Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

هل يطالب العراقيون بانفصال "اقليم العراق" عن "دولة كردستان" ! ! ؟ ؟

كثيرا ما عارضني أصدقائي عندما كنت أصف الوضع السياسي و الأمني الكارثي في العراق على كافة الصّـعـُد بأنه مُدبـّر و مخطـّط له ، و تقف وراءَ بعض فصوله جهاتٌ عراقية مستفيدة من نتائج هذه الحرب الأهلية غير المعلنة الدائرة فيه ، و أن الأكرادَ هم الجهة الوحيدة المستفيدة مما جرى و يجري في العراق منذ إسقاط نظام صدام إلى يومنا هذا . لا بل كنت أذهب في تحليلاتي إلى الحد الذي يجعلني أبدو واثقا أن الميليشيا الكردية و من يدعمها ، تقف وراء بعض عمليات التفجير الإرهابية التي تتوزع على كل أرض العراق ( باستثناء مدن الإقليم طبعاً ) . وكنت أبني تحليلاتي لهذه الممارسات الكردية ضد باقي العراقيين على أسس و دوافع كثيرة أولاها دوافع سياسية : فالحرب السياسية و الميدانية شبه المعلنة التي تدور رحاها بين الشيعة و السنة ، و التي يقوم الأكراد بتسعير نارها ، تـُضعـِفُ الطرفين في مقابل ازدياد النفوذ الكردي . و هذا كان جلياً إبـّان الانتخابات البرلمانية الأولى التي حصل الأكراد بموجبها على قرابة الثمانين مقعداً ( بغض النظر عما شاب العملية الانتخابية من تزوير و خروقات على أيدي الميليشيا الكردية ، خصوصاً ضد القرى الكلدوآشورية المسيحية في سهل نينوى ) بسبب غياب أبناء العراق من العرب السنة الذين نأوا بأنفسهم عن المشاركة في العملية السياسية ، كردّ فعل طبيعي على التفجيرات الإرهابية و العمليات العسكرية التي كانت تجري ضد مدنهم و بلداتهم و قراهم لاستبعادهم تماماً . ما أدى إلى تضخم الكتلة الكردية في الجمعية الوطنية آنذاك ، و لينجح الأكراد بالفعل في أن يصبحوا الرابح الأكبر بعد إضعافهم لبقية مكونات الشعب العراقي التي كانت تنافسهم .

و الدافع الثاني للممارسات الكردية هو اقتصادي ، حيث يؤدي الوضع الأمني السيئ و المتداعي إلى هروب العراقيين و التجائهم إلى المناطق الأكثر أمناً ( و إقليم شمال العراق للحقيقة هو من أكثر المناطق أمناً في العراق ) و بذلك يحصل الإقليم على أيدي عاملة رخيصة يستفاد منها في عمليات البناء و الاعمار و التحديث الجارية هناك على قدم و ساق . هذا من جهة ، و من جهة أخرى فان الشركات و المؤسسات الاقتصادية العربية و الدولية التي أرادت الاستثمار في العراق ، ليست بالسذاجة التي تجعلها تضخ رؤوس أموالها في مشاريع اقتصادية لمناطق مهدّدة أمنياً . فهي منطقياً ستبحث عن المدن الأكثر استقراراً و بالتالي فان إقليم الشمال العراقي سيصبح الملاذ الآمن والجامع لرؤوس الأموال العربية و العالمية . و فعلاً فقد تدفـقت على الإقليم رؤوس الأموال ، و أقيمت عشرات المشاريع الاقتصادية في قطاعات الاتصالات و الاعمار و الصناعة و غيرها ، كما شهد الإقليم العديد من المهرجانات و المؤتمرات و المعارض الاقتصادية لكبريات الشركات العالمية ، في حين كان العراق و أبناؤه من السنة و الشيعة و الكلدوآشوريين و التركمان لا يكادوا ينتهون من لملمة شظايا و ضحايا سيارة مفخخة في مسجد أو كنيسة أو حسينية هنا ، حتى تنفجر سيارة أخرى مفخخة رداً عليها هناك . و هكذا دواليك ليستمر استنزاف الطاقات العراقية و انتفاخ القوة الكردية .

و هناك أسباب و دوافع أخرى للممارسات الكردية في العراق يمكن إيجازها في قضايا تتعلق برغبة الأكراد بإضعاف الحكومة المركزية في بغداد لتكون حكومة الإقليم القوية هي الواجهة السياسية التي تمثل العراق ، و بالتالي هي المؤهلة لفتح قنوات الحوار مع الأمريكيين و الأوروبيين و العالم في كل ما يتعلق بالعراق ، و هذا يفسر مماطلة كتلة التحالف في تشكيل الحكومات العراقية الثلاث لكسب الوقت ، و هو يفسر من جهة أخرى تشبث الأكراد بمنصبي وزارة الخارجية و رئاسة الجمهورية ، و هما الموقعان اللذان يتيحان للأكراد الاتصال بقادة دول العالم و طرح مشروعهم الانفصالي حتى لو اضطرهم الأمر إلى تقديم الكثير الكثير من التنازلات ، فهذا كله يصب في خانة تحقيق الهدف الأكبر و هو تأمين غطاء دولي و تأييد إقليمي لحلم الانفصال القديم ، رغم أن المناخات السياسية عراقياً و إقليميا و دوليا لا تحتمل فكرة إقامة كيان كردي مستقل فالمشروع يلقى معارضة من قبل دول الجوار الجغرافي للعراق حيث تعتبره كل من تركيا و سوريا و إيران خطاً أحمرَ لا يمكن تجاوزه . و هو يلقى معارضة عربية و أوروبية معلنة و لا يلقى تشجيعا أمريكيا في هذه المرحلة على الأقل . و هو أصلاً موضع استياء من قبل أبناء الشعب العراقي أنفسهم ، فإقليم شمال العراق ليس أرضا كردية ، فللآخرين من أبناء العراق – و الكلدوآشوريون في مقدمتهم - حقوق تاريخية دستورية أممية إنسانية مشروعة فيه ، حتى لو حاول الأكراد طمسها بإتباع سياسات التهجير و القتل و التكريد و مصادرة الأراضي و الاعتداءات على القرى المسيحية و شراء الذمم بالدولار و المناصب .

إن التطورات الميدانية و السياسية الأخيرة أثبتت صحة ما كنت اذهب إليه فقد نشرت كبريات الصحف العربية و الدولية معلومات تفيد بأن البيشمركة الكردية تقف وراء العديد من العمليات و التفجيرات التي شهدها العراق . إضافة إلى نشر الصحف العربية و العالمية وثيقة سرية كردية تتحدث عن خطوات مشروع إعلان الدولة الكردية المستقلة التي ستكون – حسب ما تقول الوثيقة – رأس حربة أمريكية أوروبية لمحاربة الإرهاب . و جاء قرار إنزال العلم العراقي من على مؤسسات الإقليم ليكشف المزيد من النوايا الكردية المبيتة ، بحجة أن هذا العلم هو علم البعث . ولسنا هنا في وارد الدفاع عن هذا العلم لأننا ببساطة نعتقد انه لا يمثل الطيف العراقي ، لكننا ملزمون دستورياً برفعه إلى حين إقرار علم و نشيد وطنيين من قبل البرلمان العراقي المنتخب . و قد لاقت هذه الخطوة انتقادات لاذعة و شديدة اللهجة من كتل برلمانية بعضها حليف للكتلة الكردية . لكننا نذكر أصحاب القرار إياه ، أن كتائب الجيش العراقي - و تحت ظل هذا العلم - هي التي أنقذت القسم الغربي من الإقليم ( إدارة البارتي ) في العام 1996 في حربه الطاحنة لتحرير أربيل ضد جيوش الطالباني .

إن كل هذه الحقائق و الممارسات ، مضافاً إليها إصرار الأكراد على حرمان الحكومة المركزية في بغداد من الواردات الجمركية التي تستوفيها حكومة الإقليم لخزينتها من المعابر الدولية التي تربط العراق مع تركيا ، و خصوصا معبر إبراهيم الخليل ، و هذا يخالف كل قوانين و أعراف الفيدراليات و الكونفدراليات . لا بل تصر حكومة الإقليم – حسب الفيدرالية الانتقائية التي تسير وفق نهجها - على ضرورة الاستمرار بمنحها 17 بالمائة من واردات النفط العراقية التي تدخل إلى ميزانية الحكومة المركزية لتصبح واردات كردستان لكردستان و واردات العراق لكردستان !!! .

أمام هذه الحقائق الدامغة و الوقائع المثبتة ماذا عساكم فاعلون أيها العراقيون ؟؟ أما آن لكم أن تـَعوا أوضاعكم و توحّـدوا صفوفكم و تنهوا حروبكم التي يصبّ البعض زيتـَه على نارها التي حرقت كل شيء ؟؟ ألم يحن الوقت لترفعوا أصواتكم عالياً مطالبين بضرورة إنهاء السيطرة الكردية على مقدّرات العراق و وضع حدّ للممارسات الكردية ضد شعب العراق..؟؟

هل ستطالبون بأعلى صوتكم بالإقرار بحق العراق في تقرير مصيره و انفصال إقليم العراق عن دولة كردستان ؟؟؟؟؟!!!!!





أريو الخابوري - إعلامي كلدوآشوري

Opinions