ياديار الحبايب مانعود
هذه هي الحقيقة التي يبدو إننا سنواجهها خلال الفترة المقبلة ومع تزايد أعداد النازحين من مدينة الموصل في الشمال فإن المأساة ستتجسد اكثر حين تمر الأزمة الراهنة وتترك خلفها بلدا ممزقا الى أقسام لايمكن معها عودة من نزحوا الى القسم الذي تركوه لأسباب طائفية مقيتة.وحينها ستبرد عواطف السياسيين ورجال الدين والجمعيات الخيرية الكثيرة التي أشعلت المشاعر بنيران المأساة وحينها لن يجد النازحون بيوتا تأويهم وقد تتمزق الخيام التي تناثرت هنا وهناك في أجزاء يظنها النازحون أكثر أمنا لكنها في الحقيقة أكثر قدرة على إشعال الحرائق في النفوس التي ستدرك أن لاعودة قريبة الى الديار بل لاعودة أبدا.
قلت، في منشور سابق على الفيس بوك، إننا قد نجد لاحقا إن النزوح الأخير ربما سيكون نهائيا خاصة الذي أصاب التركمان والشبك والشيعة الذين طردوا من ديارهم في تلعفر وطوزخورماتو وآمرلي وغيرها من مناطق توغلت فيها التنظيمات الدينية التكفيرية، عدا عن حديث متواصل عن إمكانية تقسيم البلاد الى ثلاث مناطق رئيسة للكورد والعرب السنة والشيعة في حين سيتم دمج الطوائف والقوميات الأخرى حسب درجة التسامح عند القوميات والطوائف الكبرى. أحدهم شرح أسباب رفضه لهذه الرؤية وطلب تضمين مأساة السنة في المنشور، ويرى إن السنة نزحوا أيضا من مناطق الشيعة ومن مناطقهم حتى بفعل المعارك التي تشتبك فيها داعش مع القوات النظامية وقوات البيشمركة في أكثر من جبهة، مايؤدي الى نزوح غير مسبوق، وبالطبع فهذا التساؤل مشروع لكنه ربما لايكون في محله بنسبة كاملة فالتهجير مايزال يضرب الطائفة الشيعية بقسوة أكبر وخلت مدن السنة وقراهم من الشيعة بالكامل، فيما يزال السنة متواجدون في محافظات شيعية كالبصرة وواسط وبابل وغيرها وهم عرضة كما يبدو لتهجير مماثل من قبل مجموعات مسلحة شيعية غاضبة .
مخطط التقسيم حاضر بمايشبه خطة إعلان دولة باكستان الإسلامية التي إنفصلت عن الهند في العام 1947 وكانت شهدت حركة هجرة متبادلة بين الطوائف والممل في تلك القارة، ويمكن القول إن أمريكا تتخطط بالفعل لمثل هذا السيناريو وتبذل جهدا لتأكيده واقعا ، ماسيصيب الناس بالإحباط ويرفع من نسبة الشعور باليأس من العودة الى الديار، فمن سيوفر الضمانة للعودة ومن يمكن له أن يخفف عن عذاباتهم وحزنهم المتواصل، وكان حديث جرى عن ضرورة تحديد ماإذا كان النزوح مؤقتا أو دائما ليتسنى وضع إستراتيجيات فاعلة للتخفيف عن المعاناة ومن ثم الشروع بحملة بناء واسعة وتخصيص مناطق لتأسيس قرى ومدن تكون بديلا عن البيت السليب في حال تأكد أن النزوح نهائي ولايمكن العودة للموصل وسواها على الإطلاق.
التحديات جسيمة ولابد إن المسؤولين وأصحاب الضمائر بحاجة الى تشغيل ضمائرهم وأن يهبوا لمساعدة النازحين بكل ماتمنكوا فليس من مجال للحديث في مواضيع جانبية بينما يتم طرد الأبرياء من بيوتهم وسلب مايملكون دون وازع من ضمير، ولانجد حراكا فاعلا، ويقال إن الرغبة في إبقاء الوضع على ماهو عليه هي التي تحرك الضرورات وتخفف الضغط عن العدو.