آشــــــور والبدايــــــــــة
عرف ابناء الرافدين " آشور" الها للاشوريين اقدم الشعوب التي استوطنت ارض العراق ، وعرفوا " آشور" كاقدم مدينة عراقية بناها الاشوريون عاصمة لهم والتي تقع على ضفاف نهر دجلة الخالد جنوب مدينة نينوى الاثرية بحوالي 100 كم قرب مدينة شرقاط الحالية.برز اسم اشور في نينوى وبابل كرمز للحضارة العراقية القديمة التي اعطت للانسانية العلوم والثقافة والقانون والادب والفن وغيرها . فاشور اسم عرفته الارض العراقية منذ اكثر من 7000 سنة ، لكن الفضاء تعرف عليه في 9/5/2005 يوم سطعت في سماء العالم اول محطة فضائية تلفزيونية عراقية منطلقة من ارض الرافدين ومن بغداد العاصمة تحمل هذا الاسم العراقي الاصيل (( اشور )) والذي يعني (( البداية )).
وبداية " اشور" التلفزيون وليس الأله والعاصمة ، كانت عام 1995 في محافظة اربيل .. اربائيلو ( مدينة الآلهة الاربعة ) . المدينة الاشورية القديمة والتي لازالت تحتفظ بقلعتها الاثرية المتميزة في العالم.
وكما هو معروف البداية تكون متواضعة .. هكذا كان تلفزيون اشور في اربيل .. الاجهزة بسيطة لا تتعدى سوى بضع كاميرات وفيديوات تعمل على نظام VHS وجهاز بث بسيط يكفي فقط لتغطية مدينة اربيل وحدها... واعقب ذلك محطة نظيرة لما هو في اربيل تأسست في دهوك عام 1996 استخدمت الاجهزة والاسلوب ذاته والمتبع في اربيل ،والتغطية اقتصرت على مدينة دهوك وحدها. ومن خلال هاتين المحطتين تهيئت الفرصة لتطوير القدرات الاعلامية والصحفية والفنية لكوادر الاعلام عن طريق اقامة دورات محلية مما ساهم في خلق قاعدة جيدة من الصحفين والاعلامين والفنين الذين شكلوا ارضية اساسية لتطوير المؤسسات الاعلامية العراقية بعد سقوط الدكتاتورية في بغداد في 9/4/2003.
وبعد هذا التاريخ حصل منعطف مهم في الحركة الاعلامية في عموم العراق فقد سارع العديد من الاعلامين العراقين الى تأسيس مؤسسات اعلامية وصحفية متنوعة بعد ان كان هذا الامر محتكرا على مؤسسات السلطة الدكتاتورية التي انهارت في 9/4/2003.
فكان تلفزيون اشور في بغداد اول محطة تلفزيونية ارضية شاهدها ابناء بغداد بعد سقوط الدكتاتورية واعقبها محطة اشور في نينوى وتميزت المحطات الاضية " لآشور " سواء في بغداد اونينوى بازدياد متابعيها وبروز جماهيرتها...
فمحطة اشور في بغداد استطاعت ان تكسب شعبية كبيرة لاسباب عديدة اهمها انها انفردت كاول محطة تلفزيونية تبث من بغداد بعد ان كانت المحطات العراقية الرسمية قد توقفت اثر تعرضها للتدمير نتيجة الحرب.
وفي الوقت الذي كان فيه الناس في بغداد منشغلون في السلب والنهب لمؤسسات الدولة والمرافق العامة بعد سقوط الدكتاتورية كان الكادر الفني في تلفزيون اشور يعمل بجد الى الاسراع في بناء استوديوهات ليتسنى له ايصال رسالة اشور الى المواطن والمتلقي العراقي بأقرب وقت ... وقد ساهم اختيار مقر فدائيي صدام أحد قلاع الدكتاتورية المتهاوية موقعا لمشروع التلفزيون كما ان وجود السجون والمحاجر وغرف التعذيب في الموقع سهلت المهمة لبناء الاستوديوهات ... ففي وقت قياسي تم تحويل رموز الاضطهاد والتعذيب والالم الى ابرز معالم للحضارة والتمدن ومنها كانت البداية ، بداية انطلاق مشروع نقل الحقيقة والكلمة الصادقة الى العالم ، بعد ان كانت تمارس في هذا الموقع أبشع انواع الجريمة بعيدا عن انظار العالم . فقد تم تحويل الغرف المظلمة الى مكاتب للفضائية والسجون والمحاجر المخيفة الى استوديوهات ، وقد ساهم سمك جدرانها وعدم وجود فتحات ومنافذ الى التقليل من المصاريف اللازمة للقيام بانشاءات جديدة وعمليات عزل الصوت المطلوبة.
فاليوم ان استوديوهات واقسام الفضائية لاتقل كثيرا في نوعيتها وتطورها عن اية محطة تلفزيونية فضائية عصرية.. ومنها تبث رسالة اشور الانسانية والثقافية والفكرية باسلوب اعلامي حر وموضوعي نزيه ومن خلالها تخرج برامج تنسجم مع روح العصر وافكار وتطلعات الشعب العراقي التواق الى الحرية.... برامجها بالعربية والسريانية لمدة (16) ساعة يوميا... ترتبط الفضائية بالبث الارضي المحلي في محافظة بغداد بشكل مستمر وفي نينوى في اغلب الاحيان باستثناء بعض البرامج والاخبار والاعلانات المحلية الخاصة بمحافظة نينوى.
ان برامج المحطة اغلبها تقع في اطار الطرح الفكري والثقافي العراقي فهناك برامج فنية واجتماعية وسياسية وبرامج للاطفال والمراة ، برامج ثقافية وحضارية تعكس ثقافة المجتمع العراقي بكل مكوناته وتلاوينه الفكرية والسياسية والدينية، برامج سياسية تعكس العملية السياسية في العراق والتقاطعات والتجاذبات بين جميع الفعاليات السياسية ، كما تسعى الفضائية الى تقديم واتباع البرامج الخاصة التي من شانها تعزيز الديمقراطية وحقوق الانسان واحترام حرية الرأي من خلال نقلها لاغلب الفعاليات الديمقراطية ونشاطات المجتمع المدني ومؤسساته .. والتاكيد على البرامج الحوارية التي تؤكد نبذ العنف والارهاب وترسيخ السلم والاستقرار . هذا بالاضافة الى البرامج الترفيهية والتراثية التي يحتاجها الشعب العراقي في الظرف الراهن.
للفضائية مكاتب في دهوك ، اربيل ، كركوك ، سهل نينوى ولها مراسلين في المحافظات الجنوبية والغربية التي ليس للفضائية مكاتبا فيها مثل بابل ، كربلاء ، النجف والرمادي.
وبالرغم من المعوقات والتحديات التي يواجهها الاعلاميون والصحفيون العراقيون نتيجة استهدافهم من قوى الارهاب والعنف وما تعرضت له المؤسسات الاعلامية العراقية من تهديدات مستمرة واصلت اشور من خلال ادارتها مسيرتها عن طريق اقامة دورات محلية لكوادرها واشراكهم في ورش عمل تدريبية وفعاليات اعلامية اقليمية ودولية بهدف خلق كادر اعلامي متمرس يضطلع بالمهام الاعلامية التي تؤهله لتجاوز العمل الشاق وتحمل جهود واعباء تردي الوضع الامني ونقص الخدمات وصعوبة الاتصالات التي ساهمت في تقييد حركة وعمل المحررين والمراسلين والمصورين وتخوف ثم هجرة كثير من الكفاءات من مقدمي البرامج والمذيعين وانكفاء البعض عن العمل لكي لاتطالهم ايادي الارهابيين .
وبالرغم من كل هذا شهدت المحطة تطورا افقيا وعموديا في ان واحد ، الى الحد الذي استطاعت فيه ان تكون صوت العراق وصوت جميع مكوناته مجتمعة ونجحت في تحقيق الحيادية في برامجها وان تولي الاهتمام بجميع مكونات المجتمع العراقي وقضاياهم وان تصل الى همومهم ومعاناتهم.