Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

هذا ما سمعته من البعثي الإشتراكي التائب, قالها بملئ فمه

من طبع الوقائع والتجارب العديده التي يعايشها الإنسان ويتفاعل معها في مختلف مراحل سنين عمره , أنهّا تعكس تصورات لتولّد لديه قناعات تترّسخ كثوابت في الأذهان دون ألإظطرار إلى قبول فكرة إعادة النظر فيها طواعية او إستبدالها بسهولة إلا في حال مواجهة الإنسان لمسببّات جديده تهز كيان تفكيره لتثير زعزعة تلك الرتابة المزمنة من الركود العقلي التي لازمته في ماضي الايام وفي طريقة إحتكامه للأمور لتبدأ الأخذ به إلى ضرورة إجراء مراجعة ألأساليب ألتي كان يخضع لها في حكمه على الأشياء والمظاهر.
عن نفسي كعراقي ناهزت من العمر نصف قرن ونيف أقول و بصراحة , أنّ غالبية ما أراه اليوم بأمّ عيني وما أسمعه وأقرأه من أحداث وتناقضات في الساحة العراقية قد بدأ قلقي جرّاءها ينقلني ببطئ من حالة إستدامت معي طويلا إلى حال إستجدّ للتو أكاد من خلاله أتعرّف على جديد يلفت إنتباهي و بسببه سأقرّ بحقيقه ربمّا لم يسبق لقناعتي الشخصية أن إستساغتها أو قبلت بها في السابق , وفي نفس الوقت , أدرك بأنني سأكون أزاءها في إحدى الحالات الإنسانية ألتي لن يحسدني فيها أحد , ولكن لعلّ إستجابة أحدهم لنداء اّلامنا الوطنية وصرخات ضمائرنا الصاحيّه ستخفف عنّي من وطأة عتب الأخر أو تحول دون تمادي ومغالاة الطامع فيّ و الحال التي أمرّ بها وأنا أحاكي الجموع من ابناء شعبي في شأن يتعلّق بنا كعراقيين أولا وأخرا .

أمّا عن الأخ البعثي التائب(......) ألذي شاء حظي أن أكون معه في حوار دون موعد مسبق لكن ربمّا إحتجت إليه , نعم لقد صدق هذا البعثي الذي نال عطفي حين وجدته تائبا وحزينا في ردّة فعله أمام هول إتهاماتي و إنتقاداتي التي أنهالت بسهامي عليه وعلى سياسة حزبه التي نكدت وفتكت بساحة العراق السياسية وهتكت بشعبه عقود من الزمن على يد قائده ألذي سلّم العراق أخيرا فريسة سهلة .
كان الأخ البعثي التائب أثناء لقائي وتكلّمي معه في إحدى النوادي الإجتماعيه الأمريكية , والحديث قد مرّ عليه قرابة ستة أشهر, حين إلتقيته عن طريق الصدفة ولأول مرّه في إحدى نوادي مدن الولايات الأمريكيه , حيث دار بيننا حديث إستغرق أكثر من ساعتين نسينا فيها أتكيتات الحوار ومراسيمه البروتوكوليه و رغم أن لقاءنا كان لأول مرة , لكن كلانا راح يبوح بما في دواخله من دون اية سيطرات أو كاميرات أو تسجيلات .
كان الأخ البعثي التائب يصغي بإنتباه إليّ و يهز برأسه بين الفينة والأخرى بكل برود كمن يبدي تأييده في معظم ما أثرته بخصوص سياسة البعث ونظامه القمعي , كانت ملامح إشادته بأرائي وطروحاتي بادية على تقاسيم وجهه , مدركا بأنها (أرائي) لا تختلف في مضمونها عن أي خطاب يصدر من مواطن عادي أتعبته تقلّبات الأوضاع و شخصيات أربابها السياسيين, وهو (أنا) يمتلك اليوم فسحة قول ما يريده بخصوص واقع ومستقبل وطنه و مراحل طريقة بناء العراق الجديد وكيفية الإستفادة من أخطاء الماضي الكثيره والمتكرره , و الإبتسامة ألتي لم تفارق وجه الأخ البعثي التائب , جعلتني في بداية الأمر أشكك ما بين إحتمال إستهزائه بما أقول وبين تأييده الجاد لي, ولكن حين أدرك من سياق حديثي الذي أوصلته فيه إلى نقطتي الأساسية ألتي عبّرت فيها عن خشيتي حول مصير الكلدواشوريون المسيحيون وبقية الأقليات القومية والدينية الأخرى في اعقاب التغيير الحاصل على يد الساسة الإسلامويون وطائفيتهم المتطرّفه و أيدي القوميون المشحونون بمغالاتهم ,خشيتي أن يكون حال الأقليات هذه ليس بأحسن من حال السنين السابقه .

ردّ الأخ (..التائب..) بعد أن إستجمع من كلامي فكرة معينه تسارع بسببها إلى مقاطعتي وكأنه ينوي فيها مساعدتي على فكرتي ملتمسا منّي الإستماع إليه بإنتباه وتركيزمثلما فعل هو معي ليعلّق قائلا:
إن كنت تقصد يا ستاد عن حقوق أهلك الكلدواشوريين السريان المسيحيين (قوميا ووطنيا ودينيا) في عراق زمن صدّام, وأنا من الذين يكن لهم كل المحبّة والإحترام, لكن ليست بطريقة اللف والدوران التي ينتهجها الساسّة الجشعون وضحكهم على الذقون , فالشيعة والأكراد (كشعب) وليس كقادة سياسيون او عسكريون, لم يكونوا بأحسن حال منكم, لكن لنفرّق قليلا بين عامة الناس و السياسيين, سياسييّ الشيعة والأكراد في قيادات أحزابهم كما عرفناهم نحن البعثيون ,,,(العفلقيون,,,,,,,قالها وهو يبتسم بحسره) وكما خبرتهم قيادة صدام في تعاطيها معهم على مدى سنين حكمه ,كانوا من وجهة نظره يشكلون الطرف المقننّ والمسخّر في منافسة تطلّعاته البعثيه في العراق و في المنطقة و في أطماعه الشخصيه التي لم يكن لها حدود , لذلك شكلّوا أمامه طرفا سياسيا مناوئا ومنافسا نداّ مستديما مكنّتهم تشابكات الأوضاع من أن يستغلوا مشاعر عامّة الناس و يستثمروا مصالح الأجنبي في تحشيد حملاتهم ضده وضد نظامه , لقد غدت هذه الاطراف, هدفا أساسيا في أولويات أجندة صدام وأجندة حزبه الإيديولوجيه و العسكريه ألتي إستباحت قتل كل من يقف بوجهها وتصفيته جسديا كلّما إقتضى الأمر .
أمّا بخصوص موضوعة ماضي مواقف الكلدواشوريون وتصوراتي حول حاضرهم و مستقبلهم يا أخي ثامر,فإنّ رفض قائدكم الروحي البطريرك المرحوم مارإيشايا شمعون عام 1974 لطلب صدام حين إستدعاه الى العراق عن قصد معززا مكرمّا ليكلّفه بتشكيل تنظيم سياسي قومي اشوري يدعمه جيش اشوري يتم تسليحه عراقيا ليفرض سيطرته على أقليم جغرافي يطلق عليه أسم أقليم اشور ممتدّا من سهل نينوى بإتجاه عمق الأراض والمناطق التي يسيطر عليها الأكرادبإتجاه زاخو , كان رفض البطريرك لطلب صدام أنذاك بالتأكيد نابع عن شعور وطني عالي وإلتزام ديني سامي ,رغم علمه بأن ذلك هو حق قومي ووطني مشروع للكلدواشوريين , لكن رفضه لفكرة محاربة الأكراد ومقاتلتهم في العراق لحساب تقوية النظام القائم قد سجّل كنقطة لصالحه في صفحات تاريخكم العراقي الحديث , ومعنى ذلك أنّكم في رفض طلب صدام قد رفضتم عرض حيازتكم على رقم سيادي في خارطة الصراعات الوطنيه والإقليميه , وموقف المرحوم البطريرك كان سببا في تدبير عملية إغتياله رحمة الله عليه , كنتم يا أخي ثامر في خضمّ تلك الصراعات قد أصبحتم ولحد هذا اليوم أشبه ما يكون بسمك السلمون الصغير الذي تقتات عليه الأسماك الكبيره مثل الحيتان والقروش وما نتج عنه هو بالتأكيد تناقص في أعدادكم و إضعاف في حضوركم ثمّ تهميشه اليوم بالكامل.

في القضاء على نظام حكم صدام وعهده , يا أخ ثامر, معنى ذلك إمتلاك أؤلئك الأرقام المنافسون لنظام صدام بتخويل و بتزكية من الأجنبي الفرصة الذهبيه التي كانوا ينتظرونها بلهف , وفي نظري ونظرك ونظر كل إنسان واقعي, بأن الذي دفع ثمن حيازة هذه الفرصة هم على طول الخط ناسنا الأبرياء, بالضبط مثل الذي حصل في الفرصة التي منحها المجتمع الدولي لصدام كي يحكمنا بالحديد والنار , وما سيحّل على أيادي ساسة اليوم بعد زوال صدام سوف لن يختلف في ديناميكيته عن الذي سبقه, وأتمنى أن اكون في ذلك مخطئا, وسوف تكونوا مرة أخرى ككلدواشوريين ومعكم شرائح أخرى ضحية تكرار الصراع ما بعد التغيير وستكونوا مرة أخرى أيضا محط أنظار أرباب الحيل والفتن السياسية التي تخدم بمحصلّتها أطماع الأجنبي ومصالحه لا غير , تتلّقون من خلالها الكفخات والضربات تلو الضربات سواء إنتصر القادمون الجدد أم أعيدت المهمّة إلى اصحابها الاصليون (ويقصد البعث) لكن بزي أكثر قبولا , وإدعائي هذا هو لسبب بسيط جدا لأنّكم أحببتم وطنكم الأم للحد الذي لم تتقبّلوا فيه فكره تفضيل القومية والدين على المواطنه العراقية ولا تمتلكون اليوم في أجندتكم القومية او الدينيه أي مقص تحددون فيه حدود وطنكم الحلم كما فعل أبائكم أبان الحربين الكونيتين التي دفعتهم فيها مئات الألوف من الضحايا,وبقيتم تعيشون بعدها على تغذية صراعاتكم الداخلية وتصعدّون من حدتها حتى هذه اللحظة على الصعيد الطائفي والقومي, ولا تتعجب أخي ثامر , فأنا أتابع أخباركم بقدر المستطاع ,واقعكم المرير سبق أن جعلكم تنخرطون على الأغلب إمّا مع الأحزاب (الوطنيه) الحزب الشيوعي مثالا,و التي نراها اليوم هي الأخرى في تطلّعاتها الوطنيه تعيش مأزقا حقيقيا لما يعانيه الشارع من ظاهرة الإصطفافات القومية والطائفيه,, أوأن البعض منكم (الكلدواشوريون) رأى في ظاهرة الإنخراط و الإندماج في فعاليات الأحزاب القوميه الكرديه وحركتهم المسلّحة طريقا إلى تحقيق طموحاته الوطنية أو القوميه و(الدينيه),دون أن تتبلور لديكم فكرة العمل على تأسيس خط سياسي يجمعكم للعمل بشكل جماعي وموحد, علما أن الذي ثبت نظريا وعلى الأرض هو إستحالة تحقيق أمالكم القوميه في الوطن عبر مناهج و تطلّعات الأحزاب القوميه الأخرى وحتى الشيوعية, وأنا لا أستثني البعث في هذا المجال إن كان هو الملاذ في يوم ما , وأنت تعرف جيدا (موجها كلامه لي) ما الذي قدمّه البعثيون كحزب قومي عربي لكم سواء على مستوى حقكّم القومي أو الوطني أو الديني , أنسيت حين كان يوزع البعثيون إستمارات الإنتماء الحزبي وهم يوعدوكم بالكيت والكات؟ , لم تكن وعودهم تلك سوى تمويهكم بالشعارات الوطنية البراقة تحت ظل قيادة الحزب الحكيمه كما كانوا يصفونها ثم تعريبكم وتذويبكم في بودقته, وذلك يذكرني بما حصل بالضبط في تعداد عام 1977 , ألا تتذكر يا أخي ثامر بأنكم كنتم مقسّمون قسريا ما بين خيار تريد أرنب خذ أرنب, تريد غزال خذ أرنب لا غيره , إما أن تكتبوا عربي او كردي فقط ماكو لا أشوري ولا كلداني!! ألم تكن تلك محاولة إقتسامكم بين الشوفينيات القوميه المتصارعة تحت مسمّى الديمقراطية و التحرر الوطني؟؟ لذلك أسمح لي أن اقول بأنكم الأن, وبعد زوال ذلك النظام الذي تصفه بأنه كان طاغيا وظالما, أنكم أنتم و مع بقية العراقيين, أمام سيناريوسياسي أخر, لاتزال يد الأجنبي تمتلك الباع الأطول في تصميمه وبتلبيسه بزّه أكثر زركشةّ, سيناريو لا يختلف في جوهره إلا القليل عن الذي سبقه في حقبة حكم صدام, مع فارق في شخوص الرموز وفي حججهم و تبريراتهم السياسية التي بنيت اليوم بشكل مخالف لما كانت تُبنى في السابق, أقصد على المظلوميات التي لحقت بشعبهم, فاليوم يتدافع بكم الشيعة بشعاراتهم ومظلومياتهم و هكذا الأكراد بمشاريعهم و أنفالاتهم وحلبجتهم والخ, كل لأجل مصلحته, وعلى نفس الوتيرة كان صدام أيضا يستخدم شعارات التحرير القومي والوطني للإنسان العراقي والعربي من براثن الإمبريالية والصهيونيه وعملاءها الذي كانوا يعادونه , أم أنّك تناسيت يا ثامر كيف إستعان السيد مسعود البرزاني بالأمس القريب في أب من عام 1996, بجيش صدام حسين(القاتل الأوحد للشعب الكردي) كما يصفه الساسة من الإخوة الأكراد, كي ينقذه من تغلغل غريمه السيد الطالباني في أربيل ؟ ألم تكن ضحية تلك الجريمة الألاف من الإخوة الأكراد وبقية القوميات والأحزاب العراقيه؟ ولا أدري إن كنت يا ثامر قد سمعت بمذبحة قرية بيشتاشان التي إرتكبتها قيادة حزب الإتحاد الوطني الكردستاني بحق الشيوعيين في الثمانينات أم لا؟ وهل تعرف من الذي كان وراءها؟ومن اين إستحصل الإخوة الطالبانييون على أسلحتهم المتطوره التي ضربوا بها مقرات الشيوعيينوقتلوا المئات من العرب الشيوعيين وبقروا بطون الحوامل ؟لا تنسى يا ثامر, صدام كان دائما هو المحور وهو المموّل لهؤلاء المتطوعين من الساسةالمتسكعين (على حد وصفه) ,و أنا لست مغاليا لو قلت بأنهم كانوا عملاء للنظام وبجدارة , أخي إنّ ضحية صراعات هؤلاء القادة القوميين الأبطال عربا وأكراد او سنة وشيعة الأن هي نفس الضحية التي شهدناها في حروب ومعارك الستينات والسبعينات والثمانيات؟ الوطن هو الضحيه!! وأنتم الكلدواشور أحد مرادفات ومعالم هذه الوطنيه المظلومة , قل لي بربّك يا ثامر , كم فرد من قيادة صدام او قيادة البرزاني والطالباني قتل في معاركهم الماضيه على مدى أكثر من ثلاث عقود؟ أللهم فقط حين تدخل الجيش الأمريكي بدافع ما تمليه عليه مصالح إدارته ليصّفي قلاع الديكتاتوريه التي كما يبدوأنّ عجلتها قد شاخت , ثمّ قل لي كم كان الأبرياء المساكين وممتلكاتهم هم دائما ضحايا تلك الحروب القذره,,,,,!!!

كنت (كاتب السطور) أستمع إليه منصتا وهو يلوّح أنه (شبه تائب) أو ناقم على الكثير مما حصل , حيث كثرت في ذهني الصور وإختلطت عندي المعايير, بعثيا بدرجة حزبيّه عاليه يحس اليوم تائبا بأنّ وطنا بكامله قد تسبّب البعث وقائده في ضياعه, مشددّا بأن خشيته اليوم هي من الذين يقولون بأنهم كانوا ضحية النظام و سوف يستكملون صفقة إضاعة وتشتيت الوطن وشعبه بأكمله!!

نصدّق من إذن , لنكذبّ من!

نجتث من ونغفر لمن؟

هذا الذي قاله أحد أقطاب البعث وليست أنا الضحيه.

لمن الشكوى إذن؟ ولمن نوكل حل معضلتنا العراقيه؟

ومتى سنشهد توبة الجميع على منبر وقربان العراق ؟ Opinions