Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

هل هذه صفات القيادة يا سيادة الرئيس؟

الى الرئيس جلال الطالباني
هل هذه صفات القيادة يا سيادة الرئيس؟
كما نعلم و بحسب الاعراف و البروتوكولات الدولية ، يعتبر رئيس الدولة ممثلا لشعبه ، و على اساس هذه القاعدة يحترم من قبل رؤساء و كبار مسؤولي الدول . من هذا المنطلق يستوجب على رئيس الدولة ان يحترم بدوره كافة مكونات شعبه بدون تمييز، و ان يكون عادلا نزيها يمارس رحمة واسعة تجاه الضعفاء من ابناء شعبه و يدافع عن حقوقهم لكي لا تشعر اي فئة من شعبه بالغبن و التهميش . لكن ما نشاهده اليوم في العراق يختلف كليا عن هذه القاعدة ، فسيادة الرئيس الطالباني لا يعير اي اهتمام للفئات الضعيفة من الشعب العراقي ( والقصد من الضعف هنا هو قلة العدد بموجب الحسابات الرياضية ) فهؤلاء لا توجد لديهم ميليشيات مسلحة تقتل و تخطف و ترهب الاخرين، وليس لهم من يناصرهم خارج حدود العراق ، لهذه الاسباب يعتقد رئيس الجمهورية العراقية و الساسة الاكراد و البعض من كبار المسؤولين في العراق الجديد ، ان الفئات الضعيفة لا اهمية لها و ذكرها من عدمه ( لا يوَدّي و لا يجيب ).
ليست المرة الاولى و لن تكون الاخيرة التي يتجنب فيها رئيس العراق ذكر المكونات الصغيرة من الشعب العراقي في سياق كلامه ، فهو و غيره من الساسة القوميين يقيسون فئات هذا الشعب بحسب اعدادها و تأثيرها على الساحة حاليا..
في لقاء الرئيس مع ممثل توني بلير رئيس وزراء بريطانيا لحقوق الانسان، وامام شاشات التلفزة يوم 7 / 5 ، شاهدنا الرئيس الطالباني واقفا مع الزائر ( او الزائرة بالاحرى ) و التي لا يهمنا ذكر اسمها ولا ما قالته في ذلك اللقاء . لكن ما يهمنا في هذا الموضوع هو ما قاله رئيس الجمهورية و فحوى الرسالة التي اراد تبليغها الى الزائرة الكريمة . فمما قاله الرئيس في سياق حديثه و بعد ان قطب جبينه كعادته ، قال: ان العراق هو وطن لكل الشعب من العرب و الاكراد و التركمان و الآخرين. انتهى!
هنا نطرح سؤالا على سيادته و نقول : من هم الآخرين يا سيادة الرئيس؟ هل انهم قبائل رحل يسكنون في بعض اجزاء العراق بصورة مؤقتة ؟ و حتى اذا اراد احد من الساسة ان يحترم مشاعر هؤلاء ( الآخرين ) فيقولها بدبلوماسية ..((" و الاقليات الاخرى" )) – دون ان يذكر اسماءها.. لماذا؟ لكي تتذكر دائما هذه المكونات الصغيرة بأنها ادنى مستوى من الاقوياء. أليست هذه هي الحقيقة يا اقوياء العراق ؟
وا اسفاه – بالامس كنتم تطرقون ابواب الدول الكبرى و تذرفون دموعكم امامهم طالبين منهم التدخل لانقاذكم من براثن الدكتاتورية . لماذا؟ لانكم كنتم مظلومين و مهمشين و مطرودين من دياركم. و ها انتم تجلسون اليوم على نفس الكرسي الذي جلس عليه القائد الرمز ، و تسايرونه في كل سلوكياته . كان الدكتاتور واحدا، و اليوم هناك اكثر من واحد. تهمشون الاخرين و تصادرون حقوقهم و تسلبوهم لقمة العيش ، إلا إذا قبلوا بالتبعية و بالدونية التي تفرض عليهم ، تبعدوهم عن الوظائف التي هي حق لكل عراقي و تضيقون الخناق عليهم، إلا إذا انتسبوا لاحزابكم، تلوحون بخناجركم و بسيوفكم المصبوغة بالدم في وجوههم ، اذا عارضوكم في طموحاتكم التوسعية .
بالامس حاول النظام البائد تعريب من ليس عربيا في المناطق الشمالية من العراق، و اليوم يمارس الحزب الديمقراطي الكردستاني نفس الاسلوب في تكريد الشعوب الاخرى و في المنطقة ذاتها. فهل هناك فرق بين دكتاتور و آخر؟
بالله عليكم ، لماذا لا تحاسبون انفسكم يا سادة العراق ؟ كيف تأخذون اللقمة من فم الضعفاء و تأكلونها بصلافة . أليست هذه جريمة بحق الانسانية ؟؟
فاذا سكتت عن الممارسات اللاانسانية الصهيونية العالمية هذه ، فالله لن يسكت عن حق المظلومين . و الظلم لن يدوم واذا دام دمر .
هل ان الاقليات التي تصادرون حقوقها اليوم كانت بالامس ضد طموحات شعبكم ؟
أ لم تكن هذه التي تنعتونها بالاقليات شريكة لكم في السراء و الضراء ؟ كم من الجرائم ارتكبت بحق هذه الشعوب بسببكم ، هذه الشعوب التي تخجلون من ذكر اسماءها القومية اليوم ؟
ألم تدمر ما يقارب المئتي قرية من قرى الكلدواشوريين على يد الانظمة السابقة ؟
ألم ترتكب مذابح بحق هذا الشعب الآمن بسبب محاربتكم للسلطة في سبيل نيل حقوقكم ؟
يكفي هنا ان نذكر مذبحة صوريا عام 1969 و التي راح ضحيتها اكثر من سبعين شخصا بريئا. أ لم تجرد مئات العوائل من ممتلكاتها و مقتنياتها على يد افواج المرتزقة من الكرد ؟ و اسواق الموصل و المدن الاخرى تشهد على ذلك .
في ربيع عام 1961 جرى احصاء للجماعات التابعة لمطرانية زاخو ، و قد شمل ذلك الاحصاء القرى التابعة لقضاء زاخو ، بضمنها دهوك المدينة فقط. و قد بينت النتائج الاخيرة على ان هناك اثنا عشر الفا وواحد و ثلاثون انسانا من الطائفة الكاثوليكية الكلدانية، كانوا متواجدين في قراهم و بلداتهم في ذلك الوقت ( اي قبل 45 سنة من الان ، اما ما بقي من هؤلاء على ارض الاجداد اليوم، قد لا يتجاوز عددهم الستة آلاف نسمة.
و السبب هو قيام الثورة الكردية و ما رافقها من اوضاع شاذة و مؤلمة في المنطقة عصفت بهؤلاء الناس خارج منطقتهم، و بالتالي هاجر الكثير منهم الى خارج وطنهم .
بعد قيام الثورة الكردية عام 1961 و على ضوء الوعود التي قطعها الاكراد مع الكلدوآشوريين و مناداتهم بالاخوة الصادقة و بالشراكة في الارض وفي الحقوق ، مدّ الكلدوآشوريين يدهم و بكل صدق و اخلاص الى الاكراد و حاولوا نسيان الماضي بكل ويلاته و مظالمه، وارادوا بذلك فتح صفحة جديدة بيضاء ناصعة ، على امل ان ينقش الشعبين الكلدوآشوري و الكردي و بنيّة صادقة شعارات المحية و الاخاء و المساواة في الحقوق و الواجبات . و على هذا الاساس ضحى هذا الشعب المظلوم بامواله و بدمائه في سبيل انجاح الثورة الكردية و هناك الكثير الكثير من التضحيات لا مجال لذكرها هنا.
و عندما جاءت الدول الاستعمارية في ربيع 1991 و فتحت معها ابواب الحرية و الامان لشعوب المنطقة ، بدأ الاكراد بتهميش الكلدو آشوريين و بالتقليل من دورهم كشركاء اصليين في الوطن و في الحقوق الى ان وصل بهم الامر الى عدم الاعتراف بقومية هؤلاء و هويتهم الحضارية التي تمتد في عمق تاريخ بلاد ما بين النهرين . و اعتبرتهم الشوفينية الكردية مجرد فرق دينية فقط, و الهدف هو الغاء الاخر المغاير ، على هذا الاساس تم تشكيل لجان في السنتين الاخيرتين تحت تسمية لجان شؤؤن المسيحيين في المناطق التي يتواجدون فيها. كما ترتبط هذه اللجان بالسيد سركيس اغاجان وزير مالية الاكراد.
و الفكرة هذه ليست جدبدة بل كان قد طرحها الحزب الديمقراطي الكردستاني على الكلدوآشوريين السريان في السبعينات من القرن الماضي ، عندما كانت المفاوضات جارية بين المسؤؤلين الاكراد و السلطة المركزية آنذاك. لكنها لم تثمر و لم تطبق على ارض الواقع بسبب الظروف الامنية آنذاك.
فطريقة تهميش هذا الشعب و الغاء هويته القومية ليست جديدة ، وهو اصلا كان مهمشا بعد ان اغتصبت اراضيه و صودرت ممتلكاته في الماضي ، و الغاصب ينظر الى صاحب المال بعين الريبة دائما لذلك يحاول اضعاف و تهميش او حتى طرد صاحب المال من وطنه لإسكات صوته الى الابد .
المتعصبون الاكراد لا يطيقون رؤية من ليس كرديا على ارض كردستان، تجلت هذه الحقيقة بعد عام 1991 و بصورة خاصة بعد ان اصبح شمال العراق يعرف باسم كردستان ، فمن خلال هذا الوضع الجديد، يعتبره المتشددون من الاكراد وطنا خاصا بهم فقط دون غيرهم من شعوب المنطقة. قبل هذا التاريخ كانت هذه المنطقة تسمى شمال العراق، و كانت موطنا لكل العراقيين شأنها شأن الاقاليم الاخرى ، فكان يعيش فيها الكردي و الكلدو آشوري السرياني و اليزيدي و التركماني و الشبكي و العربي. فكان شمال العراق يمثل صورة جميلة لتركيبة الشعب العراقي الاجتماعية. اما اليوم فقد تغير وضع الاقليم كليا ، و اصبحت ارضه ارضا كردية بحسب القوميين الاكراد , و الاخرين الذين يعيشون في كردستان اليوم يعتبرون شعوبا طارئة دخيلة على المنطقة . و الذي يقبل من هؤلاء ان يكون تابعا ذليلا لاصحاب الارض فأهلا به في كردستان ، و الذي يرفض ذلك فعليه ان يرحل ..!
كلمة اخيرة نقولها للقوميين التوسعيين : " اذا اردتم ان يعيش شعبنا و الشعوب الاخرى معكم بسلام و اخوة صادقة ، فعليكم ان تتعاملوا مع هؤلاء كشركاء في الوطن و ان تعترفوا بهوية تلك الشعوب و منهم شعبنا الكلدو آشوري السرياني فذلك ليس هبة منكم او مكرمة من الاخرين "
فالزمن الذي كان يضطهد فيه الكلدوآشوريين السريان، و كان يخشى حتى ان يجر الاهات و الحسرات خوفا من بطشكم قد ولى الى غير رجعة ، فهؤلاء لن يقبلوا ابدا بالذل و الهوان ، و صراخهم سوف يملأ فضاء الكرة الارضية التي اصبحت اليوم قرية صغيرة بواسطة التكنولوجبا الحديثة. و شكاوى الكلدوآشوريين السريان ستزداد يوما بعد آخر , وقد تأخذ طريقها الى المحافل الدولية مستقبلا. فلا يغشكم عملاؤكم الانتهازيين الذين باعوا ضميرهم مقابل حفنة من الدولارات ، و اذا استطعتم شراء ذمم تلك الفئة الضالة ، فلن تستطيعوا شراء ذمم الشرفاء من ابناء الامة الكلدوآشورية السريانية مهما اوتيتم من قوة .
و انتم تعرفون طبيعة هذا الشعب الاصيل الذي لن يفرط ابدا بدينه او بحضارته .
Opinions