أسقفان عراقيان: أيديولوجية داعش لم تهزم بعد
المصدر: شفق نيوز
ذكر موقع "أليتيا" المتخصص بالشؤون المسيحية حول العالم، ان الايديولوجية التي أتاحت قيام تنظيم داعش لا تزال قائمة ولم تهزم، على الرغم من مرور 10 أعوام على إلحاق الهزيمة بالتنظيم نفسه، ولم يعد يشكل قوة عسكرية كبيرة.
وأشار الموقع المسيحي الذي له مكاتب تمثيلية في باريس ونيويورك وفالنسيا والمكسيك وساوباولو ووارسو وليوبليانا، إلى أنه بعد مرور 10 سنوات على إجبار داعش الاف الناس على النزوح من الموصل وسهل نينوى، فان المسيحيين يراقبون بحذر الصراع في المنطقة.
وأوضح تقرير الموقع المسيحي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ انه بعد مرور عقد من الزمن على الابادة الجماعية، التي شكلت تهديدا للعديد من المجتمعات الدينية والعرقية في سوريا والعراق، فإن المسيحيين يعودون بشكل حذر الى مناطقهم ومنازلهم لاعادة بناء حياتهم، الا انه برغم ان داعش في العراق وسوريا، لم يعد يشكل قوة عسكرية كبيرة، فإن الايديولوجية التي دفعته إلى اقامة "الخلافة" لا تزال تتطلب إلحاق الهزيمة بها.
وبالاضافة الى ذلك، نقل التقرير عن اثنين من الاساقفة العراقيين قولهم ان المسيحيين يراقبون ايضا الصراعات الاخرى في المنطقة، خصوصا في غزة ولبنان، وهم يأملون ألا تتفاقم، حيث أظهرت لهم التجارب السابقة ان المسيحيين غالبا ما يتم استهدافهم أو تلحق بهم اضرار جانبية في إطار مثل هذه الصراعات، حيث أن العديد منهم لا يعودون الى العراق بعد حصولهم على وضع اللاجئ في دول اخرى الا في حال حصلوا اولا على الجنسية المزدوجة او الاقامة الدائمة في اوروبا او امريكا الشمالية.
ولفت التقرير إلى أن المسيحيين يتذكرون النزوح الذي عانوا منه خلال صيف العام 2014، عندما اجتاح مسلحو داعش الموصل والقرى في سهل نينوى، مضيفا أنه في 6 أغسطس/آب 2014 الذي صادف عيد التجلي عن المسيحيين، فر الآلاف منهم من قرى اجدادهم، وسار العديد منهم على الاقدام، الى مناطق امنة نسبيا في اقليم كوردستان، حيث لجأوا الى مدينة اربيل.
وذكر التقرير أن داعش نشر الخوف من خلال قطع رؤوس الكثيرين ومن رفض الخضوع لنسختهم المتطرفة من الإسلام، حتى في دولة مثل ليبيا، حيث فقد 21 مسيحيا قبطيا حياتهم على شاطئ البحر المتوسط، مذكرا كيف كان داعش ينشر مقاطع فيديو لعمليات قطع الرؤوس، والتي طالت ايضا بعض الصحفيين وعمال الاغاثة الغربيين.
والى جانب ذلك، لفت التقرير الى ان داعش شن ابادة جماعية ضد الشعب الايزيدي ودمر العديد من المواقع التاريخية والثقافية، بما في ذلك مدينة تدمر القديمة.
وتابع التقرير أن النزوح المسيحي في العراق كان هائلا، حيث أصبح أكثر من نصف مليون شخص نازحين داخليا، في حين غادر العديد من المسيحيين العراق بشكل نهائي، وهو ما يمثل ضربة لمجتمع عانى بالفعل من خسائر خلال مراحل الصراعات والاضطهاد التي وقعت سابقا.
واشار التقرير الى ان اثنين من الاساقفة الكاثوليك الشرقيين في العراق استعرضوا تحديات إعادة بناء مجتمعاتهم المسيحية خلال العقد الماضي والجهود التي تبذل من أجل الحفاظ على الوجود المسيحي في العراق. ونقل التقرير عن رئيس اساقفة اربيل للكلدان الكاثوليك بشار قوله إن منظمة "عون الكنيسة المحتاجة" كانت ولا تزال "صوت المسيحيين المضطهدين في جميع أنحاء العالم"، حيث وقفت الى جانب مسيحيي العراق وشاركتهم المصاعب من خلال وجودها في اربيل، منذ اليوم الأول للابادة الجماعية التي حدثت للمسيحيين"، بما في ذلك من خلال الرعاية الصحية والتعليم وغيرها.
كما نقل التقرير عن رئيس اساقفة حدياب-اربيل للسريان الكاثوليك المطران نثنائيل نزار وديع سمعان، قوله إن تنظيم داعش ليس مجرد جيش، بل هو ايديولوجية، موضحا أن "هذه هي المشكلة الأكبر في العراق، لأن هذه العقلية لا تزال موجودة، ولم نتخلص منها".
ودعا المطران سمعان الى اتباع خطوتين من أجل التخلص من هذه العقلية، أولا من خلال التعليم ليس فقط مع المدارس المسيحية وإنما في كل مكان في العراق، موضحا أنه يتحتم "الضغط على الحكومة العراقية، لكي يكون لديها نظام تعليمي معتدل يسمح لشعبنا بالازدهار في أجواء سلمية واحترام الآخرين، بغض النظر عما إذا كانوا مختلفين عن دينك او مجموعتك العرقية او اي شيء اخر".
ونقل التقرير عن المطران سمعان قوله إن "الطريقة الثانية تتمثل بأن يكون الدستور مبنيا على الانسان وليس على الدين".
وبحسب التقرير، فإن المطران وردة يؤيد ضرورة التعامل مع عقلية داعش، خصوصا من خلال التدقيق في المناهج الدراسية المستخدمة في المدارس العامة.
ونقل التقرير عن المطران سمعان قوله إن المشكلة الموجودة في العراق على مدى السنوات ال20 الماضية هي اننا "نحاول انشاء جزر لكل مجتمع، وهي جزر معزولة تماما دون اي اتصال او وسيلة للحياة معا. وهذا شيء شديد الخطورة."
وتابع سعان قائلا "بامكانك ان تعيش أينما ذهبت، ويمكنك ان تفتخر بهويتك. اذا كنت مسلما، إذا كنت كورديا، اذا كنت عربيا، اذا كنت مسيحيا، فيمكنك أن تفخر بذلك، مضيفا "نحن لسنا ضد ذلك.. لكن لا تغلق جزيرتك أمام الآخرين. لا تقل إن هذه جزيرتي، ولا يحق لأحد أن يأتي الى هنا، ليبقى معي. لم تكن لدينا هذه العقلية قبل 20 أو 30 عاما".
وبحسب التقرير فإن وردة وسمعان يعتبران ان التعايش الديني والعرقي السلمي ميز المجتمع العراقي في الماضي، والمسيحيون يريدون العيش مع اشخاص من ديانات وخلفيات مختلفة. نقل التقرير عن سمعان قوله "ماذا نريد كمسيحيين؟ .. أن نكون في سلام، وأن نعيش معا، ونشارك ما لدينا مع الآخرين، ولا نريد كنيسة مغلقة أو مجتمعا مسيحيا مغلقا او قرى مغلقة، فهذه ليست فكرتنا، لان العيش هنا يعني أن عليك التواصل مع الناس ومع جيرانك، ونريد ان نكون معهم، لنشهد معهم بايماننا، بأننا مسيحيون".
كما نقل التقرير عن وردة قوله "ان اكون مسيحيا لا يعني ان اكون قويا، بل ان تكون مؤثرا، وأن تكون مؤثرا يعني انك ستكون بالفعل من بناة المجتمع.، مشيرا إلى أن المسلمين يثقون بالنظام التعليمي المسيحي، مضيفا "إنهم يدركون أننا لسنا متسامحين فحسب، بل منفتحين ومحترمين بطريقة ما، ولهذا السبب يرغبون في أن يكون أطفالهم في مدارسنا، لانهم يرون ويعرفون انها بيئة امنة".