هل من حقائب وزارية للأقليات الدينية في حكومة المالكي ؟
المقدمة اربعة اشهر انتظرنا الى ان فرجت أزمة خانقة حول تسمية رئيس الوزراء المكلف بتشكيل وزارة أمدها اربع سنوات مقبلة ، وخرجنا من نفق مظلم لنلوج نفقاً آخر حول توزيع الحقائب الوزارية والمناصب السيادية في الدولة العراقية . إن الأصطفافات الطائفية والتناكف على المناصب وتهميش مصالح الشعب ، في الوقت الذي كان هذا الشعب المنكوب يدفع ثمن هذا الأنتظار ، ولا زال المسلسل اليومي للعنف الدموي رابضاً في كل زاوية من ارض العراق يطال العراقيين الأبرياء . تهميش اسماءنا القوميةهموم الأقليات العراقية لاسيما الأقليات الدينية منها كثيرة ومصيرية ، فالخلل الديمغرافي يهدد وجودها في الوطن العراقي ، والذي تعزى اسبابه الى العنف الدموي اولاً واستهداف ابناء الأقليات الدينية العزل ثانياً ، وتغلب المعادلة التي تضع هذه الأقليات في موضع تهديد وجودهم في وطنهم . على النطاق السياسي يجري تهميش الأقليات وسط غبار المعركة المحتدمة على المناصب بين الأكثريات المنتصرة في الأنتخابات : الشيعية ، السنية ، الكردية ، العربية ، الأسلامية . وضرب صفحاً عن ذكر الأقليات في المناصب الوزارية ناهيك عن المناصب السيادية التي تعتبر من التابو على الأقليات العراقية من : الكلدان والسريان والأرمن واليزيدين ، والآشوريين ،والتركمان والشبك وغيرهم . ان الشخصيات في اعلى مناصب الدولة يهملون تسمية مكونات شعبهم ، وهذه الأسماء ينبغي ان يعرفها هؤلاء المسؤولين كما يعرفون أسمائهم . وفي الحقيقة استغربنا من اختصار اسمائنا القومية من الكلدان والأشوريين والأرمن والسريان في مصطلح المسيحيين ، ورغم اعتزازنا بالأسم الديني المسيحي ، فإن أسماءنا القومية الجميلة تشكل رمز هويتنا بين القوميات العراقية . خارطة العراق
حينما نرسم خارطة العراق ليس من المعقول ان نسقط ذكر مدينة عراقية ، لا يمكن ان نحذف من الخارطة العراقية مدينة الصويرة او حلبجة او ابو الخصيب او علي الغربي او الرميثة او القوش او باعذري او فلوجة او عنكاوا اوالمسيب .. او اية مدينة صغيرة او كبيرة او قرية عراقية يحتويها العراق ، انها مدن وقرى عراقية ولا أحد يتجرأ على اسقاط واحدة منها من الخارطة العراقية . من هذا السياق ايضاً لا يجوز نكران او تهميش أي جزء من مكونات التنوع العراقي الأجتماعي او الأثني او الديني . . إن الخطاب الذي يلقيه رئيس رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء او رئيس مجلس النواب ، لو كان هذا الخطاب يحتوي 500 كلمة لا اعتقد ان سرد الأقليات العراقية من : أكراد وتركمان وآشوريين وأرمن وكلدانيين ويزيديين وصابئة وشبك وآخرين . وهذه 9 كلمات تضاف الى الخطاب فيصبح مجموع الكلمات في الخطاب 509 ، إن هذه الـ 9 كلمات تؤلف مع القومية العربية تنوع عراقي متناغم ، وعلى أي مسؤول ان يراعي مشاعر هذا التنوع ، عندئذِ يشعر ابناء الأقليات انهم موجودين على خارطة العراق وليسوا منفيين . تمثيل الأقليات غير المسلمة في البرلمان
لقد كان للمسيحيين في العهد الملكي مقعد ثابت في مجلس الأعيان وقد شغله معظم الوقت البطريرك الكاثوليكي الكلداني يوسف غنيمة . وكان لهم مقاعد ثابتة في مجلس النواب عن الوية ( محافظات ) الموصل وبغداد والبصرة . في اقليم كردستان حرصت الحكومة في هذا الأقليم على منحهم خمس مقاعد ثابتة في البرلمان الكردي ، ومنحت حقائب وزراية مهمة للأقليات . لكن حكومة أياد علاوي ومن بعدها حكومة الجعفري ، لم تقبل بتخصيص مقاعد ثابتة في البرلمان العراقي للأقليات الدينية : المسيحيون منهم ( الكلدان والآشوريين والأرمن والسريان ، ) ، والمندائيين الصابئة واليزيديين ، ولجأت الحكومة الى اقحامهم في المعركة الأنتخابية مع الكبار مما لحق الغبن بحق هذه الأقليات . ان تقديرات كثيرة منها تقديرات رسمية تشير الى ان نسبة الأقليات غير المسلمة داخل العراق تقدر بنحو 3% ، وسوف نهمل الأعداد المتواجدة من هذه الأقليات في دول الجوار وفي المهجر ، وعلى هذه النسبة كان ينبغي ان يكون لهذه الأقليات ما لا يقل عن ثمانية مندوبين في مبنى البرلمان العراقي . وعسى ان تنتبه الحكومة القادمة للأستاذ جواد المالكي على هذه الناحية وتمنح الأقليات غير المسلمة حقها من التمثيل الثابت في البرلمان . الأقليات والحقائب الوزارية والمناصب في الدولة العراقية
الحقيبة الوزارية وأي منصب في الدولة العراقية ينبغي ان يكون متاح للتنافس لأي عراقي يملك مؤهلات إشغاله . هذه القاعدة ينبغي ان يؤمن بها من يتقن فن الديمقراطية . سوف لا نسترشد بتجربة ديمقراطية غربية ، إنما نوجه ابصارنا نحو دولة من العالم الثالث وهي الهند ، دولة المليار إنسان ، والتي تقطع اشواطاً بعيدة في التنمية والتقدم الصناعي والتكنولوجي اضافة الى التقدم الحاصل في البناء السياسي للدولة الهندية الحديثة التي وضع اسس بنائها المتين المهاتما غاندي . إن هذه الدولة فيها رئيس الجمهورية من الأقلية المسلمة التي يشكل الأسلام فيها 15% من السكان ، ورئيس وزرائها مونمهان سينغ من اقلية السيخ وهي اقلية دينية تشكل نسبتها 2% من السكان فقط . إن الوزارات عندنا مقسومة الى درجات منها السيادية كالدفاع والخارجية والداخلية وأخرى مهمة كالنفط والمالية وثالثة خدمية كالصحة والسياحة والنقل وقد يكون هناك وزراء بلا وزارة ، ولا ندري ماذا يكون نصيب الأقليات من هذه الوزارات في حكومة الأستاذ نوري كامل المالكي . من حقنا ان نتساءل : ماذا لو اعطيت حقيبة وزارة الدفاع الى مواطن عراقي مسيحي او يزيدي او مندائي ؟ على شرط ان يكون هذا الشخص مؤهلاً لاستلام هذه الوزارة ؟ أنا متأكد ان تأثير كلامي هذا هو بمثابة اطلاق رصاصة على جبل لا أكثر . لكن في كل الأحوال لابد من إنصاف الأقليات العراقية بحقائب وزارية مهمة انطلاقاً من هويتهم العراقية التاريخية وإخلاصهم وتفانيهم لوطنهم العزيز العراق . إننا نأمل لحكومة الأستاذ نوري كامل المالكي التقدم والنجاح في مسعاها لأرساء اسس المحبة والوئام والسلام في ربوع العراق المنكوب . ان الأستاذ نوري كامل المالكي ابن العراق ويعرف جيداً عمق المآسي طالت الشعب العراقي ، ولا زالت هذه المآسي مستمرة ، وسيكون شرفاً له ولحزبه ولوطنه العراق العزيز ان يخدم بلاده ، ويقود سفينة العراق التي تتقاذفها الأمواج العاتية ، بحكمة ودراية وخبرة ويرسي مراسيها على بر الأمان والأستقرار . ونتمنى له ولطاقم حكومته المقبلة التوفيق والنجاح بعون الله . حبيب تومي / اوسلو