أسبوع حزين تشهده مدينة الكاظمية في العراق إحياءً لذكرى استشهاد الإمام محمد الجواد
العراق – بغداد – فراس الكرباسي/ يعيش المسلمون في العراق وفي أواخر شهر ذو القعدة أيام حزينة بسبب إحياءهم لذكرى استشهاد الإمام محمد الجواد (عليه السلام) وهو تاسع إمام لدى المسلمين من أئمة الهدى، وبهذه المناسبة استنفرت العتبة الكاظمية المقدسة والدوائر الخدمية والامنية في مدينة الكاظمية بالعراق كامل طاقتها لاستقبال المعزين العراقيين والعرب والأجانب بهذه المناسبة الأليمة مع إقامة العديد من الفعاليات الثقافية كمجالس الوعظ والإرشاد ومجالس العزاء وتبديل راية الإمامين الكاظمين والتشييع الرمزي لنعش الإمام الجواد.
ولأجل أن تحظى الذكرى (1213) لاستشهاد شباب الأئمة الإمام محمد بن علي الجواد(عليه السلام) بالاهتمام اللائق بها, أقامت الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة/ قسم الثقافة والإعلام عرضاً مسرحياً بعنوان(دائرة الغدر) في ساحة باب المراد , وقد شارك في تجسيد الأدوار نخبة من كوادر ومنتسبي العتبة الكاظمية المقدسة والذين جسدوا في مشاهدها دور التفاني والبطولة والإباء الذي امتاز به الإمام الجواد(عليه السلام) ودوره الرسالي والجهادي والمنزلة العلمية من خلال دفاعه عن رسالة جده المصطفى(صلى الله عليه واله), كما جُسدت الوقائع الاستشهادية والمؤامرة التي أحيكت على الإسلام باغتياله وحضر العرض جمهور من الزائرين الذين أبدوا إعجابهم واستحسانهم لهذا العمل. وعكست هذه الصورة التي قوامها الرقي والإبداع الواقع الحقيقي للتطور الثقافي الملموس التي تشهده العتبة الكاظمية المقدسة لنشر فكر وثقافة ونهج الأئمة المعصومين (عليهم السلام).
ومع قرب حلول المناسبة الأليمة لاستشهاد تاسع أئمة الهدى الإمام محمد الجواد(عليه السلام), وضمن الاستعدادات المبكرة لاستقبال الزيارة المليونية التي تشهدها مدينة الكاظمية المقدسة، عقدت الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة مؤتمراً تحضيرياً مع قادة الجهات الأمنية ومسؤولي المؤسسات والدوائر الخدمية والصحية وعدد من أعضاء المجلس المحلي لمدينة الكاظمية المقدسة بحضور الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة الحاج فاضل الانباري وأعضاء مجلس الإدارة الموقر وبعض رؤساء أقسام العتبة المقدسة وهيئة المواكب الحسينية في العتبة المقدسة, وتحدث الأمين العام أثناء الاجتماع قائلاً: (عظم الله أجورنا وأجوركم باستشهاد الإمام محمد الجواد(عليه السلام), لكل مناسبة من مناسبات الأئمة الأطهار خصوصيتها في هذه المدينة المقدسة نجد توافد الجموع المليونية الزائرة لإحياء مناسبات أهل البيت(عليهم السلام), فعلينا مسؤولية كبيرة في توفير أجواء ملائمة لأداء مراسم هذه الزيارات المليونية من الناحية الأمنية والخدمية), كما أكد على الجميع التنسيق والتعاون والالتزام المتواصل مع الأجهزة الأمنية والخدمية في مدينة الكاظمية المقدسة و تضافر الجهود لإنجاح مراسيم الزيارة وبالخصوص المسيرة المليونية لتشييع نعش الإمام الجواد(عليه السلام), وضرورة توفير أفضل الخدمات لزائري الإمامين الجوادين(عليهما السلام), كما وضعت الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة خطتها واستنفار كافة طاقاتها وكوادرها ومنتسبيها لإنجاح هذه الزيارة المباركة, كما تم مناقشة الآراء والمقترحات وسبل إنجاح الزيارة المليونية وإظهارها بالمظهر الذي يليق بقداستها وتهيئة جميع المستلزمات من الناحية التنظيمية والأمنية والخدمية وتوفير الأجواء الملائمة للزائرين الكرام, ودراسة المعوقات والعقبات التي واجهت مدينة الكاظمية المقدسة أثناء الزيارة وأداء الشعائر في السنوات السابقة وإيجاد الحلول المناسبة لها .
ومن هذه البقعة الطاهرة المفعمة بالقداسة والروحانية والإيمان، من دوحة رياض العلم والجود والشعر والأدب رحاب الكاظم والجواد(عليهما السلام), أقامت الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة (الأمسية الشعرية) بمناسبة الذكرى الأليمة لاستشهاد كوكب من كواكب العترة المحمدية الامام محمد بن علي الجواد(عليه السلام) بحضور الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة الحاج فاضل الانباري وأعضاء مجلس الإدارة ووفد العتبة الحسينية المقدسة ووفد العتبة العباسية المقدسة و الشخصيات العلمية والادبية والاجتماعية وجمع من زائري الإمامين الجوادين(عليهما السلام), وشارك بهذه الأمسية نخبة من الشعراء والأدباء والمثقفين الذين عبروا في قصائدهم الغراء عن الدور الجهادي والرسالي للإمام الجواد(عليه السلام) وما تركه من ارثٍ خالد للأجيال والإنسانية واستهل افتتاح الأمسية بتلاوة آيٍ من الذكر الكريم شنف بها الحاج (منير عاشور) أسماع الحاضرين، بعدها القى الاستاذ الحاج فاضل الانباري الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة كلمة بهذه المناسبة جاء فيها: ( لا يخفى على أحدٍ بأن الشعر هو المرآة التي تعكس ما يحدث من أحداث في المجتمع, والشاعر هو المُجسد لهذه الأحداث في الحقبة الزمنية التي يعيشها, وهو من يوضح ويوثق رموز أمته والعظماء بقلمه, والقلم هو سلاح الشاعر كالبندقية يوظفه أحياناً للجهاد في سبيل نصرة الحق, وقد سَجل لنا التأريخ الكثير من المآثر والتضحيات حيث رووا بدمائهم شجرة العقيدة والمبادئ. وما حضوركم اليوم في هذه الرحاب المقدسة إلا لتظهروا مكانة وقدسية إمام حيرَ الألباب وأذهل فلاسفة عصره في مناظراته معهم وهو أبن تسع سنوات, بما جادت قرائحكم, فهو محط للأنظار وقبلة للأفكار وملاذ للخائفين ومآوى الأيتام والفقراء والمساكين فالسلام على الإمام الجواد يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا)، بعدها جادت قرائح الشعراء لتصدح حناجرهم وسط هذه الرحاب الطاهرة ليرفدوا بقصائدهم الخالدة المكتبة الإسلامية بشكل عام، ومكتبة أهل البيت(عليهم السلام) بشكلٍ خاص، ومن الشعراء الذين شاركوا بقصائدهم في هذه الأمسية (الأستاذ المؤرخ والشاعر الكبير علي الحيدري, وشاعر العتبة الحسينية المقدسة الأستاذ حسين صادق الكربلائي, وشاعر العتبة العباسية الأستاذ علي الصفار, والأستاذ مهدي جناح الكاظمي, والشاعر السيد نبيل أبو العيس, والأستاذ نجاح العرسان, والأستاذ كريم البحراني, والأستاذ محسن الموسوي) والتي راحت قصائدهم تمجد وتخلد صاحب الذكرى العظيمة. وكان عريف الحفل في هذه الامسية الأستاذ الشاعر عامر عزيز الانباري.
بعد ذلك، أقيمت في رحاب الصحن ألكاظمي المطهر المراسم السنوية المعتادة لاستبدال الرايات الخضراء التي تخفق فوق القبتين الشامختين للإمامين الجوادين عليهما السلام برايات الحزن السوداء إيذانا ببدء أيام الحزن والأسى بمناسبة استشهاد شباب الأئمة الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام في احتفالية كبيرة جرت بحضور الأمين العام للعتبة وعدد من السادة أعضاء مجلس الإدارة والسادة رؤساء الأقسام وجمع غفير من الزائرين، حيث بدأت المراسم بتلاوة معطرة من آي الذكر الحكيم شنف بها أسماع الحاضرين المقرئ السيد عمار الموسوي تلته كلمة السيد الأمين العام التي ابتدأها بعبارات التعزية والمواساة للإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) وللإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف ولمراجع الدين العظام بهذا المصاب الجلل، ثم تطرق الى مناقب الإمام التاسع من أئمة الهدى عليهم السلام وما لاقاه من عنت وجور وظلم الأنظمة الاستبدادية الحاكمة التي ناوأت الخط الرسالي والمدرسة الإلهية لأهل بيت الرحمة ومشيرا الى ما أعدته العتبة الكاظمية لإحياء هذه الفاجعة الأليمة وكان للشعر حضورا متميزا في هذه الاحتفالية من خلال القصيدة التي ألقاها الأستاذ عامر عزيز الانباري نائب رئيس قسم الثقافة والإعلام والتي رسم فيها صورة رائعة عبرت عن مدى الحزن والألم الذي أصاب نفوس موالي أهل البيت بفقدان الإمام الجواد (عليه السلام )الذي كان نبراسا يستضاء به في ميادين العلم والمعرفة واستمرت فقرات البرنامج الذي اشتملت عليه هذه المراسم بعدد من المراثي التي شارك فيها الرادود حيدر الصغير وكرار الكاظمي ثم اختتمت بإنزال الرايات واستبدالها برايات الحزن والأسى السوداء وتلت الاحتفالية بعد ذلك المحاضرة الدينية التي ألقاها القارئ الحسيني سماحة السيد محمد الصافي ثم ارتقى المنبر بعده الرادود الحاج باسم الكربلائي الذي شارك في إحياء هذه المناسبة الأليمة بعدد من قصائد الرثاء وسط حضور كثيف لزائري الإمامين الجوادين (عليهم السلام). عظم الله أجورنا وأجوركم باستشهاد الإمام الجواد ع .
كما أقامت الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة ندوة علمية بمناسبة ذكرى استشهاد تاسع الأنوار المحمدية الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام، تحت شعار (الإمام محمد الجواد عليه السلام نبراس علم ورشاد)، وذلك في رحاب الصحن الكاظمي الشريف بحضور نخبة من العلماء والكتاب والباحثين وأساتذة الجامعات وتم استضافة أربع شخصيات حوزوية وأكاديمية تلوا بحوثهم على الحضور وهم سماحة السيد محمد علي الحلو أستاذ في الحوزة العلمية والأستاذ الدكتور صالح مهدي عباس من جامعة بغداد- مركز إحياء التراث العلمي والعربي والأستاذ المساعد الدكتور محمد محمود زوين من جامعة الكوفة - كلية الفقه – قسم علوم القرآن الكريم وسماحة السيد علاء الموسوي أستاذ في الحوزة العلمية حيث سلطوا الضوء على مفهوم الإمامة المبكرة وفكر الإمام الجواد وعلمه وسيرته العطرة وأسلوب تربيته للأمة وعلاقته عليه السلام بالقرآن الكريم وتفسيره، واعتمدت هذه الندوة على فتح باب الحوار مع الحضور الكرام بعد انتهاء كل باحث من إلقاء محاضرته.
ابتدأت الندوة بتلاوة عطرة لقارئ العتبة الكاظمية المقدسة الحاج منير عاشور ثم كلمة الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة الحاج (فاضل علي الانباري) والتي تحدث فيها عن دور الإمام الجواد عليه السلام في قيادة الأمة حيث قال: (نحن نتحدث عن سيرة الإمام الجواد عليه السلام الحافلة بالعطاء العلمي والفكري والمعرفي، سيرة إمام فارق الدنيا في ريعان شبابه, لكنه ترك بصمات واضحة في مسيرة الأمة،والعتبة الكاظمية المقدسة إذ تكرّس جهودها في إقامة مثل هذه النشاطات العلمية والندوات والمؤتمرات الثقافية والأدبية لتسليط الضوء على الجوانب العظيمة والمشرقة في حياة الإمام الجواد عليه السلام, وتحاول من خلال ذلك إعداد منهج علمي جاد للمثقفين والدارسين للكشف عن مكنون عظمة الإمام محمد بن علي عليه السلام), بعد ذلك ابتدأت فعاليات الجلسة العلمية التي أدارها الدكتور قصي عدنان الحسيني – الجامعة المستنصرية/ كلية الآداب (رئيسا للجلسة) والأستاذ الحاج جلال علي محمد نائب رئيس قسم الثقافة والإعلام/ مسؤول الشؤون الفكرية والثقافية (مقررا للجلسة)، وفي ختام الندوة تم تكريم كل من الباحثين الأربعة ورئيس الجلسة ومقرّرها. جدير بالذكر أن هذه الندوة العلمية جاءت انطلاقا من اهتمام الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة بإثراء الساحة العلمية والبحثية بما يسهم في دعم المكتبة الإسلامية بتراث أهل البيت عليهم السلام وفكرهم النيّر ومنهم صاحب المناسبة الإمام الجواد عليه السلام.
ومن أرض الغري مدينة العلم والعلماء والفقه والفقهاء، من روضة العز والإباء من مدينة أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام), البقعة الطاهرة المعطرة بأريج الولاية، جاءت على جناح الولاء والأسى جموع طيبة من خدمة ومنتسبي العتبة العلوية المقدسة ليواسوا النبي الأكرم(صلى الله عليه واله) وآل بيته الأطهار(عليهم السلام) ويشاركوا مع إخوانهم خدمة العتبة الكاظمية المقدسة في إحياء الذكرى الأليمة لاستشهاد تاسع أئمة الهدى الإمام محمد بن علي الجواد(عليه السلام), وذلك في مسيرة ولائية جابت رحاب الصحن الكاظمي الشريف، حيث ردد المعزون بهذا المصاب الجلل عبارات الحزن والعزاء، وقطعوا من خلالها العهد للإمامين الجوادين الهمامين(عليهم السلام) في المُضي على نهجهم القويم وسيرتهم المباركة.
كما زحفت جموع وحشود مؤمنة من أهالي ومواكب مدينة القاسم والتي تجسدت فيهم الصورة الحقيقة للموالين لأهل بيت النبوة (عليهم السلام) وتجديد العهد بهم والتمسك بخطهم الرسالي من خلال إحياء ذكرهم العطر وهم يرفعون رايات الحزن والأسى لإحياء مراسم المناسبة الأليمة لذكرى استشهاد تاسع أئمة الهدى الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السلام) في أرض العصمة والإمامة مدينة الكاظمية المقدسة ويجددون العهد والولاء لإمامها الجواد (عليه السلام), وهم يقدمون آيات العزاء للإمامين الكاظمين(عليهم السلام) بهذا المصاب الجلل, و المضي والسير على نهجه القويم والاستلهام من فكره النير وسيرته المباركة, وكان في استقبالهم ومشاركتهم في إحياء هذه الشعائر خدمة الإمامين الجوادين(عليهم السلام) وهيئة المواكب الحسينية التي تضم المواكب الحسينية في مدينة الكاظمية المقدسة.
وجاء يوم الحزن الكبير وفي أجواء رفرفت عليها رايات الحزن السوداء ووسط تدفق كثيف لزوار الإمامين الجوادين (عليهم السلام) الذين توافدوا على هذا المكان الطاهر لتقديم آيات الولاء والعزاء للإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) والإمام الحجة صاحب العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه) ومراجع الدين العظام بذكرى استشهاد الإمام محمد الجواد (عليه السلام) ، تواصلت في رحاب الصحن الكاظمي الشريف فقرات المنهاج الذي أعدّته العتبة الكاظمية المقدسة لإحياء هذه الذكرى الأليمة. فقد ارتقى المنبر الحسيني الشريف بعد صلاتي المغرب والعشاء مباشرة سماحة السيد محمد الصافي الذي ألقى محاضرة دينية إرشادية تطرّق فيها لصاحب الذكرى العطرة جواد الأئمة (عليه السلام) ومآثره العظيمة ومناقبه الربانية، تلاه الرادود الحاج باسم الكربلائي الذي أبكى عيون المؤمنين الذين هزّهم مصاب إمامهم الجواد (عليه السلام) تاسع الأنوار الإلهية، وقد اكتظ الصحن المبارك بجموع مواكب من مدينتي النجف وكربلاء قادمة من مدينتي العزة والشرف والكبرياء مدينة النجف الأشرف ومثوى إمام المتقين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ومدينة الشهادة كربلاء الحسين (عليه السلام) لمشاركة مدينة الكاظمية المقدسة بهذا المصاب الجلل، وقد استقبل المواكب المعزية عدد من السادة المسؤولين في العتبة الكاظمية المقدسة بكلمات الترحيب والمواساة.
وجاء يوم المصاب، وهو يوم حزين ومصاب جلل فجّر المآقي وأدمى القلوب وأحزن النفوس حيث توشح الكون بسربال الأسى لفقد جواده ومنار علمه ورمز إنسانيته وعنفوانه.. ألا وهو تاسع أقمار الإمامة المشرقة الإمام محمد بن علي الجواد، إمام أذهل عباقرة عصره من العلماء والفقهاء رغم صغر سنه، كيف لا وهو من آل البيت الذين زقوا العلم زقا فجده محمد المصطفى وعلي المرتضى وأمه فاطمة الزهراء (عليه السلام). حيث قرأ سماحة السيد محمد الصافي داخل الصحن الكاظمي الشريف في ذكرى استشهاد الإمام الجواد (عليه السلام) الذي يصادف الآخر من ذي القعدة القصة الكاملة لاستشهاده (عليه السلام) وسط حضور جماهيري واسع من الزائرين الذين توافدوا من شتى مناطق بغداد والمحافظات العراقية إلى هذا المكان المقدس. كما انطلقت الحشود المليونية الزاحفة نحو مرقد الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السلام) في تشييع مهيب لنعشه الرمزي، وجابت هذه المسيرة الإيمانية أرجاء مدينة الكاظمية المقدسة متجهة صوب الصحن الكاظمي الشريف, لتجدد العهد لإمامها الجواد (عليه السلام) في السير على نهجه القويم والاستلهام من فكره وسيرته المباركة, وشارك في التشييع الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة الحاج فاضل الأنباري وأعضاء مجلس الإدارة وخدمة الإمامين الجوادين (عليهم السلام) وهيئة المواكب الحسينية التي تضم المواكب الحسينية في مدينة الكاظمية المقدسة والمواكب التي جاءت من أرجاء مدن العراق ليرفعوا رايات الحزن والولاء للإمامين الجوادين (عليهم السلام), إضافة إلى العديد من الشخصيات الدينية والسياسية والاجتماعية وشيوخ العشائر ووجهاء مدينة الكاظمية المقدسة والحشود المليونية التي غصت بهم الطرق المؤدية للصحن الشريف حيث توافدت من مختلف محافظات العراق, وانطلقت مسيرة النعش الرمزي للإمام الجواد من بئر الإمام الجواد في شارع زين العابدين (عليه السلام) وصولاً إلى الحرم المقدس مرددين الهتافات والردّات التي تجسّد فيها دوره الرسالي في الدفاع عن رسالة المصطفى ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف.
ومن جانب اخر، أكد أمين بغداد وكالة عبد الحسين المرشدي، نجاح الخطة الخدمية التي أعدتها امانة بغداد الخاصة بإحياء ذكرى استشهاد الامام (محمد الجواد) عليه السلام. وقال المرشدي : إن الخطة التي إعدتها امانة بغداد لتقديم الخدمات للحشود التي احيت ذكرى استشهاد الامام الجواد عليه السلام حققت نجاحاً باهراً بفضل تضافر الجهود الاستثنائية التي بذلتها دائرة بلدية الكاظمية والجهات الاخرى الساندة التي عملت على مدار الساعة وبإشراف ميداني مباشر من قبل الملاك المتقدم في الامانة. وتابع : إن دائرة بلدية الكاظمية حشدت كل جهودها وسخرت كل طاقاتها لتقديم الخدمات للزائرين من مناطق العاصمة بغداد والوافدين من جميع المحافظات واخذت بنظر الاعتبار اعدادهم الكبيرة بعد إعداد خطة متكاملة ومحكمة بالتنسيق مع القوات الامنية والجهات الاخرى الساندة. وأضاف: أن خطة امانة بغداد الخاصة بالزيارة تضمنت اطلاق حملة كبرى لتنظيف الشوارع الرئيسة والفرعية ورفع النفايات والمخلفات وتأهيل شبكات الصرف الصحي مع تجهيز المواكب باكياس النفايات والحاويات البلاستيكية وتهيئة الحدائق لتكون محطات استراحة للزائرين المتوجهين صوب مدينة الكاظمية المقدسة. وأوضح: أن الخطة الخدمية في مدينة الكاظمية المقدسة سارت بإنسيابية مطلقة بلا اي معوقات او اشكالات وحققت الهدف التي أعدت من أجله وهو خدمة الزائرين وضمان راحتهم وتأديتهم مراسم الزيارة ومن ثم مغادرة المدينة المقدسة الى مدنهم ومحافظاتهم. وذكر: أن بلدية الكاظمية باشرت بإطلاق حملة خدمية كبرى بعد انتهاء مراسم الزيارة لتنظيف المدينة المقدسة ورفع المخلفات والنفايات وغسل الشوارع وفتح الانسدادات في شبكات المجاري وصيانة الجزرات الوسطية وغيرها من الاعمال الخدمية.
والجدير ذكره بان الإمام محمّد بن علي الرضا (عليه السلام) ولد بالمدينة المنورة في العاشر من شهر رجب عام 195ﻫ، تولى الامامة منذ صغره حيث دامت امامته 17 سنة، حيث لقب بالجواد، والتقي، والقانع، والزكي، وباب المراد. وساهم الإمام الجواد (عليه السلام) في إغناء مدرسة أهل البيت عليهم السلام واستمرارها، وحفظ تراثها، وكان ذلك واضحاً مدّة إمامته، وقد امتازت هذه المرحلة من الإمامة بالاعتماد على الرواية والنصّ عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكذلك الاستنباط والفهم من الكتاب والسنّة النبوية المباركة، وعاصر إمامنا الجواد من الملوك بقية ملك المأمون والمعتصم. وهاجر (عليه السلام) من المدينة المنورة إلى بغداد بأمر من المعتصم العباسي، وأقام فيها تحت الرقابة المشددة إلى أن توفي. وعلى الرغم من تعدد الروايات في كيفية شهادة الإمام الجواد (عليه السلام)، إلا أنَّ أغلبها تُجمِع على إنه اغتيل مسموماً في عمر يناهز الـ 25 سنة على يد زوجته أم الفضل بنت المأمون وبأمر من المعتصم العباسي في سنة 220هـ. فسلام الله عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يخرج حيا بين يدي ربه سبحانه وتعالى.