هل سنبقى حاملين للقب.. أم محمولين على نعش العقلية
بالأمس القريب، وتحديدا يوم الجمعة الفايتة.. سبعة بالشهر الجاري، كانون ثنين ألفين وحدعش!!، انطلقت منافسات بطولة أمم آسيا (الخمسطعش) لكرة القدم في دوحة القطر.. وعبر حدث نال من ترقب واهتمام شعبنا في العراق وبضمنه شعبنا (المسيحي).. بقدر ما نال من اهتمامه بأخبار الاجتماع الثالث لأحزاب شعبنا.. وهذه المرة في بغداد!!. (والفارق واضح بين تأثير الفضائيات.. قياسا بتأثير مواقع الإنترنت)!!.ولأن البطولة التي أعنيها هنا.. تتعلق بكرة القدم، ولأن العراق كان قد نال، للمرة الأولى في تاريخه، لقب هذه البطولة في دورتها السابقة.. وكان ذلك في 25 تموز 2007 حيث خرج الشعب العراقي على بكرة أبيه مبتهجا بالانتصار التاريخي.. ثم توجه (هذا الشعب المبتلى) في اليوم التالي إلى مجالس العزاء على أرواح الشهداء الذين سقطوا خلال الابتهاج أعلاه.
وحيث قلنا في مقال سابق أن شعبنا اليوم بحاجة إلى أية فرصة للفرحة العفوية.. حتى إن كان ذلك على صعيد الرياضة، ولا سيما كرة القدم.. الأكبر شعبية في العالم، والأكثر تجسيدا لمدى تطور وتحضر الشعوب.. بل وحتى أكثر من وزارة الخارجية!!.. حتى بلغ الأمر أننا وصفنا الحالة: إن لاعبي منتخبنا عندما يركلون الكرة بأقدامهم في الساحة.. فكأنهم يركلون قلوبنا في الصدور.
واليوم.. الثلاثاء 11 كانون الثاني 2011 سيدخل منتخبنا اختباره الأول في هذه البطولة أمام منتخب (إيران).. ضمن المجموعة الرابعة (D) التي تضم أيضا منتخبي الإمارات وكوريا النووية المشاكسة للبيت الأسود!!. وكم تمنيت أن تكون مباراتنا الأولى أمام البرازيل وليس (إيران).. لأن (السفارة.. في العمارة) والحليم تكفيه أم كلثوم!!!!.
أقول: وبعد متابعتنا خلال الأيام الماضية لمباريات المجموعات الأولى والثانية والثالثة.. وإخفاقة قطر والكويت أمان أوزبكستان والصين، وتحدي الأردن لليابان وفوز سوريا على السعودية ومعاناة جنوب كوريا أمام البحرين ونزهة كوريا السياحية في الهند: فإن منتخبنا، وإذا كان القياس بالمهارات الفردية والتكتيتك والتكنيك والغيرة.. والحماس، و(فتح) اللعب على الأجنحة، (لكي لا يزعل محمود عباس)!!، فإن فرصتنا كبيرة أن يبقى منتخبنا حاملا للقب. لكن جل ما أخشاه أن يخرج هذا المنتحب (ليس خطأ مطبعيا) من هذه البطولة محمولا على نعش الخبرة.. والتي أقصد بها تحديدا: الذكاء والحكمة والعقلية الكروية في المواقف الحرجة والمهمة.
فعلى الرغم من أن عددا كبيرا من لاعبي منتخبنا محترفون في أندية خارجية.. فإن احترافهم هذا وأنديتهم هذه إنما هي في قطر أو الإمارات أو السعوية أو إيران، بمعنى أنه ليس في أوروبا أو أميركا (اليونانية) حيث المستوى الأفضل في العالم!!.
وبمعنى آخر.. فإن النخبة من لاعبينا، مع أنهم يمتكلون القدر الجيد من الغيرة واللياقة والمهارة.. لكنهم يفتقدون الخبرة والحكمة والعقلية الكروية في رياضة كرة القدم.. بحيث أنهم يبالغون كثيرا حتى في التعبير عن فرحة تسجيل الهدف في مباراة ودية تجريبية وكأنهم سجلوا في مرمى ألمانيا وفي وقت حاسم ومباراة نهائية (وهو أمر يتعلق بالجانب النفسي حتى عند المنتخب الخصم)، (واسألوا عن ذلك السيد سيغموند فرويد أو السيد كارل يانغ أو الحاج على الوردي)!!.. أو أنهم (أي لاعبونا الأهزاء).. يعترضون بتهور واندفاع لا داع له.. على قرارات الحكم حتى في الرمية الجانبية.. فيتعاركون معه حتى على لمسة يد غير واضحة ولا مؤثرة في منتصف الملعب، أو على حالة ارتقاء عاليا على كرة.. وأكو دفعة لو ماكو، ثم يقوم الحارس محمد كاصد بتأخير لعب ضربة المرمى وكأنه متقدم على منتخب أسبانيا في الدقائق الأخيرة، ما يجعلهم معرضون للتشنج والتوتر والعصبية.. وبالتالي للبطاقات الملونة التي تكلف كثيرا في هكذا بطولات كبيرة.. والدليل على ذلك ما فعلوه حتى في المباريات الودية التجريبية التي تابعناها مؤخرا أمام الهند وسوريا والسعودية، وأكرر: المباريات الودية التجريبية الاستعدادية لهذه البطولة، وهي المباريات التي لم تكن تهمنا نتيجتها بقدر أهمية توفير الفكرة الكاملة للمدرب عن إمكانية اللاعبين والتشكيلة الصحيحة والخطة المناسبة للبطولة المنتظرة (يونس محمود وكرار جاسم وباسم عباس وقصي منير.. نموذجا).
والخلاصة.. ومع أن لاعبينا يمتلكون من الولاء للوطن.. والغيرة العراقية والمهارة والقوة البدنية (وغياب الدعم الحكومي)!!!!!!.. وما إلى ذلك من متطلبات هذه اللعبة الشيء الكثير.. لكنهم يفتقدون إلى الحكمة والعقلية الكروية الاحترافية في التعامل مع هكذا مباريات وهكذا بطولات.
وعليه: أنا أتمنى أن يحتفظ منتخبنا باللقب ويبقى حاملا له.. أو أن يصل على الأقل إلى المباراة النهائية.. لكنني أتوقع أن يعود من هذه البطولة محمولا على نعش الخبرة والاعتراضات البائسة والتوترات والتشجنات والعصبية التي لا جاعي لها.. وبالتالي البطاقات الملونة.
وأرجو أن يتحقق التمني.. ويخيب التوقع.. وسألتقيكم في مقال آخر بعد انتهاء مباريات الدور الأول يوم الأربعاء الجاي.. ثنعش من هذا الشهر.