هيا نتقاتل ياإخوان
هذه هي الحقيقة، فروسيا تعتمد الفصائل المسلحة وليس الجيوش لتنفيذ خططها لحفظ مصالحها في أوكرانيا المتمردة على النفوذ الروسي المتصاعد في المنطقة والعالم وبدعم كامل من الغرب. الولايات المتحدة الأمريكية عبر تاريخها الحافل بالصدامات والمشاكل، دعمت بقوة الميليشيات المسلحة في أوكرانيا لإسقاط نظام كييف الموال لموسكو ونجحت في ذلك، ولم يتردد أي فريق سياسي غربي في إعلان مروق الرئيس الأوكراني القريب من موسكو وشرعية مايقوم به مقاتلو المعارضة حتى المتطرفين منهم من جماعة القطاع الأيمن لإسقاط روسيا في أوكرانيا وهذا ماتحقق بالفعل ولو نسبيا. تقدم مقاتلون موالون لواشنطن عبر المياه الى جزيرة كوبا لإسقاط الرئيس فيدل كاسترو، ولم تنجح المهمة لكن الأمر كان مؤشرا على رغبة واشنطن في إستخدام مجموعات مقاتلة مدربة لتحقيق أهداف سياسية. حاليا في الشرق الأوسط تعتمد إيران على مجموعات وأحزاب سياسية عسكرية في مواجهة إسرائيل، حصل ذلك في جنوب لبنان ونجح حزب الله في إذلال الكيان الإسرائيلي، وفعلت حماس الكثير في قطاع غزة وماتزال هناك معارك حاسمة تستخدم فيها صواريخ قصيرة المدى تضرب في عمق الأراضي المحتلة في أسدود وعسقلان وتل أبيب وحيفا وهددت بعضها مفاعل ديمونا في صحراء النقب عدا عن المستوطنات الصهيونية.
إستخدمت السعودية ومعها قطر الميليشيات المسلحة في حربها ضد نظام الرئيس معمر القذافي في ليبيا، وكانت تسمية هولاء من قبل نظام طرابلس( ثوار الناتو) حيث دعمتهم فرنسا بأموال الخليج، وماتزال المليشيات القطرية السعودية تتقاتل فيما بينها في هذا البلد العربي الأفريقي حتى يكاد يتحطم نهائيا،في العراق تطور الأمر الى حد المواجهة المباشرة بين الشيعة والسنة، فبعد نشوء تنظيم القاعدة كفرع فاعل في بلاد الرافدين، ونهوض قوى شيعية مسلحة لمواجهته حدثت الفتنة وبدأت تنظيمات سنية مدعومة من الرياض والدوحة وأنقرة تقاتل لتغيير النظام الشيعي في بغداد، ووصلت الى مرحلة الإعلان الرسمي عن ذلك في مؤتمر عمان لقوى المعارضة السنية، بالمقابل تقاتل قوى شيعية مدعومة من إيران لممواجهة تقدم تنظيم الدولة الإسلامية بإتجاه بغداد والمدن الشيعية الأخرى في الوسط والجنوب.
في اليمن لايبدو من شك في دخول قطر والسعودية وإيران وتركيا على خط النزاع من عدن في الجنوب حتى صعدة الحوثية في الشمال، فحركة الإصلاح السنية مع بعض القبائل ومجموعات متشددة تقاتل في دماج وعمران حتى حدود صنعاء لوقف تمدد الحوثيين الذين يتلقون دعما إيرانيا مباشرا، وماتزال مواجهات عنيفة تندلع بين ساعة وأخرى، واليمن اليوم كلها ساحة حرب تتواجه فيها القاعدة والجيش النظامي، وجماعة الحوثيين، وحركات إنفصال في الجنوب.
في جميع هذه البلدان تغيب الدولة بمفهومها المعاصر لتحل محلها الجماعات المسلحة، وفي العراق هناك مواجهة عنيفة مع القاعدة وداعش لم تنجح الحكومة والجيش النظامي معها في لجم تحركات المسلحين في المناطق السنية وذهبت الموصل بسهولة وأجزاء من كركوك وديالى وصلاح الدين والأنبار، كانت ردة الفعل منسجمة مع فتوى دينية أصدرتها السلطة الدينية العليا في النجف، ومهدت لخروج مجموعات قتالية شعبية بدأت تقدم دعما غير مسبوق للجيش النظامي وتمكنت من طرد المسلحين المتشددين من مختلف المناطق.
يبدو إن مفهوم الشعب المسلح سيكون حاضرا خلال الفترة المقبلة ليحدث توازنا على الأرض لم تستطعه الحكومات.