يشوع هداية شهيد الوطن العراقي
يشوع مجيد هداية شخصية عراقية اصيلة ، كانت له طموحات متواضعة لتحقيق أمل العراقيين من السريان بان يكون لهم اسماً مذكوراً في الدستور العراقي ، وأن يكون لهذه الشريحة العراقية الأصيلة ( السريان ) مكانة على الخارطة السياسية العراقية ، وهذا حق مشروع لكل فرد عراقي ، ومن هنا انطلق يشوع هداية في تأسيس حركة تجمع السريان المستقلة .نعم السريان شريحة صغيرة من مكونات النسيج العراقي ، لكن حجم هذه الشريحة يكبر حينما نضعها بين مكونات شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين ، ومهما يكن حجمها فإنها تبقى نقطة مضيئة في تاريخ وحاضر ومستقبل العراق ، فمساهمة السريان في البنيان الحضاري العراقي معروف ومدون في التاريخ العراقي ، وأيشوع هداية أراد لهذه الكينونة ان تبقى مستمرة عبر الزمن .
لقد تعرفت على المرحوم يشوع مجيد هداية في مقر أحد احزابنا السياسية في بغداد عام 2004 م وعرفني بنفسه وبحركته التي كان فخوراً بها ، وأهدى لي كراساً صغيراً عليه شعار الحركة وكتب فوق الشعار مقولة تقول :
وحدتنا القومية .. ضمان لحقوقنا القومية . وفي اسفل الشعار مكتوب حركة تجمع السريان المستقل ، والكراس بقلم يشوع مجيد هداية عام 2004 م . لقد تناولنا مختلف اطراف الحديث التي تدخل من ضمن هموم شعبنا ، وتطرقنا الى المقالات التي اكتبها في موقع عنكاوا وقال : إنني من قراء مقالاتك على هذا الموقع ، واعتقد ان الصدف جمعتنا مرة أخرى في نفس المكان بعد اسابيع .
نأتي الى موضوع الأغتيال الذي تعرض له المرحوم ، وليس لنا في هذا المقال المتواضع ان نأخذ دور القضاة او إيراد الأدلة لأدانة الفاعل الذي استهدف المرحوم ، فهذا شان الأجهزة الأمنية والمحاكم .
لكن من المسلّمات ان غياب الدولة او ضعفها يترك فراغاً في الوسط الأمني فيلجأ الأفراد بالدفاع عن انفسهم وأسرهم ، او يتركون منازلهم ويهاجرون حيث الأمان والأستقرار .
وفي ظل غياب الدولة أيضاً ، وهذا ما جرى ويجري في العراق ، يسود نظام الغابة حيث يعكف من يملك وسائل القوة ، على ملئ الفراغ الأمني الذي تركه غياب الدولة ، فتنشط مراكز القوى من قبلية ومناطقية وميليشياوية وسلفية وعصابات محترفة للجريمة ، فتزرع العنف والأرهاب بحق الأبرياء ، وكل فريق يريد فرض اجندته ليس بأسلوب المحاججة والأقناع الفكري إنما بممارسة الأرهاب والقتل والذبح ..
إن عجلة الأرهاب هذه تدور في الحقل العراقي وهكذا وصلت هذه العجلة الى شهيدنا ، يشوع مجيد هداية ، إن البرنامج الذي كان يدعو اليه المرحوم لا يشكل خطورة على قوى سياسية او جهة حكومية ، وهو لم يكن يسعى الى منافسة في منصب رفيع ، لقد كانت له مطالب تحمل في طياتها الحد الأدنى من حقوق الأنسان .
لكن مع ذلك فإن المرحوم يشوع هداية لم يكن استشهاده نتيجة حادث عرضي من التي تجري على أرض العراق هذه الأيام ، إنما كان اغتياله مرصوداً وهو المستهدف لا غيره . ولهذا يمكن ان نضع هذا الحدث بمصاف الجريمة السياسية ، وربما هذا ما سيكشف عنه التحقيق في المستقبل .
فإذا أبقينا عملية الأغتيال في محورها السياسي ، وجب على المراقب ان يسأل ماذا يريد الفاعل من هذا الأغتيال ؟ وهنا سيجرنا التساؤل الى الساحة العراقية التي يخيم عليها مناظر القتل والجثث الملقاة على الطرق ، والدماء المراقة وكل انواع الأعمال الوحشية السائدة في المشهد العراقي ، ونبقى نردد سؤال :
هل يجوز ان يقتل الأنسان من اجل حفنة من الدولارات ؟
هل يجوز ان يقتل الأنسان من اجل اختلاف في المذهب ؟
هل يقتل الأنسان من اجل رأي سياسي مخالف ؟
هل يقتل الأنسان من اجل أختلاف في الدين ؟
إنه سؤال واحد يبقى صالحاً ومكرراً لكل حالة من حالات العنف التي تعصف بالواقع العراقي .
إن يشوع مجيد هداية إنسان عراقي ،ومصير العراق اليوم بيد قوى لها أجندتها التي تتلخص في تصفية من تشاء وتبقى على حياة من تشاء ، هذا هو المصير الذي آل اليه العراق .
إن الوطن العراقي الجريج يدفع أبناؤه ثمن شفائه ، وإن روح الشهيد يشوع مجيد هداية كانت جزءاً من الثمن الغالي الذي يدفعه شعب العراق بمسلميه ومسيحييه وكل اديانه وقومياته ، إنها ضريبة يدفعها العراقيون من دمائهم وأرواحهم من أجل تخليص العراق من براثن الفوضى والدمار التي أرادها الأشرار لهذا الشعب الأصيل .
إن شفاء وخلاص الوطن العراقي من هذه الشرور لا بد ان يكون على أيدي أبنائه الغيارى المخلصين .
حبيب تومي / اوسلو