Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

أسس الحداثة

دولة الحداثة بين العقل التنويري وعاطفة التدمير
NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COM

الورقة المشاركة في ملف (دولة الحداثة بين العقل التنويري وعاطفة التدمير) الذي نشرته مجلة (اضواء) الشهرية، والتي تصدر في العاصمة العراقية بغداد عن الهيئة الاعلامية العليا لمكتب السيد الشهيد الصدر (قدس سره) في 5 آب 2011

في البدء، يلزما ان ننتبه الى ملاحظتين مهمتين:
الاولى؛ هي ان مصطلح الحداثة ليس غريبا عن الثقافة والفكر الاسلامي ابدا، فمفهوم الحداثة، الذي يعني التحديث والتطوير حسب حاجة البشرية في الزمان والمكان، تردد في الكثير من النصوص القرآنية كما في قوله تعالى مثلا {لاحل لكم بعض الذي حرم عليكم} وكذلك في السيرة النبوية، وبشكل واضح في مدرسة اهل البيت عليهم السلام التي تعتمد الاجتهاد كآلة للافتاء، والذي يعد احد اهم واعظم ادوات الحداثة والتطوير المنهجي والمعرفي، والذي يعتمد العقل وياخذ بنظر الاعتبار المتغيرات الزمكانية، ولذلك فهي اسرع المدارس (الاسلامية) تقدما باتجاه الحداثة، على الاقل من الناحية النظرية.

واذا كان مفهوم الحداثة يعتمد العقل اولا، فان القران الكريم تحدث عن العقل بما لم يتحدث عن اي مخلوق آخر مثله، ولقد وصف الله تعالى في حديث قدسي العقل بانه اعظم ما خلق، فعن رسول الله (ص) انه قال {لما خلق الله العقل قال له: اقبل فاقبل، ثم قال له: ادبر فادبر، فقال: وعزتي ما خلقت خلقا هو احب الي منك، بك آخذ وبك اعطي، لك الثواب وعليك العقاب} فيما يقول امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام عن فلسفة بعثة الرسل والانبياء من قبل الله تعالى {ليثيروا لهم دفائن العقول}.

كما ان قوله عليه السلام {من تساوى يوماه فهو مغبون، ومن كان امسه افضل من يومه فهو ملعون} اعظم قاعدة يشاد عليها مفهوم الحداثة، وكذلك قوله {لا تقسروا اولادكم على اخلاقكم، فانهم خلقوا لغير زمانكم} والذي الغى فيه صراع الاجيال الذي ابتليت به الكثير من المجتمعات بسبب اتساع الهوة والفاصلة بين الاجيال، ليس في حساب الزمن، وانما في حساب الوعي والمعرفة وتنمية العقل والادراك والادوات.

الثانية؛ الحداثة، كما اسلفت قبل قليل، تعتمد اولا واخيرا على العقل، ولذلك فليس للعاطفة موقع في المفهوم، بل على العكس من ذلك، فان العاطفة عادة ما تجنح الى الماضي او على الاقل الى الحفاظ على ما هو موجود، رافضة اي نوع من انواع التغيير والتجديد والحداثة، والى هذا المعنى اشار القرآن الكريم في اكثر من آية متحدثا عن موقف الامم من بعثات الانبياء والرسل التي تهدف عادة الى تحديث المجتمع وتطوير مفاهيمه ورؤاه وقيمه حسب الحاجة الزمكانية بقوله عز وجل {حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا} بل انهم يتهمون الرسل والانبياء بانهم يسعون لتغيير الموروث بقولهم {قالوا اجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا} وهذا، بزعمهم، يتعارض وثوابتهم المقدسة، وتاليا يتسبب بتدميرهم اثر تغيير نمط تفكيرهم.

العقل، اذن، هو الذي يقود الى الحداثة، اما العاطفة فلا تقود اليه باي شكل من الاشكال.

وانما سار الغرب، باتجاه الحداثة يوم ان:

الف؛ اعتمد العقل الذي يهدي الى الفكر السليم، والتجربة التي تنتهي الى الانتاج العلمي الدقيق.

باء؛ ترك العاطفة جانبا وعدم استحضارها الا عند الضرورة، حيث لا يستطيع الانسان ان يتخلى عنها بالمطلق.

جيم؛ اعتمد التنوير كمنهج يتعارض ويتناقض مع (الدين المزيف) والمقدسات غير المنطقية وسيطرة الكنيسة التي كانت تعتمد العواطف المزيفة والدين المزيف كاداة لبسط سيطرتها على اتباعها وخداع الناس وتضليلهم.

دال؛ العلم كاداة للتنوير، والعلماء كقادة لهذا التنوير.

هاء؛ التحول من الاستهلاك الى الانتاج، فمجتمع الحداثة مجتمع منتج، سواء على صعيد الفكر والثقافة او على صعيد المدنية والتكنلوجيا وغير ذلك.

ومن الواضح فان من علامات المجتمع المستهلك هي، حسب راي الباحثين والمتابعين:

1ـ انه مجتمع غير متحرك، اتكالي ومتقوقع، ويكتفي، عادة، بانتاج نفسه، ويكتفي افراده قانونيا في وظيفة ثابتة فرضت عليهم، اما الحركية الاجتماعية والمهنية فقد تكون محط شبهة.

2ـ انه مجتمع معادي للتجديد، اذ ينظر فيه الى الابتكار التقني والفكري على انه مجرد فضول لا طائل من ورائه، وينظر الى التجديد بوصفه بلبلة، فالسنن والعادات والتقاليد والسلوك تنتقل من جيل الى جيل، وفق تقليد تحف به المعتقدات، وان اي سلوك بجانب السائد هو سلوك مرفوض.

3ـ انه مجتمع مقطع، اذ تنحصر حركة الافكار والاشخاص فيه ضمن اطر هي اشبه بالقنوات المغلقة، فلا يسود الانسجام بين افراده بفعل شبكة مشتركة من الاعلام او التعليم مثلا، لذلك يشكل التنافر الذي يسود المجتمع عائقا يحول دون قيام اقتصاد تبادلي حقيقي.

4ـ انه مجتمع غير متسامح، يمارس على افراده رقابة صارمة، حيث ينظر الى الاستقلالية الفكرية بوصفها امارة على التفكك والفساد.

5ـ انه مجتمع ظلامي، تحتكر فيه فئة قليلة سبل العلم والمعرفة، ويضيق على الكلمة والمطبوعة بطرق شتى، بوليسية وارهابية في اغلب الاحيان.

6ـ انه مجتمع يخضع للوصاية وتمارس عليه الاقطاعيات السياسية او الدينية التي تتحكم بمجمل الانشطة الاجتماعية فيه، والتراتب فيه مقدس، ويدعي المجتمع انه يعرف يقينا ما يصلح للافراد اكثر من الافراد انفسهم.

7ـ انه مجتمع ذو اقتصاد مكبل، العرف هو الذي يحدد فيه مقادير واشكال الانتاج والتبادل والاستثمار، فالمرجعية فيه هي سلطة الوصاية لا المبادرة والتنافسية مما يمت الى تنظيم النشاط او تقسيم العمل، فيسود المجتمع الركون الى المداخيل الظرفية.

8ـ انه مجتمع ذو اقتصاد خاضع للهيمنة، ذلك، ان انتاج الخيرات فيه يكون تحت سيطرة القيمين على السلطة سواء كانوا من الداخل او الخارج، ولا يمتلك سكان البلد الاصليون القدرة على استغلال مواردهم بانفسهم، وعليهم اما ان يتركوها دون استغلال واما ان يستنجدوا بالخارج لاستغلالها.

9ـ انه مجتمع يتميز بصحة عامة هشة، النظافة فيه بدائية والمرض يسبب الكوارث وتسود فيه نسبة وفيات مرتفعة ويستسلم للاوبئة والامراض.

10ـ انه مجتمع تسوده معدلات ولادة مرتفعة حيث تعوض معدلات الوفيات في الاطفال بمعدلات خصوبة مرتفعة غير مسؤولة، فالحياة في مثل هذه المجتمعات لا تستمر بالتحوط ولا تورث بوصفها مشروعا حيويا بل تنتقل وكانها عدوى محتمة.

11ـ انه مجتمع حاجة، اذ لا يتوافر فيه لنسبة كبيرة من السكان الحد الادنى الضروري للبقاء وهؤلاء ليسوا بمنحى من الفاقة.

12ـ انه مجتمع تشنجي، فحينما تكون شرعية السلطة موضوع اعتراض تصبح هذه الاخيرة عاجزة عن ضمان الامن وعن كسر الحلقة المفرغة لتصفية الحسابات الفردية والعشائرية والقبيلة، وحال انعدام الامن تعوق بل تمنع اي تخطيط اقتصادي مستقبلي واي استثمار، ويجد المجتمع في صراعاته الاثنية او الطائفية مخرجا لمصاعبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية مما يطيل من عمر تشنجاته الداخلية.

ولقد بدا هذا التحول في مجتمع الحداثة بالفكر التنويري الذي اطلقه المثقفون الاوربيون من امثال ديكارت و لايبنز و كانط وروسو وفولتير ومونتسكيو وغيرهم ، هذا على صعيد الفكر، اما على الصعيد المدني فقد بدا بالثورة الصناعية، وقبلها الثورة الزراعية، التي انطلقت في انجلترا منتصف القرن الثامن عشر، والتي غيرت وجه العالم بشكل كبير.

وليس في كل ذلك ضير او نقاش، الا ان المشكلة بدات عندما تضخمت الحداثة عندهم ما تسبب بطغيان العقل المجرد عن العاطفة، وهو الامر الذي، كما اسلفت، لا يمكن لانسان ان يتخلى عنه، فبدات تتضخم عندهم الانانية التي جاءت على حساب الاخر، المسيحي اولا ثم المسلم، اي الغربي اولا ثم الشرقي، لدرجة ان الحداثة راحت تعني عندهم المصالح الذاتية والانانية حتى لو تحققت على حساب معاناة الاخر وجوعه ومرضه وفقره وتخلفه، ولذلك تضخم الثراء عندهم على حساب التضخم في الفقر عند الاخرين.

ان تجرد مجتمع الحداثة عن الاخلاق هو الذي سبب طغيان المادة والتفكير المادي على مفهوم الحداثة الايجابي، فاذا بادوات كالحروب والتدمير والغزو والاحتلال والتجويع وغير ذلك، تسيطر على تفكير مجتمع الحداثة لتتراجع قيم مثل العدالة والمنطق والتعاون والمساواة الى الوراء، فشن مجتمع الحداثة الحروب تارة للسيطرة على خيرات الشعوت الضعيفة واخرى لتسويق نتاجه الحربي، كما انه لجأ مثلا الى رمي منتوجه الزراعي الفائض في البحر ليحافظ على اسعاره العالمية وهي السياسة الحيوانية الظالمة التي جاءت على حساب الشعوب الجائعة والفقيرة، وهو الامر الذي انتج مشكلة ما بات يعرف بالشمال والجنوب.

وعلى الرغم من ان مجتمع الحداثة يبذل اليوم جهودا كبيرة ومختلفة للقضاء على كل الظواهر السلبية التي انتجتها عملية الفصل بين الحداثة والاخلاق، كما هو الحال بالنسبة الى مجموعة الدول الثمان الصناعية الكبرى في العالم، الا ان المشكلة لازالت على حالها، لان مجتمع الحداثة لا زال يرفض الخوض في اصل المشكلة وجذرها، وانما يلف ويدور حولها، ما يحول بينه وبين التوصل الى حلول جذرية وحقيقية.

ان الحداثة المتجردة عن العاطفة، او لنقل الاخلاق تحديدا، هي التي خلقت عندهم ما اسماه الرئيس الاميركي باراك اوباما وهو يتحدث عن المشكلة الاقتصادية العويصة التي تمر بها الولايات المتحدة وعموم الغرب والعالم، بالجشع الذي انتج كل هذه الطبقية الاقتصادية حتى في المجتمع الواحد، الاميركي مثلا، والتي انتجت بدورها الطبقية الاجتماعية، وصدق امير المؤمنين (ع) عندما قال قبل (1400) عاما {ما رايت نعمة موفورة الا وبجانبها حق مضيع} او قوله {ما جاع فقير الا بما متع به غني}.

اما في الشرق، الذي لم يشهد الى الان حضور مفهوم الحداثة بشكل سليم، فان ذلك يعود الى ما يلي:

اولا؛ لقد لبس الشرق قشرة الحضارة، اما الروح فلا زالت جاهلية، على حد وصف الشاعر نزار قباني في احدى قصائده.

لقد استوردنا المصطلح ولم نستورد الجوهر، ولذلك تخبطنا في المفهوم، خاصة مثقفونا وكتابنا.

ولعل من اوضح صور التخبط هذا هو استيرادنا لمفهومي القومية والعلمانية بالمقلوب وبشكل مشوه، فبينما يعني مفهوم القومية في الغرب (الوطنية) اذا بنا استوردناه ممسوخا ليثير في مجتمعاتنا العنصرية البغيضة التي بدات ملامحها تنتشر منذ ان استورد مثقفونا (القومية) من الغرب بمعناها الخطا او قل المسخ، ما تسبب بتمزقه وتفتته.

اما العلمانية، التي تعني الحيادية في الموقف من الدين، فقد استورده المثقف الشرقي بمعنى (العداء للدين) ما سبب سقوط التيار الليبرالي في الهاوية، فيما وظفه الحاكم (العلماني) لخدمة السياسة اسوأ توظيف، كما كان يفعل، مثلا، الطاغية الذليل صدام حسين كلما شن حربا على شعب او قاد حملة عسكرية ضد شعبه، او كما يفعل اليوم طغاة البلاد العربية، كسلطة آل سعود التي تعتبر الاسوأ في توظيف الدين لخدمة اغراضهم السياسية من بين الجميع.

ثانيا؛ لقد استوردنا المصطلح مجردا، وهو الخطا الكبير الذي ارتكبه المثقفون، فتصوروا مثلا ان الحداثة لا يمكن ان تتحقق الا باستعداء الدين واعلان الحرب على التراث والغاء الموروث الاجتماعي والثقافي لشعوبنا، ناسين او متناسين بان لكل مجتمع حقائقه ومكوناته ووقائعه لا يمكن تجاهلها ابدا لمن يريد ان يحقق التغيير الايجابي، طبعا بغض النظر عن صحة هذه الحقائق من عدمها، الا ان العلاج الذي لا ياخذها بنظر الاعتبار سيفشل بكل تاكيد، وهذا ما حصل ويحصل للكثير من الحركات التغييرية في عالمنا الشرقي.

ثالثا؛ هذا الموقف من المثقفين انتج ردة فعل عنيفة من قبل شعوبنا فاذا بها تقف ضد الحداثة وضد كل ما هو قادم من الغرب وان كان صحيحا وسليما.

لقد رفضت شعوبنا ان تتعامل مع الغرب كتجربة انسانية فيها الغث وفيها السمين، كاية تجربة اخرى على مر تاريخ البشرية، فنسيت، مثلا، قول الله عز وجل في محكم كتابه الكريم يحث فيه الانسان على التعلم من الاخرين من خلال السير في الارض بقوله تعالى {افلم يسيروا في الارض فتكون لهم قلوب يعقلون بها او آذان يسمعون بها}.

وفي محاولة من هذه الشعوب للتحصن ضد (الحداثة) التي تعني العقل والتنوير، اندفعت باتجاه الماضي اكثر فاكثر، وكذلك صوب الغيبيات المفرطة والخرافات وخلط الدين بالتراث وكل ما يحاكي العاطفة على حساب العقل، فانتشرت السلفية بكل اشكالها وعند محتلف الاديان والمذاهب، كل حسب معتقداته، وتراجع العقل والتنوير بدرجة مرعبة.

ان شعوبنا سوف لن تحقق التقدم الحضاري المرجو الا اذا عادت الى اصول مفاهيم الحداثة والتي كانت قد استوعبتها زمن فجر الرسالة المحمدية، والتي تعتمد القيم والمبادئ التالية:

الف؛ الحرية والكرامة، فلا حداثة مع العبودية، ولا تجديد مع الذل.

باء؛ العدل والاحسان، فالظلم لا يساعد على بناء مجتمع الحداثة، والديكتاتورية تقف حائلا دون التجديد والتطوير، وان عسكرة المجتمع يلغي مفهوم الحداثة.

جيم؛ التداول السلمي للسلطة، فالتوريث والسرقات المسلحة (الانقلابات العسكرية) والتآمر وتدبير الامور بالليل للوصول الى السلطة بلا تفويض من الناس، وبالضد من ارادتهم الحرة، لا يساهم في بناء مجتمع الحداثة ابدا.

كما ان المحاصصة التي تحرم الكفاءة المستقلة من خدمة البلد والمجتمع، فتقصيها عن الموقع المناسب الذي عادة ما تتبوأه بجدارة، ان كل ذلك لا يساهم في بناء مجتمع الحداثة.

دال؛ تكافؤ الفرص، فاحتكار الفرص على اساس طائفي او عنصري او حزبي او مناطقي يدمر كل المحاولات الرامية الى بناء مجتمع الحداثة، لان كل ذلك يئد العقل والفكر والارادة، وصدق امير المؤمنين عليه السلام عندما قال {قيمة كل امرئ ما يحسنه}.

هاء؛ الغاء التمييز بكل اشكاله، لانه يضيع فرص التقدم على من يستحق او يقدر، وكذلك يضيع الخدمة العامة على من يستحق ان يتبوأ موقعا ما في زمن ما.

واو؛ المواطنة كقيمة عليا للتمايز وليس للتمييز، فالمحسوبيات والحزبيات الضيقة تقضي على التميز وعلى مختلف الاصعدة.

زاء؛ احترام حقوق الانسان، فالمواطن المسحوقة حقوقه والمهدورة كرامته لا يشارك في بناء مجتمع الحداثة.

حاء؛ حرية التعبير والفكر والاعتقاد، والغاء كل اشكال عبادة الشخصية وتاليه الرمز وتقديس الزعيم.

طاء؛ التعددية والتنوع والتعايش والاعتراف بالاخر وثقافة التسامح، فان كل ذلك من سنن الله تعالى التي خلقها لفائدة الانسان، فلماذا يجتهد البعض ويكابر لالغائها والقفز عليها او عدم الاعتراف بها؟.

ياء؛ الاخوة، فالاستعداء والاقتتال والنظرة الفوقية لا تساهم في بناء مجتمع منسجم، وهي اول شروط بناء مجتمع الحداثة.

كاف؛ اشاعة روح التعاون في المجتمع، وتعليمه العمل بروح الفريق لنبذ الانانية والوصولية وحب الذات.

لام؛ المساواة في الحقوق والواجبات، من كل حسب قدرته وانتاجه وتفاعله وتشاركيته.

ميم؛ ترسيخ نظام المؤسسات في المجتمع، والسعي لالغاء نظام الفردية على مختلف الاصعدة.

نون؛ اعتماد قيم مثل النزاهة والخبرة والكفاءة والصدق، عند اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب، ومحاربة كل انواع الفساد المالي والاداري.

سين؛ التشجيع على مبدا البحث والتدقيق والتحقيق والعلمية في المجتمع، ما يساعد على تحويله الى مجتمع منتج للافكار التي تنتهي الى المشاريع العلمية الرصينة، من خلال اعتماد العلم كمعيار، والعلماء كقادة لهذا التحول، فان ما يؤسف له حقا، هو اننا نقتل العلماء ونغتال الكفاءات، كما فعل النظام البائد عندما قتل احد ابرز فلاسفة العصر الحديث واقصد به الشهيد السيد محمد باقر الصدر، في الوقت الذي يحترم فيه الغرب علماءه وكفاءاته وخبراته.

عين؛ الحوار كسلاح وحيد للتواصل والتفاهم والتعارف والخلاف والجدال، ونبذ العنف والارهاب والقتل كسلاح لتحديد العلاقة بين الفرقاء.

ان كل ذلك بحاجة الى اعادة النظر في المناهج التعليمية والتربوية، لتجديدها من اجل ان تواكب الزمن، ان على صعيد مناهج العلوم العلمية او الانسانية، لا فرق.

فاء؛ الانتقال بالعيش في الماضي الى الحاضر والمستقبل، فدولة الحداثة لا تبنيها العقول التي تعيش في الماضي، وانما العقول التي تتطلع الى المستقبل، والتي تمتلك رؤية مستقبلية واضحة.

ان العيش في الماضي هو الذي ينتج كل هذا الجهل والتعنت والتزمت والتطرف والمعارك الوهمية بين فئات المجتمع الواحد.

وليس المقصود بذلك هو ان لا نقرا التاريخ او لا نعود الى الماضي كدروس وتجارب وعبر نستفيد منها لحاضرنا ومستقبلنا، ابدا، وانما المقصود هو ان لا نقف عند الماضي ونظل نراوح في اماكننا التي اتخذناها في التاريخ، فذلك هو الخطا الكبير الذي يجب ان نصححه برؤية جديدة للتاريخ وبطريقة متجددة في التعامل مع الماضي.

صاد؛ اخيرا، يجب ان نفرق بين الدين الذي بعثه الله تعالى، وبين التراث والتفسير والتراكمات التاريخية والاجتهادات الفردية، مهما عظمت.

كما ان علينا ان نتذكر دائما بان الاسلام هو دين العقل وليس دين الخرافات والغيبيات المجردة والاحلام والعواطف الجياشة.

اذا انتبهنا الى ذلك، فسننجح في بناء دولة الحداثة في الشرق، بعيدا عن الشعارات الزائفة والاستيراد المزيف والمشوه للمفاهيم، والتجارة بالدين واللعب بمشاعر الناس.

28 آب 2011

Opinions