Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

يشمل بناء 22 سدا على نهري دجلة والفرات ومن المتوقع انجازه عام2010،مشروع جنوب شرق الاناضول(الكاب) وتأثيراته السلبية على العراق

29/08/2007

نركال كيت/الموصل/بلال هاشم/
يكتسب موضوع المياه والموارد المائية في العالم العربي و الشرق الاوسط , اهمية كبيرة في المرحلة الراهنة , حتى ان بعض الباحثين يرون ان مشكلة المياه ستكون واحدة من ابرز القضايا التي تستحوذ على الاهتمام خلال القرن الحالي
وعند النظر الى مسألة الموارد المائية ثمة حقائق لا يمكن اغفالها وابرزها , ان العالم العربي يعاني من شحة في المياه وان معظم مصادر مياهه تقع خارج حدوده ( تركيا واثيوبيا )
وبخصوص تركيا فما زال المسؤولون فيها يصرّون على ان مشروع جنوب شرق الاناضول المعروف اختصارا ب ( الكاب ) هو مشروع تنموي كبير , يستهدف في حالة انجازه توفير القاعدة الضرورية لاحداث تحولات اقتصادية واجتماعية وثقافية في المحافظات الواقعة جنوب شرق تركيا والتي تعد من اكثر المناطق فقرا وتخلفا مثل ديار بكر وغازي عينتاب وسعرت وشانلي وماردين وهذه المناطق يسكنها قرابة 12 مليون نسمة , ولم يلتفت الاتراك كثيرا الى تأثيرات المشروع السلبية على جيران تركيا ومنهم العراق.
ولمعرفة المزيد عن هذا المشروع وتاثيراته السلبية على العراق التقى موقعنا بالدكتور ابراهيم خليل العلاف مدير مركز الدراسات الاقليمية في جامعة الموصل وكان معه الحوار التالي :

ما هو مشروع الكاب وما هي جذوره ؟

ترجع الجذور الاولى للتفكير التركي بمشروع الكاب الى سنة 1930 م حين ظهرت مؤسسة الكهرباء التركية حيث بدأت في العام 1936 م التحريات الاولية للمشروع بالمسح الهيدرولوجي على نهر الفرات ووضعت دراسة خاصة بانشاء سد ( كيبان ) في منطقة ملتقى فرات صو ومراد صو ويتضمن مشروع الكاب انشاء 22 سدا اضافة الى مجموعة من المشاريع الاروائية والخزانات والانفاق والقنوات والمحطات الكهرومائية وتقدر الكلفة الاجمالية للمشروع ب30 مليار دولار ويعد سد ( اتاتورك ) على نهر الفرات احد اكبر السدود بالعالم وقد انجز بالعام1990 م وتبلغ سعة الخزن فيه 7.48 مليار متر مكعب وسعة المحطة الكهرومائية فيه تبلغ 2400 ميكاواط في حين تبلغ مساحة البحيرة التي يحدثها 8 كيلومترات مربعة , وهناك مشاريع اخرى على نهر الفرات منها سدود قره قايا وقرقميش واديمان وغازي غينتاب
اما المشاريع على نهر دجلة فابرزها سدود قرال قزي وباطمان واليسو.

ما هي الفوائد التي ستجنيها تركيا من بناء كل هذا العدد من السدود ؟

يقول المسؤولون الاتراك بان النتائج التي سيترتب عليها انجاز تلك السدود ستكون احداث ثورة زراعية عبر مضاعفة انتاج القطن مثلا 3 مرات والقمح مرتين ومضاعفة انتاج سائر المحاصيل الزراعية وستتحول تلك المنطقة الى سلة غذاء ومركز التصدير الزراعي الى الشرق الاوسط ناهيك عن مضاعفة الدخل القومي وايجاد بنى تحتية صحية وتربوية وتوفير 5 ملايين فرصة عمل.

وهل هناك اهداف سياسية للمشروع ؟

تتفق معظم المصادر التي كتبت عن مشروع الكاب على ان هناك اهدافا سياسية واجتماعية وراء انجازه منها السعي لوضع حد للحركات المسلحة التي يقوم بها الكورد من خلال نشاطات حزب العمال الكردستاني عبر تنمية المنطقة واحداث تغيير ديمغرافي فيها الى درجة ان احد الباحثين عدّ المشروع اداة تتريك اقتصادية
كذلك فان مشروع الكاب ارتبط بتوجهات السياسة الخارجية التركية , فعلى الرغم من قول الاتراك بان دوافع المشروع انمائية بحتة الا ان الدوافع السياسية واضحة للعيان فكثيرا ما تلجأ تركيا الى تسويغ سياساتها المائية باستغلال الازمات مع الدول المتشاركة , فمثلا في العام 1987م ربط الرئيس التركي انذاك ( توركت اوزال ) منح سوريا (12) مليار متر مكعب من المياه بوقف سوريا دعمها لحزب العمال كما بات معروفا بان اسرائيل تدعم جهود تركيا لتنفيذ مشاريعها المائية وذلك لتهديد الامن المائي والغذائي العربي.

ماهي الاثار السلبية للمشروع على العراق؟

ان انجاز بعض اجزاء مشروع الكاب ادى الى نقص كبير في كمية المياه الواردة الى العراق وصاحب ذلك ترد في نوعية المياه وطبيعي بات تلك التثيرات السلبية ستداد بعد اكمال المشروع بشكل نهائي عام 2010م ومما يزيد الطين بلّة ان المسؤولين الاتراك يقولون انه لايمكن ان تنشأ مشكلة بين الدول الثلاث المتشاركة ( تركيا والعراق وسوريا ) بسبب المشاريع التركية لانه لا يوجد اتفاق دولي بينهم ! بشان تقسيم واستغلال المياه وان نهري دجلة والفرات هما نهران وطنيان حتى النقطة التي يغادران فيهما الاقليم التركي وليسا دوليين !؟
وقد اكد احد الخبراء بان سد اتاتورك مثلا سيكون قادرا على استخلاص ما بيم (5-8) مليار متر مكعب من المياه لاغراض الزراعة أي نحو (25% -40% ) من منسوب نهر الفرات ومعنى هذا ان العراق الذي يعاني الان عجزا بنحو 10 مليار متر مكعب سيواجه مشكلة وسيكون موقفه محرجا في السنوات القادمة وثمة احصائية تشير الى ان عدد سكان العراق سيكون في سنة 2048 م بحدود 85 مليون نسمة وعندها تبلغ احتياجاته من المياه بحدود 67 مليار متر مكعب\ سنويا وما لم يتم التوصل الى اتفاق مع تركيا حول قسمة المياه واعطاء العراق حصة مائية تكفل له تلبية الحد الادنى من المتطلبات الضرورية للتنمية الزراعية والحاجات الحياتية الاخرى فان المشكلة ستتفاقم وسينخفض نصيب الفرد من الموارد المائية وبدون شك فان ذلك سينعكس على النشاطات الزراعية والصناعية والحياتية للانسان في العراق وسوف يؤدي الاستمرار في اكمال المشاريع الاروائية التركية الى احداث مشاكل بيئية خطيرة بسبب تلوث المياه جراء استخدام المواد الكيمياوية في زراعة الاراضي التركية التي سترويها مياه تلك المشاريع عندما يجري تصريفها باتجاه مجرى النهر مرة اخرى كما سيؤدي النقص في المياه الى انخفاض كبير في الانتاج الزراعي وتضرر قرابة 5 مليون فلاح وازدياد الهجرة الى المدن وزيادة حالة التصحر.

واخيرا فعلى تركيا ان تنظر بعين العقل والحكمة الى مصالح جيرانها وذلك عن طريق تامين حصص مائية تلبي الاحتياجات المختلفة وتقسيم المياه على اساس ( السيادة المشتركة على نهري دجلة والفرات ) ولكن للاسف فان المعلومات الاخيرة تشير الى ان تركيا لم تتوقف عن الاستمرار في اكمال مشروع الكاب بل على العكس فهي تعمل على تكثيف جهودها للانتهاء منه قبل موعده بهدف فرض امر واقع ودفع العراق الى قبول صيغة ( التعاون الفني ) الذي تقترحه تركيا وهذا يتطلب من العراق والمسؤولين فيه الى وضع استراتيجية مائية والاحتكام الى القانون الدولي وهناك اتفاقيات كثيرة ينبغي على تركيا الالتزام بها مثل اتفاقية لوزان سنة 1923م ووثيقة الجمعية العامة التي اعتمدت في 21 مايس سنة 1997م كما نصت المادة (23) من قانون استخدام المجاري المائية الدولية على جواز عرض النزاع المائي بين الدول على التحكيم الدولي او التسوية القضائية. Opinions