Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

هل هو صنفُ فايروس أم طبع ٌفي النفوس

أنا العبد الفقير ألغني بحبِّ أهله , لست لامن ذوي الإختصاص بالدين ولا من الراغبين في الغور بأعماق اللاهوت , لكن معايشتي لواقع بيئتي و معلوماتي المسموعةِ والمقروءةِ رغم محدوديتها علّها تجيز لي و بكل تواضع قول البعض مما إختزنته ذاكرتي من معرفتي .
(((ألكنيسة تحتاج دوماً إلى التطهير,وعليها أن تتبّع دائماً طريقة التوبه والتجددّ)))قول مقتبس(مترجم) من خطاب البابايوحنّا بولس الثاني أثناء إستقباله للأساقفه الأمريكيين لمقاطعات نيفادا وكاليفورنيا وجزر الهاواي في صباح الجمعه 14 أيار من عام 2004 .
كلّنا يعرف حقّ المعرفه,بأنّ رسالة المسيح عليه السلام قد فرضت أرجحيتها في سموّ معانيها ونبل أهدافها على مدى أكثر من عشرين قرنا , وقد ثبتت صلاحيتها لأنّ إنطلاقتها الأولى كانت من واقع شعب ومعاناته ومن أجل إنقاذ بني البشرمن عذاباتهم , وليس بدافع إستملاك العقارات أو بناء الناطحات ولا بدافع التمتعّ ببهرجة ركوب السيارات , لأنّ أرقى ما إمتطاه سيّد الفكر المسيحي عيسى بن مريم عليه السلام في حياته كان إبن الأتان, جاءنا معلنا رفضه لذلك الواقع المريرالذي عاشه شعبه تائها غارقا ببحر الفساد , و قصّة رسالته لم تكن روحيّة صرفة أو اسطورية في مرجعيتها كما يرى البعض بقصد إختزال شموليتها , كانت بمثابة إنتفاضه فكريه إجتماعية سلميّه تناولت قضية مظلومية الإنسان و كيفيّة إنقاذه من تجبّر حكّام إمبراطورية زمانه الرومانيه, وقد أوصلته حالته الإيمانيه برسالته إلى إستعدادية منح حياته قربانا وعربونا من أجل قضية بشريه تجاوز فيها حواجز جغرافية إلإنتماء وقرابة الإرتباط,أي أنّه كان أممّياً في تطلّعاته و متفوقاً في جرأته حيث كلّف ذلك حياته , و لم يكن قبوله بالموت من أجل خلاص بني جنسه إلا سبباً جعله يتربّع رأس قِمة هرم الحياة الذي لم يجرؤ الملايين حتى الإقتراب منه .

لقد إستطاع المسيح في مراحل حياته النضاليّه وثورته السلميّه أن يستجمع من حوله مساكين مجتمعه من المظلومين والمستَغَلين ليكوّن منهم باكورة لنخبه مؤهلّه إستبشرت بحملها لفكرته الإنسانية التي قوَت بإكتسابها سِمة الروحيّه ثمّ العمل عليها والتبشير بها في أصقاع المعمورة كي يطلّع البشر على تعاليمه, وقد أثارت إنتفاضة السيّد المسيح منذ بداياتها غضب الإمبراطور وحاشيته ألتي مالبثت أن مارست بحقه شتى صنوف القمع ليصل الأمر بهم إلى تعذيبه ظلماً وقتله مصلوباً .

لو رسينا معتمدين في صياغة أفكارنا وممارستها على مرافيئ عمق إيماننا و رسوخ إعتقادنا بحقيقة أنّ رفض المسيح لظاهرة إستغلال( الهيكل) كان تعبيرا عن رفضه لأيةِ ممارسات لا تعبّديّه وغير لاهوتية في أروقة ذلك الهيكل على إعتبار أنّها إستهتار بقدسيته ومعاني صرحه , لو كنّا مؤمنين بهذا النحو ,يكون جدير بنا أن نلتزم أليوم بذلك النهج في إعادة إطلاق تلك الصرخة الرافضه علانيةً وتكرارها كلّمّا صادفتنا حالة إستغلال مشابهة لتلك التي رفضها السيد المسيح في تدنيس ذلك الهيكل الرمز الذي يماثله اليوم صرح كنيستنا ومؤسستها,وعلينا أن نتذكّر أيضا بأن دَوّيُ صرخة المسيح أمام الجمع وردعه للذين أرادوا من الهيكل أن يكون مرتعا او مكانا للتجارة , تعطينا الحق بأن نفسر ذلك الموقف بإدعائنا أنّه كان في نفس الوقت رفضه لحالة الخنوع حين حاربها بالسر والجهار , وفي ذات الوقت كان يستبعد بإصرار أو ربما يستحرم مهادنة الذين يسيئون له ولرسالته مقابل دعوته المستمرّه إلى العدل والحق والمساواة ثم التسامح ما بين البشر, أي أنّه أعلن جهارا نبذه لفكرة التردد والخوف من قول الحقيقة كلّما كان التصريح بها لصالح كنيسته ورسالته الإنسانيه و فائدة عموم البشر.

في مراحل لاحقه من تاريخ الديانة المسيحية وقت تثبيت كيانها كمؤسسّه رسميه قائمه, كان الحكّام والملوك يحرصون على إعتبارها وجعلها ( الكنيسة ورجالاتها) حلقة وصل مساعدة مابين شلّة النخبه الحاكمة وبين الشعب, وعلى هذا الأساس كان يتم التعامل ما بين المؤسستين بناء على مصلحتيهما , حيث وصل الحال بالحاكم أو الملك إلى إعتبار رجل الدين بمثابة الوسيط الذي تقتضي مصلحته أن يشارك فعليا في عملية إسكات الشعوب كلما غضبت أو بدى منها أي إستياء, ثم تسهيل أمر السيطرة عليها روحيا من دون إستخدام قوةِ أو قانون حاكم الدوله , ممّا أوصل الحال بالشعب إلى الإعتقاد بأنّ الحاكم المدني او العسكري هو الأخر يمتلك بالإستعاضة تخويلا سماويا بفرمان بابوي أو بكراز بطريركي, ومعنى ذلك أنّ مخالفة أوامر الحاكم ومشيئته يمكن وضعها في خانة العداء لله وللسيّد المسيح, ومن هنا بدأ تنبيت بذرات الإختلافات الداخليه ألأتي ألقت بظلالها على الشعب المسيحي الذي راحت تبزغ في أكنافه رموز المعارضه وأصحاب النظريات الإحتجاجيه.

عندما إنتفض السيّد المسيح رافعا مشعل خلاص الإنسان , لم يفعل ذلك لتأّسيس عدة كنائس أو لزرع بذور طوائف تزج نفسها في صراعات داخلية تضعف من كينونتها الموّحده , لقد تحقق هدفه حين تمكّن من توكيل أصحابه في بناء كنيسه واحدة شجاعه يحضرها الناس من يهود ووثنييون,مؤمنون وكفره ليشكلّوا جسما واحدا موَحَدين على كلمة الخير والمحبه, وموحِدين لكنيستهم, فهو القائل ( ليكونوا واحدا كما نحن),متكاتفين كأعضاء خلية عامله تأطرّهم إنسانية المسيح لتؤدي وظائفها في جسد واحد, وكلّما تشتت وتشرذم أجزاء وأعضاء هذا الجسم معناه إستحالة قدرة ذلك الجسم على العيش بشكل طبيعي , ولا يمكن للعضو المنشطر أن ينجز مهام الجسم لوحده , لذلك نرى بأنه في بدايات إنبثاق التأسيس للكنيسه, كانت تبرز العديد من الإختلافات والخلافات داخل الكنيسه, لكن حرص أوليائها على توصيات السيد المسيح وإقترابهم منه جعلهم بكل شجاعه يستبعدون فكرة الإنفصال عن الطاقم الأساسي ويلجأون إلى تقديم كل ما يستطيعون من تنازلات وتسهيلات من أجل تجاوز الأزمة و تقوية عودها في مواجهة أعداءها .

ليس بصعب على أي متابع لتاريخ نشوء الكنيسة, أن يكشف بأنّ غالبية الإنقسامات ألتي شهدتها كنيستنا , كانت إمّا بدوافع شخصيّة أو خلافات عشائريه او بتأثيرات سياسية,أمّا في الخلاف اللاهوتي, فكان سببه حول معاني الكلمات أكثر منه عن جوهر الإيمان, أي أنّ غياب روح معاني كلمات المسيح وعجز الورثه الأوصياء عن تحمّل مسؤولياتهم تجاه تلك المعاني , كان هذا الغياب ظاهرة سلبيه بائنه ومتكررّه .

حين يتحدث أحد رؤساءنا الروحيّون واعظا السامعين المنصتين حول معاني المحبّة التي تجسّدها كلمات المسيح في الإنجيل و عن وجوب إلتزام الرعية بتلك التعاليم الساميه ,عليه( وهو الذي نذر نفسه مشروعا من العطاء) أن لا يتناسى بأن التقاذف والمناوشات المعلنه والضمنيه ما بين المسيحي والمسيحي على اساس الطائفه والمذهب , بغض النظر عن صفة موقعه , سواء كان دينيا او علمانيا , لهو من أبشع التناقضات وأخطرها في فضح زيف إدعائنا الموعظي والإرشادي, وهنا يكون إثبات فقداننا للحلقة الحيوية في منضومتنا الرياديه ألتي نعوّل عليها في رأب التصدعات وربط الإنقطاعات ألتي تسببّها تشعبّات الحياة المتغيّره وليس تعقيد أجوائها .
نعم,حين نشبّه كنيستنا بذلك الجسد ألذي يتكون من أعضاء متعددة ورأسها المسيح , لا يمكن الإستغناء عن أحدها,وهذا لا يعني أنّ الأعضاء التي تكوّن هذا الجسد هي بالضرورة متوافقه ومتشابهة ومتطابقه في حجمها ولونها ووظائفها,فجسد الإنسان نعم هو واحد واعضائه كثيرة وعديده , وحين يصاب أحدها بعطل او تعثر في العمل الوظيفي , لا يعني بأن الحل هو فقط في إستئصاله أو رفضه لحد العزل, فمن أجل صيانة الجسم والحفاظ على قوامه وقيافته المعهوده لابد من إجراء كل المحاولات من أجل معالجة العضو كي يشفى ويعاود ممارسة دوره خاصة إذا كان إحتمال شفاءه وارد.

وهكذا فالوصف نفسه ينطبق على مؤسستنا الكنسيه في وجوب إلتزامها بنهج فكر المسيح , وإتباع الطريق الذي يبقيها واحده , ويصون عافيتها حيثما وحالما ظهرت أيّ بوادر غريبه في أحد أعضائها, فمن الطبيعي جدا أن تحصل الخلافات في داخل الكنيسه كأي مؤسسه تضم عقول تتفاوت في طرائق تفكيرها ورؤاها , لكن مشكلتنا هي أن يمنح كلّ من إمتلك القوّة لنفسه تخويلا في خضم أي خلاف مهما كان بسيطا بحيث يخوّن هذا أو يكفّر ذاك أمام الملأ والمحاكم وبالنتيجه يشق صف شعب بأكمله اّمن و يؤمن بوحدته لكنّه يواجه مرغماّ مسعى توريطه في غياهب مشاريع ضيق العقول , أين سيكون حضور المسيح وإدعائنا في تقديس كلمته من هذه الممارسه؟
وكي نربط موضوعنا بأوضاع شعبنا(الكلدواشوري السرياني) والمسيحيين في العراق بشكل عام, فالذي نراه ما هو إلا إستمرارنا منقسمين صاغرين ومنذ قرون عديده وما زلنا لحد هذه الساعة ندفع الفواتير تلو الأخرى من دماء وتهجير و ضياع ممتلكات وأراضي و قرى وكنائس , كلّها نتيجة إجتهادات أشخاص هم مثلهم مثلنا لكنهم بدرجات لاهوتيه حصلوا عليها بعد إنخراطهم وتدرّجهم في المؤسسه الدينيه , وإستطاعوا من خلال دخولهم الساحة وخوض المناورات و الصراعات , إستطاعوا أن يتبوأو ناصية إ صدار القرار( الكنسي ) الخاص بهم ثم فرضه لاهوتيا على منتسبي كنيستهم بهيئةٍ تثبت خلافية هذه الكنيسة عن الأخرى في أداء طقوسها وتأدية مراسيمها الكنسيه, والحال هذه دامت ردها طويلا من الزمن وتراكمت جراءها الكثير من العقد والحواجز التي يرى البعض في حلّها و تذليلها الان أمرا مستحيل ومستعصيا جدا, وهنا يطرح السؤال الوجيه نفسه, هل فكر المسيح ونهجه الإنساني هو الذي أنجب لنا هذا الحال من الصراع ومن تفقيس الأزمات المتتاليه وتفريخ العقد التي بات البعض يرى فيها إستحالة مواجهة تذليلها ؟

ليس أسهل من الإجابة على السؤال أعلاه , بكل بساطة وصراحة أقولها إنه فايروس الأنا ألذي تغلّب عليه المسيح في نكرانه لذاته من أجل بنيه من البشر حين تسلّق جبل جلجله حاملا صليبه فوق كتفيه.


وسؤالنا الأخير نوجهه لذوينا الأعزاء والأجلاّء من قياداتنا الكنسيّه : من الذي سيحمل على خُطى سيدنا المسيح صليب إعادة التوحيد على كتفه من أجل مستقبل أهلنا المنهكين في العراق ؟ وسنرى كيف سيضحّي الكثيرون بكل ما تمتلكه أيمانهم على طريق توحيد شعبنا وأمتنا وقوميتنا في كنائسه أولا. Opinions
الأرشيف اقرأ المزيد
نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي: أقول للإيرانيين تصرفوا معنا بمروءة فللعراق حق في كل تلك المياه التي قطعت عنه شبكة أخبار نركال/NNN/ أكد نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي أن "أمن العراق انطلق من محافظة البصرة وان الصفحة الأولى قد البدء بدورة القيادة التدريبية السابعة تحت اشراف الشرطة الايطالية "كارابينيري" شبكة اخبار نركال/NNN/ افادت القوات المتعددة الجنسيات بحضور ضباط الشرطة الوطنية العراقية591الى الهوية القومية التي طالب بتثبيتها مجمع اساقفة الكنيسة الكلدانية من المواضيع المهمة التي ناقشها مجمع أساقفة الكنيسة الكلدانية الدائم ( الذي يترأسه غبطة البطريرك الكردينال مار عمانوئيل الثالث دلّي ) بجلسته كُرة تتقاذَفُها كُلّ الأَطْراف ......... في عام 2007 قامَت الدُّنْيا وما قعُدَت في المانيا على أَثْرِ خَبَرِ اعْتِقال الطالب الالماني ماركو فايس القاصِر البالِغ من العُمْرِ سبعة عشر عاماً في انتاليا ــ تركيا
Side Adv2 Side Adv1