يوم الحرية العالمي
اعتدنا – كغيرنا على هذه الارض – أن نحتفل بأيام محددة في السنة بمناسبات متعددة، وضعتها لنا الأمم المتحدة أو الاعراف الدولية كمناسبات عالمية، مثل: (اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، اليوم العالمي للطفل، اليوم العالمي للتسامح، اليوم العالمي للمعوقين...)، إحياء لأشخاص أو أحداث يعتقد أولئك انها مهمة ولها دور في حياة الإنسانية فخلدوها تقديرا. وإكراما لها جعلوا العالم يحتفي بها.وطالما تساءلت مع نفسي: (لماذا لا توجد مناسبات خاصة بنا نحن المسلمون، أن نحتفي بأشخاص أو أحداث ساهمت في صناعة تأريخنا أو صياغة فكرنا، وتكون أياما لتخليدهم وندعو العالم ليحتفي بهم كما الاعياد العالمية)، أي بعبارة أخرى: نتحول من أمة مستهلكة للأفكار الجاهزة ومتلقية للثقافات الاخرى الى أمة منتجة للأفكار وصانعة للاحداث، أمة مبادرة للأبداع.
وأعتقد أن موسم عاشوراء من أثرى المواسم الفكرية القادرة على رفد الفكر الانساني بالابداع وتسويقه الى العالم فيما إذا عرفنا كيف نوظف النهضة الحسينية لتحقيق هذه الغاية، وتحويل شعائر عاشوراء الى طقوس عالمية يحتفي بها العالم كمناسبة دولية، تخصص لها الامم المتحدة يوما في تقويمها!
أيشق علينا ذلك؟!
فمثلا: يوم الحب! يعلو ضجيجه كل عام ليحيي ذكرى شخصان تحبا وتزوجا رغم أعراف دينهما. فأين هذا من شخصيات النهضة الحسينية ومفاهيمها؟!!
لماذا خلال هذه الحقب الزمنية المتلاحقة، لم نقو على ترويج النهضة الحسينية للعالم فيما استطاع الفرنسيون – مثلا – التسويق لثورتهم!!
لماذا لا يكون يوم عفو رسول الله (ص) عن قريش عند فتح مكة بعد كل الذي فعلته به وبالمسلمين، يوما للتسامح العالمي؟!
لماذا لا يكون يوم استشهاد الامام الحسين عليه السلام، يوم الحرية العالمي! فمن أهم أهداف نهضته المباركة، ان يكون الناس أحرارا في دنياهم، لا يستعبدهم فكرٌ أو رغبةٌ أو طمعٌ أو أنسانٌ.
فهو يوم عالمي لكل من أراد ان يكون حراً بغض النظر عن دينه: (ان لم تكونوا مسلمين فكونوا أحراراً في دنياكم).
هو يوم الحرية العالمية لكل البشر، لكل اولئك الذين يرفضون الاستعباد والخضوع لأي إله يريد أن يصادر حقهم في الحياة، أو حقهم في التعبير عن أنفسهم، أو يقضي على أحلامهم أو يصلب إرادتهم.
أعتقد أننا قادرون على ذلك، فيما إذا فهمنا الحسين عليه السلام حق المعرفة، وعرفنا كيف نقدمه للعالم بشكل حضاري، فهو ليس إماما لطائفة معينة أو مذهبا ما، بل هو إمام للإنسانية برمتها، هو مصلح ومفكر وثائر وعاشق ومناضل ومضحي. فهل توجد شخصية عالمية يحتفي بها العالم تختزن كل هذه الصفات كالحسين عليه السلام؟!
ألسنا بحاجة الى إعادة النظر في أدواتنا ومناهجنا لإحياء ذكرى النهضة الحسينية بما يناسب فكر الحسين عليه السلام وأهداف نهضته وفلسفتها؟!
هل نحن قادرون على ذلك؟