أجانب يحكمون العراق
يبدو العنوان غريبا نوعا ما لأن المعروف حاليا ان العراق محتل ويدار من قبل قوات الاحتلال وشيء طبيعي أن يحكمه الأجانب، وبعد سقوط النظام فيه بُعيد التاسع من نيسان 2003 تم قيادة العراق من قبل حاكم مدني كان آخرهم هو السفير بريمر ومن معه من المستشارين الذين يقومون بتنفيذ تعليماته حيث كانوا منتشرين في كل دائرة مهمة أو وزارة وكان المستشار هو الحاكم الفعلي وتوقيعه هو الذي كان يحقق مصالح الوزارة او الدائرة، ولم يكن الوزير أو المدير الفعلي للدائرة من العراقيين سوى مستشارا لهذا المستشار، يقترح عليه ما يود عمله وقد يوافق هذا عليها أو يرفض، وهؤلاء المستشارين كانوا في الغالب من الأجانب الذين جاؤوا مع قوات التحالف ومنهم من يحمل الجنسية الأمريكية او الإيطالية ... وكان من بينهم من كان في الأصل عراقيا هرب من العراق لأسباب يعرفها هو فقط أو منهم المطاردين سياسيا وهذه المطاردة أجبرته لكي يستقر في الغرب لسنين طوال امتدت لعقود من الزمن.هذه كانت البداية حيث حُكم العراق من قبل الأجانب، وكلنا تابع العملية السياسية حيث شُكل مجلس الحكم الذي شكل وزارة أيضا ولو تابعنا من كانوا في مجلس الحكم أو الوزارة المشكلة لوجدناهم مجموعة من مزدوجي الجنسية أي قد يحملون الجنسية العراقية لكنهم في الأساس من حملة جنسية غربية ثانية وهم من قرر جواز ازدواج الجنسية لأنهم في الأساس كانوا يحملون الجنسيات الغربية وقوانين العراق كانت لا تسمح بمسؤول يتولى وزارة أو دائرة مهمة وهو يحمل جنسية أجنبية أو حتى ازدواجها مع العراقية!!!
ولكن بعد الانتخابات وقيادة العراق من قبل حكومة منتخبة بقيادة علاوي أو الجعفري فلو استعرضنا من كانوا فيها سنجدهم جلّهم من حملة جنسيات أخرى ومن الذين استعادوا جنسيتهم الأصلية ولم يسقطوا الجنسية التي جاؤوا وهم حاملين لها، وهذا الأمر ينطبق إلى حدٍ ما على حكومة المالكي !!! الأمر الذي يثير استغرابنا ويجب أن ينتبه إليه العالم والرأي العام فيه وخاصة العراقي، فإن العراق قد تم أدارته من قبل أشخاص يحملون جنسيتين، وقد تكون الأضعف بين هاتين الجنسيتين هي العراقية، ولذلك نجد كل من هؤلاء عندما يضيق به المطاف في العراق يحزم حقائبه البسيطة لأنه لم يأتِ بالحقائب الثقيلة لكي يرحل وهو يستظل بظلال جنسيته التي اكتسبها من الاضطهاد السياسي أو مما أقنع به الغرب انه كان كذلك، ومن له ألمام عليه أن يبحث عن الأسماء وهي كثيرة، أذكر منهم أمثلة لأنها نشرت في وسائل الأعلام، وزير الكهرباء ... وزير الدافاع ... وزير الصحة ... والأمثلة كثيرة وعلى مستوى الوزراء، فلو انتقلنا للمستوى الأدنى سنجد العشرات إن لم يكونوا بالمئات.
أيها السادة محبوا العراق، إن بلدنا يدار ولا يزال بمن هم يحملون وحسب القَسَم الذي يرددونه عند حصولهم على جنسية ثانية أن يكون الولاء لتك الدولة الجديدة، فولاء من يدير العراق هو لدولة أخرى وليس العراق، وهنا المصيبة الكبرى، فهؤلاء عندما يضيق بهم الملاذ الذي يدرّ عليهم ذهباً أو قد تمتليء خزائنهم من ثروة العراق، سرعان ما يشترون العقارات ويؤسسون تجارة تدر عليهم بالمزيد ويؤمنون مستقبلهم وبعد هذا المستقبل ليتم قراءة السلام على العراق.
فمتى ننتبه وينتبه معنا مجلس النواب (ولو لا نسلط الأهمية لهؤلاء لأنهم أيضا متضمنون من له الجنسية المزدوجة) وتنتبه أحزابنا الأبية التي التهت بالتقاتل لكسب أكبر قدر ممكن من الكعكة وجعلوا من شعب العراق وقودا لحروبهم، وكذلك جمعيات المجتمع المدني والمنظمات الإنسانية، وكل من يهمه شأن العراق ... متى ينتبه كل هؤلاء ويهتم يمستقبل العراق ويختار لقيادته أبنائه البررة الذين تحملوا كل القهر والاضطهاد والتعذيب وشظف العيش ولم يغادروا العراق بل تمسكوا به حد الشهادة.
فهؤلاء هم الأولى بحكم العراق، وانا متأكد بصورة قطعية عندما يقود العراق من قبل مناضلين تعفر جسمهم بتراب ورمل العراق وكَوَت شمسه الملتهبة صيفا أجسامهم الهزيلة، هؤلاء سيقودون العراق نحو المستقبل الأفضل، هؤلاء سوف يحقنون دماء كل العراقيين ولا يقبلوا بأن تراق قطرة من دم (السني أو الشيعي، كردي أو عربي، مسيحي أم مسلم، صابئي أو شبكي، تركماني أو أيزيدي) وكل اطياف العراق.
فهل نعطي عصا القيادة لمن هو أهل لها؟ هل نحدد الصلاحية حسب الكفاءة والاستحقاق؟ وهل سنكف من تأثيرنا حسب ولائنا للعشيرة أو المرجعية أو القومية أو الدين؟ ونجعل ولائنا هو للعراق فقط ولا شيء غير العراق، فهذا هو الذي سيقودنا نحو عراق جديد علماني ... آمن ومزدهر.