هل للمحكمة الاتحادية العليا حق تعديل الدستور ..؟؟؟
طلب السيد رئيس الوزراء بكتاب مكتبه المرقم ( م . ر.ن/ س/ 110 / 1086 ) والمؤرخ في 2/ 12/ 2010 من المحكمة الاتحادية العليا اصدار قرارها في موضوع الهيئات المستقلة الوارد ذكرها في الفصل الرابع من الدستور...فاصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارها بعدد 88/ اتحادية/2010 بتاريخ 18/1/2011 القاضي بربط هذه الهيئات بمجلس الوزراء ....
السؤال الذي يطرح نفسه بهذا الصدد هل لهذا القرارمن مبررات قانونية ودستورية تتيح للمحكمة اتخاذ مثل هذا القرارالذي يشكل سابقه خطيره في التعامل مع الدستور واحكامه من ناحية وانتهاكا لحجية القرارات القضائية من ناحية اخر اذ سبق للمحكمة الاتحادية العليا وان اصدرت قرارها في ذات الموضوع بناء لطلب مجلس النواب السابق كما هو واضح ادناه ..
الـرأي
العدد: 228/ت/2006
التاريخ: 9/10/2006
يستفسر مجلس النواب ـ لجنة النزاهة بكتابه المرقم (م/ن/2/171) المؤرخ في 23/9/2006 من المحكمة الاتحادية العليا عن معنى الاستقلال الوارد في المادة (102) من الدستور فيما يخص هيئة النزاهة وعن معنى الرقابة الواردة في المادة المذكورة ، وما الاختلاف بين ما هو وارد في المادة (102) والمادة (103) من الدستور التي تذكر الهيئات المستقلة ماديا" وإداريا" ، وبمن ترتبط هيئة النزاهة .
الرأي
واستنادا" إلى أحكام المادة (93/ثانيا") من الدستور وضعت المحكمة الاتحادية العليا الاستفسار موضع التدقيق والمداولة وتوصلت إلى ما يأتي :
أولاً ـ أن الاستقلال المقصود في المادة (102) من الدستور هو أن منتسبي الهيئة وكلاً حسب اختصاصه مستقلون في أداء مهامهم المنصوص عليها في قانون الهيئة لا سلطان عليهم في أداء هذه المهام لغير القانون ولا يجوز لأية جهة التدخل أو التأثير على أداء الهيئة لمهامها .
إلا أن الهيئة تخضع لرقابة مجلس النواب في أداء هذه المهام فإذا ما حادت عنها أو تجاوزتها فأن مجلس النواب يملك لوحده محاسبتها ويتخذ الأجراء المناسب في ذلك بها ومعنى ذلك أن هذه الهيئة تدير نفسها بنفسها ووفقا" لقانونها شأنها شأن البنك المركزي الذي يتمتع بهذه الاستقلالية لتمكينه من أداء مهامه دون تدخل من إحدى الجهات .
وهذا بخلاف ما ورد في المادة (103) من الدستور حيث حصرت الفقرة (أولا") منها الاستقلال بالجانب المالي والإداري بالنسبة لديوان الرقابة المالية ، وهيئة الأعلام والاتصالات وربطتهما وظيفيا" بمجلس النواب .
القــاضي
مـــــــدحت المحـــمود
رئيس المحكمة الاتحادية العليا – رئيس مجلس القضاء الأعلى
فكان على المحكمة والحالة هذه ان تشير مجلس الوزراء الى ما ذهبت اليه في قراراها السابقة والمشار اليه اعلاه لانه حجة بما نص عليه ، اما ان تجتهد المحكمة وتناقض ما ذهبت اليه سابقا فيعتبر هذا انتهاكا لحجية القرارات الصادره منها وتناقضا في اجراءات العدالة التي تستوجب استقرار الاحكام والحفاظ على استقلالية القضاء ...
ومن ناحية اخرى يؤخذ على طلب رئاسة الوزراء بانهم طلبوا من المحكمة اصدار قرار وليس بيان الراى في الهيئات المستقلة ؟؟ وهم على علم بان القرارات تصدر في حالة وجود خصومة والحالة المعروضه لم يكن رئيس الوزراء ولا مجلسه خصما مع احد ...؟؟ بل كل ما في الامر هو توضيح وتفسيرلنص دستوري لان المحكمة لا تمتلك صلاحية المساس باي نص دستوري .. لان اختصاصات المحكمة منصوص عليها في ..
المادة (93) من الدستور:
تختص المحكمة الاتحادية العليا بما يأتي:
اولاً :ـ الرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة .
ثانياً :ـ تفسير نصوص الدستور.
ثالثاً :ـ الفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية، والقرارات والانظمة والتعليمات، والاجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية، ويكفل القانون حق كل من مجلس الوزراء، وذوي الشأن، من الافراد وغيرهم، حق الطعن المباشر لدى المحكمة.
رابعاً :ـ الفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية، وحكومات الاقاليم والمحافظات والبلديات والادارات المحلية.
خامساً :ـ الفصل في المنازعات التي تحصل فيما بين حكومات الاقاليم أو المحافظات.
سادساً :ـ الفصل في الاتهامات الموجهة الى رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء والوزراء، وينظم ذلك بقانون.
سابعاً :ـ المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب.
ثامناً :
أ ـ الفصل في تنازع الاختصاص بين القضاء الاتحادي، والهيئات القضائية للاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في أقليم.
ب ـ الفصل في تنازع الاختصاص فيما بين الهيئات القضائية للاقاليم، أو المحافظات غير المنتظمة في أقليم
رغم صراحة النص المحكمة تلزم نفسها كما تقول بالاجابة على كتاب مكتب رئيس الوزراء المشار اليه اعلاه وفق اختصاصها المنصوص عليه في المادة 93 / ثانيا من الدستور... اذ تدعى المحكمة في قرارها بان الهيئات الوارد ذكرها في هذه المادة 102 ( تخضع ) لرقابة مجلس النواب وتنظم اعماله بقانون ولم يحدد جهة التي ترتبط بها هذه الهيئات ، وكما تقول رغم ذلك فان القانون رقم 52 لسنة 2008 قانون المفوضية العليا لحقوق الانسان قد نص على ارتباطها بمجلس النواب ، كما ان قانون الخدمة العامة الاتحادية رقم 4 لسنة 2009 نص هو الاخر على ربط مجلس الخدمة بمجلس النواب دون وجود نص في الدستور يقضى بذلك ....
اذا نحن امام قانونيين حسب راى المحكمة مخالفان لاحكام الدستور .. فلماذا اذا لم تعالج المحكمة الامر حسب الفقرة اولا/من المادة 93 اعلاه وتستعمل حقها الرقابي على د ستورية القوانيين ...؟؟ ان كانا هذين القانونيين يخالفان الدستور ؟؟
وبعد ان مرت المحكمة كما تقول على المادة 103 / اولا من الدستور التي ترد الى ذكر البنك المركزي وديوان الرقابة المالية وهيئة الاعلام والاتصالات ودواوين الاوقاف بانها مرتبطه اما بمجلس النواب او بمجلس الوزراء الا ان المادة المذكورة لم تبين ماهية هذا الارتباط ولا حدوده ، اما البنك لمركزي العراقي و هيئة العامة لضمان حقوق الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة باقليم وهيئة العامة لمراقبة تخصيص الواردات الاتحادية ومجلس الخدمة العامة الاتحادي وهي منصوص عليها بالمواد 105 و106 و107 من الدستور الذي لم يرد نص فيه عن جهة ارتباط هذه الهيئات بجلس النواب او مجلس الوزراء .....
وتقول المحكمة بوجوب تحديد مفهوم العبارات التي اوردها الدستور عند ذكر الهيئات المستقلة وهي ( الارتباط بمجلس النواب او مجلس الوزراء ) و( الخضوع لرقابة مجلس النواب ) و ( المسؤولية امام مجلس النواب ) ومن ثم تحديد الجهة التي لم يحد الدستور ارتباط بعض الهيئات المستقلة بمجلس النواب او بمجلس الوزراء ودون ان يحدد مرجعية لها ، ووجود مرجعية لهذه الهيئات هو ما تقتضيه حسن سير العمل فيها ، وتامين الرقابة على ادائها ، لان هذه الهيئات ليست احدى السلطات الاتحادية المستقلة التي تتكون منها جمهورية العراق والمنصوص عليها حصرا بالمادة 47 من الدستور وهي السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية وتضيف المحكمة القول بان الهيئات المستقلة هي جزء من احدى هذه السلطات ومرجعيتها يلزم ان تحددها طبيعة المهام التي تقوم بها وفق القانون الذي يحدد هذه المهام لذا يلزم ان تكون لها مرجعية ترتبط بها او تشرف عليها ولايمكن ان تسير بدون ذلك ......والى اخر ماجاء في القرار.......
نجد ان المحكمة تلزم نفسها باجابة رئاسة الوزراء على تسائلها وفق احكام الفقرة /ثانيا من المادة 93 والفقرة ثانية تتعلق بتفسير نصوص الدستور لاغير ..
وهذا ما فعلته المحكمة في تفسرها لذات الموضوع عندما طالب به مجلس النواب السابق .. اما ما ذهبت اليه المحكمة في قرارها الجديد فقد تجاوزت تفسير نص دستوري عندما تاكد بان المصطلحات الوارد في الدستور الخاصة بالهيئات المستقلة ( الارتباط و والخضوع و المسؤولية ) لاترتقى الى مستوى حسن سير العمل لهذه الهيئات لذا تقول فلا بد ان يكون لهذه الهيئات ( مرجعيات ) فالمحكمة هنا تجاوز مرحلة التفسير الى مرحلة احلال نص محل نص وتعديل واضافة منطوق لا وجود له في الدستور .. فاضافتها لمصطلح ( المرجعية ) لتحدد حركة هذه الهيئات ضمن نطاق هذه المرجعات بعد ان كانت هيئات مستقلة تتحرك ضمن اطار المصلحة التي تقضي عملها خاصة وان بعض هذه الهيئات قد نشات منذ امد بعيد وتعمل ضمن استقلالية منشود لها ، فربطها بمرجعية رئاسة الوزراء هو اقل مايمكن ان يقال تسيس عمل هذه الهيئات لصالح سلطة معينه .. ومن جهة اخرى فان المحكمة قد جاوزت صلاحياتها القانونية والدستورية و تدخلت في صلب الدستور وتجاوزت واحدثت خللا جسيما في الأيطار القانوني والدستوري المرسوم لها وفق احام المادة 93 من الدستور فمخالفتها لذلك يعتبر خرقا واضحا للدستور ..
خاصة وان الدستور قد حدد الالية وطريقة تعديل مواده ف..
المادة ( 126):
اولاً :ـ لرئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعين، أو لخُمس (1/5) اعضاء مجلس النواب، اقتراح تعديل الدستور. ثانياًً :ـ لا يجوز تعديل المبادئ الاساسية الواردة في الباب الاول، والحقوق والحريات الواردة في الباب الثاني من الدستور، الا بعد دورتين انتخابيتين متعاقبتين، وبناءاً على موافقة ثلثي اعضاء مجلس النواب عليه، وموافقة الشعب بالاستفتاء العام، ومصادقة رئيس الجمهورية، خلال سبعة ايام.
ثالثاًً :ـ لا يجوز تعديل المواد الاخرى غير المنصوص عليها في البند "ثانياً" من هذه المادة، الا بعد موافقة ثلثي اعضاء مجلس النواب عليه، وموافقة الشعب بالاستفتاء العام، ومصادقة رئيس الجمهورية، خلال سبعة ايام
المادة (142)
اولاً – يشكل مجلس النواب في بداية عمله لجنة من اعضائه تكون ممثلة للمكونات الرئيسية في المجتمع العراقي , مهمتها تقديم تقرير الى مجلس النواب , خلال مدة لاتتجاوز اربعه اشهر , يتضمن توصية بالتعديلات الضرورية التي يمكن اجراؤها على الدستور , وتحل اللجنة بعد البت في مقترحاتها .
مما جاء اعلاه فان المحكمة قد ناقضة قرارها السابق وهو حجة بما ذهب اليه..... وان تدخل المحكمة بما ليس لها يعتبر تجاوز على الدستور وانتهاكا لمبدا فصل السلطات ... لذا نجد وفق المعطيات الدستورية والموضوعية فان قرار المحكمة مثارالنقاش لا يستقيم مع احكام الدستور فيكون تجاوزا عليه وعلى احكامه .. لذا يكون القرا ر وكانه قد صدر من جهة غير ذات اختصاص لان اختصاص المحكمة محدد بالمادة 93 وتجاوز الاختصاصات خروجا عن هذه المادة يعتبر تجاوزا على الدستور فيكون غير ملزم لاية جهة .. يقضى الامر جرح هذا القرار وابطاله حتى لايكون هناك التباس في تفسيره ... اما عن طريق تصحيح القرار من ذات المحكمة او بتدخل رئيس الجمهورية وفق احكام المادة 67 من الدستور او من قبل مجلس النواب السلطة التشريعية لانه الجهة المعنية بالدستور ..
والا سيكون هناك يوميا تجاوزات على احكام الدستور و قرارات تتناقض مع القرارات السابقة ..؟؟ وتصدر حسب الرغبة ومصلحة هذا او ذاك .. فكيف ستؤول امور العدالة في العراق الجديد ..؟؟ الذي سيكون جديدا في كل شئ ..؟؟؟
يعكوب ابونا .................30 /1 /2011