هيئة الاتصالات تفرض اجورا باهضة وبأثر رجعي لقاء منح الترددات للإعلام المحلي
09/02/2011شبكة أخبار نركال/NNN/مرصد الحريات الصحفية/
فرضت هيئة الإتصالات و الإعلام المختصة بتنظيم البث وتراخيصه في العراق، مبالغ مالية كبيرة، كأجور لإستخدام الطيف الترددي، إستهدفت المؤسسات الإعلامية، المستخدمة لذلك الطيف، والمتمثلة بالإذاعات و التلفزيونات المحلية.
وتراوحت المبالغ المالية المفروضة في حدها الأعلى، بين مليار و 600 مليون دينارعراقي أي ما يعادل المليون و نصف دولار أمريكي، كان من حصة قناة الفرات الفضائية، فيما كان المبلغ الأقل هو 180 ألف دولار أمريكي، تم فرضه كأجور إستخدام للترددات على إذاعة ديموزي.
وتفاوتت تلك الأجور من مؤسسة الى أخرى و بأثر رجعي، لكنها شملت جميع وسائل البث بالعراق، خلافاً للدستور العراقي، واُبلغت المؤسسات الاعلامية بقرار الهيئة بأوقات متفاوتة من هذا العام.
عدد كبير من مدراء وممثلي المحطات الإذاعية والتلفزيونية العراقية ومن ضمنهم مرصد الحريات الصحفية، إجتمع يوم الإثنين الماضي في بغداد، لمناقشة قرار هيئة الإتصالات والإعلام، بفرض أجور البث وبأثر رجعي وتأثيراته على ديمومة المؤسسات الإعلامية الناشئة في العراق.
وإتفق ممثلوا أكثر من خمسين وسيلة اعلامية، على ان قرارات الهيئة الملزمة، لكافة المحطات الإذاعية والتلفزيونية المحلية، بتسديد أجور ومبالغ طائلة وبأثر رجعي مقابل استخدام الطيف الترددي على أنها "مجحفة بحق وسائل الاعلام وفيها غبن فاحش" .
وابرمت المؤسسات الاعلامية وثيقة عهد على توحيد موقفها من تلك القرارات و مواجهتها كونها تهدف الى اغلاق المنابر الاعلامية الممثلة، لمؤسسات مجتمعية ومدنية، لا تحمل الطابع التجاري.
ويصف مدير اذاعة ديموزي ابراهيم الساعدي، لمرصد الحريات الصحفية ، قرارات الهيئة بانها "غير شرعية، كون مجلس أمنائها غير مكتمل النصاب لتعيينه ستة اشخاص فقط، في حين ان القانون ينص على ان يتكون مجلس الامناء من تسعة اشخاص".
ويضيف الساعدي ، ان "الاغلبية من مجلس الأمناء يتبعون الى حزب واحد وهذا مايشكل خطراً على المؤسسات الاعلامية في العراق".
وهيئة الاتصالات و الاعلام تأسست عام 2004 من قبل سلطة الائتلاف المؤقتة،و تعمل وفقاً للأمر رقم 65 الصادر عن الحاكم المدني الامريكي السابق بول بريمر، والذي يعد قانوناً لها.
ويبدي مدير اذاعة الرشيد عبد الستار الدليمي خشيته "من اغلاق المؤسسات الاعلامية، من قبل الهيئة في حال اصرت على دفعت تلك المبالغ "، وخاصة مؤسسته،التي طالبتها هيئة الاتصالات و الاعلام بدفع مبلغ 800 مليون دينارعراقي اي مايقرب من 700 الف دولار امريكي.
والزمت هيئة الاتصالات و الاعلام في اوقات سابقة، المؤسسات الاعلامية بالتوقيع على لوائح ضمت ضوابط، وصفتها المنظمات الدولية في وقتها بالقيود المشددة، لانها منحت الهيئة سلطات غير محدودة في وقف البث الإعلامي وإغلاق المؤسسات الاعلامية ومصادرة معداتها، فضلا عن سحب تراخيص العمل وفرض الغرامات المالية على المؤسسات الإعلامية ، واحكام السيطرة على تحرك وسائل النقل الخارجي (SNG) وبالتعاون مع السلطات العسكرية في جميع محافظات العراق.
الخبيرالاعلامي عماد الخفاجي صاحب الامتياز لاذعة العراق FM المحلية عد ، الخطوات المتخذة من الهيئة، "تجاوزات كبيرة تضر بسمعة الدولة العراقية، ويتحتم ازالتها".
و يضيف الخفاجي، ان "الهدف من انشاء الهيئة هو لدعم الاعلام،لذا من غير المعقول ان تفرض نفس الهيئة مبالغ طائلة على مؤسسات اعلامية مجتمعية، تهدف الى ايصال صوتها الى شرائح متعددة من الشعب العراقي، بهدف خلق مجتمع مدني ديمقراطي يعالج الاثار السيئة لحقبة الدكتاتورية الطويلة".
المدير الاعلامي لراديو دجلة احمد الركابي، والذي دمرت واحرقت مؤسسته بالكامل من قبل مجموعة تابعة لتنظيم القاعدة في مايو/ ايار عام 2006 في بغداد، اكد اثناء اجتماع المؤسسات بان "قرار الهيئة، مسألة سياسية و ليست مالية وتمثل رسالة للإعلام المنتقد و المستقل، لكي يقف عن حدود معينة".
ويضيف الركابي، الذي كان أول مدير عام لشبكة الاعلام العراقي عام 2003، انها "عملية قتل للديمقراطية و ألغاء للاعلام الحر".
وابدى كمال جبار الذي يدير راديو المحبة المتخصص بشؤون المرأة، تخوفه من هذه التوجهات لهيئة الاتصالات و الاعلام، واصفا اياها "بدكتاتوريات جديدة تؤسس الان في العراق".
وتعتمد هيئة الاتصالات و الاعلام على الامر رقم 14 لسنة 2004 الصادر عن سلطة الائتلاف الموحدة الذي ما زال ساري المفعول، والذي فوض من خلاله "المدير الإداري" بول بريمر حينها تفتيش المؤسسات الإعلامية وحظرها، ومصادرة "مواد محظورة" إذا قدرها كذلك.
وأعطى المؤسسات المتضررة حق التقدم بالطعن، لنفس الهيئة، ومن دون الرجوع للقضاء، فضلا عن السماح بـ"احتجاز أو إلقاء القبض" على أي مسؤول إعلامي ينشر أو يحاول أن ينشر "مواد محظورة". دون ان يحدد هذا القانون ماهية المحظور ومن يحدده .
مدير عام قناة الفرات الفضائية عباس العيساوي اعلن ان قناته "ليست ضد دفع اي أجور عن استخدام الطيف الترددي"، مشددا على مؤسسته، "مع تنظيم استخدامه لكن على شرط ان لا تكون المطالبة بدفع هكذا مبالغ مالية، لاقدرة للمؤسسات العراقية على سدادها، في حين ان الدستور نص على دعم منظمات المؤسسات الاعلامية ومنظمات المجتمع المدني".
ويضيف العيساوي، ان "قنواتنا ليست تجارية و لا تمتلك وسائل ربح مالي".
وكانت هيئة الاتصالات والاعلام قد طلبت من السلطات العسكرية في بغداد أغلاق قناة البغدادية الفضائية في نوفمبر من العام الماضي / تشرين الثاني بحجة "اخلال القناة بقواعد ونظم البث الاعلامي وخرق النظام العام وتهديده"، دون ان توضح الهيئة الاخفاق المهني أو تفاصيل الخطأ الذي ارتكبته القناة وفقاً لتحليل المضمون و المعايير المهنية.
ورافق القوات الامنية و العسكرية ممثل عن هيئة الاتصالات و الاعلام الذي قام بدوره بأيقاف البث الفضائي عندما كانت القناة تبث برنامجاً عن حرية الاعلام و تستضيف به عددا من الاعلاميين.
وشكل مجلس النواب العراقي لجنة لتقصي الحقائق حول قرار اغلاق القناة الذي اثار حفيظة العديد من النواب البرلمانيين، وتم التصويت على تشكيل اللجنة من قبل 109 نواب من أصل 200 نائب خلال جلسة البرلمان الاعتيادية الـ16، والتي عقدت في الثالث والعشرين من كانون الأول الماضي.
مرصد الحريات الصحفية يرفض رفضاً قاطعاً تحميل المؤسسات الاعلامية اية ضرائب أو اجور مالية كبيرة كون المؤسسات الاعلامية العراقية هي مؤسسات مجتمعية تساعد الدولة العراقية بترسيخ العملية الديمقراطية ، و يرى المرصد ان حجم الأجور التي فرضتها الهيئة على وسائل الاعلام هي وسيلة ضغط و تخويف تمارسها هيئة الاتصالات و الاعلام ضد المؤسسات الاعلامية المستقلة ، وان يكون مستقبلاً دعماً ملموساً من قبل الهيئة الى المؤسسات الاعلامية مثلما نص قانون الهيئة على ذلك، و يجد مرصد الحريات الصحفية ان من الضروري ان يتدخل رئيس مجلس النواب السيد اسامة النجيفي لحل قضية هيئة الاتصالات و الاعلام وإعادة هيكلتها بما يضمن عدم إنحيازها او انصياعها لجهة سياسية ولتكون مستقلة بالفعل عن اي تاثير ووفقا لمواد الدستور العراقي التي وفرت الحماية للهيئات المستقلة وضمنت حياديتها .
2011-2-9