أزمة اكتظاظ السجون العراقية.. حلول مقترحة من بينها قانون العفو
المصدر: شفقنا
مع ارتفاع عدد النزلاء على الطاقة الاستيعابية بثلاثة أضعاف، تبرز أزمة اكتظاظ السجون العراقية كمشكلة زادت عن حدها، وسط توقعات بتزايد في أعداد النزلاء المستقبليين ما لم يتم اتخاذ حلول.
وعاد ملف السجون في العراق إلى الواجهة مرّة أخرى، بعد تصريحات وزارة العدل التي كشفت عن وجود كارثة إنسانية في السجون، وهي الطاقة الاستيعابية التي تضاعفت إلى ثلاثة أضعاف قدرتها.
ففي 14 نيسان/أبريل 2023، أكدت وزارة العدل العراقية، أنّ نسبة الاكتظاظ في السجون وصلت إلى 300%، فيما أشارت إلى “وجود إشكالية أخرى تدخل ضمن هذا الملف وهي أعمار الحراس التي تجاوزت أعمارهم الخمسين عامًا”.
وبالتزامن مع هذه التصريحات، تأتي مطالب ما يعرف بـ”الكتل السنية” لإقرار قانون العفو العام، والذي كان ضمن الشروط الأساسية التي رافقت مفاوضات تشكيل ائتلاف “إدارة الدولة” الذي ضم الإطار التنسيقي وما يسمى بـ”الكتل الكردية والسنية”، والذي تمخض عنه تشكيل الحكومة الجديدة، بحسب سياسيين.
أزمة اكتظاظ السجون العراقية
يقول المتحدث باسم وزارة العدل كامل أمين، في حديث، إنّ “قضية اكتظاظ السجون العراقية تعتبر تحديًا لعمل الوزارة حيث أن عدد النزلاء الآن يتجاوز الـ 60 ألفًا، في حين أن الطاقة الاستيعابية لجميع السجون تتراوح ما بين الـ 20 ألفًا إلى 23 ألفًا”.
وتشير التقديرات إلى ارتفاع أعداد السجناء مستقبلًا، بحسب أمين الذي علّل ذلك بـ”عمليات ملاحقة تجار ومتعاطي المخدرات في عموم المحافظات المستمرة”.
موضحًا أنّ “أغلب السجناء الموجودين الآن حكموا بسنوات طويلة، وبالتالي فإن قضية الاكتظاظ ليست سهلة”.
مقترحات لحل الأزمة
وبحسب المتحدث باسم وزارة العدل، فإنّ هناك 3 خطوط بدأت الوزارة العمل عليها لحل أزمة الاكتظاظ في السجون العراقية، وهي كالآتي:
أولًا: بناء وتوسعة السجون من خلال بناء قواطع داخل السجون الموجودة، خصوصًا وأن هناك مساحات واسعة غير مستغلة موجودة.
ثانيًا: استكمال المشاريع المتوقفة والمتلكئة نتيجة الفساد أو الأزمات المالية التي عصفت في العراق خلال السنوات الماضية.
ثالثًا: العمل على بناء مدن إصلاحية خلال السنوات المقبلة تمتاز بالمساحات الكبيرة وتحوي على مساكن ومعامل خاصة.
وبشأن قانون العفو العام، يشير أمين، إلى أنّ “وزارته مستعدة لتزويد مجلس النواب العراقي بكافة تفاصيل النزلاء الموجودين في السجون لبحث قضية تمرير قانون العفو“.
مؤكدًا أنّ “هذا القانون سيعمل على تخفيف الاكتظاظ في السجون العراقية كافة نتيجة الشمول أو من خلال العقوبات البديلة”.
دعاية سياسية
وزير العدل العراقي خالد شواني، كشف الشهر الماضي، عن تشكيل لجنة لإعداد قانون العفو العام.
مؤكدًا “عدم وجود مغيبين في الدوائر الإصلاحية التابعة للوزارة وإن كل المودعين في تلك الدوائر هم محكومون بشكل أصولي من القضاء العراقي”.
وقانون العفو العام إذا كان بنفس نسخ القوانين السابقة، فهو لن يشمل إلا من حكموا بالجرائم ذات الحق الشخصي (بعد تنازل ذوي المجني عليه) وليس الحق العام الذين يمثلون أكثر من 90% من المحكومين، والتي فيها شبهات كثيرة من “انتزاع الاعترافات بالتعذيب وغياب الضمانات الدستورية والقانونية والمحاكمات الشكلية واعتماد المخبر السري وتشابه الأسماء وحالات الاختفاء القسري”، وفقًا لعضو مفوضية حقوق الإنسان السابق، علي البياتي.
لذلك ـ والكلام للبياتي ـ سيكون القانون مجرد دعاية سياسية، وبلا أثر واقعي يخص الاكتظاظ داخل السجون.
مبينًا أنّ “تشريع قانون يعالج هذه الحالات ويعيد محاكمتهم في حال توفر هذه الشبهات (مع دور أكبر للجهات الرقابية) في ظل محاكمات عادلة وضمانات كاملة، مع اعتماد العقوبات البديلة لتشغيل السجناء وتدريبهم واعتماد حسن السيرة والسلوك والاستجابة للتأهيل داخل دوائر الإصلاح من شأنه معالجة أزمة الاكتظاظ”.
ويقول البياتي، إنّ “هذه الحلول هي الأكثر واقعية وتأثيرًا مع ضرورة تعديل القوانين بسبب تغيّر الظروف والمتطلبات، وخاصة قانون مكافحة الإرهاب وقانون مكافحة المخدرات”.
واضاف “فالأول يعتمد الانتماء الشكلي للتنظيم الإرهابي، وهو مخالف للمعايير الدولية، والثاني يحاكم المتعاطي الذي يعتبر علميًا مريض وقانونيًا ضحية، حتى لو لم يشارك في جريمة ترويج أو تجارة مخدرات”.
إحصائيات حول اكتظاظ السجون العراقية
وتشير التقديرات إلى أن السجون في العراق تضم 76000 سجين بينهم 3000 امرأة و2000 حدث، موزعين على أكثر من 30 سجنًا في عموم المحافظات.
الأرقام الصادرة عن المنظمات الدولية وغير الحكومية تؤكد وجود 49 ألفًا من هؤلاء السجناء، محكومون على ذمة قضايا مختلفة، بينهم 17 ألف سجين محكوم بالإرهاب من ضمنهم 810 امرأة.
ووفقًا لهذه الأرقام، فإنّ 4 آلاف من المحكومين بالإعدام، اكتسبوا الدرجة القطعية، في حين أن السجون تحتوي أيضًا على 947 سجينًا من المحكومين والموقوفين من العرب والأجانب.
توابع سياسية
وعلى صعيد الجانب السياسي، كشفت كتلة تقدم النيابية أن قانون العفو العام سوف يشرع قريبًا قبل تشريع قانون الموازنة.
في المقابل تحذر اللجنة القانونية النيابية من إقرار قانوني العفو العام والموازنة الاتحادية بسلة واحدة.
ويرى الباحث السياسي، ياسين عزيز، أنّ “قانون العفو العام هو أحد النقاط الهامة ضمن الاتفاق السياسي المبرم عند دخول تحالف السيادة إلى ائتلاف الدولة”.
ويقول عزيز، إنّ “المكون السني اشترط العديد من المطالب قبيل تشكيل الحكومة، وأبرزها تمرير قانون العفو العام، وإخلاء السجون من المعتقلين بدون حجج قانونية”.
مبينًا أنّ “هناك جهات سياسية تحاول عرقلة هذا الاتفاق”.
وحول اختيار هذا التوقيت لتمريره، اعتبر الباحث السياسي، أنّ “القوى السياسية تسعى للضغط من أجل تمرير القانون واستغلال قانون الموازنة لفرضه في مجلس النواب، لكن بعض الجهات السياسية الشيعية حاليًا تستفاد من الانشقاقات التي يتعرض لها البيت السني بهدف عرقلة هذا الاتفاق مع ملف المغيبين”، على حد قوله.
وفي العام 2008، صوّت مجلس النواب العراقي على ثلاثة قوانين في سلة واحدة (قانون الموازنة العامة، وقانون العفو العام، وقانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم)، ضمن اتفاق سياسي في ذلك التوقيت.