم بالإعدام ب"الضربة القاضية". قد يصيب التشوّشُ البعضَ بحشركَ "الإرهابيين" بين أولئك المحكوم عليهم. يستوجب الأمر التوضيح ثانية فأقول: إنك بالفعل تتمنى أن يُقضى على الإرهابيين التكفيريين ولكن .... في مرحلة لاحقة تلي إتمامهم مرحلة القضاء على ألنظام الديمقراطي وأنصاره. عندئذ تتمنى أن يقضي "الحزب القائد" أي "حزب العودة" على التكفيريين أيضاً، ليخلو له الجو و"تشرق الشمس ويُسدل الستار على أقذر تمثيلية...".

نعم هذه، إذاً، هي خطة الطغمويين: دفعُ الإرهابيين للقضاء على الديمقراطية ومن ثم الإلتفاف والقضاء عليهم ب "الضربة القاضية". وهيهات أن يحصل ذلك لأن الإرهابيين التكفيريين سيتغدون بالطغمويين قبل أن يتعشى هؤلاء بهم.
لذا فحشرُكَ، يا دكتور سيار،َ "الإرهابيين" بين المحكوم عليهم بالإعدام جاء من هذا الباب وليس من باب رفض الإرهاب لصالح الديمقراطية.

ثانياً: مهما يكن من أمر، فإنك قد تمنَّيتَ أو توعَّدْتَ ب "الجحيم"، أي بالإعدام، نسبةً عاليةً من الشعب العراقي تربو على التسعين بالمائة وهم الديمقراطيون من جميع الفسيفساء العراقي أعراقاً وأدياناً ومذاهباً وإيديولوجيات وإتجاهات سياسية مختلفة.

فأين هذا التمني من دعوتك لمحو الأحقاد والكراهية وهبوب ريح النسيم العليل؟
إذا أردتَ حقاً تحقيقَ ما تمنيتَه لفظاً، فإدعُ إلى: قبول الآخر وإحترامه على ما هو عليه من قومية أو دين أو مذهب أو فكر إيديولوجي أو سياسي مادام الآخر مسالماً؛ قبول الديمقراطية بكامل أبعادها؛ إحترام الدستور؛ قبول مبدأ التداول السلمي للسلطة، أي الإقلاع عن الإصرار على إسترجاع السلطة بأية وسيلة وكأنها "ملك طابو" بناءاً على أفكار بالية متخلفة إستخدمت لسلب السلطة من الشعب صاحبها الشرعي، من قبيل: "حراس البوابة الشرقية" و "الفرقة الناجية" و "الطائفة المنصورة"؛ إحترام حقوق الإنسان والإعتراف بسواسية البشر والمواطنين العراقيين أمام
القانون؛ حث المواطنين على التعاون مع السلطات الأمنية للقضاء على الإرهاب كما يفعل جميع مواطني البلدان الأخرى في العالم أجمع.

إثنا عشر: "متى تهدأ هذه العاصفة الهوجاء؟ ........... ..... متى تسود الحكمة والعقل عند حكام العراق؟"

يمكن إطلاق وصف "العاصفة الهوجاء" على ما يجري في العراق بقصد بريء. غير أن سَوْقَ هذا الوصف بجانب وصف الحكومة بكونها فاقدة لسيادة "الحكمة والعقل" يجعل ذلك الوصف تمييعاً للموقف العام في العراق ومحاولةً لتشويش رؤيا القارئ؛ بل هو ينطوي على ربط خفي بين "العاصفة" الإرهابية ومسئولية الحكومة وإفتراض عدم تعقلها وحكمتها.

"العاصفة" هي تلطيف متعمد لإرهاب شديد الإجرام من الدرجة الأولى شنَّه التكفيريون والطغمويون لمعارضة النظام الجديد المتجه نحو الديمقراطية. شنَّه التكفيريون لتشييد "دولة العراق الإسلامية" بناءً على قاعدة "نحن الفرقة الناجية"، وأججه الطغمويون بقصد إستعادة دولة الإمتيازات وتحويل عوائد النفط إلى الجيوب الخاصة بإسم "حراسة البوابة الشرقية وتحرير فلسطين وتحقيق الوحدة العربية والحرية والإشتراكية".

لا نجد شيئاً من هذه الحقائق الدامغة في وصف السيد سيار للإرهاب بل نجد كلاماً محايداً ملغوماً بتنويهات مريبة. ولا نجد شيئاً عن كيفية الخلاص من هذا الإرهاب ولكننا نجد كيف يتخلص الإرهاب التكفيري والطغمويون من الحكم الجديد.
الخلاص من الإرهاب معروف وملموس ويقع في متناول الأيدي، بدلاً من الإستنجاد بالغيب. كان على السيد سيار أن يحثَّ، من منطلق وطني، ويستنهض البعض ويضعه أمام مسئولياته الإنسانية والأخلاقية، ذلك البعض من الناس الذي يتستر على الإرهابيين، لسبب أو آخر، ولا يراه واجباً يجسد الوطنية ويلامس الشرف والضمير، في إرشاد السلطة إلى الإرهابيين؛ لأن ما من حكومة على وجه الأرض قادرة على ضبط الأمن بدون معاونة المواطنين لقوات الأمن في جميع الظروف ناهيك عن حالة الإرهاب التكفيري الطغموي الأشد دمويةً في العراق.

أما بخصوص زعم السيد الجميل بإفتقاد الحكومة العراقية ل"الحكمة والعقل" فأذكر أمرين، من بين عدد غفير من الإنجازات، غفلها السيد سيار عن عمد كما غفلها الطغمويون تماماً. ولو لم تقم حكومة السيد نوري المالكي بتحقيقهما مُجَسَّدَيْنِ على أرض الواقع بأبهر إنتصار، لأقاموا الدنيا ولم يقعدوها ولقرعوا الطبول ليل نهار في جميع وسائل الإعلام التي تناصرهم وما أكثرها في العراق والمنطقة لكثرة الدولارات النفطية!! لا رفضاً لإحتلالٍ أو لتواجدٍ عسكري (فهم مثقلون بهما لحد التخمة) بل خوفاً من الديمقراطية القادمة لا محال، لذا فالتحشيد جارٍ على قدم وساق
لخنقها أو عرقلة مسيرتها وتشويهها وطمس إنجازاتها وتسفيه جدواها في أعين الجماهير العربية.

هذان الأمران المسكوت عنهما هما: إنهاء الإحتلال ومنح العقود النفطية لجهات عالمية عديدة. بالنسبة للإحتلال فقد حصل الأمريكيون على 5% مما طلبوه في مسودة الإتفاقية التي عرضوها على الحكومة العراقية (حسبما صرح السيد حسين الشامي المستشار في رئاسة الوزارة في فضائية الحرة). أما بالنسبة لعقود النفط فقد تمت إحالتها كعقود خدمة بإسلوب جولات تراخيص تنافسية شفافة وضعت مصالح العراق في المقدمة، وليس بموجب صيغة المشاركة في الإنتاج.
ما أريد أن أبينه هنا أن الحكومة العراقية قد أنجزت ما توقع جميع المستهينين بقدرة الشعب العراقي وتلاحمه مع حكومته المنتخبة (بل حتى بعض الطيبين المنطلقين من حرصهم على العراق) أن تعجز حكومة المالكي عن تحقيقه. مع هذا تم التحقيق مع مكسب في غاية الأهمية وهو عدم التفريط بعلاقات الصداقة والشفافية مع الولايات المتحدة، بل بناء علاقات مستقبلية قائمة على الإحترام المتبادل والمصالح المشتركة معها. إن هذا مكسب إيجابي كبير بحد ذاته، إضافةً إلى مكسب آخر للعراق يتمثل بدرء شرور أمريكا عنه فيما لو نشأت علاقة متوترة بين الطرفين؛ وهذا أمر وارد مصدره
الطغمويون والمتطرفون في كل من أمريكا (الإحتكارات) والعراق (أقصى اليمين وأقصى اليسار) ومعظم النظم في المنطقة الكارهة للديمقراطية العراقية.
ما كان بالإمكان تحقيق هذين المنجزين الوطنيين الكبيرين لو لم تتمتع الحكومة بالحكمة والعقل. وهذه شهادة موضوعية يجب على كل حريص الإعتراف بها خاصة وأن الديمقراطية العراقية لم تخرج بعد من دائرة الخطر وأمامها الكثير من المطبات في جميع السوح الداخلية والإقليمية والعالمية. وحتى الصداقة الحقيقية للكبار لا تأتي بمجرد طلبك إياها بل عليك "النضال" من أجلها وعليك مراقبة إمكانية الإنقلاب عليها والغدر على طول الطريق.

ثلاثة عشر: أخيراً، أعتقد أن السيد سيّار أراد كسب تأييد العلمانيين وسحبهم إلى خندق الطغمويين، الذين يلعبون دور حصان طروادة ومطايا للتكفيريين، وذلك عبر تمرير محاولة تأليب العلمانيين على النظام الديمقراطي القائم في العراق بحشر بوابة العلمانية التي ظنَّ السيد الجميل، كما يبدو لي، أن أنصارها سيُسْتَنْفَرون ويثورون ما أن يُسَوِّقَ لهم عبارةَ "التَحَكُّم بمصيرنا بإسم الدين" وعبارة "الصراعات المقيتة".

يمثل هذا المسعى، بالطبع، إستهانة بعقول عدد غفير من العلمانيين الديمقراطيين العراقيين بتلاوينهم المختلفة من ليبراليين وشيوعيين ويساريين ممن يمتلكون مفاتيح التحليل العلمي القويم في تقييم الآخرين. صحيح أن هناك من الإسلاميين من يمتلكون شهوة التدخل في حياة الناس والتضييق على الحريات العامة بتنصيب أنفسهم نوّاباً لله على أرضه يعاقبون الناس حسب إجتهاداتهم القاصرة، كما هو صحيح أن هناك من العلمانيين العراقيين من ينظر للأمور نظرة جامدة لا تُميِّز بين دور كل من الإيديولوجيا والسياسة بل تخلط بينهما، ما تدفع بعضهم إلى رفض الأحزاب
الدينية بشكل أعمى من منطلق إيديولوجي "يساري" متطرف لدرجة أن هذا البعض لا يثق بهذه الأحزاب في أية مرحلة حتى في المرحلة الأولى التي تتطابق فيها برامج الأحزاب إلى حدود بعيدة، ويرفض حتى إيجابياتها وبدلاّ عن ذلك يفضل البعضُ التعويلَ على الدور الأمريكي لحد الإستعداد لتسليم الأمريكيين كل مقدرات العراق لقيادته بدلاً من قيادة الأحزاب الدينية التي تجنح عموماً نحو الديمقراطية (وهذا خطأ فادح وموقف لاوطني). صحيح يوجد هكذا جامدون ولكن بعدد محدود.

كيف يمكن للعلماني الواقعي (غير الدوغمائي) أن يرفض التعامل الإيجابي مع أحزاب دينية ساهمت في بناء الديمقراطية ومازالت مساهمةً في بناءها وملتزمةً بإستكمال مؤسساتها رغم كمٍّ هائل من المشاكل الموروثة والمشاكل التي خلقها الطغمويون وحلفاؤهم والتكفيريون وإلى حد ما الأمريكيون وبعض المتزمتين الدينيين بين صفوفها، ويميل، بدلاً عن ذلك، نحو أحزاب "علمانية" لا تبتعد كثيراً عن فكر وممارسات النظم "العلمانية" الطغموية التي حكمت العراق منذ تأسيسه الحديث والمتميزة بالطائفية** والعنصرية والدكتاتورية والديماغوجية؟ من هو الأهم: الإسم أم
الجوهر؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*
الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ**والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب
وإحكامالقبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛
كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
**
الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات. أما
الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها.طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى،
كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين
بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية.
أصل النداء:

سيّدة النجاة .. متى تنقذين العراق ؟

أ.د. سيّار الجميل

سيدتي العظيمة ..يا سيدة النجاة ، أتضرع وأتوسّل إليك إنقاذ العراق من هول الكوارث التي تعصف به .. سيدتي الأم الحزينة أراك حزينة منذ أزمان طوال ، وأنت تشهدين هول المأساة .. لقد قتل اهلك وهم يتضرعون إليك .. وهم يؤدون صلاتهم في رحابك الجميل .. ما ذنبهم ؟ وما ذنب كل الأبرياء ليكونوا طعاما رخيصا للصراعات المقيتة على ارض بلاد الرافدين التي صبغها الاحمرار ؟ ماذا نفعل مع هؤلاء القتلة الذين لا يعرفون إلا الموت طريقا لهم ؟ ماذا يفيد الأسى وإعلان بيانات الاستنكار ؟ إن السنين العجاف تمر ، وكل يوم وبلدنا يغرق في بحر الظلمات كالذي قلته وكتبته قبل شهر
! إن العراقيين المسالمين الطيبيين يتمنون أن تستقر هذه العاصفة الهوجاء التي جلبها الأشرار وهم لا همّ لهم إلا نحر الأبرياء .. لم يزل الإرهاب يترصّد بالعراقيين ، نعم ، إن الإرهاب ضدهم ، يقف بكل خططه وبرامجه بالمرصاد كي يحصد أرواحهم ويعصف بمستقبل أولادهم وأحفادهم ! ما الذي يريده المجانين ؟ ما الذي يرمي إليه كل القتلة ؟ إنهم يحصدون الأرواح بدم بارد .. إنهم يخططون لإفناء البلاد والعباد . لماذا يريدون خطف الطيف المسيحي من العراق ؟ من أعطاهم الحق بتصفية الأبرياء نساء ورجالا ، وهم يؤدون شعائرهم في دور عبادتهم التي أذن الله أن يذكر فيها
اسمه ؟
سيدتي الحنونة .. أيتها الأم الحزينة ، أراك تذرفين دمعة على خديك بعد أن ذرفت الدموع طويلا .. وأنت تشهدين مأساة العراق والعراقيين .. متى تهدأ هذه العاصفة الهوجاء ؟ متى تزول الأحقاد وتمحى الكراهية من الصدور ؟ متى يهب النسيم عليلا على كل العراق ؟ متى تسود الحكمة والعقل عند حكام العراق ؟ كم كنت أتمنى أن تعالج المحنة مع الإرهاب والإرهابيين بغير هذا الأسلوب الهمجي الذي حوّل كنيستك الجميلة إلى ساحة حرب ! كم كنت أتمنى أن لا يخرج بعض المتشدقين وهو يمتدح " الفرقة الذهبية " في الذي صنعته من جنون ! المأساة ستبقى إن اكتفينا بالصمت القاتل .. المأساة
ستبقى ما بقي الإرهاب ! الإرهاب سيبقى ما بقيت جماعات وأحزاب تتحكم بمصيرنا باسم الدين ! المصير سيبقى قاتما ما بقي العراق يتشظى فرقا وجماعات وكتلا وأعراقا !
سيدتي الكبيرة يا سيدة النجاة .. أنقذي العراق .. ادعوك وأتوسل إليك لا تتركي اهلك وسط غابة يعبث بها الوحوش ويتحكم بمصيرها الزناة .. وأهل العراق يتقطعّون اربا اربا وقد استعد الناس للمواساة وكلمات الرثاء وإلقاء المواعظ السخيفة ! متى يشعر كل العراقيين أنهم عراقيون قبل أن يكونوا شيئا آخر ؟ وأخيرا .. متى الضربة القاضية لكل العابثين والإرهابيين والمتواطئين والانقساميين والحاقدين والمجانين .. كي يذهبوا إلى الجحيم ، وتشرق الشمس ، ويسدل الستار على أقذر مسرحية شهدها تاريخ العراق ؟
Opinions