Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

وزير العدل العراقي لـ«الحياة»: محكمة صدام بلا كفاءة ... ولا أثر في دستورنا لعبارة «رئيس الجمهورية»

11/02/2006

الحياة:يمر العراق في مرحلة تاريخية خطيرة، سترسم ملامحه لعقود قادمة، وأبرز هذه الملامح هو تشكل السلطات الثلاث التي تدير الدولة، أي السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.

والى جانب من هذه التحولات تقف محاكمة الرئيس السابق صدام حسين كأحد ملامح التحولات التي تعتقد غالبية الشعب العراقي أنها ستكون عنواناً للمرحلة المقبلة.

وزير العدل العراقي الدكتور عبدالحسين شندل عيسى الذي يتمتع بتاريخ كبير في مجال القضاء قال في حديث الى «الحياة» ان قضاة المحكمة التي تحاكم صدام غير كفيين، والمحاكمة تعاني من تجاوزات كثيرة، كما ان تاريخ العراق الحديث لم يعش مرحلة دستورية حقيقية، وأن الجمهورية الثالثة شهدت فترة الحاكم بأمر الله، وان فترة الاضطراب الحالية ناجمة عن حرق للمراحل وعن فترة دكتاتورية طويلة، سوف تنكشف. وهنا نص الحوار:

> هل تعتقد بأن الدستور العراقي يلبي الحاجات القضائية للعراق الديموقراطي؟ وهل حدث تجاوز لهذا الدستور؟

- نحن الآن في حاجة إلى دستور ينظم كيفية ممارسة السلطة وهذا يعني أولاً استقلالية المؤسسات الثلاث، وبالتالي تحديد الواجبات والحقوق للمواطن، وتقييد انحراف السلطة، ويجب أن نكتب دستوراً عراقياً سليماً يحترم حقوق المواطن ويحدد صلاحيات الدولة والحقوق والواجبات، ويهتم اهتماماً كبيراً بفصل السلطات، وبالذات السلطة القضائية، وعدم تقديم السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية عليها. ونحن الآن في الدستور الجديد... عندما نقرأ قانون إدارة الدولة لا نجد فيه نصاً يقول بوجود منصب رئاسة الجمهورية، لا يوجد منصب لرئاسة الجمهورية في قانون إدارة الدولة، هناك نص قانوني يقول «يمارس مهمات رئاسة الجمهورية» وهو شبيه بالبيان رقم واحد لعام 1958، وهو العام الذي اسقط فيه العهد الملكي، يقول: «يقوم مجلس السيادة بمهمات رئيس الجمهورية» لهذا صدرت المراسيم الجمهورية حاملة اسم رئيس مجلس سيادة، عضو مجلس سيادة، وفي الأعلى مرسوم جمهوري، وفي الأسفل رئيس مجلس سيادة ولم يكتب رئيس الجمهورية، وقانون إدارة الدولة - مع الاسف الشديد – ابتداء من الشيخ غازي عجيل الياور إلى الأستاذ جلال الطالباني، بدأ يكتب منصب رئيس الجمهورية الشيخ غازي عجيل الياور، أو رئيس الجمهورية جلال الطالباني. في حين، ومن خلال قراءتنا لقانون إدارة الدولة لم نجد أثراً لمنصب رئيس الجمهورية، توجد هيئة تقوم بممارسة مهمات رئيس الجمهورية، إذاً يجب أن يكتب، رئيس هيئة الرئاسة، او عضو هيئة الرئاسة، وهي هيئة ثلاثية، ولكننا – مع الاسف – أيضاً بدأنا نخالف قانون إدارة الدولة وهو الدستور، ونكتب رئيس الجمهورية، والواجب أن نتمسك بالدستور، من دون أن نتمسك بالمناصب، حتى نقول إن كلمة رئاسة الجمهورية هي أفضل وقعاً من ان نكتب رئاسة هيئة الرئاسة.

> هل صيغ الدستور العراقي الجديد على أساس ان يعدّل في الدورات المقبلة، أم أنه دستور دائم قابل للتغيير؟

- لا يوجد دستور دائم، يوجد دستور جامد ودستور مرن، والمقصود بالدستور الجامد هو الدستور الذي تحدد له مدة لا تقل عن 5 سنوات أو أكثر، ويعدل هذا الدستور بشروط معينة أي بموافقة ثلثي الأعضاء «النواب»، أو بالغالبية البسيطة او المطلقة، أما الدستور المرن فيعدل بالعدد البسيط أي خمسين زائد واحد، وبسهولة، ونحن أمام حالة بناء دولة، هذه الدولة منذ عام 1958 وحتى الآن تعيش على دستور جامد. كما انه لم يكن هناك دستور «بمعنى الدستور» في ظل الحكومة العراقية السابقة، وفي ظل حكم امتد منذ عام 1968 إلى عام 2003، كان هناك حاكم هو الذي يتحكم في المسيرة بصورة مطلقة.

قانون إدارة الدولة الحالي وضع قيوداً للتعديل، والدستور الحالي وضع قيوداً، ويمكن أن يطرح الدستور للمناقشة والتعديل، لكن هناك قيود، ونحن في حاجة اولاً إلى احترام الدستور حتى لا نكرر التجربة الماضية. ثانياً، يعدل الدستور وفق شروط وقيود، من هذه القيود ان تعديل الدستور يجب ان يكون بعدد لا يقل عن ثلثي أو ثلاثة أرباع أعضاء مجلس النواب، هذا ما يجب أن نعطيه من ضمانات لاستقرار الدستور.

> بالنسبة إلى الحدث البارز في القضاء العراقي وهو محاكمة الرئيس السابق صدام حسين، البعض يرى أن الاميركيين هم من يحاكم صدام، وليس القضاء العراقي؟

- المحكمة التي تحاكم أركان النظام السابق وبالذات صدام حسين لا تخضع لمجلس القضاء، ووزارة العدل، على رغم كون وزير العدل عضواً في مجلس الوزراء الذي يشرف على هذه المحكمة، التي تتمتع باستقلالية تامة، ولها قانونها الخاص. لا أنكر أن كفاية الكثير من القضاة دون مستوى الطموح، وأنهم دخلوا في دورات كثيرة خارج العراق بغرض تهيئتهم لمثل هذه المحاكمة. هناك لغط حول هيئة المحكمة لجهة عدم التزامها قانون التنظيم القضائي، وإعطاء هامش من الحرية الكاملة للمتهمين بالكلام، وفي رأيي هذا خطأ كبير، لأنه يجب أن يكون هذا الهامش في الإفادة وليس في المناقشة. هناك خلط أصبح لدى المحكمة، بين مناقشة الشاهد، وبين إفادة المتهم، وأرى أن المتهم أصبح يتحدث بحرية كاملة من دون النظر إلى ما طرحه الشاهد من حديث حول وقائع ما تم. عليه توجيه سؤال الى الشاهد، أما ان يتكلم بهذه الحرية، وليس لمعظم كلامه علاقة بما يطرحه الشاهد من أقوال، يصبح هناك خلط لا يمت بصلة الى إجراءات المحاكم. يجب أن يحدد السؤال الى الشاهد. أما أن يترك للمتهم الوقت غير المحدد فهذا مرفوض. على صعيد آخر أنا سألت على رغم علمي بالجواب هل يجوز لمحام غير عراقي، عربي، أن يترافع ويتوكل عن متهم؟ فكان الجواب مطابقاً لقانون نقابة المحامين، أولاً موافقة نقابة المحامين «النقيب»، ثانياً: موافقة وزير العدل. إلا أن المحامي الاجنبي الذي حضر لم يتحصل على موافقة وزير العدل، إذاً دخوله المحكمة مخالف للقانون، ومع ذلك سمحت له المحكمة بالترافع، وهذا ضعف في فهم القانون من هيئة المحكمة، خصوصاً أن مجلس شورى الدولة أعطى رأياً صريحاً مطابقاً لرأي وزير العدل، ولقانون نقابة المحامين.

علينا أن نختزل ونختصر الزمن لأن استمرار التأجيل بهذه المسألة يبعد فهم المواطن عن المحكمة، او ينسيه أنها محكمة لها خصوصيتها.

> كيف ترى وقع محاكمة صدام حسين على الشارع العراقي؟

- المواطن العراقي متلهف لإصدار الحكم، في البداية رأينا تظاهرات خرجت تطالب بإنزال أقصى العقوبة، أنا لا أؤيد ان تتأثر المحكمة برأي العامة، وأرى أن على المحكمة أن تكون محايدة، ولكن يجب أن تتسم المحاكم بالحسم. ومع الاسف الشديد – إدارة هذه المحكمة ضعيفة لأسباب كثيرة، فالقوات الاميركية، تريد من المحكمة أن تُظهر للعالم أنها ديموقراطية، إلا أن الديموقراطية شيء والحفاظ على ضمانات بمحاكمة عادلة شيء آخر. يجب الالتزام بالحزم والضبط وفق القواعد الإجرائية لقانون المحاكمات الجزائية الذي يركز على شكلية المحاكمة، وإدارتها. يجب أن يكون هناك احترام لهيئة المحكمة، واحترام لحقوق الشاهد وضمانات. ولكن وجدنا مع الاسف الشديد ان هناك خللاً كبيراً في إجراءات المحكمة.

> ألا يعني استمرار محاكمة الرئيس العراقي السابق لفترة طويلة استمرار الازمة في العراق؟

- هناك ثلاث هيئات في هذه المحكمة، أي ثلاث محاكم جنائية، وفي إمكان هذه الهيئات ان تعمل وتنجز كل الملفات إلا أنه وكما ذكرت ليس لدى القاضي العراقي في هذه المحكمة هامش حركة، وحرية في إنجاز الإجراءات التحقيقية. الجميع تحت حماية القوات المتعددة الجنسية التي تتحكم في إحضار المتهمين أمام القاضي، وأضيف هنا معلومة، أن الذين أطلق سراحهم أو الذين سيطلق سراحهم مستقبلاً من جانب القوات المتعددة الجنسية لم تدون اقوالهم من قاض عراقي. وهناك مجموعة لا يقل عددها عن 87 متهماً من أركان النظام السابق لم تدون أقوالهم من قضاة هذه المحكمة إلى هذا اليوم، إذاً لا حرية لدى القاضي العراقي في هذه المحكمة.

> هل التقيت القاضي الذي يحاكم صدام حسين؟

- هؤلاء غالبيتهم ممن تدربوا أمامي وفي المحكمة التي كنت رئيسها كرئيس محكمة جنايات في بغداد، وكعضو محكمة تمييز قبل تعييني وزيراً، وشغلت فترة رئيس هيئة الإشراف العدلي، أي التفتيش القضائي لمدة لا تقل عن خمس سنوات، ومارست كل أصناف المناصب القضائية. اكثر الذين في المحكمة أعرفهم معرفة جيدة وهم أصدقائي. وجدت ان الكثيرين منهم لا يصلحون لهذا المنصب، وأبديت رأيي بكل أمانه ونزاهة. وأقول بصراحة: إن أكثر القضاة في محاكمة الرئيس العراقي السابق غير كفيين لمثل هذه المحاكمة.

 

Opinions