Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

ولادة المجهول في الكون والخافي أعظم

jawadbashara@yahoo.fr
ها قد حان الوقت للتساؤل : هل سيبقى الإنسان غارقاً في الجهل ويبحث إلى ما لانهاية عن سر الأسرار فيما يتعلق بالكون؟ لم أكن الأول ولن أكون الأخير الذي يتصدى لهذه المهمة العويصة والصعبة جداً وهو سفر قام به أجدادنا منذ ما قبل التاريخ ومروراً بحضارات ما قبل الميلاد خاصة الحضارة الإغريقية وانتهاءاً بمؤلفات كتبها العلماء أنفسهم بلغة مبسطة لتقريب الفكرة العلمية لأذهان وعقول القراء لكنني أعتقد وبتواضع أنني من رواد هذا الجهد في العالم العربي وباللغة العربية.

حاولنا التطرق في مقالات سابقة إلى أغلب ما توفر في سوق الكتب والأبحاث والانترنيت من دراسات وبحوث ونظريات وتجارب بغية الإجابة على سؤال هل نحن وحيدون في هذا الكون وهل نحن فلتة في عملية الخلق لم تتكرر في أماكن أخرى في هذا الكون اللامحدود؟

الحضارات الأمريكية القديمة ، الشمالية والجنوبية، في فترات سحيقة في قدمها، قبل اكتشاف العالم الجديد من قبل الأوروبيين، أي حضارات السكان الأصليين من الهنود الحمر، امتلكت وراكمت كماً هائلاً من المعارف والمعلومات والأخبار الشفهية في كافة المجالات، وبالأخص علم الفلك، وتحدثت أساطير تلك الأقوام بكثرة عن كائنات وبشر وآلهة هبطوا من السماء، لانعرف بأية وسيلة، وماهو مدى ماتوصل إليه هؤلاء الزوار السماويين من تقدم علمي وتكنولوجي في وقت كان البشر على الأرض يعيشون عهد الطفولة لحضاراتهم. وكان الصينيون في عهد قديم يعتقدون بتعدد العوالم، والمصريون يعتبرون الأرض شبيهة بالقمر والكواكب السبعة التي كانت معروفة لديهم في ذلك الوقت، وكانت أطروحات متداولة بين النخب عن لانهائية العالم وأزلية الكائن البشري وربما خلوده عبر أسطورة تناسخ الأرواح، وكان هناك اعتقاد سائد بأن القمر مأهولاً بالسكان كما هو حال باقي الأجرام السماوية.

وفي عهود أقرب إلينا تعود إلى نصف قرن قبل الميلاد، انتشرت أفكار مماثلة بين المفكرين والفلاسفة الإغريق. فهناك المفكر والفيلسوف اليوناني آناكساغور Anaxagore الذي عاش في سنة 428 قبل الميلاد الذي أعرب عن قناعته الراسخة بأن القمر مأهول بالبشر الذين يشبهوننا وهم يعيشون في مدن تشبه مدننا. وكذلك الفيلسوف اليوناني مترودور دولامبساك Métrodore de Lampsaque الذي عاش قبل 2000 عام من الآن والذي قال جملته الشهيرة:" من يعتقد بأنه لايوجد سوى عالم واحد مسكون بالبشر في هذا الكون العظيم لايقل جنوناً عمن يقول أو يتصور أنه لاتنبت في حقل الحنطة الشاسع الممتد أمامي هذا سوى سنبلة قمح واحدة ". أما الشاعر والفيلسوف اللاتيني لوكرس Lucrèce ، الذي عاش عام 53ـ95 قبل الميلاد، فقد كتب في كتابه " في طبيعة الأشياء de la nature des choses" :" في كل مكان تجد فيه المادة فضاءاً أو مكاناً يحتويها ، وانعدام وجود أي عوائق ضدها، فإنها ستخلق الحياة تحت أي شكل من الأشكال. إن عدد العناصر من الكثرة بمكان فإن حيوات جميع البشر لا تكفي لعدها وإحصاءها. وإذا كانت الطبيعة قد حبت العناصر بنفس الخصائص التي منحتها للمبادئ المحفزة والخالقة للأرض ، فإنها هي ذاتها متوزعة ومنتشرة في كل مكان في الكون وبإمكانها أن توجد فيها عوالم مسكونة وبشر لا يختلفون عنا وكائنات لا يمكننا تصورها أو تخيلها". وحتى في خضم عهود القمع الوحشي ومحاكم التفتيش السيئة الصيت وهيمنة الفكر الكنسي المتقيد بالنص الديني كان هناك أشخاص متنورون حتى من داخل الكنيسة وقفوا ضد الفكر الظلامي المتخلف مثل الكاردينال والعالم الإيطالي نيكولا دي كوسا Nicola de Cusa،الذي عاش سنوات 1464ـ1401 بعد الميلاد، والذي قال:" لا توجد كواكب، مهما اختلفت عن كوكبنا الأرض، نشعر إزاءها بأنه من المسموح لنا القول بأنها لا يمكن أن تتقبل في أحضانها كائنات بشرية مثلنا". وتساءل غاليليو غاليله 1642ـ1664، إذا كانت هناك كواكب يمكن أن تكون ملجئاً لأشكال من الحياة تشبه حياتنا". وبنفس الاتجاه فكر فلاسفة ومفكرين آخرين كديكارت وغوته وكانط . أما الماركيز لابلاس Laplace 1827ـ1749، وهو عالم فلك ورياضيات ومؤسس مدرسة البوليتكنيك والمدرسة الطبيعية العليا Ecole polytechnique et Ecole Normale، وأحد طلاب وأتباع كانط، فقد كتب في أحد مؤلفاته:" خلق الإنسان لكي يعيش في درجة حرارة معتدلة يتمتع بها كوكبنا الأرض، ولايمكنه أن يعيش في عوالم أخرى يختلف مناخها عن مناخ الأرض وجوها. ولكن لماذا لايمكننا تصور وجود عدد لا متناهي من الكائنات تنظم نفسها وتتكيف لكي تعيش وتتحمل درجات حرارة متنوعة عما نعرفه وفي عوالم وأكوان أخرى؟ وتخيل الأدباء في مؤلفات الخيال العلمي جميع أنواع الكائنات اللابشرية في الكواكب والنجوم البعيدة سواء داخل مجموعتنا الشمسية أو خارجها، وفي داخل مجرتنا أو خارجها، وجسدتها السينما في أفلام الخيال العلمي عبر تاريخ السينما برمته وبكثير من الإتقان والخدع السينمائية البصرية والمؤثرات الخاصة الصوتية والمرئية مما جعل تلك الكائنات مألوفة لدينا وكأنها تعيش بيننا. من هنا يمكننا القول بأن للبشر أقرباء في كواكب أخرى وربما يكون أسلاف لنا في الماضي السحيق قد بلغوا درجات عالية جداً من التطور والتقدم العلمي والتكنولوجي مما دفعهم لمغادرة الأرض واستكشاف الفضاء والالتقاء بحضارات أخرى وما علينا سوى العثور على آثارهم التي تركوها على الأرض للحضارات التي أعقبتهم منذ إنسان النياندرتال إلى إنسان الفضاء والكومبيوتر ومابعدهما.

لقد وصل الإنسان في أيامنا هذه إلى مرحلة من العلم تمكن فيها تخطي أغلب أخطاء الفيزياء. فعلماء الفيزياء يضعون ويطورون النظريات، ويجرون التجارب التي تغوص في أعمق أعماق الكائن وتضع في موضع الصد والمراجعة وجود المادة المرئية نفسه التي لا نعرف عنها سوى أقل القليل فما بالك عن المادة غير المرئية أو المادة السوداء والمادة المضادة. وقد أخبرتنا تجربة مثيرة أجراها عالم الفيزياء الفرنسي آلان آسبكت Alain Aspect بين أعوام 1979 و 1982، في المعهد البصري التابع لجامعة أورسي Université d’Orsay، أن المكونات الأساسية الأصلية للكون تتصل بعضها بالبعض بطريقة أو بأخرى متجاهلة المسافات الفلكية القائمة بينها والتي لا يمكننا تخيلها. حتى أن بعض العلماء، ومن بينهم الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء ، من يعتقد أن الكون ليس سوى محض مخيلة fantasmagorie ذو جوهر روحي، وهذا ما يناقض كل ما تم عرضه في الصفحات السابقة التي عكست المحتوى العلمي الكلاسيكي والتقليدي للكون المادي والمرئي المعروف منذ عدة قرون.

فهل من الطبيعي أن يقتصر أمر التفكير بالكون وطبيعة العالم على نخبة النخبة من العلماء والمتخصصين وهل سيقتصر فهم العالم على فئة معدود ممن تخصص بالفيزياء الكونية والفلكية والفيزيائية الكمية أو الكوانتية التي لا يستوعبها أشخاص يعدون على أصابع اليدين؟ وهل نحن على أعتاب ثورة ثقافية وعلمية في هذا الميدان؟ هذا ما حاولت طرحه عبر الغوص في مواضيع معقدة وشائكة كفيزياء الكم، ونظرية الأوتار، ومصدر ومصير المادة والمادة المضادة والمادة السوداء ، وقرينتها الطاقة بكل أشكالها وألوانها، والمكان والزمكان أو الزمكان، واللامتناهي في الصغر واللامتناهي في الكبر، والحياة في العوالم والكواكب والمجرات الأخرى، والأطباق الطائرة، وغيرها من المواضيع التي غصت فيها ولم أسطع السباحة للوصول إلى شاطئ الأمان فاستسلمت للغرق. أعترف أنها لم تكن سوى محاولة متواضعة لم يكن الهدف منها سوى حث الشباب الناطق بالعربية على التفكير الحر والتأمل في ما يوجد حوله وألا يتقبل المسلمات كما هي ويخضع بسهولة لمحاولات غسل الدماغ التي يتعرض لها في مجتمعات مغلقة وغارقة في تقاليد الأسلاف.

والنتيجة البديهية التي يمكن الاقتناع بها مؤقتاً هي أنه في البدء كانت الإرادة وليس الكلمة كما تقول النصوص المقدسة، وهي شيء معنوي وليس مادي إنها إرادة لاتحتاج إلى مكان ولا زمان ول بداية ولا نهاية بيد أنها هي المصدر فهي التي قررت التحول إلى طاقة ومادة بأنواع وأشكال متنوعة وبكميات متفاوتة وقررت أن ترفدها بالحركة والقوة والجاذبية أو الثقالة ونظام التوالد والانعدام والتوالد من جديد في عملية خلق مستمرة إلى ما لانهاية حيث الوجود ولا جود غيره لا قبله ولا بعده من أصغر مكون من مكونات الذرة وما دونه إلى أكبر ما في الأكوان، المرئية وغير المرئية، من محتويات أبسط ما فيها هي المجرات والنجوم والكواكب، التي تحسب بمليارات المليارات ، والخافي أعظم. وأن أحد هذه الموجودات المسماة المادة تحتوي على بذور خلق الحياة بكل أشكالها ، البدائية ، والذكية عندما تتوفر الظروف الفيزيائية لذلك، وأقصد بذلك الماء والهواء والتربة ودرجة الحرارة المناسبة والغلاف الجوي وأشعة الشمس ، على ألأقل فيما يتعلق بنوع الحياة التي نعرفها نحن البشر وتوجد على كوكبنا المتواضع الأرض، ومن المؤكد أن الحياة موجود بأشكال ومستويات أخرى في مليارات الكواكب في كوننا المرئي والمرصود باعتراف علماء مرموقين . وأن كوننا المرئي هذا ، بعظمته وشساعته ليس سوى ذرة من ذرات الوجود الأعم والأشمل المكون من عدد لامتناهي من الأكوان الحية وأن ما نسميه الله ليس خارج هذا الوجود ولا قبله بل هو الوجود ذاته النابع من الإرادة الأولية ، إرادته. وكأن لسان حاله يقول:" كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فتحولت من الإرادة إلى الوجود ".







حقيقة الكون بين الوهم والواقع



د. جواد بشارة

jawadbashara@yahoo.fr



بالرغم من النتائج الحقيقية أو الافتراضية ، النظرية أو المثبتة مختبرياً، التي توصل إليها العلماء بشأن الكون وتاريخه وأصله ومصيره، بدايته ونهايته، تبرز بين الفينة والأخرى فرضيات أو نظريات احتمالية أخرى تتحدث عن وجود أكوان عديدة أخرى تطرق إليها ودافع عنها عدد لا بأس به من العلماء المرموقين في مجال علم الأكوان والفيزياء الفلكية ومنذ سنوات بعيدة، ساهمت في خلخلة الرؤية الكلاسيكية التي كونتها البشرية عن العالم والوجود والكون المأهول والمرئي. لقد لقيت نظرية الانفجار العظيم قبولاً واسعاً وشهدت نجاحاً مدوياً منذ منتصف القرن العشرين، وهي النظرية التي بنيت على أساس نظرية النسبية العامة والخاصة للعالم الشهير آينشتين. لقد كان لدى العلماء إطار نظري متين وعلمي مقنع للتفكير والتأمل في الكون ودراسته بصحبة جملة من المعادلات الرياضية لتقويم وتقدير ومعرفة العديد من خصائصه. بيد أن انعطافة حادة في مجال الفيزياء النظرية قد حدثت منذ بداية سنوات التسعينات من القرن المنصرم. فبفضل أجهزة وأدوات ومعدات وآلات علمية متطورة تكنولوجياً، كالأقمار الصناعية مثل كوب Cob و دبليوماب W map وبلانك Planck، قرر العلماء التأكد من صحة تكهناتهم وتنبؤاتهم وما إذا كانت تتوافق مع واقع الأمر الذي رسخته عمليات الرصد والمراقبة والحسابات الكومبيوترية الدقيقة والمعقدة عبر عمليات المحاكاة العلمية. فرضت نظرية البيغ بانغ الانفجار العظيم نفسها على الميدان العلمي وحققت لها شعبية عالمية. وفهم الإنسان العادي غير المتخصص أن الكون كل كامل وشامل ووحيد وليس جزء من كل، وهو لا يمتد داخل وعاء أو مكان أوسع منه بل أنه هو المكان والفضاء ذاته. ومع ذلك لم يتردد بعض العلماء من التحدث اليوم عن تعايش وتواجد مشترك ومتوازي لعدد من الأكوان، ولكل واحد من تلك الأكوان، ثوابت جوهرية مؤسسة، كما هو الحال مع كوننا المرئي المعروف بثابته الكوني الذي فرضته نظرية النسبية ألا وهو إطلاقية سرعة الضوء في الفراغ والبالغة 300000 كلم في الثانية حيث لا يمكن لأي جسم مادي أن يبلغ هذه السرعة لأنه سيختفي ويصبح الزمن بالنسبة له صفراً، ويقول العلماء من أنصار هذه الفرضية أن لكل كون لحظة انفجاره العظيم الخاصة به، أي هناك بيغ بانغ لكل كون من الأكوان المجاورة أو الموازية أو المتداخلة بكوننا ضمن أبعاد أخرى غير مرئية. وكما نعلم، وبالتوازي مع ظهور وتطور نظرية النسبية لآينشتين théorie de la relativité في مطلع القرن العشرين، ظهرت وتبلورت تدريجياً نظرية الكم أو ميكانيك الكوانتيك mécanique quantique وهي النظرية التي تبحث في عالم مادون الذرة subatomique . النظرية الأولى تطبق على ما عرف باللامتناهي في الكبر بينما تطبق الثاني على ما عرف باللامتناهي في الصغر، والحال أن النظريتان لاتتفقان فيما بينهما ظاهرياً في العديد من المسائل، مثل تحول الطاقة على الصعيد الفلكي والذي يتم على نحو مستمر بالنسبة للنسبية بينما لايتقبل ميكانيك الكم هذا الأمر إلا على نحو مختلف وعلى شكل قفزات ومحطات متتالية ومتعاقبة، على صورة كوانتا أو كم quanta كما يدل إسم النظرية. وقد خلق هذا التعارض بين النظريتين إحراجات وعوائق أمام العلماء الذين كانوا يتمنون أن تكونان وجهين لنظرية واحدة أوسع وأشمل. وقد جرت محاولات عديد وجادة لدمج النظريتين على يد علماء مشهود لهم بالرفعة والخبرة والجدية لاسيما ممن اشتغل على ما سمي بنظرية الحبال أو الأوتار التي اشتهرت بفضل كتاب " الفيزياء الأنيقة L’Univers élégant الذي ألفه عالم الفلك والفيزياء الفلكية بريان غرين Briane Greene الأستاذ في جامعة كولومبيا الأمريكية. وقد أشارت هذه النظرية إلى الدقائق أو الجزيئات الأولية المكونة للمادة الملموسة والمرئية في الكون على أنها ليست على شكل نقاط بل على شكل فتائل أو حبال أو أوتار مادون مجهرية حيث يعطي ترددها الدائم مظهر الجسيم أو الجزيئة ويمكن إدراك خصائصها وتقبلها فيزيائياً كنظرية متجانسة إذا افترضنا أنها تتطور في فضاء ذو أحد عشر بعداً على الأقل، من ضمنها الأبعاد الأربعة التي نعرفها وهي الطول والعرض والارتفاع أو العمق والزمن، ومعها سبعة أبعاد أخرى بالغة الصغر ملتوية أو ملتفة حول نفسها على شكل فتائل مما يمنعنا من رؤيتها أو تشخيصها. وهذا يعني أن المكان المفترض ذو الأحد عشر بعداً يمكن أن يحتوي على " أشياء أو أجسام أو موجودات أخرى" غير المادة الفيزيائية المكونة لكوننا. كيف يمكن تصور أو إدراك هذه الصورة؟ في نظرية الحبال أو الأوتار، يكون كل شيء أو جسم ممتد، مصدر لخلق مكان أو فضاء ثانوي لهذا الكون ذي الأحد عشر بعداً وهذا الفضاء الثانوي يسمى بران و هو أيضاً بعداً " brane " وبذلك يكون كوننا مكون من ثلاثة برانات «3 branes مكانية .ومن هنا يقول العلماء أنه يطفو في هذا الكون المتعدد الأبعاد، عدة عوالم يمكن لبعضها أن يخلق حياة ما في شكل ما يختلف عما نعرفه عن الحياة في عالمنا. فالضوء لايمكن أن ينتشر إلا في بران واحد لايتيح لنا رؤية وإدراك سوى المجرات الموجودة فيه في حين يمكن للجاذبية أو الثقالة أن تمر من بران إلى آخر أو من بعد إلى آخر وهذا يفترض إمكانية تصادم البرانات فيما بينها وكل تصادم بين برانين يؤدي إلى انتاج بيغ بانغ على شاكلة ماحدث للبيغ بانغ الذي أدى إلى ولادة كوننا المرئي. تصدى العالم البريطاني الموهوب ستيفن هاوكنغ stephen hawking لعملية توحيد النظريتين الفيزيائيتين المعاصرتين ، أي النسبية والكوانتية، من خلال اقتراح ادخال مبدأ اللاحتمية أو اللايقين principe d incertitude’ مما يمكن أن يقود إلى تبعات وتداعيات مذهلة مثل الثقوب السوداء التي ليست سوداء تماماً، أو كون بلا فرادة وبلا حواف ولا حدود، بيد أن مبدأ اللاحتمية يعني في نفس الوقت أن المكان، حتى لو كان فارغاً فإنه مليء بأزواج لاتعد ولاتحصى من الدقائق الافتراضية والجزيئات المضادة antiparticules حيث تحتوي تلك الجزيئات على طاقة لامحدودة وبالتالي لديها بالضرورة كتلة لامتناهية وفق معادلة آينشتين " الطاقة تساوي الكتلة مضروبة بمربع سرعة الضوء E=mc2 " وأن جاذبيتها الثقالية من المفترض أنها تحدب أو تحني الكون إلى حدود غاية في الصغر infiniment petite . وفي حالة إقحام مبدأ اللاحتمية داخل نسبية آينشتين، ينبغي ضبط كمين، هما : كثافة الثقالة وقيمة الثابت الكوني، ومع ذلك لايكفي هذا الإجراء في إلغاء وإزالة باقي اللامتناهيات les infinis. نستنتج من ذلك أن لدينا نظرية تتكهن بأن بعض الكميات مثل تحدب أو انحناء الزمكان هي حقاً لامحدودة أو لامتناهية في حين يمكننا رصد ومراقبة نفس هذه العوامل كونها محدودة ومتناهية . وقد تحقق الدمج بين مبدأ اللاحتمية والنسبية رياضياً سنة 1972 خاصة بعد إقتراح إضافة حل ممكن آخر سمي الثقالة القصوى أو السوبر جاذبية supergravitation. بقيت كل تلك الجهود العلمية حبيسة الرؤية الكلاسيكية للكون ودور العلم في تقديم أفضل وابسط صورة مقنعة عنه، ولم تستطع هذه الصورة تقديم إجابات على أسئلة كثيرة وضعت في خانة البارانورمال أي مافوق العادي paranormal وهي حوادث وحالات تخرق الطبيعة ولايوجد تفسير علمي لها، ومن بينها أنموذج أو موديل الكون الوهمي أو الهولوغرام L’Univers Hologramme الذي سنتحدث عنه باختصار ولكن بعد استكمال عرض مفهوم الكون الموازي أو الكون التوأم غير المرئي، L’Univers Jumeau . يعترف العالم الفرنسي الشهير جون بيير بتي jean pierre petit أنه استفاد من نصوص ورسائل الأوميين les Ummittes وهم سكان كوكب أومو Ummo ، الذين أرسلوها بالبريد لعلماء مرموقين في الأرض وتحدثت عن وجود كون توأم لكوننا يشبهه ولكن يعاكسه كانعكاس صورة الشيء في المرآة. وبذلك يمكن لكون ما أن يخفي وراءه كوناً آخر. المشكلة تكمن في أن هذا الكون المزدوج ذو خمسة أبعاد ، يصعب شرحها بدون معادلات وصور بيانية توضيحية. لو أخذنا شكلاً دائرياً نصف كروي علوي sphère منظوراً له أفقياً ومن أعلى قليلاً فسوف لن نرى منه سوى بعدين جغرافيين هما: الطول والعرض. ولو أخذنا نصف كرة سفلي منظور له أفقياً من أسفل قليلاً فسوف لن نلمح منه سوى بعدين الطول والعرض. ولو ربطنا بين جزئي الكرة بحلقة ذات بعد واحد فسيكون للشكل الكروي النهائي خمسة أبعاد وبالتالي فإن النموذج التوأمي للكون le modèle gémellaire سيتكون من سطحين دائريين deux hyper surfaces بخمسة أبعاد مرتبطين ببنية هندسية لاتتميز بفرادة عرفت بإسم البيغ بانغ ذو الأربعة ألأبعاد مما يستدعي التخلص من البعد الخامس ويحتاج الأمر لسلسلة طويلة من المعدلات المعقدة لها علاقة بنظرية وحركة وتكوين الجزيئات التكوينية الأولية ومضاداتها. فإضافة البعد الخامس يعني ترجمة مفهوم الشحنة الكهربائية للجزيء بطريقة هندسية بحتة purement géométrique. يرتسم فيها مسار الزمن على نحو قسري أو منطقي ضمن منطق التماثل الناجم أو المتكون على جانبي المرآة والحركة في هذا المجال أو الفضاء تحدد طبيعة الجزيئات أو يمكننا القول أن طبيعة الجزيء هو حركته وطريقة تلك الحركة، حيث هناك مسار لجزيء مشحون كهربائياً واتجاه محدد لذلك المسار، ويوجد في نفس الوقت حركة لجزيء مضاد من المادة المضادة antimatière ولكن باتجاه ومسار معاكس وبشحنة معكوسة في فضاء بخمسة أبعاد. فمعاكسة هذا البعد الخامس هو المعنى الهندسي المتجانس والمتماثل symétrie géométrique للصراع بين المادة والمادة المضادة، وهو الأمر الذي يقود إلى خلق الكون والكون المضاد والتوأم له L’Univers gémellaire. وأمام صعوبة ، إن لم نقل استحالة تفسير كافة ظواهر الطبيعة وشواذها وخروقاتها، لجأ البعض إلى نظريات ونماذج أكثر غرابة وتعقيداً من الظواهر اللاطبيعية أو الخارقة للعادة التي تتطلب تفسيراً علمياً، مثل التخاطر télépathie ومغادرة الجسد أثناء النوم أو الغيبوبة، ومسألة الروح والنفس والوعي واللاوعي والضمير وتناسخ الأرواح وتذكر حوادث وقعت في الماضي السحيق الخ... كانت نقطة التحول الجوهرية في علاقة الإنسان بما حوله قد حدثت عندما اخترع الإنسان العدسة ووضعها في التلسكوبات والميكروسكوبات لرصد الكون بعظمته وشساعته والتأمل في أصغر جزء موجود في أصغر جزيء من مكوناته المادة. وبفضل العدسات والمرايا وإشعاعات الليزر توصل الإنسان إلى صنع الهولوغرام hologramme، وهو عبارة عن صورة مجسمة ثلاثية الأبعاد للأشياء تبدو فيها هذه الأخيرة المعروضة كما لو أنها حقيقية ولكننا إذا ما مررنا يدينا خلالها فلن نمس شيئاً صلداً بل سنشعر أن أيدينا تخوض في فراغ. وليس الهولوغرام سوى انعكاس مجسم ثلاثي الأبعاد لشيء أو جسم غير موجود وغير ملموس. وافترض العلماء أن الكون ليس سوى هولوغرام لوجود مادي كان موجوداً ومانراه اليوم ونعيش فيه ليس أكثر من صورة وهمية أي هولوغرام لذلك سموه الكون الوهمي أو الكون الهولوغرام L’Univers Hologramme لدافيد بوم Davide Bohm ، وهو أقرب للتصور الذهني الصوفي للكون منه للتصور العلمي المحض، بيد أنه تصور يستند إلى حيثيات وتداعيات عالم ماتحت الذرة ومكوناتها من الكترونات وفوتونات وكواركات وفراغات ومن الصعب الاعتراض على ذلك إذا ما علمنا أن تجارب مختبرية لايمكن الطعن بصحتها أو دحضها أثبتت قدرة الإنسان بالتأثير في الواقع المادي الفيزيائي عبر التركيز النفسي حيث بالتفكير والتركيز النفسي concentration mentale وحده يمكنه تشغيل بعض الآلات والأجهزة وتحريك الأشياء الجامدة في إطار دراسة الظواهر الخارقة للطبيعة أو البارانورمال phénomènes paranormaux مما يسمح لنا بتغيير نظرتنا للكون المادي والفيزيائي المرئي الذي هو ليس أكثر من الجزء الظاهر من جبل الجليد كما يقول المثل. وقد تعرض فيلم شهير في تاريخ أفلام الخيال العلمي لهذه الظاهرة وهو فيلم حرب النجوم وكذلك استفاد منها فيلم رائع بأجزائه الثلاثة هو فيلم ماتريكس matrix المستند كلياً إلى ما عرضناه من مفاهيم ونظريات في هذا المعالجة السريعة .



Opinions