Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

آن الأوان لتعلن الكنائس موقفها

إستطاعت الكنيسة على الدوام أن تلعب دوراً فعالاً في التأثير بالرأي العام لشعبنا على مر مراحله التاريخية وما تخللتها من إنعطافات مفصلية هددت وجوده لأكثر من مرة، وتراوح هذا الدور بين المواجهة حيناً والمهادنة أحياناً واللامبالاة في أغلب الأحيان.. واختلفت مواقف الكنيسة من مرجعية لأخرى وبين هذا الأسقف وذاك ومع هذه الرعية أو تلك، لكنها بالعموم لم تخرج عن دائرة الإجتهاد في كيفية المحافظة على العرق والهوية الدينية والخصوصية المذهبية.. وإرتبطت قوة مواقف الكنيسة ونجاح مساعي رجالاتها بمدى إنسجامها وتناغمها مع رغبات وتطلعات الرعية، إلى درجة أن بعضاً من القرارات السينودسية فرغت من محتواها وأهملت لأن العامة لم تراها مناسبة، بينما إلتفت الجماهير بمختلف إنتماءاتها المذهبية حول مرجعية واحدة بسبب صلاحية وشرعية موقفها.
واليوم وبعد أن إتفقت القيادات السياسية لشعبنا على مطلب موحد ألا وهو مشروع إستحداث محافظة في منطقة سهل نينوى لشعبنا وباقي المكونات المتعايشة معاً، لم يتبقى إلا أن نسمع رأي القيادات الكنسية في الموضوع والتي لا تقل أهمية أبداً عن سابقتها.. ونحن عندما نطالب برأي المرجعيات الدينية فلسنا نتأمل تصريحاً من غبطة البطريرك فلان أو تعليقاً لنيافة المطران علان، بل أننا ننتظر قراراً ومرسوماً كنسياً يعبر عن وجهة النظر المركزية التي يتبناها المجلس الرئاسي للكنيسة والمحددة بعنوانيها المذهبي والطائفي.. أما إذا كنا أكثر تفاؤلاً فسنطالب كنائسنا المشرقية جميعاً بتوحيد موقفها من قضية المحافظة، وتتبنى خطاباً مشتركاً يكون له الأثر الأكبر في إنجاح المطلب والتسريع من خطواته على المستوى الميداني والإداري.. ورغم معرفتنا أن هناك عدداً من العثرات التي قد تعتري عقد مثل هكذا مجمع وخاصة إذا أردناه على مستوى القمة، إلا أننا نؤكد على أهميته النظرية والعملية فيما يخص التحشيد الجماهيري والتوظيف الكامل للطاقات الداعمة للمطلب.
ثم أن دخول الكنيسة بشكل علني في صلب المسألة سيزيد من قوة الطرح ويعطي دفعاً للجهد السياسي المبذول، وسيوجه رسالة قوية وواضحة للمتعاملين مع الطرح من خارج البيت الداخلي وعلى رأسهم الواجهات الرسمية التي ما زالت تماطل بالموضوع.. كما أنه سيشكل زخماً وضغطاً لا يستهان به على مؤسسات الدولة وهيئاتها التشريعية والتنفيذية لناحية إحترام خيارات شعبنا وإرادته الحرة في المطالبة بحقوقه الدستورية، ويسد الطريق بوجه العنصريين والمراهنين على شرذمة قوى شعبنا للنيل من تطلعاته المشروعة.. ناهيك عن ما سيعكسه مثل هكذا موقف إذا ما تبنته كنائسنا من رسائل جريئة وصريحة للمجتمع الدولي ومراكز القرار السياسي والمسيحية العالمية والمنظمات الإنسانية المعنية بحقوق الأقليات بضرورة دعم قضية شعبنا في العراق وحماية وجوده الديني والقومي.. دون أن ننسى طبعاً الأجواء السليمة والتفاؤل الذي سيوفره بين أوساط شعبنا المتلهفة لتوحيد الخطاب، وما سيعنيه من عزاء وأمل للمواطنين المسيحيين الذين ذاقوا الأمرين ووصلوا حد اليأس بعد الأحداث الأخيرة.
وكل هذا الحديث يدور حول ما إذا سيكون موقف الكنائس إيجابياً مع الطرح السياسي الخاص بالمحافظة، لكن إذا جاء متعارضاً وسلبياً فللحديث جانباً آخر لا نرغب في الخوض فيه الآن لعدم إيماننا بامكانية وروده أصلاً.. وإلا فسيكون أمام مرجعياتنا المحترمة وآبائنا الأجلاء مواجهة أحد الأمرين، أما إعلان طرحاً بديلاً مقنعاً يضمن حياة وكرامة شعبنا، أو مواجهة الجماهير المتلهفة لتحقيق مشروع المحافظة.. لأنه لم يبق هناك مكاناً لأنصاف الحلول وفكرة إمساك العصى من الوسط والمراهنة على الكلام الطيب والمعسول.
g_hasado@yahoo.com
Opinions