Skip to main content
أزمة تضاؤل وجود المسيحيين في العراق بلا حلول قريبة Facebook Twitter YouTube Telegram

أزمة تضاؤل وجود المسيحيين في العراق بلا حلول قريبة

المصدر: صحافة العرب

ظلت المسيحية في العراق لقرون خلت من قبل مجيء الإسلام محتفظة بطابعها السرياني – الآشوري، لغة وأسلوب حياة، ولم تتعرب كما حصل في بلاد الشام ومصر، والأوضح في هذا الواقع هو بقاء اللغة والكتابة السريانية كلغة تخاطب يومي، بمختلف لهجاتها التي ظلت سائدة في تعاملات مسيحيي العراق بمختلف توجهاتهم ومشاربهم، لا سيما في المدن الكبرى مثل بغداد والموصل وأربيل والبصرة ودهوك وكركوك، وأقضية مثل زاخو، وعموم سهل نينوى، وذلك على رغم تخاطبهم اليومي مع المجتمع العراقي ذي الغالبية العربية المسلمة باللغة العربية التي برع كثير من المسيحيين في علومها، بل ألفوا قواميس مثل إنجازات أسرة الكرملي وسواها.

 

ملح الأرض

وهذا الحال لم يكن وافداً أو مصنوعاً بفعل عوامل خارجية، بل يدخل في نسيج المجتمع العراقي الذي سبق الإسلام، لا سيما في العاصمة المسيحية القديمة "الحيرة"، الواقعة وسط العراق قرب الكوفة، إذ تشير الدراسات إلى أن غالب سكان العراق آنذاك كانوا من الديانتين المسيحية واليهودية، فمنذ سقوط بابل على يد الفرس الساسانين حتى الفتح العربي - الإسلامي، كان العراق لألف عام يعيش في ظل الديانة المسيحية في الحيرة ودولة المناذرة. وكانت الحيرة عاصمة مسيحية بامتياز، حتى بات المسيحيون ملح الأرض العراقية، وامتد الحال للحقب اللاحقة زمن الدولة العباسية العربية المسلمة التي حكمت 500 سنة، حتى سقوط بغداد على يد المغول في عام 1258م، إذ كان المسيحيون العرب في مقدمة من خدموا في بلاط الدولة، وترجموا عن اليونانية والرومانية، وبرعوا في العلوم والطب والقانون والموسيقى، وكان جل اهتمامهم بعلوم اللغة والمنطق والفلسفة.

 

العنف الطارد

وحين نعاين تاريخ العراق نرى أنه كلما تقدم الزمن زادت محن المسيحيين وباقي الأقليات الإثنية فيه، حيث بدأت مظاهر العنف ضدهم في العصر الحديث منذ مطلع القرن العشرين، حتى شكلت هجرتهم ظاهرة تكبر كل حين، وتؤلم عموم المجتمع العراقي، وهو يلمس تناقص عددهم رويداً رويداً، كلما زادت الحروب وحلت القلاقل واضطرب المجتمع. وفي حين أن المسيحيين في العموم مسالمون لا يحبذون الحلول العنفية، بدأت مغادرتهم بوتائر متصاعدة بعد أن شعروا بتناقص أعدادهم منذ اندلاع الحرب العراقية - الإيرانية التي قتل وجرح فيها ملايين من الطرفين، وامتلأت المدن والقرى العراقية بلافتات "الشهداء"، وكانت أسماء العراقيين المسيحيين من بينهم، حتى لجأوا إلى الهجرة ومغادرة البلاد بعد أن اكتشفوا أنهم في رحى حرب لا طائل منها، ولا منتصر فيها، خطابها عقائدي إسلامي، في مواجهة تحصد الأخضر واليابس.

 

الهجرة الأوسع

 لكن وتائر تلك الهجرة وتناقص أعداد المسيحيين العراقيين بدت أكثر تسارعاً بعد عام 2003 إبان الاحتلال (2003-2011)، إذ قال رئيس أساقفة أربيل المطران شارلبورد إنهم خسروا مليون نسمة بعد عام 2003، ولم يبق منهم إلا 300 ألف مسيحي، معظمهم نزحوا إلى إقليم كردستان في الشمال نتيجة الاستهداف المستمر لكنائسهم وأديرتهم المنتشرة في عموم العراق، جراء مظاهر الحرب الطائفية التي اندلعت في عام 2006 إبان حكم رئيس الوزراء الأسبق إبراهيم الجعفري، وبعد تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء، فكانوا الحلقة الأضعف في المجتمع لعدم تسلحهم، وفلسفة السلام التي تسود أرواحهم، أو لحصولهم على دعم داخلي محدود

Opinions