Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

أرقام قياسية لظواهر عاشها العراقيون بعد الحرب

25/03/2006

ذي قار- (أصوات العراق)

الحرب الثالثة في ذكراها الثالثة التي تمر هذه الأيام حملت بعض الظواهر في الحياة العراقية اللافت فيها ان حجمها وترتيبها قد أهلها لان تمثل أرقاما قياسية لم تشهدها أماكن عديدة من العالم ، وكانت بالأمس حكرا على جهات أخرى دون غيرها.

ويمكن استخلاص البعض منها من سجلات وتقارير المنظمات الدولية ووسائل التغطية والتحليل الأخرى المهتمة بالشأن العراقي وتداعياته في فترة ما بعد الحرب.

وإذا كان العراق الحديث قد مر بحربين سابقتين هما حرب الخليج الأولى التي استمرت ثماني سنوات ، وحرب الخليج الثانية (حرب تحرير الكويت) التي جاءت بويلات الحصار الاقتصادي ، فان أي منهما لم يحمل من آثار الحروب المعروفة ما يرقي الى مستوى الظاهرة بقدر ما حملته الحرب الثالثة الأخيرة.

في مقارنة اقرب ما تكون مفارقة بين العراق والعالم اجمع ، أجرتها صحيفة (الواشنطن بوست) الامريكية مؤخرا حول عدد العمليات الانتحارية ، فان العراق قد شهد أكثر من 400 عملية انتحارية في غضون ثلاثة أعوام من الحرب مقارنة ب 385 عملية انتحارية في كل العالم من عام 1980 الى عام 2003 ، أي بداية الغزو الأمريكي.

الرقم العراقي في ثلاث سنوات منذ عام 2003 فاق الرقم العالمي للعمليات الانتحارية في أكثر من 20 سنة.

على صعيد آخر ، تقول الأرقام ان ماكينة القتل الذي طال المواطنين العراقيين منذ انتهاء العمليات الحربية في آيار مايو 2003 تحصد يوميا أرقاما متصاعدة ،وبحسب تقرير منظمة (إحصاء ضحايا الحرب في العراق) الذي صدر حديثا في ذكرى الحرب الثالثة ، فان معدل سقوط ضحايا عراقيين في العام الثالث للحرب يقارب 40 شخصا يوميا ، وان شهر آب أغسطس لوحده من العام الماضي شهد سقوط أكثر من 2000 قتيل.

وهذه الأرقام تمثل ما اٌعلن رسميا ، أو ما يتم تغطيته وتسجيله من أحداث القتل في وسائل الإعلام أو الجهات ذات العلاقة ،أما العدد الحقيقي فهو ضعف ذلك بحسب رأي المتابعين والمحللين ، وربما المواطن البسيط. وكانت مجلة (لانسيت) الطبية الأمريكية قد نشرت في عام 2004 دراسة أشارت فيها إلى سقوط نحو 100 ألف قتيل منذ بدء الحرب على العراق ، فيما أعلن الرئيس الأمريكي بعد عام سقوط 30 ألف قتيل ليعلن الناطق باسم البيت الأبيض ان الرقم الذي اعلنه بوش اعتمد على مصادر غير رسمية! وفي مسلسل القتل الذي يميز دموية المشهد العراقي اليوم ،وبعد ثلاث سنوات على الحرب، يبرز رقم آخر أصحابه هم الباحثون عن الحقيقة من الصحفيين والإعلاميين ليصبح العراق بحسب الواقع قبل كل شئ وتقارير المنظمات الإعلامية الدولية اخطر مكان في العالم بالنسبة لتواجد الصحفي إذ قتل أكثر من 65 صحفيا أو 79 بحسب تقديرات أخرى . وهذا رقم آخر في سجل الأرقام القياسية التي اختبرها العراق في ثلاث سنين.

كما ان أرقام القتل القياسية التي منحت العراق مرتبة السبق تمتد إلى شريحة أخرى حصد منها 400 قتيل وهاجر منها أكثر من 2500 خلال السنوات الثلاث الماضية ، وهم شريحة الأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات وغيرهم من الكوادر والنخب العلمية بشكل تجاوز حدود المؤشرات الطبيعية بحسب التقارير الدولية والمحلية بهذا الشأن. وتأتي الطفولة في العراق لتأخذ مكانها في الصدارة إلى جانب الظواهر الأخرى التي اقترن مصيرها بتداعيات الحرب..وهذا تقرير صدر في بداية الشهر الحالي عن جمعية الأطباء النفسيين في العراق يقول إن الغزو الأمريكي للعراق قد اثر بشكل كبير على ( النمو النفسي ) لعدد كبير من الأطفال العراقيين." ويوضح التقرير ان " 92% من الأطفال العراقيين يعانون من إعاقات في التعلم والمعرفة بسبب الخوف وعدم الاستقرار الأمني في عموم البلاد لاسيما أولئك الذين يعمل ذووهم في سلك الشرطة والجيش أو من أصحاب الشهادات العلمية والمدراء وما شاكل." ويصل التقرير الى اخطر نتيجة توصل إليها الباحثون وهي ان " 50% منهم في حالة حرجة قد تؤدي بهم الى حالة من الاضطراب العقلي إذا لم يتم معالجتها بجدية." ويذكر في هذا السياق ان تقريرا سريا صدر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قبل الحرب توقع ان 30% من أطفال العراق دون سن الخامسة سيكونون معرضين لخطر الموت. وظاهرة البطالة بين الشباب في العراق مثلت رقما قياسيا آخر بحسب النشرة المتخصصة الصادرة عن المعهد الدولي للتخطيط التربوي لعام 2005، إذ وصل هذا الرقم الى 55% من مجموع الشباب الخريجين في المرحلة الثانوية بسبب عدم التحاقهم بالتعليم العالي نتيجة تداعيات الوضع السياسي والأمني وسوء الإدارة. وعلى ذكر سوء الإدارة ، مثلت ظاهرة الفساد الإداري نسبة جعلت العراق يحتل موقعا " رياديا " بين دول العالم الموبؤة بهذه الظاهرة . وحسب تقرير الفساد العالمي لعام 2005 الذي أعدته منظمة الشفافية الدولية فان العراق "يشهد ظاهرة من الفساد الإداري هي الأكبر في التاريخ المعاصر" ،وعمليات إعادة البناء والاعمار هي" أضخم مشروع للنهب والفساد في التاريخ." ووفق هذا التقرير فان العراق أيضا هو الدولة العربية الأكثر فسادا ويحتل مركز الصدارة عالميا بترتيبه ال 129.وهو رقم قياسي لم تصله الدولة العراقية منذ تأسيسها إلا بعد ثلاث سنين من حرب التحرير. ويضيف التقرير الذي حصلت وكالة أنباء (أصوات العراق) المستقلة على نسخة منه ان ما يتعرض له العراق من نهب لموارده وثرواته غير مسبوق في التاريخ ويشمل كافة القطاعات بما فيها قطاع النفط وقطاع الإنشاءات والمقاولات..فالفساد المنتشر في قطاع المقاولات والإنشاءات يكاد يكون أكثر عمقا ووضوحا خلال عمليات إعادة البناء." والملفت للنظر في ظاهرة الفساد الإداري في العراق هو دخول شركات أمريكية في صنع هذه الظاهرة ودفع العراق الى ان يكون هو صاحب السبق بين العالم في حجمها وانتشارها. وقضية اختفاء تسعة مليارات دولار في عهد الحاكم بول بريمر دون ان يجد لها احد أثرا لحد الآن ، فضلا عن 100 مليون دولار أخرى في الجنوب ، لازالت مثالا بسيطا لهذا الوباء. وهناك مفارقة في هذه السياق ذكرها خبير اقتصادي رفض ذكر اسمه لوكالة أنباء(أصوات العراق) المستقلة تتعلق " بنشاط اقتصادي لا مثيل له في كل بلدان العالم من حيث حجمه وآلية تنفيذه على الأقل" كما قال . ويوضح " هناك مقاولات تعطى من الباطن سببت ضياع الملايين من الأموال ، فالشركة الحاصلة على مشروع معين تقوم بإعطائه من الباطن إلى شركة أخرى أو مقاول آخر ، وهو بدوره يعطيه لآخر ، حتى يصل الأمر إلى ان المقاول الأخير لا يعرف مصدر المقاولة الرئيسي." ويضيف "هذه السلسلة من المقاولين قد وصلت في بعض المشاريع إلى 40 مقاولا وهو رقم لا تجده في أية عملية اقتصادية في أي مكان من العالم ، فضلا عن سلبياته على المشروع الاقتصادي."

إنها مجرد حلقات معدودة في سلسلة الظواهر التي مثلت ، من حيث طابعها السلبي والتشاؤمي، أرقاما قياسية على المستوى العالمي في غضون ثلاث سنين مرت على عراق ما بعد الحرب الأمريكية البريطانية..وإذا كان من ظواهر تقف على الضد منها ، بإيجابيتها وحلاوتها ، فإنها موجودة بلاشك ، لكنها ليست الغالبة على حياة العراقيين في ظل الأوضاع التي يعيشونها ، وهذا قدرهم منذ أجيال وأجيال. Opinions