Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

يجب التعامل مع الحكومة العراقية على أنها حكومة أسلامية بغض النظر عن رأسها العلماني

في الآمس القريب كان الرئيس كل شيء واليوم الرئيس فقط للزينة تماما كقبعة سانتا كروز التي توضع على كل رأس أو في أي مكان من شجرة الميلاد . فجوة هائلة تلك التي تفصل بين الأمس واليوم وتغيرات هائلة تلك التي شهدتها الساحة السياسية العراقية . بالنسبة لي وهنا اسمحوا لي ان أستخدم هذا المصطلح لأن أرائي ربما أو بالتأكيد لن تكون معبرة عن كل أراء أبناء شعبي العراقي أو خاصة المسيحيين منهم أو العلمانيين . هذا التغيير كان نحو الأسوء رغم كونه حقق طفرات ديمقراطية وأنجازات هائلة في الحد من صلاحيات رئيس الجمهورية وأحتمالايات تكرار سيطرة الأحزاب الشمولية واتاح لكل عراقي حرية التعبير عن رايه وأختيار مرشحيه في كافة المجالات حتى لو كانت هذه الحرية موضوعة بين قوسين وقد يكون لها سعرها الباهض في عراق اليوم وساحاته السياسية المكتظة بالمسلحين والمأجورين والأرهابيين . وبناء على ما سبق ذكره فأن حكومة اليوم منسوجة على اختيارات الأغلبية وتوافقات الأحزاب السياسية التي نجحت في حصد أصوات كافية تؤهلها للوصول إلى السلطة وتكوين جبهات سواء كانت يمين أو وسط أو يسار او ما بين وبين . في مقدمة تلك الاحزاب التي نجحت هي الأحزاب الكردية منطلقة طبعا من قاعدتها القومية وتاريخها النضالي في سبيل حقوق أبناء شعبها ولأن الأكراد يعيشون في منطقة شبه معزولة عن العراق لم يهتموا كثيرا بشكل الدولة في بغداد وكان اكثر ما يهمهم قضايا مثل كركوك وأن يكون لأقليمهم رئيس ورئيس حكومة وبالتالي كان حصولهم على منصب رئيس الجمهورية بمثابة منصب فخري او رمزي لأن التغيرات الأخيرة في العراق حولت الرئيس إلى مجرد مراقب للعملية السياسية حاله في ذلك حال الكثير من الأنظمة الديمقراطية في العالم . والنتيجة رئيس لا بيهش ولا بينش (( كما يقول أبناء مصر )) رئيس يختلف في توجهاته بدرجة 180 درجة عن توجهات حكومته ولكن معدوم التاثير تهمه قضايا أقليم كردستان وحدوده الجائعة أكثر من أهتمامه بقضايا وجوهر أختلافه عن الحكومة وهنا أحب أن أنوه بأن هذه الحالة السياسية سليمة جدا وفي كل دول العالم عندما يكون هناك أختلاف كبير بين توجهات الرئيس وتوجهات حكومته ينشأ نوع من المنافسة الحامية والشرسة بين الأثنين ألا في العراق وإذا لم تصدق ما اقول أذهب إلى السليمانية أو أسال عن نظام الحكم هناك فهي لا زالت مدارة من قبل الطالباني وحزبه فعليا حتى لو كانت اسميا تتبع رئيس أقليم كردستان . وقارن بين ما ستجده في السليمانية وبين الموجود في العراق ككل أو في البصرة أو بغداد (( شي ما يشبه شي )) الرئيس هنا يختلف مع حكومته في كل شيء ولكن لا يحاول ان يفرض شيئا على تلك الحكومة أو يسعى إلى تغيير شيء بسيط حتى لو كان تافها . يكفيه صلاحياته في المراقبة وفي صرف بعض الأموال هنا وهناك وعبارة أظنه يرددها في سره ... كاكه المهم كركوك وسهل نينوى وبدرة وجصان ووو شسوي ويا بغداد .

الجزء الثاني من المنتصرين بقوة في العملية السياسية العراقية هم الأئتلاف الشيعي الموحد أو حتى من خارج الأئتلاف . تلك الأحزاب التي أستفادت من بساط الريح الشيعي ولعبت على وتر المشاعر الأسلامية لتحقق أحزابها انتصارا وحضورا فائقا في البرلمان هذه الأحزاب هي الموجهة للسلطة في العراق بدليل انتصار أرادتها في كتابة الدستور والتغييرات التي تحدثها شيئا فشيئا في كل القوانين المدنية خدمة لمصالحها الطائفية . من يحكم اليوم في العراق هم الدعوة (( الدعوة لمن في بلد أكثر من 95% من سكانه مسلمين )) والفضيلة (( محد ما خرب بيتنا غير الفضائل التي تاتي من الذي يدعو باسمها )) والمجلس الأعلى للثورة الأسلامية الذي يمثل نسخة أيرانية مصدرة للعراق ولا ادري أن كان الفشل في تشغيل هذه النسخة سيأتي من أيران أيضا لأن الأصلية بدأت بالاحتراق ولن تكون سوى تاريخ في العقد القادم . وكذلك جماعة الصدر وغيرهم الكثير من التوافقات التي أعطت وجها نهائيا للحكومة العراقية ألا وهو الوجه الأسلامي بدليل تراجع الحريات المدنية والشخصية وما سمعناه اخيرا عن منع بيع المشروبات الكحولية في البصرة ولا ادري هل طالت هذه الحملة مدنا اخرى ام لا.

والحقيقة تقول ان ما تمنعوه يصبح مرغوبا أكثر وبدلا من تجارة المشروبات العلنية ستنشأ أخرى سرية وتحقق أرباحا لأصحابها أكثر من الأولى . المهم هو ان يتعلم المجتمع العراقي كيف ومن المسؤول عن كل مشاكله الحالية والقادمة وحقيقة واحدة تطرح نفسها وتبرهن في كل يوم بأن الوجه الأسلامي للحكومة العراقية مدمر فهي بترويجها لما تعتبره أسلاميا أو ما قد يعتبره المتعصبون على أختلاف طوائفهم صائبا تحول البيوت العراقية إلى حانات بدل أن يكون هناك اخرى مباحة. تشجع ظهور كل انواع الأنحلال الأخلاقي داخل العائلة العراقية نفسها تحت أسم التستر والعيب والحرام والحلال . هذه الحكومة التي تخاف من الحريات الأجتماعية ستساهم بشكل فعال في انتشار كل أنواع الأتجار الجنسي في العراق وخصوصا تلك التي تطال المراة لأنها أكذوبة كبيرة أن يكون لكل عائلة عراقية مئات القنوات الفضائية مباحة ومن ضمنها المشفرة ويجلس الشباب العراقي بذكوره واناثه دون أن يحاول أختبار تلك الأشياء الجديدة التي يسمعون عنها ويشاهدونها . أكذوبة كبيرة تلك التي تحاول الأحزاب الأسلامية ترويجها في مجتمعات ضعيفة جدا من حيث بنيتها الأقتصادية والأجتماعية . فلا يخلو أي بيت عراقي من أحدى المشاكل الأجتماعية (( كالعنوسة . الطلاق . فقدان أحد الأبوين أو كلاهما ....الخ )) الحكومة باسلوبها الحالي ترفض العيش بشكل طبيعي وسليم وتحرم ملايين العراقيين من أجواء أجتماعية سليمة يمتلكون فيها فرص أختبار كل شيء وتجربته دون خوف وبوعي قادم من مؤسسات يفترض ان تكون حكومية تشرح للمراهقين وتساعدهم على تجنب الوقوع في عادات سيئة كالتدخين فما قد لا تعرفه عزيزي القاريء هو ان أطفالنا دون سن العاشرة يمررون السكاير بعضهم للبعض في مناسبات ذويهم الأجتماعية كالأعياد والمناسبات . كان ينبغي على الحكومة أن تتكلم بوضوح وتشرح في المدارس أخطار المخدرات والممارسات الجنسية غير السليمة وتبحث عن الناس لتوعيتهم وليس كما تفعل اليوم بالأنشغال والترويج لمباديء خيالية لا يمكن ان يعمل بها احد لأنها تحد كثيرا من حريات أي إنسان تحت مسميات وشعارات براقة كتلك التي تطرقنا اليها قبل قليل وبخلاف ذلك على المروجين لهذه المبادىء تحمل فشلها وتوقع أنفسهم بعد سنوات في زنزانات ومحاكم على شعارات رفعوها وكانت النتيجة المؤكدة القادمة هو المزيد من حالات الأغتصاب الجماعي المبرر للنساء تحت مسمى الحلال والحرام بين هذه الملة وتلك الطائفة , والألاف من حالات التحرش الجنسي داخل العائلة العراقية نفسها , ناهيك عن الأدمان بكل أشكاله وليس على المشروبات الكحولية فقط فالأخطر هو ما يحدث اليوم وشيوع التدخين بين كل الاعمار وفي كل مكان . ولتعلم الحكومة العراقية ورموزها اليوم إذا فشلت في خططها الأسلامية في بناء مجتمع سليم ومرفه ففي المستقبل سيأتي من يجر رموزها اليوم إلى المحاكم بدعوى الفشل وربما ستنصب لهم مقاصل أيضا . وعليه يجب ان نبدأ منذ اليوم بمعاملة حكومة المالكي بحسب ما تكيل به وإذا كانت اسلامية .

فاليوم أطالبها أعلاميا بكامل حقوقي في التعويض عن كل الأضرار التي لحقت بي وانا مواطن عراقي غير مسلم ويحق لي أن اعيش كما يحلو لي ضمن كل أطارات وحدود الحرية الرزينة , وليس كما يريدني أن أكون مجتمعي الذي يعتبرني ذمي او ضعيف لأنني من ديانة أخرى لا بل يجب أن يطالب المسيحيين بكل الأموال التاريخية التي دفعوها كثمن لأحتفاظهم بديانتهم منذ قدوم الأسلام وحتى يومنا هذا

وشكرا

عصام سليمان – تلكيف .

Assyrian_publisher@yahoo.com
Opinions